-قاد الإسلاميين للسلطة عام 2011 في أول تجربة لهم بالحكومة
-شخصية تواصلية بروح مرحة وعفوية كبيرة
-يعود قويا كلما توقع خصومه أنه "انتهى سياسيا"
-حافظ على بقاء الإسلاميين بالمشهد السياسي رغم التحديات الداخلية والخارجية
استطاع عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي (معارض) أن ينهض أكثر من مرة بعدما توقع أنصاره وخصومه أنه "مات سياسيا"، وأن تجربته في قيادة الإسلاميين انتهت، ليعود ويقود حزبه لولاية جديدة تمتد لـ4 أعوام.وظفر بنكيران، بولاية جديدة لحزب العدالة والتنمية، رغم التحديات الداخلية، حيث يواصل خصومه السياسيون الهجوم عليه، والتحديات الخارجية التي عصفت بالإسلاميين في المنطقة المغاربية.
يتّسم بنكيران، بشخصية تواصلية بامتياز، واستطاع أن يصالح المغاربة مع السياسة خلال توليه رئاسة الحكومة (2011 -2017)، وفي الوقت نفسه يعتبر من المدافعين عن الملكية في البلاد، وعلى المرجعية الإسلامية.
ـ أوراق رابحة بعد السقوط
اختار أعضاء حزب العدالة والتنمية المغربي، الأحد، بنكيران، أمينا عاما للحزب لولاية جديدة.
جاء ذلك خلال المرحلة الثانية من انتخابات الحزب في اليوم الثاني والأخير من المؤتمر الوطني، الذي انعقد في مدينة بوزنيقة، لاختيار قيادة جديدة لأربعة أعوام مقبلة.
وفي الانتخابات الحزبية، حصل بنكيران على 974 صوتا، فيما حصل إدريس الأزمي (وزير سابق) على 374 صوتا، وعبد الله بووانو (رئيس الكتلة النيابية للحزب في مجلس النواب) على 42 صوتا.
وبذلك، حصل بنكيران على 69 بالمئة من أصوات المشاركين في الانتخابات، حيث بلغ إجمالي الأصوات الصحيحة 1390 من أصل 1402 صوتا، بينما تم إلغاء 12 صوتا.
ورغم سقوطه أو إسقاطه سواء من طرف أعضاء حزبه (حينما تم إعفاؤه من رئاسة الحكومة واختيار أمين عام جديد، هو سعد الدين العثماني عام 2017) أو في معترك السياسة، دائما ما يعود بنكيران قويا أكثر من ذي قبل.
ورغم إعفاء بنكيران خلال مارس/آذار 2017 من رئاسة الحكومة رغم حصول حزبه على المرتبة الأولى في الانتخابات بسبب ما أطلق عليه "البلوكاج" (رفض أحزاب أخرى المشاركة معه في الحكومة)، إلا أن غيابه ترك فراغا بالحزب، خاصة أنه يملك قوة خطابية.
وعقب انتخابات 8 سبتمبر/ أيلول 2021، عاش العدالة والتنمية حالة صعبة، اعتبرها أنصاره "إسقاطا بفعل فاعل" أراد استبعاد الحزب ذي المرجعية الإسلامية عن المشهد، بعدما تراجع من المرتبة الأولى إلى الثامنة حينها.
وبعد تلك الانتخابات، قدمت قيادة العدالة والتنمية استقالتها، وعمدت إلى تدبير المرحلة بانتظار مؤتمر استثنائي أعاد بنكيران إلى رأس الحزب.
وفي 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، انتخب المؤتمر الاستثنائي للعدالة والتنمية، بنكيران (الذي ترأس الحكومة من 2011 حتى 2017) أمينا عاما للحزب لولاية تمتد 4 أعوام.
وللمرة الرابعة، يتم انتخاب بنكيران، أمينا عاما للحزب بعد فترة 2008 ـ 2012، ثم 2012 ـ 2017، ثم 2021 ـ 2025، ثم ولاية جديدة تبدأ اليوم الأحد.
ـ جزء من الحل
يشكل بنكيران، وحزب العدالة والتنمية، "جزءا من الحل في النظام المغربي، وليس جزءا من المشكل كما وقع للإسلاميين بدول عربية أخرى"، كما قال عنه القيادي بالحزب مصطفى الخلفي، في تصريح سابق.
ونجح بنكيران، في جعل تجربة الإسلاميين بالمغرب استثناءً في المنطقة المغاربية، باعتباره الإسلامي الوحيد الذي استطاع قيادة حكومته حتى نهاية ولايته، في وقت شهدت فيه دول أخرى سقوط الإسلاميين أو اعتقالهم.
وتمكن بنكيران، من فك شفرة مشاركة الإسلاميين في المملكة، بفضل انخراطه المبكّر بالعمل السياسي، حيث لعب دورا محوريا في إدماج الإسلاميين ضمن المشهد السياسي، وقادهم للوصول إلى الحكومة لأول مرة في تاريخ البلاد عام 2011.
ويعتبر بنكيران، أحد المدافعين عن الملكية في البلاد، حيث يردد دائما لأنصاره أنهم إذا أرادوا الدخول في صراع مع الملكية، فليبحثوا عن أحد غيره، ويرى أن الملكية ضمان استقرار المملكة.
كما يدافع باستمرار على المرجعية الإسلامية، ويدعو أعضاء حزبه إلى الحفاظ على نظافة اليد إذا أرادوا الاستمرار.
ـ شخصية تواصلية
يمتاز بنكيران بشخصية تجمع بين الدهاء السياسي والروح المرحة، إضافة إلى قدرته الفائقة على الخطابة.
واستطاع أن يكشف للمغاربة بطريقة غير مسبوقة بعض تفاصيل علاقته بالعاهل المغربي الملك محمد السادس، ما قرّبه أكثر من عامة الناس.
كثيرا ما يستحضر بنكيران ذكريات والدته الراحلة وزوجته، مؤكدًا دور العائلة في تشكيل شخصيته. وتمكن من خلال طبيعته البسيطة وتواصله العفوي أن يُعيد جزءًا من الثقة الشعبية بالعمل السياسي خلال فترة رئاسته للحكومة (2011-2017).
ـ مسار تعليمي وحياتي
وُلد عبد الإله بنكيران عام 1954 بحي العكاري في الرباط، وتنحدر أصوله من مدينة فاس (وسط).
تعود جذور ارتباط بنكيران بالعمل السياسي إلى والدته "مفتاحة الشامي"، التي كانت تحرص على حضور لقاءات حزب الاستقلال (حزب محافظ ومشارك في الحكومة).
وكشف بنكيران في مناسبات عديدة عن العلاقة الخاصة التي جمعته بوالدته الراحلة، التي توفيت في ديسمبر/ كانون الأول 2016، مؤكدا أنها كان لها تأثير عميق في صقل شخصيته القيادية.
حصل على الماجيستير في العلوم الفيزيائية عام 1979، وعمل أستاذا بالمدرسة العليا للمعلمين في الرباط قبل أن يستقيل عام 1988 لإدارة مطبعة ومدرستين خاصتين.
في بداياته، تعاطف بنكيران مع حركات يسارية مثل "حركة 23 مارس"، واقترب من حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الاشتراكي (أكبر حزب يساري بالبلاد)، قبل أن ينخرط لاحقا في العمل السياسي الإسلامي، ليصبح أحد أبرز رموزه في المملكة.