الطريق المؤدي إلى مدينة حماة قرب مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي – 30 تشرين الثاني 2024 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)
أهمية عسكرية وسياسية
المدينة شهدت منذ بداية الثورة السورية مظاهرات ضد النظام السوري، إلا أن حضور المعارضة غاب عن حماة منذ عام 2013.كما لم تخضع المدينة لسيطرة المعارضة عسكريًا، وضغط النظام ضغط بشكل كبير على المدينة لمنع أي تحرك عسكري فيها.
الباحث السوري عبد الرحمن الحاج قال لعنب بلدي، إن حماة من الناحية العسكرية تحتل موقعًا استراتيجيًا، لأنها تمثل عقدة وصل بين شمالي وجنوبي سوريا، وغربها وشرقها، وتربط خطوط الإمداد والتنقل الحيوية بين دمشق وحلب، والسيطرة عليها حماة ستمنح المعارضة عدة مكاسب.
وبالنظر إلى أهمية حماة عسكريًا وسياسيًا ورمزيًا، فسيطرة المعارضة عليها سيشكل “عامل إحباط وهزيمة نفسية” ستؤثر كثيرًا على معنويات النظام وجنوده، وبالتالي “سنكون أمام أول خطوة للانهيار الشامل، الذي قد يكون في دمشق”، وفق تعبير الحاج.
وأوضح الحاج أن لحماة أهمية رمزية، فقد شهدت “أضخم” مجزرة في تاريخ سوريا عام 1982، الذي ذهب ضحيتها نحو 40 ألف مدني، وشكلت حينها منعطفًا في تثبيت حكم آل الأسد.
وأضاف عبد الرحمن الحاج لعنب بلدي، أنه من الناحية السياسية، فإن المدينة قريبة للغاية من قرى العلويين والحاضنة الاجتماعية الداعمة للنظام السوري، والسيطرة عليها من قبل المعارضة تثير مخاوف العلويين من نزعة الانتقام بالنظر إلى الذاكرة الدموية للمجزرة في المدينة والمجازر الطائفية التي تم ارتكابها خلال الثورة، وخاصة المجازر بالسلاح الأبيض ذات الطابع الطائفي في ريف حماة.
كما أن كل قادة النظام الأساسيين تقريبًا في الجيش والأمن ينحدرون من تلك المناطق، والسيطرة عسكريًا على حماة يعني قطع طرق إمداد النظام، وإذا توسعت المعارضة غربًا فستقطع الساحل عن دمشق، ويصبح أمام قوات النظام معقلان فقط هما طرطوس وجبال العلويين، بالإضافة إلى دمشق التي ستكون محاصرة بمجرد سيطرة قوات المعارضة على حمص.
حشد وتجهيز
فصائل المعارضة أعلنت، في 27 من تشرين الثاني الماضي، بدء عملية عسكرية سمّتها “ردع العدوان”، ردًا على قصف قوات النظام المتكرر لمناطق شمال غربي سوريا، وهدفها توسيع “المناطق الآمنة” تمهيدًا لعودة المهجرين والنازحين إليها.وعلى خلاف التوقعات، استطاعت الفصائل السيطرة خلال الأيام الثلاثة الأولى على كامل ريف حلب الغربي إداريًا، وفتحت محورًا آخر بريف إدلب الشرقي.
أيضًا دخلت فصائل المعارضة حلب المدينة ووسعت سيطرتها، وسيطرت على كامل محافظة إدلب إداريًا.
في اليوم الرابع، دخل مقاتلون إلى مشارف مدينة حماة، ثم انسحبوا منها، بعد حشد النظام السوري قواته في المدينة.
وقال مواطنون من المدينة لعنب بلدي حينها، إن حشودًا لقوات النظام السوري من مختلف التشكيلات تجمعت في المدينة.
وتحدث المواطنون عن غياب حضور فصائل المعارضة داخل أحياء المدينة الرئيسة، على خلاف التقدم السريع الذي حدث في مدينة حلب.
في المقابل، لم تعلق “إدارة العمليات” التي تدير دفة معارك فصائل المعارضة على مسألة دخول وانسحاب مقاتليها إلى مدينة حماة.
ولم يقاوم النظام السوري فصائل المعارضة بشكل واضح قبل وصولها إلى حماة واكتفى بضربات جوية على مناطق سكنية.
أكدت تسجيلات مصورة نشرها ناشطون موالون للنظام السوري حشد قواته داخل مدينة حماة، وسط توعد بالقتال.
اقرأ أيضًا: المعارضة تسيطر.. الأسد ينهار
ما أسباب التقدم السريع للمعارضة
العقيد المنشق عن قوات النظام والخبير العسكري عبد الجبار العكيدي، أرجع، في حديث سابق لعنب بلدي، التقدم السريع لفصائل المعارضة لعدة أسباب هي:- التحضير الجيد للفصائل المنخرطة في “إدارة العمليات العسكرية” ضمن عملية “ردع العدوان”، وخبرتها العسكرية، فعناصرها مدربون بشكل جيد خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية من الجمود العسكري، وخاضعون لدورات ومعسكرات تدريبية في اختصاصات معينة، ومستفيدون من التكنولوجيا الحديثة في التصنيع، خاصة تصنيع الطائرات المسيّرة والعربات المدرعة الناقلة للجند.
- القيادة الاحترافية المتميزة في إدارة المعركة، إذ شتتت النظام ودخلت من محاور الريف الغربي بالبداية، ثم توسعت بشكل عرضي باتجاه اليمين واليسار (اتجاه ريف حلب الشمالي وريف حلب الجنوبي) باتجاه سراقب، والتف العناصر من جهة خان طومان وعندان، وقطعوا خطوط الإمداد عن نبل والزهراء، وقطعوا خطوط الإمداد بالعنصر البشري عن الميليشيات الموجودة التابعة للنظام.
- قوات النظام بالأصل منهارة منذ العام 2015، والميليشيات الإيرانية متعبة، ووضع إيران صعب الآن، و”حزب الله” اللبناني منهار.
- صعوبة وضع النظام الاقتصادي، فلا روسيا ولا إيران تقدمان له شيئًا، وهو غارق في الديون.
- ضعف العقيدة العسكرية لعناصر النظام، فعناصر الميليشيات الإيرانية يقاتلون في أرض ليست أرضهم، بينما عناصر فصائل المعارضة يقاتلون عن مبدأ وعقيدة قتالية صحيحة، إذ يقاتلون لاستعادة أرضهم التي هجّروا منها.
- الأهم استمرار زخم الفصائل في التقدم دون توقف، ومنع جيش النظام من التقاط أنفاسه.