الذي استقبلني استقبالا خاصاً بالرغم من صغر سني آنذاك، له طابع من الاحترام، المختلف تماما عما شهدته في حينه من تعامل قاس وجاف مع الصحفيين والمصورين من وكالة الانباء السورية..(سانا)… ربما لمعرفته المسبقة بتاريخ عائلتي في الصحافة السورية، بكونه صحافي قديم من جيل الخمسينات.
ولست معنيا ً اليوم بتفاصيل هذا اللقاء الذي سأدعه يوما ما للنشر في التوقيت المناسب عندما تكتمل مذكراتي ..
اقول لم اعرف حافظ الاسد ..شخصيا ولكنني عرفت مبكرا عددا من كبار الشخصيات السياسية والعسكرية الذين عرفوا حافظ الاسد مبكرا ..
بعضهم لازال حيا الى اليوم ..
عرفوه في الكلية الحربية في حمص، قبل انتقاله الى سلاح الجو ..
وعرفت بعض من صادقه من الصف الأول في الحزب عندما سطع نجمه، وبدأ ألاعيبه السياسية الأولى مع اقرانه ومتقدميه العسكريين (محمد عمران ولؤي الأتاسي وعبد الكريم الجندي، ثم صديقه صلاح جديد والذي سجنه الاسد حتى خرج مصابا بالسرطان وتوفي خلال أيام من الافراج عنه .. وغيرهم) والمدنيين في مقدمتهم ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار واكثرهم، الاعيبا وانتهازية .. اكرم الحوراني ..
اجمع كثير من هؤلاء الاصدقاء، بالأخص العسكريين منهم في بدايات معرفته، ان حافظ الاسد كان عسكريا انطوائيا متوسط الذكاء .. منعزلا .. يفضل الجلوس لوحده، قليل الكلام .. لسبب يتعلق بطبيعة نطقه، مع معاناته من مشكلة خلقية في اللسان، كأن يبدو حديثه غير مفهوم .. مع لكنته المغرقة في المحلية القروية التي وفد منها ..لذلك كان يجلس صامتا أغلب الاحيان مصغيا الى احاديث الطلبة العسكريين من اقرانه خلال سنوات دراسته في الكلية الحربية..
ويرجح هؤلاء انه خضع الى عملية جراحية في ستينات القرن الماضي، في موسكو لتحسين نطقه.
وهذه المسألة غير المعروفة عن حافظ اسد أكدها لي مهندس صوت وموسيقي معروف .. عندما ذكر لي انه كان يتم جلبه خصيصا لتعديل اجهزة الصوت، لتحسين صوت الأسد خلال خطبه الطويلة والمذاعة على الهواء في المناسبات الكثيرة التي كان يظهر بها على الملأ، في حقبة السبعينات والثمانينات ..حتى توقف في العقد الأخير توقفا شبه تام .. عن الخطابة .. والخطب الطويلة .. خصوصا بعد مقتل ابنه باسل في حادث سيارة على طريق مطار دمشق.. والذي ادخله من حينه، بحالة من الحزن العميق، تطور الى حالة متقدمة من الذهان .. وبدأت معالم الهرم المبكر والشيخوخة تتسارع بالظهور على قسماته قبل مقتل ابنه، مع هجمات المرض الخبيث تاليا (لوكيميا الدم) والذي لم يمهله مع سرطانات اخرى يحتمل ان تكون في البروتستا، حتى العاشر من حزيران عام 2000 .
ما اذكره تماما، خلال اواسط عقد التسعينات ..عندما سألت أحد زعامات الاحزاب من اصدقائه التاريخيين المقربين، عن آخر مرة التقى فيها حافظ الاسد منفردا .. أجاب، ويشهد الله انه أجاب بحركة عصبية من يده وملامح وجهه الغاضبة بأكثر مما اجاب نطقا، عندما قال لي: ( بأنه بقيَّ خلال السنوات الماضية يطلب لقاء حافظ الاسد .. دون جدوى).. واضاف أن الاسد لا يلتقي احدا باستثناء الرؤساء ووزراء الخارجية العرب والأجانب ..
وكان هذا معروفا للغالبية الساحقة من الناس …
ولكن من غير المعروف ان حافظ الاسد بعد تخرجه فاز باحدى بطولات الالعاب الجوية البهلوانية التي كانت تقيمها الكلية الحربية لسلاح الجو، عام 1955.. ولكن بعد عدة اعوام سقطت طائرته الحربية لعطل ألم بها ..او لخطأ ارتكبه الاسد ذاته، وأصيب اصابة طفيفة في فقرات ظهره، اذ تم اخفاء التاريخ الحقيقي من وثائق وزارة الدفاع وسلاح الجو والتقارير الاستخباراتية التي تُخضِع الطياريين عادة للمراقبة الدقيقة والمتابعة.
احد زعامات حزب البعث المقربين من حافظ اسد، والذي اشترك في انقلابات البعثيين على بعضهم البعض (توفي اغتيالا عام 1993) أسَرَّ اليَّ في حديث خاص، ان الفرقاء البعثيين المتنافسين على السلطة بأجمعهم، كان يتصلون بحسب علمه بالسفارات الاجنبية والغربية تحديدا .. في باريس لندن وواشنطن .. اما صلاح جديد، كان الوحيد الذي يتصل بموسكو ..وبعضهم كان يتصل سرا بالقاهرة ليبلغهم بحركة البعض على بعضهم الآخر ..
ولكن الانقلابات في سورية، كانت دائما شأنا لازما ومتعلقا بوزارة المستعمرات البريطانية، التي رتبت قادة الشرق الأوسط ومعالمه الحالية منذ الحرب العالمية الثانية والى اليوم ..
كذلك كانت زيارة الاسد بحجة العلاج الى لندن في العام 1965 وهو برتبة لواء وقائد سلاح الجو، بحسب وثائق الخارجية البريطانية .. ولقائه اللورد تومسون وزير المستعمرات البريطاني، والتي أثارت بدورها سلسلة من التكهنات من رفاقه البعثيين، وحقق معه بعد عودته من لندن في قاعدة الضمير الجوية، المقدم بدر جمعة بصفته رئيس الاستخبارات العسكرية ..
وعندما هاج الأسد لأسلوب جمعة الاستفزازي ..
صفعه بدر جمعة على وجهه، عندما هدد الاسد باستخدام سلاح الجو في قصف مقر قيادة الحزب بدمشق .. وصرخ جمعة فيه أمام دهشة الحضور : ( جاسوس .. وتتوعدنا ).
-----------
القسم الثاني
حافظ الاسد بعيدا عن الأساطير ....
لم تفهم قوافل الأغبياء بعد .. ولن تدرك الى اليوم ان الميت المقدس المدفون في القرداحة حافظ الاسد، الذي انتسب جده سليمان الوحش الى الطائفة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان رجلا مجهول الأصل، وعمل الجد وابنه علي ( والد حافظ ) الذي قام بتغيير اسم النسب في العام 1927 الى (الاسد)، في اعمال مخالفة للقانون مثبتة بعضها في الوثائق العثمانية، ونشر بعضها الآخر في الصحافة السورية، مطلع القرن العشرين، كما عرض علي احد كبار الطائفة العلوية، الأحياء الى اليوم، وثيقة واحدة تعود الى العام 1905 بجرائم تهريب أوراق التبغ ، وبإدانة جد حافظ الاسد ...
ولكن لم تتوقف القضية الجرمية هنا .. بل بحثت وزارة المستعمرات البريطانية فيما بعد ( الجهة الحصرية لتنظيم الانقلابات العسكرية، وتهيئة قادة الشرق الاوسط بين الحربين وبعدهما ) في حثالة هذه الطائفة، ووجدت ضالتها في شخص ضابط من بقايا الانكشارية المنقرضة وثقافة المماليك، للحفاظ على تأخر البلاد أسوة بما فعلته في مناطق وبلدان مجاورة او بعيدة، بقناع وطني وشعاراتية كاذبة، جاءت بوريثه الغبي ( ليس صدفة من بريطانيا ) الذي اكمل الصورة الكاملة لسورية مدمرة تماما، تحت حكم الجواسيس، كما تريدها اسرائيل، وسيسلمها قريبا لجواسيس ومرتزقة جدد، شاء ام أبى ..
وهو يقرأ كلماتي الآن، او تصله عبر مكتب المعلومات المتخصص، ويدرك تماما هو وكثير من قدماء الطائفة العلوية، ان الذي كتبه الجاسوس البريطاني صديق العائلة الاسدية، المقرب، باتريك سيل، عن تاريخ آل الوحش هو محض هراء وتزوير فاضح اذ كان لباتريك سيل الفرصة التي لم تتح لغيره الاطلاع على وثائق الخارجية البريطانية السرية ... ولكنه كان مأمورا بمهمة محددة ..
اما اسخف ترويج للمستشارية الايرانية بتغلغلها بين الشخصيات العسكرية والمخابراتية التي تدين بالولاء لعصبة الحكم العائلي في دمشق عن أصول آل الوحش بعد آذار من العام 2011 فكان ما سمعته بإذني عن ان آل الوحش ينتسبون الى آل البيت ..
هذا الانتساب او مجرد الترويج عنه .. لم يجرؤ عليه سلاطين المماليك انفسهم الذين قارعوا اعتى الهجمات الصليبية والمغولية التترية في القرنين الثالث والرابع عشر ميلادي .
-----------
بلا رتوش
-----------
القسم الثاني
حافظ الاسد بعيدا عن الأساطير ....
لم تفهم قوافل الأغبياء بعد .. ولن تدرك الى اليوم ان الميت المقدس المدفون في القرداحة حافظ الاسد، الذي انتسب جده سليمان الوحش الى الطائفة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان رجلا مجهول الأصل، وعمل الجد وابنه علي ( والد حافظ ) الذي قام بتغيير اسم النسب في العام 1927 الى (الاسد)، في اعمال مخالفة للقانون مثبتة بعضها في الوثائق العثمانية، ونشر بعضها الآخر في الصحافة السورية، مطلع القرن العشرين، كما عرض علي احد كبار الطائفة العلوية، الأحياء الى اليوم، وثيقة واحدة تعود الى العام 1905 بجرائم تهريب أوراق التبغ ، وبإدانة جد حافظ الاسد ...
ولكن لم تتوقف القضية الجرمية هنا .. بل بحثت وزارة المستعمرات البريطانية فيما بعد ( الجهة الحصرية لتنظيم الانقلابات العسكرية، وتهيئة قادة الشرق الاوسط بين الحربين وبعدهما ) في حثالة هذه الطائفة، ووجدت ضالتها في شخص ضابط من بقايا الانكشارية المنقرضة وثقافة المماليك، للحفاظ على تأخر البلاد أسوة بما فعلته في مناطق وبلدان مجاورة او بعيدة، بقناع وطني وشعاراتية كاذبة، جاءت بوريثه الغبي ( ليس صدفة من بريطانيا ) الذي اكمل الصورة الكاملة لسورية مدمرة تماما، تحت حكم الجواسيس، كما تريدها اسرائيل، وسيسلمها قريبا لجواسيس ومرتزقة جدد، شاء ام أبى ..
وهو يقرأ كلماتي الآن، او تصله عبر مكتب المعلومات المتخصص، ويدرك تماما هو وكثير من قدماء الطائفة العلوية، ان الذي كتبه الجاسوس البريطاني صديق العائلة الاسدية، المقرب، باتريك سيل، عن تاريخ آل الوحش هو محض هراء وتزوير فاضح اذ كان لباتريك سيل الفرصة التي لم تتح لغيره الاطلاع على وثائق الخارجية البريطانية السرية ... ولكنه كان مأمورا بمهمة محددة ..
اما اسخف ترويج للمستشارية الايرانية بتغلغلها بين الشخصيات العسكرية والمخابراتية التي تدين بالولاء لعصبة الحكم العائلي في دمشق عن أصول آل الوحش بعد آذار من العام 2011 فكان ما سمعته بإذني عن ان آل الوحش ينتسبون الى آل البيت ..
هذا الانتساب او مجرد الترويج عنه .. لم يجرؤ عليه سلاطين المماليك انفسهم الذين قارعوا اعتى الهجمات الصليبية والمغولية التترية في القرنين الثالث والرابع عشر ميلادي .
-----------
بلا رتوش