نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

حُباً بالسوريين.. وأملاً بسوريا

17/02/2025 - هوشيار زيباري

الشرع والموعد السعودي

13/02/2025 - غسان شربل

ترامب يرسم خارطة جديدة للعالم

08/02/2025 - ‎علاء الخطيب

معنى المعارضة في سورية الجديدة

08/02/2025 - مضر رياض الدبس

( لا يمكن الاستخفاف بأحمد الشرع )

08/02/2025 - خيرالله خيرالله


شهية الاستيراد تغرق السوق السورية... وتبدد الدولار




يحذر اقتصاديون سوريون من استمرار تدفق السلع والمنتجات من الدول المجاورة إلى السوق السورية، والتي أُغرقت برأيهم، بمنتجات غذائية فاضت عن حاجة الاستهلاك المحلي بعد أن سحبت مبالغ كبيرة من النقد الأجنبي، ما زاد من خلل العرض والطلب.ويركز الاقتصاديون على استيراد السيارات، خاصة المستعملة التي "ملأت الشوارع" وسحبت الدولار، معتبرين أن تحرير التجارة مع دول الجوار، يمكن أن يؤثر على الاقتصاد السوري "الوليد"، ويعيق بناء صناعة وطنية منافسة.


يؤكد الاقتصادي السوري، المقيم بولاية هاتاي جنوبي تركيا، محروس الخطيب، زيادة تدفق الصادرات التركية نحو شمالي سورية "وإن تراجعت قليلاً بعد فرض الرسوم الشهر الماضي"، في حين لا يمكن للاقتصاد السوري المنهك برأيه، أن يصدر لتركيا، سوى ما تحتاجه من خضر وبعض الحبوب وزيت الزيتون.

وحسب الخطيب، الحال ينسحب على السلع الأوروبية وبعض المنتجات العربية الداخلة عبر تركيا إلى الداخل السوري، مركزاً على السيارات الأوروبية والآسيوية (كورية جنوبية) والتي ملأت المناطق الحرة والأسواق والشوارع.
ويؤكد الاقتصادي السوري لـ"العربي الجديد" أن السوق لا تزال عطشى وبحاحة لـ"كل شيء" وتبقى مسألة التوازن والترشيد مسؤولية الحكومة، عبر قوانين ورسوم، ولكن من دون أن تسبب "مشاكل" مع دول الجوار أو تخل بقوانين التجارة الدولية المعتمدة.

 ويشير الخطيب إلى أن المستهلك بالنهاية يسعى للسلع الجيدة والرخيصة، "وهذا حقه" كما من حق الصناعي أن تحميه القوانين، ولكن بالنسبة لسورية هذه الفترة، يمكن اعتبار المرحلة خاصة نتيجة عطش السوق وقلة القوة الشرائية.

خلل بين الاستيراد والتصدير

لكن نائب رئيس غرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، يرى "خللاً هائلاً" بين الاستيراد الذي يصفه بالجيد والتصدير القليل، واصفاً الواقع بـ"غير الصحي" بعد أن امتلأت الأسواق المحلية بكثير من المواد، منها ما يحتاجه السوق ومنها لا يحتاجه، بل إنه أصبح يحمّل الدخل الوطني السوري عبئاً كبيراً، بعد أن بلغت قيمة مستوردات سورية من تركيا وبعض الدول الأخرى، أكثر من 500 مليون دولار خلال الشهرين الماضيين.
ويسوق الحلاق السيارات مثالاً، رغم أنها حاجة وضرورة، لكنها أخذت جزءاً من كتلة العملة التي يمكن أن توظف بصناعات منتجة، معتبراً خلال تصريحات نقلتها صحيفة الحرية بدمشق أن "التجارة انفتحت بشكل كبير وغير مدروس".

تأثيرات سلبية على زراعة سورية

يرى المهندس الزراعي، يحيى تناري، أن استمرار استيراد المنتجات الزراعية (خضر وفواكه) يمكن أن تؤثر على الإنتاج السوري جراء رخص أسعار المستورد قياساً بالسعر المحلي المرتبط بتكاليف الإنتاج الزراعي المرتفع على الفلاح السوري، خاصة الوقود والمبيدات.
ويضيف تناري لـ"العربي الجديد" أن موسم الزراعة الآن على أشده بما يسمى العروة الربيعية بالنسبة للخضر أو جني الفواكه "حمضيات" أو حتى الحبوب التي تأخرت زراعة بعضها بسبب تأخر الأمطار، لذا لا بد من نظر المسؤولين للمنتج المحلي وتكاليفه وإيجاد طرق لدعم المزارعين، لأن الفلاح إن رأى هذه الأسعار المنخفضة بالسوق، قد يحجم حتى عن الزراعة الخاسرة سلفاً.

ناقوس خطر

يقول الأكاديمي السوري، عبد الناصر الجاسم، إن تعطّش السوق السورية للسلع والمنتجات، على مدى سنوات، زاد من شهية المستوردين واستغلال فترة ما بعد التحرير، قبل أن ترفع حكومة تصريف الأعمال الرسوم الجمركية بمعابر شمالي سورية "باب الهوى"، فتم إدخال آلاف الأطنان من السلع الغذائية التي تم تكديسها بالمستودعات وتطرح تباعاً بالسوق حتى اليوم، للاستفادة من فارق السعر بعد رفع الرسوم، خاصة بمناطق الشمال التي اعتادت السلع الرخيصة في وقت لم يكن هناك رسوم مع تركيا. وأوصى الجاسم خلال حديثه لـ"العربي الجديد" بإيلاء الصناعة الأولوية ليعاد تأسيسها.

ولم يبتعد رجل الأعمال السوري، فاروق جود، برأيه، بل زاد تحذيره من المنتجات التركية "الرخيصة والمتطورة، والتي لا طاقة للمنتج السوري على منافستها، فإن استمر الحال، رغم رفع الرسوم الجمركية الشهر الماضي، فيمكن لمنشآت كثيرة أن تتوقف عن الإنتاج ويتحول أصحابها لتجار".
وحول الحلول يشير جود لـ"العربي الجديد" إلى أن المتداول دولياً وعبر التاريخ، احتضان ودعم وحماية الصناعة الوطنية، وهنا لا نطالب بفرض رسوم إغراق أو منع دخول السلع من الخارج، ولكن ترشيد الاستيراد بالتوازي مع دعم المنتج السوري حتى تقف الصناعة السورية المنهكة على قدميها. ويلفت جود إلى أن العودة مع تركيا إلى اتفاقية التجارة الحرة، توقيت غير مناسب، رغم الحاجة الماسة لتركيا.

تركيا تساعد ولا تستغل

يؤكد الاقتصادي التركي، مسلم أويصال، أن بلاده "تنظر للسوق السورية كمساعد وليس كمستغل" محاولة تأمين جميع احتياجات السوق المجاور وبأسعار تناسب دخل السوريين، طبعاً من دون أن يخسر التجار والصناعيون، فالاقتصاد لا يبنى على الصداقة والعواطف فقط.

 ويضيف أويصال لـ"العربي الجديد" أن معظم التجار الذين يدخلون السلع التركية لسورية "هم سوريون" ويرفدون السوق بما يحتاجه، لافتاً إلى أن منتجات بلده تصدر إلى أكثر من 100 دولة حول العالم، ولكن يبقى لسورية أهمية خاصة "غير تجارية" وأسباب اقتصادية تتعلق بالقرب الجغرافي وقلة تكاليف النقل. معتبراً قرار وزارة التجارة التركية قبل أيام "رفع القيود على الصادرات" في صالح سورية رغم أن الحكومة الانتقالية بدمشق، رفعت الرسوم الجمركية على السلع التركية ولاقى هذا القرار اعتراضاً من الصناعيين الأتراك.

وكانت تركيا بحسب، مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، قد رفعت القيود المفروضة على الواردات السورية إلى الأسواق التركية. معتبراً خلال تصريح نقلته وكالة الأنباء السورية "سانا"، أن جلسات ومباحثات الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية ووزارة التجارة التركية عن قرار رفع القيود المفروضة على تصدير البضائع والمنتجات السورية إلى داخل الأسواق التركية "قد أثمرت" إلى جانب فتح أراضيها لإعادة تفعيل حركة تصدير البضائع "ترانزيت" إلى الدول الأجنبية.

ويعقّب نائب رئيس غرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، على إزالة تركيا القيود على الصادرات السورية بأنه "إجراء مهم بالنسبة لتركيا، لكن حسب معلوماته ليس لدينا صادرات سورية قادرة على المنافسة بالأسواق التركية"، لافتاً أن سورية غير قادرة على منافسة تركيا بالمواد الطبيّة ولا بصناعات الإسمنت والنسيج. ومع ذلك، يقول الحلاق، إن السماح بالتصدير إلى تركيا خطوة جيدة ومطلوبة.
-----------
العربي الجديد


عدنان عبد الرزاق
الاربعاء 19 فبراير 2025