لا يستند التمثيل في ائتلاف الموضوعات إلى مبدأ الحصص الطائفية والمناطقية والعشائرية والهُووية، وغيرها
ولا يستند التمثيل في ائتلاف الموضوعات إلى مبدأ الحصص الطائفية، والمناطقية، والعشائرية، والهُووية، وغيرها، ولا توجد فيه أي حصّة للتابعين والإمّعات تزداد وتنقص بمدى تزايد نفوذ الدول التي يتبعون إليها، ولا جواسيس للنظام وغيره، مثل الحالة في الائتلاف الراهن؛ بل يستند التمثيل إلى الموضوعات والأفكار والقضايا التي ترقى لتكون قضايا وطنية ضرورية لمستقبل الإنسان السوري أينما كان، وأيًا كان، ومنها على سبيل المثال طبيعة الدولة، وطرائق تدبير الاختلاف، وشكل الحكم المستقبلي، ومسألة اللاجئين، والعدالة الانتقالية، والعسكرة التي تُدار بالسياسة الوطنية وليس بالفصائلية، وإلى ما هنالك من قضايا وطنية. الائتلاف الذي نعرف نتيجة هُووية، وائتلاف الموضوعات نتيجة حيوية، ولا كرامة سياسية لهُووي. وعليه إن الجماعات الهُووية كلها، وتحديدًا الطائفية والعشائرية، إذا احتملت الوقوف خارج دائرة راحتها، وبالفعل، أرادت الكرامة عملًا وليس شعارًا فحسب؛ ينبغي أن تؤهل ذاتها لاحتمال الحقيقة التي لم نفكِّر فيها بعد، وهي أن مشروع الكرامة يتطلب دخول العمومي بصفة غير هُووية بالضرورة.
يستند التمثيل إلى الموضوعات والأفكار والقضايا التي ترقى لتكون قضايا وطنية ضرورية لمستقبل الإنسان السوري أينما كان، وأيًا كان
وقد يكون هذا مهمًا لحالاتٍ واعدة وصاعدة في طريق الحرية مثل حالة السويداء. بوضوحٍ صادم ولكنَّه ضروري، نقول: في السياسة، لا كرامة لمن يتهوَّى، ولا كرامة لعقلٍ غير قادرٍ على توسيع دائرة المعقول. وهنا تتكشف المشكلة بين الهدف العمومي والهدف الديني من زاوية أخرى؛ فعقل الإيمان لا يقدر على توسيع دائرة المعقول، يمنعه كسله الناتج من يقينه، ويجد في الهُوية وليًا وحليفًا مُريحًا، ويرى في الانتماء الديني، ومن ثم أي انتماء هُووي، شرطًا للأخلاق؛ بينما إيمان العقل لا يرى الدين شرطًا للأخلاق، بل العكس يرى أن المرء يتدين لأنه متخلق ولا يكون بالضرورة متخلقًا لأنه متدين. العقل الأول أيديولوجيا الدين، والعقل الثاني هو الدين. الأول مثل عقل أحرار الشام وأشباههم، والثاني مثل عقل الشيخ أحمد الصياصنة، الذي كان إمام المسجد العمري في درعا في 2011، والذي يرى أن "مشكلة الثورة أنها تَعسكرَت وأنها تَأسلَمت"! بالتأكيد، يسعى الثاني (إيمان العقل) إلى كرامة الإنسان السوري أكثر، ومع ذلك منح كثيرون الوسائل الأقوى والاحتضان اللازم للأول (عقل الإيمان). بمعنى آخر، نتيجة كسلنا وغياب التفكير عنَّا، كنَّا نُحارب ضد كرامتنا! مهمٌ جدًا للقوى الجديدة على ساحة الحرية، مثل السويداء، أن تفكِّر في هذه النتيجة التي دفعنا ثمنها دمًا ودموعًا وألمًا كبيرا، وتستفيد منها، فهذه حفرةٌ لا ينبغي أن تقع فيها كرامتنا مرّتين. بديهيٌ جدًا القول إن وجود نظام الأسد لا يدع كرامةً لأحد، وأيضًا لنفكِّر أن لا كرامة لأي إنسان بوجود إرادة خارجه تتجاوز عقله وتتعالى عليه؛ فلا كرامة مع الهُووية، ولا كرامة أيضًا مع ذاكرة تحولت إلى مصدرٍ رئيسٍ من منابع الذات. لنفكِّر بجرأة في غير المفكَّر فيه، ولنتجرأ على النسيان؛ فهذا طريقُ الكرامة في السياسة، ووصفات الانتماء الجاهزة تعمل دائمًا ضد كرامتنا، وضد أصالتها، إذا حشرناها في العمومي.
-----------
العربي الجديد