اصطدام دون رصاص”.. هل كبحت إيران “نظرية المؤامرة”؟
يؤكد التقرير الأولي لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، أن انفجار طائرة إبراهيم رئيسي حصل بعد اصطدامها بالأرض، دون أي أثر للرصاص عليها. هذا بعد أن أشارت صحيفة “الجمهورية الإسلامية”، إلى أن هناك الكثير من التكهنات الموجهة نحو المؤامرة في تحطم مروحية الرئيس الإيراني.
وكانت لارا سيغلمان ونهال طوسي، قد نقلتا في تقريرهما في موقع بوليتيكو، عن مسؤولين أميركيين قولهم: “إن ما تخشاه واشنطن هو أن تلوم إيران الولايات المتحدة أو إسرائيل على حادث تحطم المروحية” الذي أودى بحياة إبراهيم رئيسي. وهذا ما لم يحدث إلى الآن.
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قال، إنه “لم يكن للولايات المتحدة أي دور في حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني. وليس لدينا أي فكرة عن سبب وقوع هذا الحادث المؤسف للغاية. على السلطات الإيرانية التحقيق لمعرفة أسباب هذا الحادث. ولا أستطيع التكهن على من أو على ماذا سيلقون اللوم”، على حد تعبير وزير الدفاع الأميركي.
تقول باربارا سلايفن إن الطقس السيء وبعض المشاكل الميكانيكية، هي التي أدت إلى حادث سقوط طائرة الرئيس الإيراني. وبالتالي “لا أعتقد أن إيران يمكن أن تلوم أميركا على هذا الحادث”.
وتضيف الباحثة الأميركية أن هناك الكثير من نظريات المؤامرة المنتشرة في أميركا وإيران وسواهما. لكن علينا أن نعرف أنه “رغم سجله السيء في مجال حقوق الانسان، فإبراهيم رئيسي لم يكن قائد إيران، فالقائد هو المرشد الأعلى”.
ويعتقد باتريك كلاوسن أن لدى “إيران سجل سيء بالنسبة لسلامة الطائرات والطيران بشكل عام. فهذه هي المرة الثالثة التي تتحطم فيها طائرة فيها رئيس إيراني. فهناك عدم كفاءة مستمرة للسلطات الإيرانية بالإشراف على سلامة الطائرات”.
.
الكاتب والمحلل السياسي الايراني سعيد شاوردي لا يتوقع وجود مؤامرة خارجية في حادث سقوط طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي. وهذا “ما قال به التقرير الإيراني الأولي، لكن إيران تحتاج لبعض الوقت لإثبات ذلك بشكل نهائي”. وفيما يخص شرعية النظام الإيراني، يقول سعيد شاوردي إن “الإيرانيين لا يريدون تغيير النظام ولا يريدون الفوضى في بلدهم، بل يريدون المزيد من الحريات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية”.
ولا يتوقع المحلل السياسي الإيراني “تغيير السياسات الإيرانية القائمة على حاجات إيران ومخاوفها وتحدياتها. لكن، على أميركا تغيير سياستها خاصة سياسة العقوبات” على إيران.
جدل أميركي حول تقديم التعازي بالرئيس الإيراني!
انتقد مشرعون جمهوريون تقديم وزارة الخارجية تعازي الولايات المتحدة بوفاة الرئيس الإيراني.
ورغم أن بيان الخارجية كان مقتضبا وتضمن عبارة “بينما تختار إيران رئيسا جديدا، نجدد دعمنا للشعب الإيراني ونضاله من أجل حقوق الإنسان والحريات الأساسية”. فإن البعض اعتبر أنه كان على إدارة بايدن الامتناع عن تقديم التعزية. تقول السيناتور الجمهورية ديبورا فيشر إن إدارة بايدن قدمت تعازيها بوفاة شخص “مسؤول عن قتل الآلاف من شعبه، منذ الثمانينات، حينما كان عضوا في لجنة الموت، وحتى عصرنا الحالي، حينما قام بقمع حركة النساء الإيرانيات في 2022. فلماذا نقدم التعازي بوفاته. ربما اعتقدت وزارة الخارجية أن عليها أن تقوم بذلك. كلا، ليس علينا أن نقوم بذلك. يجب أن يكون لدينا موقف حازم”.
وبالمقابل، يعتبر وزير الخارجية أنتوني بلينكن “أننا قدمنا تعازينا الرسمية في وفاة الرئيس الإيراني، كما هي العادة عندما تفقد دول قادتها، سواء كانت هذه الدول من الخصوم أم لا. لا يغير ذلك من واقع كون السيد إبراهيم رئيسي قام بأعمال مشينة بما في ذلك قمع شعبه لعدة سنوات كقاضٍ وكرئيس. لا يغير ذلك أي شيء في سياستنا. إنه أمر قمنا به عدة مرات في الماضي وفي إدارات مختلفة على مدى عقود”.
إلى ذلك أضاف جون كيربي، أن “يديّ الرئيس إبراهيم رئيسي ملطختان بالدماء. فقد كان مسؤولا عن انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان في بلده، عبر الاعتقال والعنف الجسدي في حق المئات من المتظاهرين، وبالطبع كان مسؤولا عن الدعم الذي قدمته إيران للشبكات الإرهابية في المنطقة، والذي قاد إلى السابع من أكتوبر”. حسب تعبير منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي.
تعتقد باربارا سلايفن بأن تقديم واشنطن التعازي بوفاة الرئيس الإيراني هي “خطوة بروتوكولية شكلية فقط. وبالتالي لا يمكن لأميركا ان تحتفل بهذه الحادثة المأساوية. والتعازي لا تحمل دلالات سياسية، فالتصريح الأميركي كان واضحاً بان أميركا لديها اعتراضات حيال السياسات الإيرانية، وتعتقد ان إيران لا تحترم حقوق انسان الشعب الإيراني. والعلاقات بين أميركا وإيران ليست جيدة وليست سيئة للغاية، فهناك نوع من التواصل لتجنب التصعيد مع استمرار أزمه غزة، وحيال برنامج إيران النووي”.
يرى باترك كلاوسن أن بيان التعزية الأميركي مقسوم إلى جملتين: تقديم التعازي، والأمل في أن يمارس الشعب الايراني حقوقه الديمقراطية. وهذا خليط جيّد، ولو انتهزت أميركا كل فرصة للحديث لصالح حقوق الانسان في إيران في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في يونيو القادم، ستكون هناك الكثير من الفرص كي تصدر الولايات المتحدة بيانات اخرى دعماً للديمقراطية، وتذكير الشعب الايراني أن الجمهورية الإسلامية لا تحظى بالشعبية، لا سيما أن عدداً قليلاً من الإيرانيين سيصوتون. وعلى الولايات المتحدة التأكيد أنها تأمل أن تكون الانتخابات في إيران حرّة ونزيهة، رغم أنها ليست كذلك”.
إيران بعد إبراهيم رئيسي.. الصراع على خلافة خامنئي؟
يقول الباحث الإيراني الأميركي كريم سجادبور، إن موت إبراهيم رئيسي “سيخلق أزمة خلافة في إيران. فإبراهيم رئيسي ومجتبى خامنئي كانا المرشحان الوحيدان لخلافة والد مجتبى، المرشد الأعلى علي خامنئي، ذي الخمس وثمانين عاماً”.
ويعتقد ولي نصر أن موت إبراهيم رئيسي “يضع النظام الحاكم في إيران أمام تحديَين مهمَين هما: أولا، سيغير السيناريوهات المرتبطة بالمناصب ومَن سيخلف مَن يتقلدونها. ثانياً، ليس لليمين المتشدد مرشح فوري لخلافة رئيسي، لأنه كان يتوقع أن رئيسي سيترشح من جديد ويفوز بالانتخابات المقبلة. فهل يمكن للمتشددين تقديم مرشح مقبول خلال الخمسين يوما المقبلة؟ وهذا قد يفتح ذلك الباب للمحافظين المُهَمشين للعودة”. برأي الباحث الإيراني الأميركي ولي نصر.
وترجح سوزان مالوني وراي تقية بأن “يؤدي رحيل إبراهيم رئيسي إلى تسريع الانتقال إلى مجموعة حريصة على إكمال برنامج الأسلحة النووية في إيران”.
ويتوقع الباحث الأميركي رويل غريخت أن “يزيد موت إبراهيم رئيسي من تمكين جيل أصغر سناً وأكثر تطرفاً من السياسيين الإيرانيين، وذلك سيجلب معه المزيد من القمع في الداخل والعدوان في الخارج”.
ويقول أراش عزيزي إن غياب الرئيس الإيراني “سيؤدي إلى اندلاع صراع شرس على السلطة الحقيقية في إيران، خاصةً أن إبراهيم رئيسي كان رجل دين يخوله الدستور الترشح لخلافة المرشد الأعلى، مركز السلطة في النظام الإيراني”.
ويضيف الكاتب أن “أبرز المستفيدين سياسياً من موت رئيسي هم: مجتبى نجل علي خامنئي، وهذا ما يزيد الشكوك الخاصة بتورط خامنئي في وفاة إبراهيم رئيسي. والمستفيد الثاني هو محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني وأبرز المرشحين لخلافة إبراهيم رئيسي في الرئاسة. والذي يراه الكثيرون تكنوقراطياً أكثر من كونه آيديولوجياً. علماً أن فترة رئاسته الطويلة لبلدية طهران تميزت بدرجة من الكفاءة وقدر كبير من الفساد”. حسب تعبير أراش عزيزي في مجلة ذي أتلانتيك.
ولا يستبعد جاك ديتش في فورين بوليسي “حدوث إضطرابات داخل هرم السلطة في إيران بشأن خلافة المرشد الأعلى علي خامنئي. وأن يمنح ذلك الفرصة للحرس الثوري لتعزيز موقعه في دائرة الحكم على حساب لاعبين آخرين”.
من جهته، يقول النائب الديمقراطي إريك سوالويل، بأن موت إبراهيم رئيسي ” يُشكّلُ لحظة محورية لمستقبل إيران، فهل سيسمح الشعب الإيراني لرجل شرير آخر بأن يقمعهم، أم أنهم سيختارون ثورة من أجل الحرية؟ إنه خيارهم وليس خيارنا. علينا أن نشجع الثورة. إن دعمنا مُلهم جداً للشعب الإيراني”.
تقول باربارا سلايفن إن “الحرس الثوري سيستمر كلاعب رئيسي في النظام الإيراني، والرئيس القادم سيخدم مصالح الحرس الثوري. لكن على المرشد الأعلى تقديم خيارات حقيقية للإيرانيين ليصوتوا على أساسها في الانتخابات الرئاسية، وذلك عبر تقديم مرشح رئاسي معتدل ومقبول من الشعب الإيراني، لان إبراهيم رئيسي كان محافظاً مُتشدداً جداً”.
ويعتقد باتريك كلاوسن أن “رحيل المرشد الأعلى لا موت إبراهيم رئيسي هو ما سيغير الأوضاع الداخلية في إيران. المرشد الأعلى الذي ركّز السلطة كلها في يديه، لا في مكتب أو مؤسسة الإرشاد غير الموجودة فعلياً. وإن حصول موت المرشد سيدفع إيران نحو مرحلة من الاضطرابات، لا سيما ان مجتبى خامنئي، نجل المرشد الأعلى يحتاج – إن نجح في الوصول إلى الخلافة- للكثير من الوقت لتثبيت شرعيته مع اللاعبين السياسيين الأساسيين في الداخل الإيراني، كما حصل مع والده، الذي احتاج لسنوات كثيرة لبناء شبكة الإخلاص الداخلية للقبض على كامل السلطة في يديه”.
ويضيف كلاوسن أن “الانتخابات الرئاسية في إيران تُعبر عن نوايا المرشد الأعلى فقط لا عن خيارات الإيرانيين”.
وتعتبر الباحثة الأميركية دانيال بليتكا أن غياب إبراهيم رئيسي “ليس حدثاً مزلزلاً للنطام الإيراني البوليسي، خاصة أن أميركا وأوروبا لا تمتلكان استراتيجية لمستقبل النظام الإيراني، كي تساعدان الإيرانيين على اقتناص فرصة موت إبراهيم رئيسي، والنزول إلى الشارع لفرض التغيير الديمقراطي على علي خامنئي، واسترجاع بلدهم، لكن للأسف ليس هناك قيادة في واشنطن للاستفادة مما حدث في إيران” على حد تعبير دانيال بليتكا.
هل ستتأثر استراتيجية طهران في الشرق الأوسط برحيل إبراهيم رئيسي؟
أنهت وفاة إبراهيم رئيسي ثلاث سنوات من حكمه، الذي اتسم بتبني إيران نهجاً أكثر تشدداً سواء في البرنامج النووي، أو دعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا، والمزيد من دعم وكلاء طهران لمهاجمة الولايات المتحدة ودول الخليج العربية وإسرائيل. ويتوقع خبراء أميركيون استمرار النهج الإيراني المتشدد، بغض النظر عمن سيخلف إبراهيم رئيسي. خاصة وأن إيران هي دولة يتمتع فيها رجال الدين بالسلطة المطلقة، فإن تغيير المرشد الأعلى سيكون أكثر أهمية بكثير من تغيير الرؤساء.
وتُحذر الباحثة الأميركية إيميلي هاردينغ، من أن وكلاء إيران سيكونون “أكثر تشدداً خلال هذه الفترة من عدم اليقين في إيران، خاصة إن تعرضوا لأي هجوم، ففيلق القدس، الذي يدير ميليشيات إيران، سيأمرهم بالانتقام وتجنب الظهور بمظهر الضعف”.
تقول باربارا سلافين إن “جيران إيران يريدون التأكد أنهم لن يكونوا ضحايا لأي عدوان من إيران أو أتباعها”، لكن هذا مستبعد وسط سياسات خامنئي الإقليمية.
ويشدد السِناتور الجمهوري ميتش ماكونيل على أن الرئيس الإيراني هو “مجرد واجهة، فالسلطة الحقيقية هي في يد المرشد الأعلى الذي يتحكم بمؤسسات الدولة. لقد تعاقب من يُسمَّون بالإصلاحيين والمعتدلين والمتشددين على الرئاسة الإيرانية، من دون أي تغيير جوهري في تصرفات النظام الإيراني في الداخل والخارج. يمكن لقادة إيران ودبلوماسييها ومن يدعمونهم أن يقولوا ما يشاؤون بشأن شكل وطبيعة النظام، لكن التصرفات أبلغ من الكلام. طيلة سنوات، تحركت إيران في اتجاه واحد: المزيد من العنف الإرهابي في الخارج، والمزيد من القمع في الداخل”. حسب تعبير ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي.
هذا مُحرجٌ جداً لإيران!
لا يعتقد باتريك كلاوسن أن السلطات الإيرانية ستتهم إسرائيل بإسقاط طائرة إبراهيم رئيسي، لأن ذلك “مُحرج بالنسبة لإيران أن تعترف أن الاسرائيليين كانوا ناجحين في القيام بالكثير من الهجمات داخل إيران، خاصة بعد قتل إسرائيل لعالم نووي ايراني مشهور. هذا مُحرج بأن تقر إيران أن إسرائيل مسؤولة عن قتل رئيسنا، هذا يوحي بأن الجمهورية الإسلامية ليست قوية وليست جيدة في حماية مواطنيها ومسؤوليها”. من جهتها، تعتقد باربارا سلايفن أن “اسرائيل غير مسؤولة عن تحطم طائرة إبراهيم رئيسي. ففي كل عمليات الاغتيالات في إيران، كانت إسرائيل دقيقة جداً، حيث استهدفت خبراء نوويين ومسؤولين عسكريين في الحرس الثوري الإيراني، ولم تستهدف إسرائيل القادة السياسيين في إيران؛ لا اعتقد ان إسرائيل لديها علاقة بتحطم طائرة الرئيس الإيراني”.
ترامب أم بايدن.. أيٌّ سياسة هي الأفضل تجاه إيران؟
يتمنى باتريك كلاوسن أن تعتمد الولايات المتحدة “سياسة ثابتة أكثر تجاه إيران. بدل أن يحاول كل رئيس أن يثبت أن من سبقه كان غبياً. والازمة مستمرة. أخشى أن يحدث نفس الشيء إذا فاز ترامب في الانتخابات. ما تحتاجه الولايات المتحدة هو اجماع واسع بشأن إيران. حقيقة الامر أن هناك الكثير من التشابه في المواقف السياسية بين الحزبين، خاصة لجهة أن الحكومة الإيرانية غير مقبولة، وأنه لكي يكون لأميركا تأثير، فهي تحتاج الى سياسة مستقرة وليست متذبذبة. إن نصيحتي لاي رئيس أميركي: اتفق مع خصومك على سياسة ثابته تجاه إيران”.
تقول باربارا سلايفن إن “السياسة الأميركية تجاه إيران تغيرت كثيراً، وأن هناك أخطاء كبيرة ارتكبت، خاصة عندما قرر ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، الذي تم التفاوض عليه طوال سنوات كثيرة. والآن وصلنا الى الوضع الأسوأ حيث لدينا حكومة إيرانية قمعية الى اقصى الحدود، ويمكن أن تقرر إيران انتاج أسلحه نووية او قنابل نووية في غضون أشهر. علينا أيضاً أن ننظر الى تصرفات إيران الإقليمية ودعمها لمجموعات مُسلحة تعارض أميركا وإسرائيل. ادارة الرئيس بايدن تعمل للتوصل الى وقف إطلاق النار في غزة مما يمنع إيران من استغلال هذا الأمر”. برأي الخبيرة الأميركية باربارا سلايفن. يأمل النائب الديمقراطي ريتشارد نيل بأن “تشكل حادثة موت رئيسي فرصة ما، أو مجرد بصيص أمل، لإعادة ضبط العلاقات الأميركية الإيرانية”.
لا تراهن إدارة بايدن على تغييرات كبيرة في السياسة الإيرانية الممسوكة بشكل كامل من قِبَل المرشد الأعلى علي خامنئي. لكن حادثة تحطم طائرة إبراهيم رئيسي فتحت باب الأسئلة في إيران وحولها، ليس أقلّها استقرار النظام وتماسكه، وامكانية انكفاء خامنئي نحو الداخل الإيراني. ربما تقدم الانتخابات الرئاسية الإيرانية العتيدة إجابات لما يتساءل عنه الخبراء الأميركيون والشرق أوسطيون الآن
----------.
قناة الحرة
وكانت لارا سيغلمان ونهال طوسي، قد نقلتا في تقريرهما في موقع بوليتيكو، عن مسؤولين أميركيين قولهم: “إن ما تخشاه واشنطن هو أن تلوم إيران الولايات المتحدة أو إسرائيل على حادث تحطم المروحية” الذي أودى بحياة إبراهيم رئيسي. وهذا ما لم يحدث إلى الآن.
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قال، إنه “لم يكن للولايات المتحدة أي دور في حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني. وليس لدينا أي فكرة عن سبب وقوع هذا الحادث المؤسف للغاية. على السلطات الإيرانية التحقيق لمعرفة أسباب هذا الحادث. ولا أستطيع التكهن على من أو على ماذا سيلقون اللوم”، على حد تعبير وزير الدفاع الأميركي.
تقول باربارا سلايفن إن الطقس السيء وبعض المشاكل الميكانيكية، هي التي أدت إلى حادث سقوط طائرة الرئيس الإيراني. وبالتالي “لا أعتقد أن إيران يمكن أن تلوم أميركا على هذا الحادث”.
وتضيف الباحثة الأميركية أن هناك الكثير من نظريات المؤامرة المنتشرة في أميركا وإيران وسواهما. لكن علينا أن نعرف أنه “رغم سجله السيء في مجال حقوق الانسان، فإبراهيم رئيسي لم يكن قائد إيران، فالقائد هو المرشد الأعلى”.
ويعتقد باتريك كلاوسن أن لدى “إيران سجل سيء بالنسبة لسلامة الطائرات والطيران بشكل عام. فهذه هي المرة الثالثة التي تتحطم فيها طائرة فيها رئيس إيراني. فهناك عدم كفاءة مستمرة للسلطات الإيرانية بالإشراف على سلامة الطائرات”.
.
الكاتب والمحلل السياسي الايراني سعيد شاوردي لا يتوقع وجود مؤامرة خارجية في حادث سقوط طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي. وهذا “ما قال به التقرير الإيراني الأولي، لكن إيران تحتاج لبعض الوقت لإثبات ذلك بشكل نهائي”. وفيما يخص شرعية النظام الإيراني، يقول سعيد شاوردي إن “الإيرانيين لا يريدون تغيير النظام ولا يريدون الفوضى في بلدهم، بل يريدون المزيد من الحريات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية”.
ولا يتوقع المحلل السياسي الإيراني “تغيير السياسات الإيرانية القائمة على حاجات إيران ومخاوفها وتحدياتها. لكن، على أميركا تغيير سياستها خاصة سياسة العقوبات” على إيران.
جدل أميركي حول تقديم التعازي بالرئيس الإيراني!
انتقد مشرعون جمهوريون تقديم وزارة الخارجية تعازي الولايات المتحدة بوفاة الرئيس الإيراني.
ورغم أن بيان الخارجية كان مقتضبا وتضمن عبارة “بينما تختار إيران رئيسا جديدا، نجدد دعمنا للشعب الإيراني ونضاله من أجل حقوق الإنسان والحريات الأساسية”. فإن البعض اعتبر أنه كان على إدارة بايدن الامتناع عن تقديم التعزية. تقول السيناتور الجمهورية ديبورا فيشر إن إدارة بايدن قدمت تعازيها بوفاة شخص “مسؤول عن قتل الآلاف من شعبه، منذ الثمانينات، حينما كان عضوا في لجنة الموت، وحتى عصرنا الحالي، حينما قام بقمع حركة النساء الإيرانيات في 2022. فلماذا نقدم التعازي بوفاته. ربما اعتقدت وزارة الخارجية أن عليها أن تقوم بذلك. كلا، ليس علينا أن نقوم بذلك. يجب أن يكون لدينا موقف حازم”.
وبالمقابل، يعتبر وزير الخارجية أنتوني بلينكن “أننا قدمنا تعازينا الرسمية في وفاة الرئيس الإيراني، كما هي العادة عندما تفقد دول قادتها، سواء كانت هذه الدول من الخصوم أم لا. لا يغير ذلك من واقع كون السيد إبراهيم رئيسي قام بأعمال مشينة بما في ذلك قمع شعبه لعدة سنوات كقاضٍ وكرئيس. لا يغير ذلك أي شيء في سياستنا. إنه أمر قمنا به عدة مرات في الماضي وفي إدارات مختلفة على مدى عقود”.
إلى ذلك أضاف جون كيربي، أن “يديّ الرئيس إبراهيم رئيسي ملطختان بالدماء. فقد كان مسؤولا عن انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان في بلده، عبر الاعتقال والعنف الجسدي في حق المئات من المتظاهرين، وبالطبع كان مسؤولا عن الدعم الذي قدمته إيران للشبكات الإرهابية في المنطقة، والذي قاد إلى السابع من أكتوبر”. حسب تعبير منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي.
تعتقد باربارا سلايفن بأن تقديم واشنطن التعازي بوفاة الرئيس الإيراني هي “خطوة بروتوكولية شكلية فقط. وبالتالي لا يمكن لأميركا ان تحتفل بهذه الحادثة المأساوية. والتعازي لا تحمل دلالات سياسية، فالتصريح الأميركي كان واضحاً بان أميركا لديها اعتراضات حيال السياسات الإيرانية، وتعتقد ان إيران لا تحترم حقوق انسان الشعب الإيراني. والعلاقات بين أميركا وإيران ليست جيدة وليست سيئة للغاية، فهناك نوع من التواصل لتجنب التصعيد مع استمرار أزمه غزة، وحيال برنامج إيران النووي”.
يرى باترك كلاوسن أن بيان التعزية الأميركي مقسوم إلى جملتين: تقديم التعازي، والأمل في أن يمارس الشعب الايراني حقوقه الديمقراطية. وهذا خليط جيّد، ولو انتهزت أميركا كل فرصة للحديث لصالح حقوق الانسان في إيران في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في يونيو القادم، ستكون هناك الكثير من الفرص كي تصدر الولايات المتحدة بيانات اخرى دعماً للديمقراطية، وتذكير الشعب الايراني أن الجمهورية الإسلامية لا تحظى بالشعبية، لا سيما أن عدداً قليلاً من الإيرانيين سيصوتون. وعلى الولايات المتحدة التأكيد أنها تأمل أن تكون الانتخابات في إيران حرّة ونزيهة، رغم أنها ليست كذلك”.
إيران بعد إبراهيم رئيسي.. الصراع على خلافة خامنئي؟
يقول الباحث الإيراني الأميركي كريم سجادبور، إن موت إبراهيم رئيسي “سيخلق أزمة خلافة في إيران. فإبراهيم رئيسي ومجتبى خامنئي كانا المرشحان الوحيدان لخلافة والد مجتبى، المرشد الأعلى علي خامنئي، ذي الخمس وثمانين عاماً”.
ويعتقد ولي نصر أن موت إبراهيم رئيسي “يضع النظام الحاكم في إيران أمام تحديَين مهمَين هما: أولا، سيغير السيناريوهات المرتبطة بالمناصب ومَن سيخلف مَن يتقلدونها. ثانياً، ليس لليمين المتشدد مرشح فوري لخلافة رئيسي، لأنه كان يتوقع أن رئيسي سيترشح من جديد ويفوز بالانتخابات المقبلة. فهل يمكن للمتشددين تقديم مرشح مقبول خلال الخمسين يوما المقبلة؟ وهذا قد يفتح ذلك الباب للمحافظين المُهَمشين للعودة”. برأي الباحث الإيراني الأميركي ولي نصر.
وترجح سوزان مالوني وراي تقية بأن “يؤدي رحيل إبراهيم رئيسي إلى تسريع الانتقال إلى مجموعة حريصة على إكمال برنامج الأسلحة النووية في إيران”.
ويتوقع الباحث الأميركي رويل غريخت أن “يزيد موت إبراهيم رئيسي من تمكين جيل أصغر سناً وأكثر تطرفاً من السياسيين الإيرانيين، وذلك سيجلب معه المزيد من القمع في الداخل والعدوان في الخارج”.
ويقول أراش عزيزي إن غياب الرئيس الإيراني “سيؤدي إلى اندلاع صراع شرس على السلطة الحقيقية في إيران، خاصةً أن إبراهيم رئيسي كان رجل دين يخوله الدستور الترشح لخلافة المرشد الأعلى، مركز السلطة في النظام الإيراني”.
ويضيف الكاتب أن “أبرز المستفيدين سياسياً من موت رئيسي هم: مجتبى نجل علي خامنئي، وهذا ما يزيد الشكوك الخاصة بتورط خامنئي في وفاة إبراهيم رئيسي. والمستفيد الثاني هو محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني وأبرز المرشحين لخلافة إبراهيم رئيسي في الرئاسة. والذي يراه الكثيرون تكنوقراطياً أكثر من كونه آيديولوجياً. علماً أن فترة رئاسته الطويلة لبلدية طهران تميزت بدرجة من الكفاءة وقدر كبير من الفساد”. حسب تعبير أراش عزيزي في مجلة ذي أتلانتيك.
ولا يستبعد جاك ديتش في فورين بوليسي “حدوث إضطرابات داخل هرم السلطة في إيران بشأن خلافة المرشد الأعلى علي خامنئي. وأن يمنح ذلك الفرصة للحرس الثوري لتعزيز موقعه في دائرة الحكم على حساب لاعبين آخرين”.
من جهته، يقول النائب الديمقراطي إريك سوالويل، بأن موت إبراهيم رئيسي ” يُشكّلُ لحظة محورية لمستقبل إيران، فهل سيسمح الشعب الإيراني لرجل شرير آخر بأن يقمعهم، أم أنهم سيختارون ثورة من أجل الحرية؟ إنه خيارهم وليس خيارنا. علينا أن نشجع الثورة. إن دعمنا مُلهم جداً للشعب الإيراني”.
تقول باربارا سلايفن إن “الحرس الثوري سيستمر كلاعب رئيسي في النظام الإيراني، والرئيس القادم سيخدم مصالح الحرس الثوري. لكن على المرشد الأعلى تقديم خيارات حقيقية للإيرانيين ليصوتوا على أساسها في الانتخابات الرئاسية، وذلك عبر تقديم مرشح رئاسي معتدل ومقبول من الشعب الإيراني، لان إبراهيم رئيسي كان محافظاً مُتشدداً جداً”.
ويعتقد باتريك كلاوسن أن “رحيل المرشد الأعلى لا موت إبراهيم رئيسي هو ما سيغير الأوضاع الداخلية في إيران. المرشد الأعلى الذي ركّز السلطة كلها في يديه، لا في مكتب أو مؤسسة الإرشاد غير الموجودة فعلياً. وإن حصول موت المرشد سيدفع إيران نحو مرحلة من الاضطرابات، لا سيما ان مجتبى خامنئي، نجل المرشد الأعلى يحتاج – إن نجح في الوصول إلى الخلافة- للكثير من الوقت لتثبيت شرعيته مع اللاعبين السياسيين الأساسيين في الداخل الإيراني، كما حصل مع والده، الذي احتاج لسنوات كثيرة لبناء شبكة الإخلاص الداخلية للقبض على كامل السلطة في يديه”.
ويضيف كلاوسن أن “الانتخابات الرئاسية في إيران تُعبر عن نوايا المرشد الأعلى فقط لا عن خيارات الإيرانيين”.
وتعتبر الباحثة الأميركية دانيال بليتكا أن غياب إبراهيم رئيسي “ليس حدثاً مزلزلاً للنطام الإيراني البوليسي، خاصة أن أميركا وأوروبا لا تمتلكان استراتيجية لمستقبل النظام الإيراني، كي تساعدان الإيرانيين على اقتناص فرصة موت إبراهيم رئيسي، والنزول إلى الشارع لفرض التغيير الديمقراطي على علي خامنئي، واسترجاع بلدهم، لكن للأسف ليس هناك قيادة في واشنطن للاستفادة مما حدث في إيران” على حد تعبير دانيال بليتكا.
هل ستتأثر استراتيجية طهران في الشرق الأوسط برحيل إبراهيم رئيسي؟
أنهت وفاة إبراهيم رئيسي ثلاث سنوات من حكمه، الذي اتسم بتبني إيران نهجاً أكثر تشدداً سواء في البرنامج النووي، أو دعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا، والمزيد من دعم وكلاء طهران لمهاجمة الولايات المتحدة ودول الخليج العربية وإسرائيل. ويتوقع خبراء أميركيون استمرار النهج الإيراني المتشدد، بغض النظر عمن سيخلف إبراهيم رئيسي. خاصة وأن إيران هي دولة يتمتع فيها رجال الدين بالسلطة المطلقة، فإن تغيير المرشد الأعلى سيكون أكثر أهمية بكثير من تغيير الرؤساء.
وتُحذر الباحثة الأميركية إيميلي هاردينغ، من أن وكلاء إيران سيكونون “أكثر تشدداً خلال هذه الفترة من عدم اليقين في إيران، خاصة إن تعرضوا لأي هجوم، ففيلق القدس، الذي يدير ميليشيات إيران، سيأمرهم بالانتقام وتجنب الظهور بمظهر الضعف”.
تقول باربارا سلافين إن “جيران إيران يريدون التأكد أنهم لن يكونوا ضحايا لأي عدوان من إيران أو أتباعها”، لكن هذا مستبعد وسط سياسات خامنئي الإقليمية.
ويشدد السِناتور الجمهوري ميتش ماكونيل على أن الرئيس الإيراني هو “مجرد واجهة، فالسلطة الحقيقية هي في يد المرشد الأعلى الذي يتحكم بمؤسسات الدولة. لقد تعاقب من يُسمَّون بالإصلاحيين والمعتدلين والمتشددين على الرئاسة الإيرانية، من دون أي تغيير جوهري في تصرفات النظام الإيراني في الداخل والخارج. يمكن لقادة إيران ودبلوماسييها ومن يدعمونهم أن يقولوا ما يشاؤون بشأن شكل وطبيعة النظام، لكن التصرفات أبلغ من الكلام. طيلة سنوات، تحركت إيران في اتجاه واحد: المزيد من العنف الإرهابي في الخارج، والمزيد من القمع في الداخل”. حسب تعبير ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي.
هذا مُحرجٌ جداً لإيران!
لا يعتقد باتريك كلاوسن أن السلطات الإيرانية ستتهم إسرائيل بإسقاط طائرة إبراهيم رئيسي، لأن ذلك “مُحرج بالنسبة لإيران أن تعترف أن الاسرائيليين كانوا ناجحين في القيام بالكثير من الهجمات داخل إيران، خاصة بعد قتل إسرائيل لعالم نووي ايراني مشهور. هذا مُحرج بأن تقر إيران أن إسرائيل مسؤولة عن قتل رئيسنا، هذا يوحي بأن الجمهورية الإسلامية ليست قوية وليست جيدة في حماية مواطنيها ومسؤوليها”. من جهتها، تعتقد باربارا سلايفن أن “اسرائيل غير مسؤولة عن تحطم طائرة إبراهيم رئيسي. ففي كل عمليات الاغتيالات في إيران، كانت إسرائيل دقيقة جداً، حيث استهدفت خبراء نوويين ومسؤولين عسكريين في الحرس الثوري الإيراني، ولم تستهدف إسرائيل القادة السياسيين في إيران؛ لا اعتقد ان إسرائيل لديها علاقة بتحطم طائرة الرئيس الإيراني”.
ترامب أم بايدن.. أيٌّ سياسة هي الأفضل تجاه إيران؟
يتمنى باتريك كلاوسن أن تعتمد الولايات المتحدة “سياسة ثابتة أكثر تجاه إيران. بدل أن يحاول كل رئيس أن يثبت أن من سبقه كان غبياً. والازمة مستمرة. أخشى أن يحدث نفس الشيء إذا فاز ترامب في الانتخابات. ما تحتاجه الولايات المتحدة هو اجماع واسع بشأن إيران. حقيقة الامر أن هناك الكثير من التشابه في المواقف السياسية بين الحزبين، خاصة لجهة أن الحكومة الإيرانية غير مقبولة، وأنه لكي يكون لأميركا تأثير، فهي تحتاج الى سياسة مستقرة وليست متذبذبة. إن نصيحتي لاي رئيس أميركي: اتفق مع خصومك على سياسة ثابته تجاه إيران”.
تقول باربارا سلايفن إن “السياسة الأميركية تجاه إيران تغيرت كثيراً، وأن هناك أخطاء كبيرة ارتكبت، خاصة عندما قرر ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، الذي تم التفاوض عليه طوال سنوات كثيرة. والآن وصلنا الى الوضع الأسوأ حيث لدينا حكومة إيرانية قمعية الى اقصى الحدود، ويمكن أن تقرر إيران انتاج أسلحه نووية او قنابل نووية في غضون أشهر. علينا أيضاً أن ننظر الى تصرفات إيران الإقليمية ودعمها لمجموعات مُسلحة تعارض أميركا وإسرائيل. ادارة الرئيس بايدن تعمل للتوصل الى وقف إطلاق النار في غزة مما يمنع إيران من استغلال هذا الأمر”. برأي الخبيرة الأميركية باربارا سلايفن. يأمل النائب الديمقراطي ريتشارد نيل بأن “تشكل حادثة موت رئيسي فرصة ما، أو مجرد بصيص أمل، لإعادة ضبط العلاقات الأميركية الإيرانية”.
لا تراهن إدارة بايدن على تغييرات كبيرة في السياسة الإيرانية الممسوكة بشكل كامل من قِبَل المرشد الأعلى علي خامنئي. لكن حادثة تحطم طائرة إبراهيم رئيسي فتحت باب الأسئلة في إيران وحولها، ليس أقلّها استقرار النظام وتماسكه، وامكانية انكفاء خامنئي نحو الداخل الإيراني. ربما تقدم الانتخابات الرئاسية الإيرانية العتيدة إجابات لما يتساءل عنه الخبراء الأميركيون والشرق أوسطيون الآن
----------.
قناة الحرة