وبينما يجري رئيس الهيئة جولة تشمل واشنطن وعواصم عربية، أطلقت "هيئة التنسيق الوطنية"، أحد مكونات هيئة التفاوض، مبادرة لحل الخلافات بين كتلها، التي عطلت عمل الهيئة على مدى أربع سنوات.
جاموس إلى واشنطن
وبعد زيارته السابقة قبل نحو أسبوعين إلى العاصمة السعودية الرياض، ولقائه غير المعلن مع ممثلين عن مخابرات المملكة، أجرى رئيس هيئة التفاوض بدر جاموس جولة خلال عطلة العيد، شملت الرياض والدوحة، التقى خلالها مسؤولين من وزارتي خارجية البلدين.
وصباح الثلاثاء، وصل جاموس إلى العاصمة الأميركية واشنطن، التي يزورها وفد من الائتلاف أيضاً على رأسه سالم المسلط، حيث سيلتقي رئيس الهيئة مع نائبة وزير الخارجية الأميركية باربارا ليف، كما سيلتقي أعضاء من الكونغرس ويعقد ندوة بالتشارك مع المبعوث الأميركي السابق ألى سوريا جويل ريبورن.
وعلمت "المدن" أن هذه الزيارات كانت بدعوة من مسؤولي البلدان الثلاثة التي حطّ فيها جاموس "بهدف بحث المبادرة العربية وموقف هيئة التفاوض من التطورات التي يعيشها الملف السوري".
وقالت مصادر مطلعة على أجواء الزيارة ل"المدن"، إن السعودية طلبت من الهيئة التفاعل الإيجابي مع المبادرة، والسير فيها حتى النهاية التي ستكون "مرضية لجميع الأطراف" على حد قول السعوديين، الذين نبهوا إلى "ضرورة أن يكون حديث جاموس مع الأميركيين في واشنطن مؤيداً لجهود الحل العربي".
مبادرة لرأب الصدع
بالتزامن مع ذلك، بدأت بعض كتل الهيئة مناقشة سبل حل الخلافات داخلها، لانهاء الانقسام الذي تعيشه منذ أربع سنوات. ولاقت المبادرة التي اقترحها المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق، قبولاً مبدئياً وتفاعلاً إيجابياً من الأطراف الأخرى، خصوصاً وأن المقترح ينصّ على الإقرار بسلامة عضوية كتلة المستقلين، وهي المسألة التي تسببت بالخلاف عام 2019، بين كتلة الائتلاف والفصائل العسكرية من جهة، وبين ممثلي منصتي موسكو والقاهرة بالإضافة إلى هيئة التنسيق من جهة أخرى.
وهو ما جعل النقاش في بقية الملفات أقل حساسية بين المكونات، باستثناء منصة موسكو التي يبدو أنها متحفظة في ما يخص قضية "المستقلين"، حيث وجهت هيئة التنسيق رسالة إلى الكتل الأخرى اقترحت فيها تجاوز إشكالية "كتلة التنسيق" وإعادة النظر بآلية التصويت وبالقرارات التي اتخذتها الهيئة خلال السنوات الأربع الماضية.
ولاقت مقترحات "التنسيق الوطنية"، حسب مصادر "المدن"، قبولاً مبدئياً من كتلتي المستقلين والائتلاف، اللتين شكلت كل منهما لجنة للحوار من أجل إصلاح الهيئة، بينما لم يتبين بعد موقف كتلة الفصائل ومنصة القاهرة.
وتنصّ المبادرة على أن تتخذ القرارات بالتوافق، وفي حال تعذر ذلك يحق للمكونات المعترضة إصدار بيان يوضح موقفها من أي قرار لا توافق عليه، كما تطالب بمناقشة القرارات التي اتخذتها الهيئة خلال فترة الانقسام وتعليق بعض المكونات المشاركة في أعمال المؤسسة.
وبينما وافقت كل من كتلة الائتلاف والمستقلين على الانخراط بالمبادرة، وشكلت كل منهما لجنة حوار حولها، علمت "المدن" أن منصة القاهرة المنقسمة على نفسها هي الأخرى، تعمل على حل الخلافات الداخلية فيها من أجل الانخراط مجدداً في أعمال هيئة التفاوض، بينما نفت منصة موسكو علمها بالمبادرة.
لا جديد
ورغم عدم تضمين ذلك رسمياً في المبادرة، إلا أن هيئة التنسيق تقترح تراجع هيئة التفاوض عن قرار فصل القيادي في منصة موسكو مهند دليقان، والذي كان سبب تعليق المنصة عملها.
لكن دليقان قال إنه لا علم له بالمفاوضات الجارية بين مكونات الهيئة، معتبراً أن أسباب "الشلل" الذي تعيشه المؤسسة ما زالت قائمة، متهماً الائتلاف بتعطيل عملها واتخاذ مواقف معادية للحل السياسي.
وأضاف ل"المدن"، أن "حالة الشلل التي تعيشها الهيئة، تتمثل بمسألتين أساسيتين: أولاً، الاحتكار والهيمنة والتفرد الذي يقوم به الائتلاف مكرراً عقلية الحزب القائد، وثانياً، عبر الاحتكار، يقوم الائتلاف بفرض مواقفه السياسية المعادية في جوهرها للحل السياسي باسم هيئة التفاوض، مما أعاق ويعيق الهيئة عن لعب دورها المطلوب منها كأداة لتنفيذ القرار 2254".
إلا أن دليقان كان متفقاً مع جوهر مبادرة هيئة التنسيق، باستثناء الموقف من كتلة المستقلين، حيث اعتبر أن "الطريق الوحيد لتعود الهيئة من موتها السريري يكون من خلال إقرار التوافق كمبدأ وحيد لإصدار القرارات والمواقف، والتراجع عن القرارات التعسفية التي اتخذها الائتلاف بحق المكونات الأخرى في الهيئة"، وبعد الاتفاق على ذلك يتم عقد اجتماع للهيئة بكل مكوناتها من دون مشاركة كتلة المستقلين، سواء بأعضائها الجدد أو القدامى.
رغم خصوصية المرحلة التي استدعت إطلاق مبادرة لإعادة توحيد هيئة التفاوض، إلا أن تجديد دليقان تهجمه على كتلة الائتلاف واتهامه مكونات أخرى بالتبعية لها، قد يقلل من فرص نجاح المبادرة، في وقت يبدو أنه مطلوب من الهيئة أن تكون جاهزة لمفاوضات حاسمة مع النظام.
------
المدن
------
المدن