وطالبت “الشامية”، عبر بيان أصدرته في 4 من أيلول الحالي، “الائتلاف” بعقد اجتماع طارئ لـ”حجب الثقة عن حكومة عبد الرحمن مصطفى”، وطالبت بإحالته للقضاء.
ما أصل الخلاف؟
جاء بيان “الجبهة الشامية” بعد حديث عن خلاف نشب بين مصطفى وممثلين عن “الجبهة” في مدينة غازي عينتاب التركية، حيث عقد اجتماع بدعوة من السلطات التركية، يهدف لـ”إيجاد حلول للمشكلات الطارئة”.ووجه البيان مجموعة من الاتهامات لرئيس “الحكومة المؤقتة”، إذ قالت “الشامية” إن “عدائية” مصطفى ضدها معهودة، لكنها كانت غير مسبوقة خلال الاجتماع الأخير.
وأضاف أن مصطفى “تعمد الإساءة لبعض الفصائل الثورية”، منها “فصائل الشرقية” التي اتهمها بـ”التخريب والإرهاب”، وفق البيان.
ولفت البيان إلى أن مصطفى وجه “سيلًا” من الاتهامات لـ”الجبهة الشامية”، منها سياسية، وجنائية، محاولًا “تشويه صورتها” أمام المسؤولين الأتراك ومهددًا بسحب الشرعية عنها.
واعتبرت “الجبهة” أن الاتهامات التي وجهها مصطفى لها، تصب في “مصلحته الخاصة”.
وحتى لحظة تحرير هذا التقرير، لم يعلق رئيس “الحكومة المؤقتة” على ما ورد في بيان “الشامية”.
البيان سبقه بساعات آخر أصدرته “المؤقتة” قالت فيه، إن اجتماعًا جمعها مع “الائتلاف” و”هيئة التفاوض” و”مجلس القبائل والعشائر” وقادة “الوطني السوري”.
وتمت خلال الاجتماع مناقشة الواقع السوري وسبل تذليل التحديات التي تواجهه، وفق البيان الختامي للاجتماع، الذي نشرته “الحكومة “.
ولم تشر “المؤقتة” إلى حضور ممثلين عن المخابرات التركية في الاجتماع، في حين جرى الاجتماع بدعوة من الأخيرة، للحديث عن التطورات السياسية في المنطقة، وعلى رأسها افتتاح معبر “أبو الزندين” بين مناطق سيطرة النظام و”الجيش الوطني”، وفق معلومات حصلت عليها عنب بلدي من مصدر مطلع عبر وسيط.
“المؤقتة” قالت في بيانها، إن من النقاط التي نوقشت في اجتماع المعارضة، أهمية معبر “أبو الزندين” كمعبر حيوي إنساني واقتصادي يؤثر إيجابًا على الوضع الاقتصادي والإنساني في المنطقة، ونفت علاقته بمسار التطبيع بين تركيا والنظام.
تصعيد واضح
في وقت تصر فيه “الجبهة الشامية” على مطالبها، يعتقد الباحث المتخصص بالشأن العسكري في مركز “عمران للدراسات” نوار شعبان، أنها لن تتخلى عن طلب إسقاط الشرعية عن “الحكومة المؤقتة” إلا إذا تراجعت الأخيرة عما تداولته في اجتماعاتها، وقضايا أخرى تتعلق بتفاصيل المنطقة.وأضاف الباحث نوار شعبان، لعنب بلدي، أن “الجبهة الشامية” قد تتراجع عن المطالبة بإسقاط الشرعية عن حكومة عبد الرحمن مصطفى، في حال حُلت بعض القضايا الإشكالية معها.
ولفت الباحث إلى أن هناك بعض البيانات الداعمه لـ”الشامية” سواء كانت من أطراف عشائرية أو غيرها.
وخرجت العديد من البيانات التي أخذت صف “الشامية” من بوابة دعم الحراك السلمي في مدينة اعزاز شمالي حلب، المناهض لـ”الحكومة المؤقتة”، منذ تموز الماضي.
وجاءت هذه البيانات على خلفية ما ذكرته “الجبهة الشامية” في بيانها، حول أن عبد الرحمن مصطفى هاجم القائمين على الحركة الاحتجاجية، واعتبرهم منقلبين ضده.
“الشامية” توضح
البيان الصادر عن “الجبهة الشامية” حمل إجراءات، ومطالب، جاءت في ثلاثة بنود هي:- الشرعية تستمدها الحكومة من شعبها وفصائله، ويجب أن تعمل على تحقيق مطالبهم والدفاع عنها، لكنها أوغلت في اتهامهم بالعمالة، والتخريب، وحرضت عليهم على طريقة النظام، وبالتالي فقدت شرعيتها.
- تجميد التعاون مع حكومة عبد الرحمن مصطفى إلى حين تشكيل حكومة رشيدة ترقى إلى تمثيل الشعب السورية وثورته.
- مطالبة “الائتلاف الوطني” بعقد اجتماع طارئ لحجب الثقة عن حكومة عبد الرحمن مصطفى بالسرعة القصوى، وإحالته إلى القضاء لينال جزاءه العادل أصولًا.
المعارضة محكومة بأشخاص
المشكلة الأحدث بين “الشامية” و”المؤقتة” هي جزء من سلسلة مشكلات لطالما عصفت بأروقة المعارضة السورية، وتحول بعضها لاقتتال مسلح، ومواجهات بين الأطراف استمر بعضها أسابيع.يعتقد الباحث المتخصص بالشأن السياسي في مركز “حرمون للدراسات المعاصرة” سمير العبد الله، أن الخلاف الأحدث يعكس تصعيدًا بين الفصائل، خاصة في ظل الاحتجاجات التي بدأت في تموز الماضي، وطالبت بإسقاط القيادات التي احتكرت مؤسسات المعارضة، بما فيها مجموعة الـ”G4″ وعبد الرحمن مصطفى.
وأضاف الباحث أنه من ناحية أخرى يبدو التصعيد نتيجة لرغبة مؤسسات المعارضة في معاقبة “الجبهة الشامية” بسبب عدم توقيعها على قرار فتح معبر “أبو الزندين”، الواصل بين مناطق سيطرة “الجيش الوطني” والنظام السوري، شرقي حلب، الذي نص عليه اتفاق تركي- روسي.
ولفت العبد الله إلى أن من الصعب التنبؤ بما سيحدث، كون مؤسسات المعارضة محكومة بأشخاص يسعون لتحقيق مصالح شخصية، في حين يُعد تغيير عبد الرحمن مصطفى أمرًا معقدًا نظرًا إلى الدعم التركي القوي الذي يحظى به.
وعلى الضفة الأخرى، تبدو “الجبهة الشامية” غير راغبة بالتصعيد في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة، ما يزيد من احتمالية اللجوء إلى الحوار أو التفاوض بوساطة تركية كخيار لتجنب التصعيد.
ويعتقد الباحث أن تعليق “الشامية” عملها مع “المؤقتة” قد يؤدي إلى تأثيرات ملموسة على الأرض في الشمال السوري، خاصة في المناطق التي تسيطر عليها “الجبهة” مثل معبر “باب السلامة” الحدودي مع تركيا.
العبد الله استبعد أن يكون الرد التركي حاسمًا، ورجّح أن تلجأ تركيا للتهدئة نظرًا إلى علاقتها الوثيقة مع عبد الرحمن مصطفى من جهة، وأهمية “الجبهة الشامية” كقوة عسكرية فاعلة في الشمال السوري من جهة أخرى.
ومنذ سنوات، ولد ما يعرف اليوم باسم مجموعة “G4″، وتضم أربعة أعضاء هم سالم المسلط، وأنس العبدة، وهادي البحرة، وبدر جاموس، وأضيف إليهم رئيس “الحكومة المؤقتة”، عبد الرحمن مصطفى، مؤخرًا، نتيجة لخلافات داخلية في جسم “الائتلاف” خلّفت تكتلات سياسية متنازعة داخله، بحسب ما قالته مصادر متقاطعة من داخل “الائتلاف” في حديث سابق لعنب بلدي.
وفي تشرين الأول 2023، استعرض “”الائتلاف” نتيجة تحقيق ما أسماه “لجنة تقصي الحقائق” لبحث ادعاءات رئيسه الأسبق، نصر الحريري، بتهديدات أطلقها رئيس “الحكومة المؤقتة”، عبد الرحمن مصطفى، لإجبار أعضاء “الائتلاف” على التصويت لهادي البحرة.
وخلصت اللجنة، بحسب نتائج التحقيق التي أطلقها “الائتلاف” خلال اجتماع البحرة مع صحفيين سوريين بحي فلوريا بمدينة اسطنبول التركية، في 6 من تشرين الأول نفسه، إلى أن ادعاءات الحريري “عارية عن الصحة”.
ونفى عبد الرحمن مصطفى ادعاءات الحريري، بينما رفض الأخير طلب اللجنة تقديم شهادته حول الأمر، ولم يؤيد أي من أعضاء “الائتلاف” ادعاءات الحريري، وبناء عليه توصلت اللجنة إلى هذه النتيجة، بحسب ما ذكرته.
وقال البحرة حينها، إنه إذا ثبت تهديد عبد الرحمن مصطفى لأعضاء “الائتلاف” فإنه سيعلن استقالته من منصبه الذي تسلّمه قبل أيام.
وانتهت القضية حينها بإعلان فصل رئيس “الائتلاف” الأسبق نصر الحريري، ونائبة الرئيس السابق، ربا حبوش.
-----------
عنب بلدي