الحلاج هو الحسين بن منصور المولود في قرية الطور في الشمال الشرقي لمدينة البيضاء من مدن مقاطعة فارس بإيران حوالي سنة 242هـ/857م. تركت أسرته قرية الطور وانتقل معها إلى وسط في العراق، وكان أبوه يعمل في حلج القطن ونسجه، والمدمج أن لقب الحلاج لحقه بسبب صنعة أبيه تلك. أمضى الحلاج صباه متنقلاً بين كتاتيب واسط يتلقى ما أتيح له من العلم، ثم انتقل إلى تستر حيث درس على سهل ابن عبد الله التسنريّ، ثم إلى البصرة لينشئ علاقة طيبة بعمرو بن عثمان المكّي الصوفي الذي ألبسه خرقة الصوفية.
ثم ترك البصرة قاصداً بغداد حيث بالشيخ الجنيد، ثم قصد مكة لأداء فريضة الحجّ واستر هناك سنة كاملة يمارس أشق الرياضات الصوفية، حيث كان يعرّض جسده لأشد ألوان العذاب، ويقتصر في طعامه على الخبز والماء، ويعرّض جسده لأشعة الشمس المحرقة أو للمطر الغزير. وحين عاد الحلاج من حجه بدا للناس في صورة رجل واثق من نفسه، وقد كثر أتباعه واختار الصوفية فلسفة له، وقد اكتشف الحقيقة الإلهية فبدت له منذ تجليها على موسى عليه السلام في جبل سيناء مروراً بعيسى عليه السلام وموته، وبالقرآن والعقيدة الإسلامية الموحّدة وكل ما هو مخالف لتلك الحقيقة هو وهم وضلال.
لكن هذه الفلسفة التي عبّر عنها الحلاج بالممارسة لم ترضى الفقيه محمد بن داود قاضي بغداد، فقد رآها متعارضة مع تعاليم الإسلام التي لا تعترف إلا بالتنزيل الحكيم، فرفع أمر الحلاج إلى القضاء طالباً محاكمته أمام الناس والفقهاء. غير أن القاضي الشافعي أبا العبّاس بن سريج الذي كان مطّلعاً على الفكر الصوفي أبى أدانته وقال عنه: "انه رجل خفيت عني حاله وما أقول فيه شيئاً. إيماناً منه بأن عقيدة التصوف لا تدخل في صلب عمل المحاكم الشرعية، ولما كانت حركات التمرد المتجسدة في حركة الزنج في تلك الفترة وبحركة القرامطة، ولما كانت ميول الحلاج الثورية تقوى مع تعاظم المظالم، خشي العباسيون جانب الحلاج وقرروا التخلص منه خوفاً على مصالحهم الشخصية وعلى نظامهم السياسي فكان أن أقيمت له محاكمة قضت بإعدامه بضرب عنقه. ولكن تظل فلسفة الحلاج صفحة مشرقة في التراث البشري تنطق بفضل ذلك الفيلسوف العربي المسلم الذي تخطى نضاله حدود الطائفية والقومية، وتظل مأساته مورداً عذبا تنهل منه العقول في كل زمان ومكان، ومصدر إلهام لكل أحرار الدنيا. وبين طيّات هذا الكتاب ديوانه الذي كان أول من جمعة المستشرق الفرنسي لويس ماسينون في باريس سنة 1955. وقد تلا هذا الديوان أخبار الحلاج وطواسينه.
ثم ترك البصرة قاصداً بغداد حيث بالشيخ الجنيد، ثم قصد مكة لأداء فريضة الحجّ واستر هناك سنة كاملة يمارس أشق الرياضات الصوفية، حيث كان يعرّض جسده لأشد ألوان العذاب، ويقتصر في طعامه على الخبز والماء، ويعرّض جسده لأشعة الشمس المحرقة أو للمطر الغزير. وحين عاد الحلاج من حجه بدا للناس في صورة رجل واثق من نفسه، وقد كثر أتباعه واختار الصوفية فلسفة له، وقد اكتشف الحقيقة الإلهية فبدت له منذ تجليها على موسى عليه السلام في جبل سيناء مروراً بعيسى عليه السلام وموته، وبالقرآن والعقيدة الإسلامية الموحّدة وكل ما هو مخالف لتلك الحقيقة هو وهم وضلال.
لكن هذه الفلسفة التي عبّر عنها الحلاج بالممارسة لم ترضى الفقيه محمد بن داود قاضي بغداد، فقد رآها متعارضة مع تعاليم الإسلام التي لا تعترف إلا بالتنزيل الحكيم، فرفع أمر الحلاج إلى القضاء طالباً محاكمته أمام الناس والفقهاء. غير أن القاضي الشافعي أبا العبّاس بن سريج الذي كان مطّلعاً على الفكر الصوفي أبى أدانته وقال عنه: "انه رجل خفيت عني حاله وما أقول فيه شيئاً. إيماناً منه بأن عقيدة التصوف لا تدخل في صلب عمل المحاكم الشرعية، ولما كانت حركات التمرد المتجسدة في حركة الزنج في تلك الفترة وبحركة القرامطة، ولما كانت ميول الحلاج الثورية تقوى مع تعاظم المظالم، خشي العباسيون جانب الحلاج وقرروا التخلص منه خوفاً على مصالحهم الشخصية وعلى نظامهم السياسي فكان أن أقيمت له محاكمة قضت بإعدامه بضرب عنقه. ولكن تظل فلسفة الحلاج صفحة مشرقة في التراث البشري تنطق بفضل ذلك الفيلسوف العربي المسلم الذي تخطى نضاله حدود الطائفية والقومية، وتظل مأساته مورداً عذبا تنهل منه العقول في كل زمان ومكان، ومصدر إلهام لكل أحرار الدنيا. وبين طيّات هذا الكتاب ديوانه الذي كان أول من جمعة المستشرق الفرنسي لويس ماسينون في باريس سنة 1955. وقد تلا هذا الديوان أخبار الحلاج وطواسينه.