أديبة
لأول مرة أشعر بالرضا شبه الكامل، وأنا أرى نفسى على شاشة التليفزيون. امراة جميلة على نحو ما ربما على النحو الذى أحب أن أرى نفسى عليه، مبتسمة ومتحدثة لبقة وجريئة ومتفائلة ومقتحمة ومداهمة.
والحال أن اللقاء لم يخيب أملى على الاطلاق، بل ساعدنى على نسف بعض الأساطير التي كانت تخيفنى من الظهور على شاشة التليفزيون. فى كل مرة أكره التسجيل وفى مرات كثيرة أرفض، ليس تعاليا وربما لأنى صرت أبدو على الشاشة أكثر بدانة وأكبر سنا مما أنا عليه وكثيرا ما أبدو مثل بطة "متزقمة" بلغة عمتى و جدتى والموروث الشعبى، فأشفق على المشاهدين، وأنا أحب الاحتفاظ بهم قراءً محبين، فضلا عن أننى لا أنسى الأنثى والإنسانة التى تقبع بداخلى ولا تفصح عن نفسها.
هذه المرة أشعر بمزيد من الرضى. كان البرنامج على الهواء مباشرة، ووعدتنى جارة طيبة بتسجيله لأراه فيما بعد. بعد التسجيل وبعد أن رأيت درجة الحفاوة فى عيون المذيعة والمعد والمصورين وعمال الاستديو عدت مبتهجة للغاية. اشتريت لبنا وعصير تفاح وعصير مانجو وبنا وشايا ونسكافيه، واشتريت زهورا بنفسجية وجلاديولس بيضاء وحمراء وصفراء، كما اشتريت أوراقا وأقلاما ومبيدا للصراصير ومصيدة لفأر قديم تركت له فى بيتى مساحة من حرية الحركة ربما بدد شيئا من برودة الوحدة، لكنه مازال يتربص بنباتات شرفتى. كنت أشعر بأننى فى حالة جميلة تستدعى قدرا من الاسترخاء واستدعاء آخر بكل الأشياء الجميلة التى حدثت فى الحياة، الوجوه والمواقف والأحداث.
كان المذيع محاورا جيدا ولبقا وذكيا، رغم محاولاته الفاشلة لاقتحامي ومداهمتي، إلا أنني، كنت أناوره وأداهمه بإجابات تشبه الأسئلة لأعيد نفس الكرة إلى ملعبه، وكذلك المذيعة ذات العيون الجميلة. لم تأخذني عيونها بعيدا وربما أخذتها طريقتي في الكلام والأسئلة المقنعة والتى تتجاوز درجات الجهل المتفشية على قنوات التليفزيون. بدا عليها أن كلامى يمس أوتارا خاصة بها حين تحدثت عن الحب والرغبة في احتواء من نحب لا قتلهم. قررت حقا أن أكافيء نفسي بقدر من الرفاهية أتوق إليه فرحت أوفر عليها عناء زحام الأتوبيس وأخذت تاكسيا وطالبت سائقه بأن يسكت المذياع أو الكاسيت. كنت أرغب في أن أسمع صوتى الداخلى، وقد تلبستنى حالة من الزهو اللذيذ ثم قلت لسائق التاكسى:
معاك مين من المطربين؟
إبتسم الرجل وبدت دهشته حين استدار إلى الخلف وقال
: كارم محمود.وحسن الأسمر .
تجنبت الثانى .. أعرفه جيدا كان جارى وكنت وأخوته نلعب معا فى حارة "المناخ" ..
أغنية كارم محمود.. عنابى يا عنابى يا خدود الحليوة ....والنبى يا جميل حوش عنى هواك،.. ويا نور العين لقاك امتى ، وسمرا يا سمرا.. مرة ف مرة خطفنى هواكى...."
كان صوت كارم محمود يرطب حر القلب وقيظ القاهرة فى شهر يوليو...وتساءلت فى نفسى
" ماذا سنفعل فى أغسطس" آب اللهاب اللى يحرق المفتاح فى الباب ويفتح لجهنم باب " كما كان يقول زوجى. عند باب العمارة قابلنى الجيران بالحفاوة وعناصر الزهو والافتخار بأن هناك أديبة تظهر فى التليفزيون وتسكن معهم العمارة.
الصورة : الاديبة الراحلة نعمات البحيري
لأول مرة أشعر بالرضا شبه الكامل، وأنا أرى نفسى على شاشة التليفزيون. امراة جميلة على نحو ما ربما على النحو الذى أحب أن أرى نفسى عليه، مبتسمة ومتحدثة لبقة وجريئة ومتفائلة ومقتحمة ومداهمة.
والحال أن اللقاء لم يخيب أملى على الاطلاق، بل ساعدنى على نسف بعض الأساطير التي كانت تخيفنى من الظهور على شاشة التليفزيون. فى كل مرة أكره التسجيل وفى مرات كثيرة أرفض، ليس تعاليا وربما لأنى صرت أبدو على الشاشة أكثر بدانة وأكبر سنا مما أنا عليه وكثيرا ما أبدو مثل بطة "متزقمة" بلغة عمتى و جدتى والموروث الشعبى، فأشفق على المشاهدين، وأنا أحب الاحتفاظ بهم قراءً محبين، فضلا عن أننى لا أنسى الأنثى والإنسانة التى تقبع بداخلى ولا تفصح عن نفسها.
هذه المرة أشعر بمزيد من الرضى. كان البرنامج على الهواء مباشرة، ووعدتنى جارة طيبة بتسجيله لأراه فيما بعد. بعد التسجيل وبعد أن رأيت درجة الحفاوة فى عيون المذيعة والمعد والمصورين وعمال الاستديو عدت مبتهجة للغاية. اشتريت لبنا وعصير تفاح وعصير مانجو وبنا وشايا ونسكافيه، واشتريت زهورا بنفسجية وجلاديولس بيضاء وحمراء وصفراء، كما اشتريت أوراقا وأقلاما ومبيدا للصراصير ومصيدة لفأر قديم تركت له فى بيتى مساحة من حرية الحركة ربما بدد شيئا من برودة الوحدة، لكنه مازال يتربص بنباتات شرفتى. كنت أشعر بأننى فى حالة جميلة تستدعى قدرا من الاسترخاء واستدعاء آخر بكل الأشياء الجميلة التى حدثت فى الحياة، الوجوه والمواقف والأحداث.
كان المذيع محاورا جيدا ولبقا وذكيا، رغم محاولاته الفاشلة لاقتحامي ومداهمتي، إلا أنني، كنت أناوره وأداهمه بإجابات تشبه الأسئلة لأعيد نفس الكرة إلى ملعبه، وكذلك المذيعة ذات العيون الجميلة. لم تأخذني عيونها بعيدا وربما أخذتها طريقتي في الكلام والأسئلة المقنعة والتى تتجاوز درجات الجهل المتفشية على قنوات التليفزيون. بدا عليها أن كلامى يمس أوتارا خاصة بها حين تحدثت عن الحب والرغبة في احتواء من نحب لا قتلهم. قررت حقا أن أكافيء نفسي بقدر من الرفاهية أتوق إليه فرحت أوفر عليها عناء زحام الأتوبيس وأخذت تاكسيا وطالبت سائقه بأن يسكت المذياع أو الكاسيت. كنت أرغب في أن أسمع صوتى الداخلى، وقد تلبستنى حالة من الزهو اللذيذ ثم قلت لسائق التاكسى:
معاك مين من المطربين؟
إبتسم الرجل وبدت دهشته حين استدار إلى الخلف وقال
: كارم محمود.وحسن الأسمر .
تجنبت الثانى .. أعرفه جيدا كان جارى وكنت وأخوته نلعب معا فى حارة "المناخ" ..
أغنية كارم محمود.. عنابى يا عنابى يا خدود الحليوة ....والنبى يا جميل حوش عنى هواك،.. ويا نور العين لقاك امتى ، وسمرا يا سمرا.. مرة ف مرة خطفنى هواكى...."
كان صوت كارم محمود يرطب حر القلب وقيظ القاهرة فى شهر يوليو...وتساءلت فى نفسى
" ماذا سنفعل فى أغسطس" آب اللهاب اللى يحرق المفتاح فى الباب ويفتح لجهنم باب " كما كان يقول زوجى. عند باب العمارة قابلنى الجيران بالحفاوة وعناصر الزهو والافتخار بأن هناك أديبة تظهر فى التليفزيون وتسكن معهم العمارة.
الصورة : الاديبة الراحلة نعمات البحيري