وكانت ريس-أندرسن قد بدأت خطابها بعبارة "المرأة - الحياة - الحرية"، في إشارة إلى شعار الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي اجتاحت إيران.
ووصفت الجائزة بأنها اعتراف بمئات الآلاف من الإيرانيين الذين تظاهروا خلال العام الماضي ضد "سياسات التمييز والقمع التي يمارسها النظام الثيوقراطي والتي تستهدف النساء".
كما أشاد ملايين الإيرانيين إلى جانب نشطاء حقوق الإنسان في شتى أرجاء العالم بمنح الجائزة.
ويبعث قرار لجنة نوبل إشارة قوية بعدم الرضا عن سياسات السلطات الإيرانية.
ووصفت عائلة نرجس الجائزة، فور الإعلان عن اسم الفائز بها، بأنها "لحظة تاريخية في النضال من أجل الحرية في إيران".
وقال زوجها الناشط السياسي، تاغي رحماني، الذي يعيش في المنفى: "هذه الجائزة للشعب الإيراني والناشطين في مجال حقوق الإنسان".
كما حثت ريس-أندرسن، خلال الحفل، إيران على إطلاق سراح نرجس من السجن حتى تتمكن من حضور حفل توزيع الجوائز في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وقالت: "إذا اتخذت السلطات الإيرانية القرار الصحيح فسوف يُطلق سراحها حتى تتمكن من الحضور لاستلام هذه الجائزة، وهو ما نأمله في المقام الأول".
وقالت إن نرجس تقضي حاليا عقوبة السجن لمدة 31 عاما في إيران، كما تعرضت لعقوبة الجلد 154 جلدة.
لكن يبدو من المستبعد جدا أن تتمكن الناشطة بالفعل من استلام جائزتها.
من هي نرجس محمدي
تعد نرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2023، شخصية بارزة في مجال حقوق الإنسان في إيران لسنوات.
وعلى الرغم من وجودها في السجن بشكل شبه مستمر منذ عام 2010، إلا أنها تمكنت من نشر الانتهاكات حتى من داخل السجن.
وقد تلقت عدة أحكام بالسجن منذ عام 2011 وهي حاليا في السجن بتهمة "نشر دعاية مناهضة للدولة".
وكانت نرجس تنشط داخل إيران من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في البلاد، وهي نائبة رئيس "مركز المدافعين عن حقوق الإنسان" الذي أسسته المحامية في مجال حقوق الإنسان شيرين عبادي، وهي بدورها حائزة جائزة نوبل للسلام عام 2003.
ويعد المركز مجموعة حقوقية محظورة من قبل السلطات الإيرانية، وقد أسسته شيرين عبادي، التي غادرت إيران بعد اعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني السابق عام 2009، في انتخابات مثيرة للجدل أدت إلى اندلاع موجة من المظاهرات الاحتجاجية في الشارع الإيراني، تصدت لها السلطات الإيرانية بعنف.
ويعيش زوج نرجس، الناشط السياسي تقي رحماني، في المنفى في باريس مع طفليهما، ولم يتمكنا من رؤية بعضهما بعضا منذ سنوات.
وقال رحماني لخدمة بي بي سي باللغة الفارسية إن زوجته "تمثل كل أولئك الذين حصلوا على هذه الجائزة. إنها تنتمي إلى (المرأة، الحياة، الحرية)، والتي كانت حركة ضخمة في إيران وما زالت موجودة. نحن سعداء للغاية".
وعلى الرغم من سجنها، كتبت نرجس العام الماضي، رسالة من سجن "إيفين" في طهران، وصفت فيها تفاصيل تعرض النساء المعتقلات في الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي كانت تجتاح البلاد آنذاك للإيذاء الجنسي والجسدي.
كما كتبت كتابا بعنوان "التعذيب الأبيض: مقابلات مع السجينات الإيرانيات"، وثقت فيه تجربتها وتجارب 12 سجينة أخرى في السجن الانفرادي.
وسيؤدي حصول نرجس على جائزة السلام المرموقة إلى الاعتراف بدورها على المستوى الدولي، وهو ما لن ترحب به إيران.
ردود فعل دولية
قالت الأمم المتحدة إن الجائزة تسلط الضوء على "شجاعة وتصميم الإيرانيات وأنهن مصدر إلهام للعالم".
ودعت المنظمة إلى "إطلاق سراحها والإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين في إيران".
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الجائزة "تعترف بالنضال الشجاع والنبيل للنساء الإيرانيات اللاتي يتحدين القمع على مسؤوليتهن".
وقالت منظمة العفو الدولية، التي تعتبر نرجس "سجينة رأي"، لوكالة فرانس برس للأنباء إنها "ليس لديها أي أمل تقريبا في الحرية".
كما أشاد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بشجاعة الناشطة الإيرانية، نرجس محمدي، وحصولها على جائزة نوبل للسلام.
ووصف ماكرون الجائزة بأنها "اختيار قوي لكل مناضل من أجل الحرية واجه في كل مرة الواقع، والحقيقة، وقسوة هذا النظام، بما في ذلك المعاناة لعدة سنوات في السجن والأحكام الرهيبة".
كما أشاد المستشار الألماني، أولاف شولتز، بحصول نرجس على الجائزة وقال: "أُعتقلت 13 مرة، وحُكم عليها بالسجن 31 عاما، كل احترامي للفائزة بجائزة نوبل للسلام لهذا العام، وشجعاتها وكفاحها من أجل حقوق المرأة الإيرانية: نرجس محمدي".
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، على موقع إكس، تويتر سابقا، تعقيبا على منح الجائزة، إن حصول نرجس على تلك الجائزة يظهر "القوة التي تمثلها النساء من أجل نيل الحرية ... لا يمكن سجن صوت (نرجس) محمدي الشجاع، فمستقبل إيران في نسائها".
ورفض الكرملين، حليف إيران، يوم الجمعة، التفاعل مع قرار لجنة نوبل منح نرجس محمدي جائزة السلام.
واكتفى المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بقوله للصحفيين: "لا، ليس لدينا تعليق".
وأشادت رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، بالخطوة وقالت: "تهانينا لنرجس محمدي لحصولها على جائزة نوبل للسلام. إن التزامها يلهم نساء العالم للدفاع عن حريتهن وحقوقهن".
وأضافت: "ستقف إيطاليا دائما إلى جانب النساء من أجل احترام حقوقهن وحرياتهن الأساسية".
وقال رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال: "إن نرجس محمدي، الحائزة جائزة نوبل للسلام، هي أمل النساء المضطهدات في كل مكان. إن كفاحها من أجل حقوق الإنسان والحرية يلهمنا جميعا. إنه تذكير فقط عندما تكون المرأة آمنة يكون الجميع آمنين".
وأشادت المديرة التنفيذية لمنظمة هيومن رايتس ووتش، تيرانا حسن، قائلة: "تهانينا لنرجس محمدي وآلاف النساء والفتيات والرجال الذين وقفوا في وجه النظام الإيراني ودافعوا عن حقوق الإنسان. هناك رسالة أخرى هنا لجميع المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين ظلما، عملكم الشجاع مرئي ومحسوس، والتغيير قادم".
وتأتي الجائزة بعد أكثر من عام من الاحتجاجات التي قادتها النساء في إيران.
وقالت شيرين عبادي، رئيسة "مركز المدافعين عن حقوق الإنسان"، الحائزة سابقا جائزة نوبل للسلام، يوم الجمعة، إنها تأمل في أن يفضي منح جائزة هذا العام لنرجس محمدي إلى تحقيق الديمقراطية والمساواة للمرأة الإيرانية.
وأضافت في تصريحات لوكالة رويترز للأنباء: "أهنيء نرجس محمدي وجميع النساء الإيرانيات على هذه الجائزة ... هذه الجائزة ستسلط الضوء على انتهاك حقوق المرأة في الجمهورية الإسلامية ... والذي أثبت للأسف أنه لا يمكن إصلاحه".
وأُدرجت نرجس، العام الماضي، على قائمة بي بي سي لـ 100 امرأة، وهي قائمة بارزة تضم 100 امرأة ملهمة ومؤثرة من شتى أرجاء العالم.
وكانت نرجس قد كتبت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، من السجن لبي بي سي وصفت تفاصيل مروعة عن كيفية تعرّض النساء المعتقلات في الاحتجاجات لاعتداءات جنسية وجسدية.
وقالت إن مثل هذه الاعتداءات تفاقمت خلال الاحتجاجات الحاشدة، التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، أثناء احتجازها لدى الشرطة في وقت سابق خلال ذلك العام.
وقالت نرجس، في رسالة إلى وكالة فرانس برس للأنباء، الشهر الماضي، من سجنها إن الاحتجاجات الأخيرة في إيران "سرّعت عملية تحقيق الديمقراطية والحرية والمساواة في إيران"، ووصفت العملية بأنها باتت الآن "لا رجعة فيها".
وتسببت وفاة مهسا أميني في اندلاع اضطرابات في سبتمبر/أيلول 2022 وانتشرت في شتى أرجاء البلاد، وتفاوتت المطالب بين تعزيز الحريات والإطاحة بالدولة.
وتصدرت صور النساء الإيرانيات وهن يشعلن النار في حجابهن ويهتفن "المرأة، الحياة، الحرية" وسائل الإعلام العالمية.
ودفعت تلك التحركات السلطات الإيرانية إلى قمع الاحتجاجات بوحشية، وقُتل ما مجموعه 551 متظاهرا، من بينهم 68 طفلا و49 امرأة، على أيدي قوات الأمن، وفقا لمنظمة حقوق الإنسان الإيرانية، فضلا عن اعتقال آلاف آخرين.
وقد عززت السلطات ضوابطها، باستخدام كاميرات المراقبة من بين أمور أخرى، واعتقلت الممثلات اللاتي ينشرن صورهن على وسائل التواصل الاجتماعي دون الحجاب.
كما أعلن البرلمان الإيراني، الذي يهيمن عليه المحافظون، في سبتمبر/أيلول الماضي، تطبيق عقوبات أشد على النساء اللاتي يرفضن ارتداء الحجاب.