في 10 جوان/حزيران 2022، تحدث عطية، مالك ومحرر صحيفة “الرأي الجديد”، وهي صحيفة إلكترونية مقرها تونس، كضيف في برنامج إخباري على قناة الجزيرة. وخلال المُداخلة التلفزيونية عن بُعد، قال إنَّ الرئيس سعيّد طلب من الجيش إنفاذ قرار بإغلاق مكاتب الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابة عمالية في تونس، لكن الجيش رفض القيام بذلك وأبلغ قيادات الاتحاد بذلك. وقد نفى الاتحاد هذه المزاعم. وقال عطية أيضًا إنَّ الجيش رفض طلبًا من سعيّد بوضع قادة سياسيين لم يذكر عطية أسماءهم قيد الإقامة الجبرية.
وفي 11 جوان/حزيران، ألقت الشرطة في تونس العاصمة القبض على عطية. وبعد يومين، فتحت المحكمة العسكرية الابتدائية تحقيقًا ضده بالارتباط باللقاء الذي بُث في 10 جوان/حزيران. وأمر قاضٍ عسكري بوضعه في الحجز، حيث يقبع منذ ذلك الحين.
وبعد يومين، فتحت المحكمة تحقيقًا ضد عطية بتهمة “حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضًا بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي” و”النسب إلى موظف عمومي أمورًا غير قانونية دون أن يدلي بما يثبت صحة ذلك”، و”تحقير الجيش”، و”تعمّد الإساءة إلى الغير أو إزعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات”.
وعند افتتاح محاكمة عطية في 26 جويلية/تموز، أسقط القاضي تهمة التحريض على العنف المسلح، التي تفرض عقوبة الإعدام، لكنه أبقى على التهم الثلاث الأخرى، وفقًا لمحامي عطية. وتصل عقوبة كافة التهم الثلاث المتبقية إلى السجن.
وقالت آمنة القلالي: “لا ينبغي أن يخشى الصحفيون أبدًا انتقام السلطات منهم بسبب تقاريرهم، مهما كانت تلك التقارير ناقدة أو محرجة أو مثيرة لاستياء السلطات”.
تضمن المادة 9 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكلاهما صدّقت عليهما تونس، الحق في حرية التعبير، بما في ذلك – وفق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية- الحق في “التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين”. ويجب أن تكون أي قيود مفروضة على هذا الحق متناسبة، وضرورية للغاية لسبب مشروع، ومنصوص عليها في القانون.
بالإضافة إلى ذلك، ذكرت “لجنة حقوق الإنسان” التابعة للأمم المتحدة في تعليقها العام رقم 34 أنَّ الحكومات “ينبغي ألا تحظر انتقاد مؤسسات، مثل الجيش أو الجهاز الإداري”.
يجب دائمًا التعامل مع التشهير على أنه جريمة مدنية وليست جنائية، وينبغي ألّا يُعاقب مَن تثبت إدانتهم بالتشهير بالسجن لمدة طويلة.
وفي تقرير نُشر في 20 أفريل/نيسان 2010، دعا مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير الحكومات إلى إلغاء تجريم التشهير، وذكر أنه “ليس من المقبول أن تُرفع أي دعوى جنائية أو مدنية بتهمة تشويه السمعة فيما يتعلق بموظف مدني أو بأداء مهامه”.
تضمن المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحق في المحاكمة أمام “محكمة مختصة مستقلة وحيادية، منشأة بحكم القانون”. ولأن الرئيس التونسي له الكلمة الفاصلة في تعيين القضاة والوكلاء العامين في نظام القضاء العسكري، فإن المحاكم العسكرية التونسية لا تفي بمتطلبات الاستقلالية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
خلفية
في 25 جويلية/تموز 2021، علّق الرئيس سعيّد عمل البرلمان، وأقال رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي، واستولى على سلطات طوارئ واسعة قال إنها مُنحت له من قبل الدستور.
وفي 22 سبتمبر/أيلول 2021، أصدر سعيَد المرسوم الرئاسي عدد 117 لعام 2021، الذي علّق معظم مواد الدستور التونسي لعام 2014 ومنحه سلطات غير مقيدة تقريبًا للحكم بموجب مراسيم. كما حلَّ هيئة مؤقتة مكلفة بالتدقيق في دستورية القوانين، ومنع أي شخص أو جهة من إلغاء مراسيمه التشريعية في المحكمة.
ومنذ ذلك الحين، قام سعيّد بحل البرلمان وإضعاف أو تفكيك الضمانات المؤسسية الرئيسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك استقلالية القضاء. كما ارتفع عدد المدنيين الذين واجهوا ملاحقات قضائية أمام المحاكم العسكرية بشكل حاد، بما في ذلك بسبب “جرائم” مثل الانتقاد العلني للرئيس.
كما أشرف سعيّد على مسار صياغة مبهم لدستور جديد يتضمن أحكامًا تهدد حقوق الإنسان، وقد تمّت الموافقة على الدستور بموجب استفتاء شعبي في 25 جويلية/تموز 2022.