.
سعت أيرين للتحالف والزواج من شارلمان ملك الفرنجة وإمبراطور الرومان في الغرب، في خطوة غير مألوفة بالنسبة لتقاليد الإمبراطورية البيزنطية، ما أدى إلى عزلها عن الحكم، ونفيها خارج حدود الإمبراطورية في أكتوبر/تشرين الأول عام 802. واختير نقفور -وزير المالية حينئذ- إمبراطوراً جديداً.
وفقاً لموقع موقع انسكلوبيديا البريطاني، أعاد نقفور تقييم القوائم الضريبية وفرض ضرائب جديدة على الأراضي، وفرض «ضريبة الموقد»، على جميع الفلاحين المستأجرين الذين يعملون على الأراضي المملوكة للكنائس والأديرة، وأقر بإلزام كل القرى بتمويل الأسلحة والعتاد العسكري لأفراد المجتمع غير القادرين على تحمل تلك التكاليف بأنفسهم.
منع نقفور القروض الخاصة بين التجار، لتكون الدولة وسيلة الإقراض الوحيدة للتجار وأصحاب السفن، بفائدة بلغت 17% -وكانت عادة أقل من 6%- وأخيراً أكمل حزمة إصلاحاته الاقتصادية بفرضه ضرائب على الميراث.
لم تلقَ الضرائب التي فرضها نقفور شعبية كبيرة، خاصة من الكنيسة التي وقعت هي نفسها تحت وطأتها.
استطاع الإنفاق على الجيش والبحرية وتوسيعهما، وتحسين تحصينات القسطنطينية -إسطنبول حالياً-، وتحسنت الدفاعات العسكرية في اليونان وأنشئت مقاطعات جديدة في منطقة البلقان شملت تراقيا، ومقدونيا، وكيفالونيا، وديرهاخيوم، والعاصمة سالونيك.
في العام 802 م توحد البلغار تحت قيادة كروم خان وأصبحوا مصدر إزعاج لنقفور، ما دفعه لخوض حرب ضدهم في العام 808، لكن كروم تمكن من سحق جيش نقفور واستولى على صندوق الكنز الخاص بالجيش والذي حوى 80,000 عملة ذهبية.
كانت الضربة موجعة للإمبراطور البيزنطي الذي قرر الانتقام من كروم، فجمع قوة كبيرة وزحف تجاه العاصمة البلغارية بليسكا في عام 810 ليدمرها، وفي العام 811 دخل العاصمة وارتكب مذبحة قتل فيها الرجال والنساء والأطفال بلا رحمة.
استغل البيزنطيون انشغال العباسيين بأزماتهم الداخلية وأخذوا يغيرون على مدنهم الممتدة من أعالي الفرات شرقاً حتى البحر الأبيض المتوسط ودمروا حصونهم، ما دفع العباسيين للرد فقادوا حملات أغاروا فيها على حصون البيزنطيين في آسيا الصغرى – ضبة الأناضول-.
وفي العام 782 عقدت هدنة بين الطرفين أقرت الملكة إيرين -التي سبقت نقفور- بموجبها دفع جزية سنوية للعباسيين، وظلت تدفع الجزية إلى أن ماتت.
وحين خلفها نقفور في عام 802، أرسل رسالةً إلى هارون الرشيد الخليفة العباسي يطالبه برد الجزية التي دفعتها إيرين، فبعث له يقول «من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرُّخِّ، وأقامت نفسها مكان البيدق، فحملت إليك من أموالها ما كنتَ حقيقاً بحمل أضعافها إليها، لكنَّ ذلك ضعفُ النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي هذا فاردد ما حصل لك من أموالها، وَافْتَدِ نفسك بما تقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك».
فلما قرأ الرشيد الكتاب اسشتاط غضباً، فأرسل رسالته الشهيرة التي خلدها التاريخ الإسلامي، إذ كتب على ظهر رسالة نقفور «بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم؛ قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام».
في العام 803 خرج هارون على رأس جيش قوامه 135 ألف مقاتل، حتى وصل إلى هرقلة -تونس حالياً-، وهناك دارت معركة «نيكوبلوس» التي انهزم فيها نقفور واضطر لدفع الجزية تماماً مثلما كانت تفعل سابقته.
بعدها بعام، فكر الإمبراطور البيزنطي مرة أخرى في الامتناع عن دفع الجزية للخليفة العباسي، فعاد هارون الرشيد وخاض حرباً مجدداً مع البيزنطيين قتل فيها 40 ألفاً من جيشهم وأجبرهم على دفع 30,000 عملة نقدية من الذهب سنوياً، وحرر فيها كل الأسرى المسلمين الذين وقعوا تحت قبضة البيزنطيين.
في الوقت ذاته كان القائد العسكري باردينس توركوس، يقود ثورة ضد نقفور، صحيح أنها لم تتمكن من الاستمرار أكثر من شهر واحد، لكنها استطاعت أن تُضعف السيطرة البيزنطية على آسيا الصغرى -هضبة الأناضول-، وهو ما ساعد الخليفة العباسي بشكل أكبر على الانتصار.
تعرف البلغار على جسده من خلال حذائه الأرجواني وأُحضر إلى الملك كروم حيث قطع رأسه ووضعها على وتد ضخم رصّع كروم جمجمة نقفور بالفضة وحولها إلى كأس شراب اعتاد أن يشرب فيه، هو وحلفاؤه، نخب انتصاراتهم. وقيل إن قائد البلغار احتفظ بهذا التذكار وكان يجبر السفراء المبعوثين من القسطنطينية على الشرب منه كلما سنحت له الفرصة.
وصوله للحكم..
تولت أيرين الأثنية الحكم في الفترة بين 797 و802 كأول امرأة على الإطلاق تحكم الإمبراطورية البيزنطية -التي شملت أراضيها اليونان وجزر بحر إيجة وآسيا الصغرى والشام-، وتمكنت من الانفراد بالسلطة، إذ كانت الوصية على عرش ابنها قسطنطين السادس، بعد موت زوجها الإمبراطور ليو الرابع.سعت أيرين للتحالف والزواج من شارلمان ملك الفرنجة وإمبراطور الرومان في الغرب، في خطوة غير مألوفة بالنسبة لتقاليد الإمبراطورية البيزنطية، ما أدى إلى عزلها عن الحكم، ونفيها خارج حدود الإمبراطورية في أكتوبر/تشرين الأول عام 802. واختير نقفور -وزير المالية حينئذ- إمبراطوراً جديداً.
السياسات الداخلية
ونظراً لكونه وزيراً للمالية، سعى نقفور فور اعتلائه عرش الإمبراطورية، لإصلاح الاقتصاد الذي تعافى بعد مدة وجيزة من تولي نقفور، فقد كانت خزائن الدولة شبه خاوية بسبب ضعف الكفاءة في جمع الضرائب ومنح أيرين الكثير من الامتيازات الضريبية للمقربين منها.وفقاً لموقع موقع انسكلوبيديا البريطاني، أعاد نقفور تقييم القوائم الضريبية وفرض ضرائب جديدة على الأراضي، وفرض «ضريبة الموقد»، على جميع الفلاحين المستأجرين الذين يعملون على الأراضي المملوكة للكنائس والأديرة، وأقر بإلزام كل القرى بتمويل الأسلحة والعتاد العسكري لأفراد المجتمع غير القادرين على تحمل تلك التكاليف بأنفسهم.
منع نقفور القروض الخاصة بين التجار، لتكون الدولة وسيلة الإقراض الوحيدة للتجار وأصحاب السفن، بفائدة بلغت 17% -وكانت عادة أقل من 6%- وأخيراً أكمل حزمة إصلاحاته الاقتصادية بفرضه ضرائب على الميراث.
لم تلقَ الضرائب التي فرضها نقفور شعبية كبيرة، خاصة من الكنيسة التي وقعت هي نفسها تحت وطأتها.
الكنيسة والإمبراطور
لكنه على الرغم من كل الاختلافات بين الكنيسة والإمبراطور، حققت الإصلاحات الاقتصادية التي تضمنت فرض الضرائب هدفها وأصبحت الحالة الاقتصادية والمالية للدولة أكثر استقراراً في عهد نقفور عن كل من سبقوه.استطاع الإنفاق على الجيش والبحرية وتوسيعهما، وتحسين تحصينات القسطنطينية -إسطنبول حالياً-، وتحسنت الدفاعات العسكرية في اليونان وأنشئت مقاطعات جديدة في منطقة البلقان شملت تراقيا، ومقدونيا، وكيفالونيا، وديرهاخيوم، والعاصمة سالونيك.
السياسيات الخارجية.. نقفور والبلغار
حاول نقفور استغلال قدراته العسكرية الجديدة؛ فخاض حروباً انتصر فيها على السلاف -روسيا الكييفية في العصور الوسطى-، وضم إقليم سرديكا في بلغاريا، فيما سُويت المناوشات بينه وبين الملك شرلمان الفرنجي بمعاهدة صلح في عام 807.في العام 802 م توحد البلغار تحت قيادة كروم خان وأصبحوا مصدر إزعاج لنقفور، ما دفعه لخوض حرب ضدهم في العام 808، لكن كروم تمكن من سحق جيش نقفور واستولى على صندوق الكنز الخاص بالجيش والذي حوى 80,000 عملة ذهبية.
كانت الضربة موجعة للإمبراطور البيزنطي الذي قرر الانتقام من كروم، فجمع قوة كبيرة وزحف تجاه العاصمة البلغارية بليسكا في عام 810 ليدمرها، وفي العام 811 دخل العاصمة وارتكب مذبحة قتل فيها الرجال والنساء والأطفال بلا رحمة.
نقفور وهارون الرشيد
منذ مجيء العباسيين إلى الحكم، كانت العلاقة بين الدولة العباسية والدولة البيزنطية في قمة توترها، واتخذت طريق المواجهات العسكرية.استغل البيزنطيون انشغال العباسيين بأزماتهم الداخلية وأخذوا يغيرون على مدنهم الممتدة من أعالي الفرات شرقاً حتى البحر الأبيض المتوسط ودمروا حصونهم، ما دفع العباسيين للرد فقادوا حملات أغاروا فيها على حصون البيزنطيين في آسيا الصغرى – ضبة الأناضول-.
وفي العام 782 عقدت هدنة بين الطرفين أقرت الملكة إيرين -التي سبقت نقفور- بموجبها دفع جزية سنوية للعباسيين، وظلت تدفع الجزية إلى أن ماتت.
وحين خلفها نقفور في عام 802، أرسل رسالةً إلى هارون الرشيد الخليفة العباسي يطالبه برد الجزية التي دفعتها إيرين، فبعث له يقول «من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرُّخِّ، وأقامت نفسها مكان البيدق، فحملت إليك من أموالها ما كنتَ حقيقاً بحمل أضعافها إليها، لكنَّ ذلك ضعفُ النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي هذا فاردد ما حصل لك من أموالها، وَافْتَدِ نفسك بما تقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك».
فلما قرأ الرشيد الكتاب اسشتاط غضباً، فأرسل رسالته الشهيرة التي خلدها التاريخ الإسلامي، إذ كتب على ظهر رسالة نقفور «بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم؛ قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام».
في العام 803 خرج هارون على رأس جيش قوامه 135 ألف مقاتل، حتى وصل إلى هرقلة -تونس حالياً-، وهناك دارت معركة «نيكوبلوس» التي انهزم فيها نقفور واضطر لدفع الجزية تماماً مثلما كانت تفعل سابقته.
بعدها بعام، فكر الإمبراطور البيزنطي مرة أخرى في الامتناع عن دفع الجزية للخليفة العباسي، فعاد هارون الرشيد وخاض حرباً مجدداً مع البيزنطيين قتل فيها 40 ألفاً من جيشهم وأجبرهم على دفع 30,000 عملة نقدية من الذهب سنوياً، وحرر فيها كل الأسرى المسلمين الذين وقعوا تحت قبضة البيزنطيين.
في الوقت ذاته كان القائد العسكري باردينس توركوس، يقود ثورة ضد نقفور، صحيح أنها لم تتمكن من الاستمرار أكثر من شهر واحد، لكنها استطاعت أن تُضعف السيطرة البيزنطية على آسيا الصغرى -هضبة الأناضول-، وهو ما ساعد الخليفة العباسي بشكل أكبر على الانتصار.
وفاة نقفور
في العام 811 تمكن البلغار من نصب كمين للإمبراطور البيزنطي؛ فسدّوا مداخل ومخارج ممر جبلي ضيق كان يخيّم فيه البيزنطيون، وأغلقوه بالحواجز الخشبية، وانهالوا عليهم في معركة أطلق عليها «بليسكا»، وقتل فيها أغلب القادة البيزنطيين من بينهم نقفور، ليكون أول حاكم بيزنطي يلاقي هذا المصير على أيدي قوات أجنبية منذ أكثر من 400 عام.تعرف البلغار على جسده من خلال حذائه الأرجواني وأُحضر إلى الملك كروم حيث قطع رأسه ووضعها على وتد ضخم رصّع كروم جمجمة نقفور بالفضة وحولها إلى كأس شراب اعتاد أن يشرب فيه، هو وحلفاؤه، نخب انتصاراتهم. وقيل إن قائد البلغار احتفظ بهذا التذكار وكان يجبر السفراء المبعوثين من القسطنطينية على الشرب منه كلما سنحت له الفرصة.