كيكل لم يكتف بانشقاقه، بل أعلن انضمامه إلى الجيش في قتاله ضد قوات "الدعم السريع"، في تطور مفاجئ أحدث ارتباكا كبيرا في الميدان.
والأحد، أعلن الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، عبر بيان، انشقاق كيكل عن قيادة "الدعم السريع" بولاية الجزيرة.
وأضاف أن كيكل انضم إلى الجيش ومعه "مجموعة كبيرة من قواته"، وذلك "بعد أن تكشف لهم زيف وباطل دعاوى الدعم السريع".
أما متحدث "الدعم السريع" الفاتح القرشي فقال في بيان، إن قواتهم "رصدت في الآونة الأخيرة تحركات مريبة لكيكل، بعد أن أخفى نفسه رفقة أفراد من أسرته، وتحركاته مع بعض قيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول"، وهو حزب الرئيس المعزول عمر البشير (1989-2019).
وادعى أن "كيكل تم شراؤه في صفقة قادها شقيقه، عبر سلسلة اجتماعات في القضارف وبورتسودان (شرق) انتهت بمساومة قضت بتسليم نفسه للجيش مقابل عمل عسكري واستخباراتي مرتجى".
وفي أغسطس/ آب 2023 انضم كيكل إلى قوات "الدعم السريع"، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وقاد قوات "درع السودان" التي تكونت مطلع 2022 في مناطق شرق ولاية الجزيرة، ويتجاوز عدد أفرادها 35 ألف مقاتل.
ومنذ ديسمبر/ كانون الأول 2023، سيطرت "الدعم السريع" بقيادة كيكل على مدن عدة بالجزيرة، المتاخمة للخرطوم من الناحية الجنوبية، بينها ود مدني مركز الولاية.
وقال كيكل حينها إن قواته تسعى لخلق توازن استراتيجي للبلاد، بعد اتفاق سلام جوبا الموقع في 2020 بين الخرطوم وحركات دارفور المسلحة (غرب)، معتبرا أنه جاء على حساب ولايات شمال وشرق ووسط السودان.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 يخوض الجيش و"قوات الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وأزيد من 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
نصر معنوي
الخبير الاستراتيجي اللواء المتقاعد أسامة محمد أحمد يرى أنه "يجب النظر إلى خلفية كيكل لمعرفة دوافعه، فهو تاجر سابق، كما عمل مهربا في فترات سابقة بولاية النيل الأزرق (جنوب شرق)".ويضيف أحمد للأناضول أن "ظهور كيكل في الساحة جاء بعد توقيع اتفاق سلام جوبا بين الحكومة والحركات المسلحة بدارفور في 2020، تحت مبرر أنه يجب أن يكون للوسط قوات عسكرية مثل الحركات المسلحة بدارفور".
ويتابع: "كيكل انضم في 2023 إلى قوات الدعم السريع، وتلقى مثل آخرين أموال من قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو".
ويعتبر أن "انشقاق كيكل الذي جاء عن طريق اتفاق مع الجيش، يمثل نصرا معنويا للجيش وقواته، وخصما من الروح المعنوية لقوات الدعم السريع، وخاصة قياداتها التي تخوض المعارك في الجزيرة".
"كما أن انشقاقه يساهم في تحييد داعمين للدعم السريع، ويخفف من المجموعات التي تنهب وتسرق منازل المواطنين، وستخضع المناطق الواقعة تحت سيطرة كيكل للجيش"، كما زاد أحمد.
ولكنه يستدرك: "من منظور عسكري ليس لدى كيكل حاليا قوات كبيرة، وقد تكون دوافعه ناتجة عن رؤيته للمشهد المتغير لصالح الجيش، كما أن ضغط أهله وأهل منطقته عجل بالاتفاق مع الحكومة".
أمر طبيعي
أما المحلل السياسي جمال إدريس فيقول إن "قوات الدعم السريع في الأصل مجموعة غير نظامية وليست لها استراتيجية محددة، لذلك فالانشقاقات في وسطها أمر طبيعي".ويرجع إدريس ذلك، في حديثه للأناضول، إلى أن "قائد كل مجموعة يتصرف بكامل حريته في العمليات العسكرية، بعيدا عن القيادة العليا التي لا يُعرف مكانها".
ويرى أن "طول أمد سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق عديدة، دون أن يكون لها هدف واضح لما بعد ذلك، جعل كثير من القوات والجنود يفقدون حماسهم في القتال".
وزاد هذا الوضع "خاصة بعد بدء الجيش في التحرك والهجوم (مؤخرا)، مما يجعلهم يفكرون في الاستسلام، أو الانحياز للجيش"، كما يختم إدريس.
والثلاثاء، أعلنت "قوات الدعم السريع" أنها تمكنت من صد هجوم واسع شنه الجيش على منطقة شرق الجزيرة.
وتشهد المنطقة منذ أيام معارك محتدمة، إذ يحاول الجيش السيطرة عليها مستفيدا من انشقاق أبو عاقلة كيكل وانضمامه إليه.