نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


لماذا جاء رئيس إيران إلى دمشق؟ وما هي أخطر الاتفاقيات الموقّعة؟




عند قراءة أبعاد الزيارة التي يقوم بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، تحضر سرديتان متناقضتان تقريباً في التحليل، بين من يعتقد أنها حدث خطير سيؤثر على مصير سوريا لسنوات وربما عقود، وبينما من يرى أنها خطوة طبيعية في سياق العلاقات الاستثنائية بطبيعة الحال بين نظام الملالي ونظام ميليشيا أسد.
لكن بغض النظر عن القراءتين، فإن ملفي السياسة والاقتصاد اللذين يحملهما رئيسي إلى دمشق هما ملفان غنيان جداً، خاصة في الوقت الحالي الذي يُصنف من قبل الكثيرين على أنه وقت الحسم وتقاسم الكعكة السورية.
وبقدر ما يعني ذلك انتهاء الصراع العنيف بين الدول المتداخلة في سوريا، حتى وإن كان صراعاً غير مباشر، فإنه يعني أيضاً بداية صراع ناعم وإن كان يبدو غير ذلك في العلن.


استثمار نتائج الحرب اقتصادياً

الزيارة بحسب الإعلام الرسمي للنظامين تركّز بالدرجة الأولى على الملفات الاقتصادية، حيث عمدت دمشق وطهران إلى تضخيم الحدث باعتباره مفتاح باب مرحلة ما بعد الحرب، أو باختصار مرحلة جني ثمار الحرب، حيث تم الإعلان عن توقيع خمسة عشر اتفاقية اقتصادية في مجالات النقل والصناعة والإسكان والزراعة والنفط والسياحة والمناطق الحرة وغيرها.
باختصار يمكن القول إن جميع أو أغلب المجالات التي شملتها مذكرة التفاهم الإستراتيجي، كما أسمتها وكالة سانا، والتي وقّعها رئيسا النظامين هي من مجالات إعادة الإعمار التي يتطلّع الطرفان لانطلاقتها على أحر من الجمر.
إلا أن الاحتفاء الواسع والتهويل الكبير الذي رافق الإعلان عن توقيع المذكّرة يوم الأربعاء كان قد سبقه رسائل إيرانية متضاربة. فمن ناحية أكد مسؤولون عدة خلال الأيام الماضية على أهمية هذه الزيارة وما سيترتب عليها من فوائد سياسية واقتصادية كبيرة للجانبين، بما فيها رئيسي نفسه ووزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان وغيرهم.
لكن ومن ناحية أخرى فإن التصريحات التي أطلقها وزير الطرق وبناء المدن الإيراني (مهرداد بزر باش) بخصوص الديون الإيرانية المترتبة على حكومة نظام ميليشيا أسد، وضعت التفاؤل الكبير الذي تم الحديث عنه في إطار تبادل الأدوار بين المسؤولين الإيرانيين بما يخص سوريا.
الوزير الذي أعلن عن تشكيل ثماني لجان تخصصية، إحداها "لجنة متابعة الديون والمستحقات" لإجراء التحقيق الدقيق لحجم الديون، كان الأخطر هو ما كشفه الوزير عندما قال إن لدى الجانبين اتفاقات سابقة تنص على إعطاء نظام أسد أراضي بدل هذه الديون. بزر باش قال "إن الجانب الإيراني يشعر بظروف سوريا، ولكن يوجد في إيران بعض القوانين يجب الإجابة عن أسئلتها" وهو ثاني أقوى تصريح بهذا الخصوص بعد التصريح الذي أدلى به النائب في البرلمان الإيراني (حشمت الله فلاحة بيشه) الذي قال إن حجم الدين الإيران على دمشق تجاوز الثلاثين مليار دولار، وأن على حكومة دمشق أن تبادر إلى سدادها.

لا جديد ولا مفيد

الكاتب المتخصص في الشأن الإيراني عمار جلو قلّل من جانبه من أهمية الزيارة على الصعيد الاقتصادي، معتبراً أن الاتفاقات الموقّعة لا تضيف أي جديد في العلاقات بين الجانبين، ولا يمكن التعامل معها كانعطافة كبيرة أو خطيرة.
وأضاف في تصريح لـ"أورينت نت": بعيداً عن التهويل الإعلامي، إيران وقّعت وتوقّع مذكرات تفاهم مع النظام في سوريا خلال مرحلة ما بعد الثورة منذ عام 2016، لكن القليل من هذه الاتفاقيات يتم تنفيذه، لذا نلاحظ تكرار مطالبة المسؤولين الإيرانيين بتنفيذ الاتفاقيات المبرمة، أما عن مذكرات التفاهم، فلابد من التنويه إلى أنها لا تولد التزامات قانونية، كونها تشير لتفاهم الطرفين حول نقطة/نقاط يمكن الاتفاق بشأنها، لكنها ليست اتفاقية، ويمكن التنصل منها بكل وقت، وهو ما يغطي غالب ما تم التوقيع عليه بين الطرفين خلال زيارة رئيسي. ومع ذلك فإن (جلو) يشير إلى أن الأخطر فيما تم الحديث عنه هو التعاون السككي "ما يعيدنا بالحديث إلى(مشروع خط حديد كلمنجة اللاذقية) عبر الأراضي العراقية، وباعتقادي لايزال المشروع غير مقبول عراقياً، وقد يكون مفيداً أيضاً التذكير بأن هناك اتفاقية قديمة بخصوص المناطق الحرة بين الطرفين، تعفي من الرسوم الجمركية بينهما".
على هذا المنوال يمكن وضع كل ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات بين بشار أسد وإبراهيم رئيسي واللجان المشتركة، فهي إما مكرّرة أو بلا أفق عملي، حسب الكاتب جلو، الذي يخلص إلى أنه ورغم قوة التأثير الإيرانية الكبيرة سياسياً في سوريا، إلا أنها فشلت في المجال الاقتصادي، بسبب المنافس الروسي لها في هذا المجال من جهة، والرفض الشعبي لها من جهة ثانية، بالإضافة إلى تخلّف القطاع الاقتصادي الإيراني بالمقارنة مع تركيا فضلاً عن غيرها من الدول المتقدمة.

مكافأة عربية لإيران والمقابل؟..

وجهة نظر متباينة تماماً عن وجهة نظر الكثير من المراقبين الذين يرون أنه ورغم مرافقة وزيري الخارجية والدفاع رئيسي في هذه الزيارة، إلا أن الزخم الاقتصادي فيها غطّى على ما عداه.
ويعتقد الكثيرون بأن ما جرى خلال اليوم الأول من الزيارة يؤكد ذلك، بل ويثبت أن طهران قد فتحت فمها مبكراً استعداداً لالتهام كل ما يمكن أن يُرسل إلى حكومة نظام ميليشيا أسد من مساعدات مهما كانت محدودة وبغض النظر عن عنوانها أو الهدف منها.
بل إن أصحاب وجهة النظر هذه يعتقدون أن الزيارة التي تأجّلت ثلاث مرات خلال عامين، تم الترتيب لها على عجل هذه المرة لتتزامن مع عرض اللجنة الوزارية العربية التي اجتمعت مع ممثل النظام في الأردن قبل أيام، بإنشاء صندوق تمويل مخصص للمساعدة في استيعاب اللاجئين الذين يمكن أن يعودوا إلى سوريا قريباً، على أن تديره لجنة من الجامعة العربية والأمم المتحدة، وتصرف وارداته على بعض مشاريع الإعمار والتنمية. ويرى هؤلاء أن طهران تقول بذلك إنها الطرف الأحق بتعهد هذه العمليات مهما كانت محدودة حالياً، بعد أن قدّمت تضحيات كبيرة من أجل إنقاذ نظام ميليشيا أسد من السقوط.
أمر لم يخفه نظام الملالي في أي يوم طبعاً، لكنّ اللافت أن الحديث الصريح والتحرّك الجدي من أجله على مستوى رئاسة الجمهورية، يطرح الأسئلة مجدداً حول الحديث العربي عن إبعاد نظام أسد عن الحضن الإيراني مقابل التطبيع معه وتقديم المساعدات له.
لكن بعض المحللين لا يستبعدون أن تكون زيارة رئيسي وتوقيع هذه الاتفاقيات، والحديث الاقتصادي الواسع جزء من تفاصيل الاتفاق السعودي الإيراني الذي وقع مؤخراً في الصين، مشيرين هنا إلى أن الانتفاع الاقتصادي قد يكون أحد البدائل التي سيقدمها العرب لطهران مقابل إخراج قواتها وميليشياتها من سوريا، أي ضمان مصالحها الاقتصادية مقابل الانسحاب العسكري، وهي فكرة يرى أصحابها أنها ممكنة بالنظر إلى المعاناة القاسية التي يعيشها الاقتصاد الإيراني، إلى درجة تنذر بانفجار شعبي جديد على مبدأ ثورة الجياع في أي لحظة، وهو ما بات يدركه نظام الملالي ويعمل على تلافي تداعياته بأي شكل.
--------
اورينت نت

عقيل حسين
الاثنين 8 ماي 2023