نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


عبد الله هارون.. أيقونة النضال ونشر الإسلام في "جنوب إفريقيا"




كرّس حياته لمحاربة نظام الفصل العنصري "الأبارتهايد"، ونشر دين الإسلام في جنوب أفريقيا، وقضى تحت التعذيب مقدما حياته شمعة احترقت لتنير درب بلاده.


هو الإمام المسلم عبد الله هارون الذي قضى عمره مكافحا ضد التميز العنصري، داعيا إلى الإسلام، لتنتهي حياته تحت التعذيب إثر سجنه لمدة أربعة أشهر. مسيرة أليمة لرجل قدّم حياته لوطنه وللإسلام، وصنع من تضحياته طريقا مهدت نحو إلغاء نظام الفصل العنصري ببلاده، وكتابة صفحة جديدة مشرقة فيها. في ما يلي، تستعرض الأناضول لمحة عن حياة داعية مسلم شكل أيقونة صمود ونضال في جنوب إفريقيا والعالم: ولد هارون في 8 فبراير/ شباط عام 1924، وقتل في 27 سبتمبر/ أيلول عام 1969، أثناء احتجازه في مركز شرطة "كاليدون" سيء السمعة التابع لنظام الفصل العنصري، وسط مدينة كيب تاون، كبرى مدن جنوب إفريقيا. ساد نظام الفصل العنصري بالبلد الإفريقي بين عامي 1948 و1991، وحكمت خلال هذه الفترة، الأقلية البيضاء -المنحدرة من أصول أوروبية وتمثل من 15 إلى 20 بالمئة فقط من السكان- الأغلبية السوداء ذات الأصول الإفريقية والهندية. تربّى هارون على يد عمته إثر وفاة أمه عندما كان لا يزال في الخامسة من عمره، وكان والده غير قادر على تربيته لضعف إمكانياته المادية. وفي سن الرابعة عشر، أتمّ هارون حفظ القرآن الكريم غيبًا، رغم افتقاره للتدريب والتعليم النظامي خارج أوقات دوامه بالمدرسة الابتدائية. كما عُرف عنه تكريسه حياته لتعليم الشباب والمجتمع، وعمل على تهيئة جيل من الشباب في منطقته لتأسيس رابطة "كليرمونت للشباب المسلم" في مدينة كيب تاون. وبخلاف العديد من الدعاة المسلمين الآخرين في عصره، كان الإمام هارون ينتقد التعليم بطريقة التلقين، في الإسلام، والاتّباع الأعمى للأئمة. كان ينظر للإسلام على أنه أكثر من مجرد مجموعة من الطقوس، ويراه أسلوب حياة شامل، ويؤكد دومًا على أنّ الدعاة المسلمين بحاجة إلى الاستجابة إلى القضايا المعاصرة في البلاد. ومن ضمن الأفكار الجديدة التقدمية التي قدمها الإمام هارون إلى مسجد "الجامعة" في كيب تاون، كان تشكيل مجموعات نقاش وبحث ودروس لتعليم الكبار بمن فيهم النساء. كما كان الإمام الوحيد بالمدينة الذي يرفض تلقي أجر لقاء خدماته، وكان لا يسكت أبدًا عن فظائع نظام الفصل العنصري، ولم يتجنب أبدًا مواجهة صعوبات هذا النضال. قضيته كانت ثورية في مجتمع لا يهتم بالسياسة ويتحفظ على الكشف عن أفكاره ومشاعره. استخدم الإمام هارون "رابطة الشباب المسلم" لدعوة الأفراد والشخصيات العامّة المناهضة للفصل العنصري، وهو ما ساهم في أن يُصدر في 1961م كتيّباً بعنوان "الدعوة إلى الإسلام"، تضمّن معارضة العنف في جنوب إفريقيا. حجّ هارون إلى مكة المكرمة عامي 1966 و1968، وانتهز فرصة وجوده بالمدينة السعودية لاطلاع المنظمات والزعماء المسلمين المؤثرين فيها، على الوضع الصعب في جنوب إفريقيا. استخدم أيضا خطب الجمعة والمحاضرات العامّة، في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، واستطاع أن ينتقد من خلالها، بشكل لاذع، قوانين الفصل العنصري في بلاده. فتح هارون العقول، وبعث دفئا في القلوب، وترك إرثًا من النضال ضد الظلم والقهر. علم جيل الشباب المسلم الدفاع عن العدالة الاجتماعية، والتحدث بشجاعة ضد الوحشية والفصل العنصري؛ ليحمل آلاف الشباب من المسلمين اليوم إرثه. ** أيقونة صمود ونضال وفق دراسة شاملة أجرتها الألمانية أورسولا غونتر، ونشرت في مجلة "دراسة الدين"، بعنوان "ذاكرة الإمام هارون في ترسيخ المقاومة الإسلامية لمواجهة الفصل العنصري"، أصبح الداعية "رمزًا للنضال الإسلامي ضد الفصل العنصري في أواخر سبعينيات القرن الماضي، رغم أن تضحياته سقطت تقريبًا في غياهب النسيان ". وإثر وفاته في معتقله بمدينة "كيب تاون"، كشف تشريح الجثة أنه قضى نتيجة إصابته بنزيف داخلي، كما كشف التشريح تعرضه لـ28 كدمة على جسده، معظمها في ساقيه، وكسر في أحد ضلوعه، كما كانت معدته فارغة. عاش مناضلا، متشبعا بقيم الدين الإسلامي، حاثا عليها، سدّا منيعا بوجه الوحشية والتفرقة، ومات في سبيل الله وخدمة أبناء بلده.. هكذا يقول عنه معاصروه ومن نهلوا من إرثه وتشبعوا به. ومن أجمل ما قيل فيه أنه كان مثل شمعة تحترق لتضيء درب الآخرين.. بالفعل كان شمعة احترقت لكنها لم تذب بل أشرقت من بعده تماما كما أشرقت بلاده بإلغاء نظام الفصل العنصري فيها في تسعينيات القرن الماضي. --------- - وكالة الاناضول

وقاص دوغان تكين
الجمعة 15 فبراير 2019