هذا ما تعتقده طهران كافياً لإبلاغ مَن يلزم، في واشنطن خصوصاً، عن الجهة التي يُفترض الاتصال بها في شأن المرحلة التالية. لكن الجانب الأميركي كرّر أنه لا يملك أي دليل أو مؤشر الى “تورّط” إيران في الزلزال الذي هزّ إسرائيل، وهذه صيغة اعتمدتها واشنطن سابقاً، في اليمن مثلاً، لإبلاغ طهران أنها لن تتصل بها لمعالجة الوضع المتفجّر بين غزّة وإسرائيل. وطوال خمسة وسبعين عاماً أنكرت واشنطن، ولا تزال، أن تكون إسرائيل “متورّطة” في جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، أو أن هذا الشعب يعيش تحت احتلال وحشي ويتعرّض لظلم فادح.
شهور طويلة مرّت ودأبت فيها إيران على الجهر بأنها في صدد “توحيد الساحات”، وتولّى اعلام “محور الممانعة/ المقاومة” خلالها بثّ الإشارات والمعلومات عن بناء الترابط بين الفصائل من غزة الى الضفة الغربية الى لبنان وسوريا، مع مساندة من ميليشيات العراق وحوثيي اليمن. ولم يكن هذا “المحور” يتحدث عن شيء أقل من “الحرب الكبرى” ومن “زوال الكيان الصهيوني”، وكان يعتبر التوترات الساخنة في الضفة، تحديداً في المسجد الأقصى، مقدمات وعناوين لما هو آتٍ.
بل انه وجد في تطرّف اليمين الديني الصهيوني عنصراً مؤازراً لمواصلة “توحيد الساحات”، ومع أن أميركا والدول الغربية اعترفت بالمعضلة التي يشكّلها هذا التطرّف إلا أنها عزته الى “الديموقراطية الإسرائيلية” التي انكشف زيفها في الشارع والبرلمان، كما في العقول، الى حدّ أن وزير الدفاع لم يتردّد في القول “إننا نتعامل مع حيوانات بشرية” في غزّة. هذه “الحيوانات” هي التي أعادت إسرائيل مجدّداً، في الذكرى الخمسين لـ “حرب أكتوبر”، الى الشعور بالتهديد والخطر الوجوديَين.
الأكيد أن “طوفان الأقصى” برهن للجميع، غرباً وعَرباً، أن الوضع في فلسطين لا يصحّ أن يُترك لمشيئة الاسرائيليين، ولا يمكن تجاوزه باتفاقات “تطبيع” للمصالح. هذا الوضع واجهته إسرائيل وحلفاؤها والمطبّعون معها بـ “ممانعة” أي مقاربة “سلام” حقيقية، وقابلته إيران- في سياق أهدافها ومآربها- بإعادة إحياء المقاومة للاحتلال، بعدما تأكد فشل الاتفاقات والتسويات التي رعتها الأطراف الأخرى. وكما أن شيئاً لن يمنع إسرائيل من ارتكاب “حرب إبادة” في غزّة، مع الدعم الغربي المفرط في الغباء، فإن شيئاً لن يمنع إيران من تفعيل جبهتي جنوب لبنان والجولان، أقله لاختبار مبدأ “وحدة الساحات” أياً تكن كلفة التهوّر.
٠--------
النهار العربي
شهور طويلة مرّت ودأبت فيها إيران على الجهر بأنها في صدد “توحيد الساحات”، وتولّى اعلام “محور الممانعة/ المقاومة” خلالها بثّ الإشارات والمعلومات عن بناء الترابط بين الفصائل من غزة الى الضفة الغربية الى لبنان وسوريا، مع مساندة من ميليشيات العراق وحوثيي اليمن. ولم يكن هذا “المحور” يتحدث عن شيء أقل من “الحرب الكبرى” ومن “زوال الكيان الصهيوني”، وكان يعتبر التوترات الساخنة في الضفة، تحديداً في المسجد الأقصى، مقدمات وعناوين لما هو آتٍ.
بل انه وجد في تطرّف اليمين الديني الصهيوني عنصراً مؤازراً لمواصلة “توحيد الساحات”، ومع أن أميركا والدول الغربية اعترفت بالمعضلة التي يشكّلها هذا التطرّف إلا أنها عزته الى “الديموقراطية الإسرائيلية” التي انكشف زيفها في الشارع والبرلمان، كما في العقول، الى حدّ أن وزير الدفاع لم يتردّد في القول “إننا نتعامل مع حيوانات بشرية” في غزّة. هذه “الحيوانات” هي التي أعادت إسرائيل مجدّداً، في الذكرى الخمسين لـ “حرب أكتوبر”، الى الشعور بالتهديد والخطر الوجوديَين.
الأكيد أن “طوفان الأقصى” برهن للجميع، غرباً وعَرباً، أن الوضع في فلسطين لا يصحّ أن يُترك لمشيئة الاسرائيليين، ولا يمكن تجاوزه باتفاقات “تطبيع” للمصالح. هذا الوضع واجهته إسرائيل وحلفاؤها والمطبّعون معها بـ “ممانعة” أي مقاربة “سلام” حقيقية، وقابلته إيران- في سياق أهدافها ومآربها- بإعادة إحياء المقاومة للاحتلال، بعدما تأكد فشل الاتفاقات والتسويات التي رعتها الأطراف الأخرى. وكما أن شيئاً لن يمنع إسرائيل من ارتكاب “حرب إبادة” في غزّة، مع الدعم الغربي المفرط في الغباء، فإن شيئاً لن يمنع إيران من تفعيل جبهتي جنوب لبنان والجولان، أقله لاختبار مبدأ “وحدة الساحات” أياً تكن كلفة التهوّر.
٠--------
النهار العربي