"حرب الندم"
في عام 1982 أسس الحرس الثوري الإيراني "حزب الله" في خضم الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و 1990 لأهداف منها تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية، إلى أرجاء المنطقة وقتال القوات الإسرائيلية التي غزت لبنان في عام 1982، وسمح الحزب بانضمام المسلمين الشيعة اللبنانيين فقط إليه، ومع الوقت تحولت الجماعة من فصيل في الظل لقتال إسرائيل، إلى قوة مدججة بالسلاح تسيطر على لبنان بشكل فعلي متجاوزة الجيش اللبناني بمراحل.في تموز عام 2006، تسلل عناصر إلى الحدود وخطف جنديين وقتل آخرين، فاشتعلت الحرب مستمرة لخمسة أسابيع، ما أدى إلى مقتل 1200 لبناني معظمهم من المدنيين وتدمير أجزاء واسعة من البلاد، في مقابل 158 إسرائيلياً معظمهم من الجنود.
وبعد الحرب المدمرة التي قادتها "إسرائيل" على لبنان، شدد حسن نصر الله بما يشبه "الندم" على أنه ما كان ليُقدم على تنفيذ عملية الأسر لو كان يتوقع حصول رد إسرائيلي بهذه القسوة.
وبعد الثورة السورية تدخل حزب الله عسكرياً لدعم النظام السوري بدءاً من العام 2012، وارتكب مجازر في العديد من المناطق خصوصاً في القصير ومضايا والزبداني وأصبح له نقاط عسكرية ثابتة في العديد من المحافظات السورية.
ويتباهى حزب الله بحيازته لأسلحة تشمل صواريخ دقيقة وطائرات مسيرة، وتقول إنها تستطيع قصف جميع أرجاء إسرائيل. وقال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في عام 2021 إن "الجماعة لديها 100 ألف مقاتل".
مناوشات بوتيرة ثابتة
أيد حزب الله العملية في بداياتها وبدأت قواته بمناوشات مع "إسرائيل" ما زالت على وتيرة واحدة تقريباً، معتمدة أسس "قواعد الاشتباك" بين الحزب وتل أبيب.
بدوره، توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "إذا دخل حزب الله الحرب فسيؤدي ذلك إلى دمار لا يمكن تخيله للحزب ولبنان"، وفي جولة له على الحدود مع لبنان، أضاف: "لست متأكداً بعد من نية حزب الله بشأن دخول الحرب".
وفي إطار ذلك، حذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، من أن "الولايات المتحدة لن تتردد في التحرك عسكرياً ضد أي منظمة أو بلد يسعى إلى توسيع النزاع في الشرق الأوسط بين إسرائيل وحماس".
ويبدو أن "حزب الله" قد خيّب آمالاً عريضة لدى كثير من الفلسطينيين الذين أرادوا من الحزب الدخول في حرب مع إسرائيل لتخفيف القصف عن غزة، وتشتيت جيش الاحتلال الإسرائيلي في أكثر من جبهة.
لكن الواقع أن للحزب حساباته المحلية والإقليمية والدولية المرتبطة بإيران بشكل مباشر، وليس بما يتصل بواقع المقاومة في فلسطين.
ويأتي ذلك بعد سنوات من تمكن إيران من تمرير شحنات أسلحة وصواريخ نوعية إلى حزب الله عبر الأراضي السورية نفدت من القصف الإسرائيلي قبل وصولها إلى مخابئها في ضاحية بيروت ومدن الجنوب اللبناني.
والحقيقة أن "حزب الله" أقوى عسكرياً من حركة "حماس" وذراعها العسكرية الممثلة بكتائب القسام، فهي تحكم دولة غير محاصرة، فيها مقدرات ومواد أولية للتصنيع وإن صنفت كدولة فاشلة اقتصادياً وسياسياً، فقد تكون هذه فرصة أكبر للتمدد وتوسيع النفوذ والتحكم بها طولاً وعرضاً.
وهذه القوة بمنزلة فرصة استثنائية لتطبيق قاعدة "وحدة الساحات" التي تتحدث عنها إيران منذ عقود سابقة، في خضم مشروعها لتحرير القدس من الاحتلال، إلا أن ما يجري على الأرض يتحدث عن عكس ذلك، إنما تطبيق مباشر لقواعد اشتباك مدروسة ولا تغير من أي شيء من ميزان المعركة، بل قد تساعد في اطمئنان الاحتلال أن الجبهة الشمالية مستقرة ولن تتجاوز الخطوط العريضة لمقتل جندي من هنا أو قرية من هناك، استهداف مخزن أسلحة من هنا وضرب عمود استطلاع من هناك.
---------
تلفزيون سوريا