بعض الشباب ولد ايام مجازر حماة وحلب في الثمانينات، البعض اعتقل والده أو قريبه لأنه تحدث عن النظام بسوء، كل من عمل بالسياسة كمعارض للنظام كان مصيره القتل او السجن او المنافي، كان لتقرير كيدي عند الأمن قوة السجن والاهانة والاساءة، يكفي أن تختلف أو يضعك حظك العاثر في مواجهة مع رجل أمن أو عسكري خاصة أن كان من طائفة النظام، حتى تجد نفسك في محنة لا تعرف كيف تخرج منها. الناس كانوا يعيشون بما يمنح لهم من لقمة عيش وما يعطون من مساحة حركة وعمل، الناس في بلادي فضّلوا الصمت والاستسلام للحياة كما هي متاحة، البعض الطامح غادر البلد إلى الغربة في دول الخليج وغيرها، لعلّه يعود ومعه بعض المال يجعل حياته أكثر راحة في دولة “القطيع” السوري المستسلم لقدره، كان المجنون من يعارض النظام كسياسي، يقتل ويسجن ويضيع في المنافي. مع ذلك خرج الناس في بلادي في ثورة ضد النظام، يدركون النتائج الكارثية لخروجهم، ومع ذلك خرجوا، لم نكن قطيعا مستكينا نحن السوريون اكتشفنا انسانيتنا، أدركنا كم ينقصنا من حرية، وأن كرامتنا الانسانية مهدورة، اكتشفنا الفساد والظلم والمحسوبية وسرقة موارد الدولة وتحويل الاقتصاد السوري مزرعة للحاكم وعائلته ومن حوله، اكتشفنا الفقر والبطالة، الجوع التشرد، اكتشفنا كم أن ميزان العدالة مختل، اكتشفنا أننا كشعب مجرد كم مستخدم في حسابات النظام دون أن يكون لنا أي رأي أو مشاركة أو دور، نحن الشعب المفعول به فقط. لذلك كله عندما أشعلت شرارة الربيع العربي في جسد البوعزيزي كانت هبة إنسانية إنسانا العربي عامة، لم ينظر الناس في بلادنا إلى الثمن الذي سيدفعوه، ولو كان الموت، إنها الحرية واسترداد إنسانية الإنسان اغلى من كل شيء، لذلك خرج الناس في بلادي بثورتهم.
عندما بدأ التظاهر والحراك المطالب بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية والحياة الأفضل، خرج شباب بلدتي، أنذرتهم :
-سيقتلونكم ويعتقلونكم، تعرفون من تجربتي.
كانوا يجيبون:
– نعلم ولا نخاف.
– إلى أين ذاهبون أيها المجانين؟.
– إلى حيث تربينا وتعلمنا منذ سنين، ان نسترد انسانيتنا وحقوقنا.
– لكن الثمن باهظ.
– ليكن سندفعه…
نعم دفعنا الثمن الاغلى، بعضنا استشهد واغلبنا تشرد في بلاد الأرض، خسرنا القليل الذي نملك، البعض لم يعد له وطن يأويه، لكن الإنسان داخلنا انتصر، وأصبحنا نعتز بكوننا بشرا.
. والآن هل علمنا لماذا قمنا نحن السوريون بثورتنا ؟.
---------
ملتقى العروبيين