نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


المعارضة السورية: فصّ ملح






أعلى ما يمكن تشبيه المعارضة السورية به أنها، على غرار المثل الشائع، فصّ ملح وذاب. يتضمن التشبيه أن الأصل لم يكن ذا شأن كبير، قبل أن يذوب في مياه رُعاته. ثم يزداد ذلك فداحةً بالإشارة إلى أماكن تواجد هيئات معارضة رئيسية تحظى باعتراف دولي، فائتلاف المعارضة مقيم منذ سنوات طويلة في تركيا، وتستضيف السعودية الهيئة العليا للتفاوض.


قبل أيام تناقلت وكالات الأنباء والصحف خبر مبادرة الرياض تجاه الأسد، حيث من المنتظر أن يزور وزير خارجيتها دمشق بعد شهر رمضان ليسلّمه دعوة لحضور القمة العربية المقبلة. التطبيع التركي مع الأسد سبق نظيره السعودي، والاجتماعات المخابراتية تطورت إلى عسكرية، وأخيراً إلى سياسية وإن على مستوى نواب وزراء خارجية اللقاء الرباعي، وهو مكوَّن من ثلاثي أستانة+الأسد. أي أن المبادرة تجاه الأخير تأتي من البلدين اللذين يرعيان المعارضة، والأهم أن شروط التطبيع لا تلحظ وجودها.

لا ننطلق من توقعات أو أوهام حول المواقف أو التدابير التي يمكن أن يأخذها كلٌّ من الائتلاف والهيئة تجاه بلد الإقامة، فلا هذا ولا تلك في وضع يمكنهما من إعلان مواقف "راديكالية". نظرياً، ربما يكون الائتلاف في الموقع الأسوأ لوجوده في بلد جارٍ، وهناك ملايين السوريين تحت نفوذ هذا الجار الأكبر، والوصول إليهم تحت رحمته. أما عملياً فمن المعلوم أن أنقرة تتعامل في المقام الأول مع الفصائل، ولا تقيم اعتباراً للائتلاف أكثر مما تفعل الرياض إزاء هيئة التفاوض.

ليست الواقعية المفرطة ما يجعل الائتلاف والهيئة يرضخان بصمت، من دون إظهار أدنى تذمر من التغير في سياسات البلد المضيف. هو رضوخ التسليم التام، والقبول بأولويات البلدين على حساب الأولويات السورية، ولو كان الأمر خلاف ذلك لشرح الائتلاف أو الهيئة الفوائد المتوقعة من تطبيع أنقرة والرياض مع الأسد، هذا إذا افترضنا أنهما على علم بالحيثيات أكثر من أي متابع عادي للأخبار.

من دون تهويل يتعلق بنتائج التطبيع، لدينا بلد كان له في ما مضى دور أساسي في دعم تسليح فصائل معارضة، وأيضاً في دعم المعارضة في المحافل الدولية، والآن "تتويجاً لانسحابه وتهميشه معاً" يتخلى عن آخر ما يربطه بتلك المرحلة. ولدينا بلد آخر تتيح له الجغرافيا الإمساك بالعديد من الخيوط السورية، واستخدامه إياها لغير صالح المعارضة "أو المصالح المشتركة معها" يعني حرمان المعارضة من أوراق التفاوض جميعاً، بما أنها أصلاً قبلتْ بالمسار السياسي سبيلاً للحل.

إذا لم يكن في وسع هذين البلدين تقديم فوائد كبيرة للأسد، فهما يقدّمان له على الأقل فائدة تصفير قيمة المعارضة على نحو فاقع. أي أن الأسوأ، وفق المستجدات الأخيرة، لا منافس له حتى من موقع الأقل سوءاً؛ بقاؤه مفروغ منه لأن لا بديل مطروحاً ولو نظرياً. وعندما يماطل أو يسوّف في التطبيع مع أنقرة، رغم الضغط الروسي، فهو حتى إذا رضخ لاحقاً يظهر بقيمة أعلى لدى حلفائه من معارضة لا قيمة لها لدى رعاتها. 

ربما لا تستحق هذه المعارضة التساؤل عن صمتها، أو متى تخرج عنه لتتخذ موقفاً يتناسب مع مسؤولياتها. إلا أن اليأس منها لم يكن طوال عشر سنوات تقريباً مثمراً أكثر منها، وخلال الفترة ذاتها لم نكن فقط إزاء امتناع تغيير الأسد، بل أيضاً إزاء امتناع تغيير معارضةٍ هناك شبه إجماع بين السوريين على كونها تمثيلاً سيئاً لما ثاروا لأجله. وتكرار القول أن الشأن السوري خرج من أيدي أصحابه هو توصيف شديد السهولة، بما أنه يُقال على سبيل التسليم به. 

من المغري الظنّ أن هذه المعارضة، بكل سيئاتها، تؤدي وظيفة استقالة السوريين من قضيتهم. ونقدُها أتى في معظم الأحيان على سبيل التبرؤ منها، فلا هو من أجل تطوير عملها، وهو احتمال ميؤوس منه لدى غالبية المنتقدين، ولا هو من أجل القطيعة التامة معها بخلق أطر منافِسة لها. كأنما ثار السوريون مرة واحدة، ضد الأسد، وانتهت مسؤوليتهم عند هذا الحد. والحديث هنا ليس عن أولئك الذين تعرّضوا لأقسى عملية تحطيم وعلى كافة المستويات، إنه في أقل تقدير عن عشرات ألوف السوريين المناط بهم سدّ هذه الفجوة الفادحة، لكنهم تعففوا عن النشاط السياسي. من المحتمل جداً أن تكون للحالة السورية فرادتها، باستخدام هذا الكمّ من الذرائع لعدم الاشتغال في السياسة، الذرائع التي تبدأ بالتدخل الخارجي، ولا تنتهي عند هيئات المعارضة وكأنه قدر محتّم.

مرة أخرى بلا مبالغة تخص نتائج التطبيع مع الأسد، يجوز التساؤل عن تقاعس السوريين عن الدفاع عن قضيتهم في مفصل لا ينبغي الاستهانة به تماماً، ولا الاستهانة به باعتباره استمراراً أو تتويجاً لنهج دولي يحابي الأسد. التساؤل هو عن المسؤولية الجماعية للسوريين، غير الراضين منهم عن المعارضة أولاً، لأن هذه المعارضة ما كان لها البقاء برغبة الخارج لولا الاستقالة الجماعية للمعنيين بالاعتراض على ذلك. 

لم يفُت الوقت على فعل شيء، ولن يفوت على ذلك ففي السياسة هناك دائماً ما يمكن فعله باعتبارها فن الممكن. المشكلة في المعارضة السورية بمعناها الواسع ليست أصلاً أنها تطالب بالمستحيل أو تسعى إليه، المشكلة هي أنها لا تفعل الممكن. وأول الممكن هو الانقلاب على الاستقالة من الشأن السياسي، وهو ما سيكون بمثابة تحمّل ناضج لتبعات الثورة على الأسد، ومهما كانت نتائجه فستكون أفضل من التغنّي بالمظلومية السورية وتكرار ذلك وتوريثه. 

سيكسب الأسد المزيد، عاجلاً أو آجلاً، بالغياب الكلي للمعارضة؛ بغياب البديل. ومع علمنا بأن التساؤل عن البديل لطالما استُخدِم بخبث إلا أن من مهمة المعارضين تقديم فهْم أعمق، يكون فيه البديل تجربة منظمة "أو أكثر" تحظى أولاً بالحد الأدنى من الاحترام في أوساط السوريين، وتبرهن على أن البديل عن الأسد ليس الفوضى أو العدم. البديل بهذا المعنى ليس بديلاً عن اختيار السوريين ممثليهم في ظروف ديموقراطية مستقبلاً، بل إنه سند للخيار الديموقراطي متى صار ممكناً، ورسالة إلى المجتمع الدولي عن أهلية السوريين التي تعيق التقرير نيابة عنهم وفي غيابهم. هذا صعب جداً؟ نعم، بلا شك هو صعب جداً جداً، ومن الأسهل دائماً عدم فعل أي شيء على الإطلاق.  
-----
المدن

زيدون الزعبي 12/04/2023 لا شك في أن التحليل في هذا الوقت ينطوي على مخاطرة، فأصعب التحليلات تلك التي تحدث في زمن التحولات الكبرى، غير أن صعوبتها لا تلغي أهميتها كونها تساعد على تقفي التحول وفهم عوامله إبان حدوثه. كنت في مقال سابق قد تحدثت عن مخاض لشرق أوسط جديد على مقاس بلدانه، أو أنظمته إن شئنا الدقة أكثر. وقلت أيضاً إن من نتائج الربيع العربي وانتصار الأنظمة على الشعوب ومطالبها، فتح الاقتصاد، وإغلاق السياسة، وبناء سياسات اجتماعية تتماشى مع الطبيعة المحافظة للمجتمع العربي. كل واحدة من هذه الاستراتيجيات الكبرى بحاجة إلى مقال أو أكثر. أحاول في هذا المقال استقراء النظام الاجتماعي الذي تسعى إليه الأنظمة العربية، في مسعاها إلى استقرار أنظمة حكمها، وتجنب «ثورات ربيع» أخرى. هناك ثلاثة دروس لن تنساها الأنظمة العربية من امتحان الربيع العربي. أولاً؛ أن الشعوب لا تُدجن إلى ما لا نهاية، ولا يمكن أن تستكين لسياسات التهميش والإقصاء إلى الأبد، وسعيها إلى حياة كريمة لا يتوقف. وبالتالي، لا مكان لشعب فقير يهتف لها. إذا أرادت الأنظمة الاستمرار في حكم هذه البلاد، فعليها توفير نظام اقتصادي يؤمن فرص عمل لشباب بلدانها، وقانوناً يحترمه الجميع. ثاني الدروس أن قضية الكرامة معدية، وأن العالم العربي مترابط أكثر مما توقعت أنظمته. فما يحدث في مدينة صغيرة في تونس سيتردد صداه في كل شبر من بلدان الشرق الأوسط، وليس فقط في جزئه العربي. ويبدو أن أي بلد لن يكون بمنأى عن الاضطرابات التي تحدث في بلدان الإقليم، حتى لو كانت سياساته تنموية وتحترم كرامة المواطن. ثالث الدروس أن الإسلام هو الهوية الأقوى في المنطقة، وما لم تتعامل سياساته مع هذه الحقيقة فإن الإسلام السياسي، الذي تخشاه الأنظمة العربية جميعها، سيعود في لبوس آخر لينقض على حكمها. ففي الحالات الثلاث التي شهدت انتخابات ديموقراطية بعد الربيع العربي، في كل من مصر وتونس والمغرب، كان الإسلام السياسي بشكله التقليدي في مصر، وشكله الأكثر ليبرالية في تونس والمغرب هو الرابح الأكبر! أما في الدول التي شهدت نزاعات مسلحة كاليمن وليبيا وسوريا، فإن الإسلام السياسي هو الذي تصدر واجهة المشهد السياسي والعسكري بلبوسات متباينة! بل وشهدت الدولة العلمانية الوحيدة في الإقليم، تركيا، عودة قوية للنموذج المحافظ، دفعتها إلى الانسحاب من اتفاقية المجلس الأوروبي لمناهضة الاعتداء على المرأة والعنف المنزلي، المعروفة باسم «اتفاقية إسطنبول»، ودفعت معارضتها، العلمانية المتشددة، إلى طرح فكرة قانون يضمن حرية ارتداء الحجاب في مؤسسات الدولة! لسان حال الأنظمة العربية: إذا كنا نريد الاستمرار في حكم هذه البلاد، علينا التخلص من الإسلام السياسي، ولكي نفعل ذلك علينا أن ننزع منه قدرته على مخاطبة المجتمع بتقديم خطاب اجتماعي أكثر قبولاً من خطابنا، فلنسحب منه ميزته التنافسية هذه! تدرك الأنظمة العربية بلا شك أن أفكار الليبرالية الغربية بمعناها الاجتماعي، لا بمعناها السياسي أو الاقتصادي، لا تنسجم بحال من الأحوال مع السائد في المجتمعات العربية. فالأكثرية في معظم هذه المجتمعات غير متقبلة اليوم لقضايا مثل فصل الدين عن الدولة، والمساواة التامة بين الجنسين، وحقوق المثليين، والحرية الجنسية.. إلخ. في الوقت ذاته، تدرك هذه الأنظمة أن شعوب المنطقة ضاقت ذرعاً بالتطرف، الذي ركب مطالبها وساهم في تحويل آمالها إلى آلام يصعب نسيانها. ما الذي يعنيه هذا على صعيد سياسات الإقليم الداخلية والدولية؟ داخلياً، يعني – برأيي – أن الأنظمة إذا أرادت استقراراً اجتماعياً، فستقرر أن تعالج قضية الهوية هذه، على قاعدة «فليكن الإسلام دين الدولة، ولنناهض جميعنا الليبرالية الغربية بوصفها عدواناً على الدين ومحاولة لتفكيك الأسرة والمجتمع، ولنحارب معاً المثلية الجنسية». وهي بالتالي ستبحث عن حلف مع المؤسسة الدينية الرسمية، قائم على إذعان الثانية للأولى، على أن تحمي الأولى الثانية من التيارات التي تنافسها على المجتمع. بصياغة أخرى: السلطة تحمي المؤسسة الدينية من التيارات المنافسة، شريطة أن تنفذ سياساتها وتسوق لها في خطب الجمعة والأعياد! ويهاجم كلاهما مفاهيم الليبرالية الغربية الحديثة! ليس هذا النظام الاجتماعي مُتخيلاً، بل هو واقع متشكل في بعض بلدان الإقليم، كتركيا والإمارات والمغرب وإلى حد كبير في الجزائر، وآخذ بالتشكل في السعودية ومصر وتونس، ومتوقع في بلدان مثل سوريا والعراق وسائر دول الخليج. من وجهة نظر التحالفات الدولية الكبرى، تبدو هذه السياسات أكثر انسجاماً مع الشرق منها مع الغرب. فقوى الشرق الصاعدة، أكثر تمسكاً بشكلها المحافظ، سواء في الهند، وفي روسيا، وحتى في الصين الشيوعية! فالهند التي تقودها حكومة ناريندرا مودي، وحزب «بهاراتيا جاناتا بارتي» الهندوسي المتشدد المتمسك بهندوسية الهند، وروسيا التي تُعدّل دستورها لتجعل الإيمان بالله جزءاً أساسياً من تراثها، وتحظر زواج المثلية دستورياً، جميعها أقرب في نظمها الاجتماعية من ذاك الموجود في أوروبا والولايات المتحدة. والصين مثلاً، لم يحدث قط أن طالبت حلفاءها بتغيير سياساتهم الاجتماعية، على عكس الولايات المتحدة التي طالبت دوماً بذلك – إعلامياً على الأقل -، وعلى عكس أوروبا التي هاجمت قطر بشراسة على خلفية حقوق المثليين في كأس العالم 2022! بالتالي، يصبح النموذج الآسيوي والأوراسي، سواء لجهة نظام الحكم، أو النموذج الاجتماعي مغرياً للغاية لأنظمة الحكم العربية، وبشكل يفسر، ولو جزئياً التقارب الصاعد بقوة مع روسيا والصين. ما لم تجد الدول العربية مخرجاً لها، يحفظ هوية القدس الإسلامية والعربية، لن يكون هنالك استقرار في الإقليم إذاً، يبدو أن لسان حال الأنظمة العربية: إذا كنا نريد الاستمرار في حكم هذه البلاد، علينا التخلص من الإسلام السياسي، ولكي نفعل ذلك علينا أن ننزع منه قدرته على مخاطبة المجتمع بتقديم خطاب اجتماعي أكثر قبولاً من خطابنا، فلنسحب منه ميزته التنافسية هذه! إقرأ على موقع 180 إستعدادات روسية للحرب مع أوكرانيا.. وأميركا في مأزق كبير! ما يُعكر صفو توجه الأنظمة هذا هو إيران التي يحكمها الإسلام السياسي بشقه الشيعي، والتي تتحالف مع تيار قوي من الإسلام السياسي السني ممثلاً بحركة “حماس”، وتحتفظ بعلاقات متميزة مع قطر، وبالتالي، لا يمكن المضي في هذا النظام ما لم يتم تحييد إيران عن محاولة نقل نموذجها إلى العالم العربي! برأينا، لن يحاول العرب، وتحديداً بعد الاتفاقية السعودية-الإيرانية، تغيير النظام في إيران كما كانت دوماً رغبتهم، ولكنهم سيسعون إلى أن تعود إيران إلى إيران، وهذا أمر صعب للغاية برأينا، على الأقل حالياً، وإن كان ذلك غير مستحيل في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة. العامل الثاني الذي يعكر هذا التوجه هو إسرائيل، التي تغتصب القدس، وتعتدي على الأقصى، وما لم تجد الدول العربية مخرجاً لها، يحفظ هوية القدس الإسلامية والعربية، لن يكون هنالك استقرار في الإقليم.

Continue reading at نحو شرق أوسط جديد.. لا لليبرالية الاجتماعية! | 180Post
نحو شرق أوسط جديد.. لا لليبرالية الاجتماعية! زيدون الزعبي 12/04/2023 لا شك في أن التحليل في هذا الوقت ينطوي على مخاطرة، فأصعب التحليلات تلك التي تحدث في زمن التحولات الكبرى، غير أن صعوبتها لا تلغي أهميتها كونها تساعد على تقفي التحول وفهم عوامله إبان حدوثه. كنت في مقال سابق قد تحدثت عن مخاض لشرق أوسط جديد على مقاس بلدانه، أو أنظمته إن شئنا الدقة أكثر. وقلت أيضاً إن من نتائج الربيع العربي وانتصار الأنظمة على الشعوب ومطالبها، فتح الاقتصاد، وإغلاق السياسة، وبناء سياسات اجتماعية تتماشى مع الطبيعة المحافظة للمجتمع العربي. كل واحدة من هذه الاستراتيجيات الكبرى بحاجة إلى مقال أو أكثر. أحاول في هذا المقال استقراء النظام الاجتماعي الذي تسعى إليه الأنظمة العربية، في مسعاها إلى استقرار أنظمة حكمها، وتجنب «ثورات ربيع» أخرى. هناك ثلاثة دروس لن تنساها الأنظمة العربية من امتحان الربيع العربي. أولاً؛ أن الشعوب لا تُدجن إلى ما لا نهاية، ولا يمكن أن تستكين لسياسات التهميش والإقصاء إلى الأبد، وسعيها إلى حياة كريمة لا يتوقف. وبالتالي، لا مكان لشعب فقير يهتف لها. إذا أرادت الأنظمة الاستمرار في حكم هذه البلاد، فعليها توفير نظام اقتصادي يؤمن فرص عمل لشباب بلدانها، وقانوناً يحترمه الجميع. ثاني الدروس أن قضية الكرامة معدية، وأن العالم العربي مترابط أكثر مما توقعت أنظمته. فما يحدث في مدينة صغيرة في تونس سيتردد صداه في كل شبر من بلدان الشرق الأوسط، وليس فقط في جزئه العربي. ويبدو أن أي بلد لن يكون بمنأى عن الاضطرابات التي تحدث في بلدان الإقليم، حتى لو كانت سياساته تنموية وتحترم كرامة المواطن. ثالث الدروس أن الإسلام هو الهوية الأقوى في المنطقة، وما لم تتعامل سياساته مع هذه الحقيقة فإن الإسلام السياسي، الذي تخشاه الأنظمة العربية جميعها، سيعود في لبوس آخر لينقض على حكمها. ففي الحالات الثلاث التي شهدت انتخابات ديموقراطية بعد الربيع العربي، في كل من مصر وتونس والمغرب، كان الإسلام السياسي بشكله التقليدي في مصر، وشكله الأكثر ليبرالية في تونس والمغرب هو الرابح الأكبر! أما في الدول التي شهدت نزاعات مسلحة كاليمن وليبيا وسوريا، فإن الإسلام السياسي هو الذي تصدر واجهة المشهد السياسي والعسكري بلبوسات متباينة! بل وشهدت الدولة العلمانية الوحيدة في الإقليم، تركيا، عودة قوية للنموذج المحافظ، دفعتها إلى الانسحاب من اتفاقية المجلس الأوروبي لمناهضة الاعتداء على المرأة والعنف المنزلي، المعروفة باسم «اتفاقية إسطنبول»، ودفعت معارضتها، العلمانية المتشددة، إلى طرح فكرة قانون يضمن حرية ارتداء الحجاب في مؤسسات الدولة! لسان حال الأنظمة العربية: إذا كنا نريد الاستمرار في حكم هذه البلاد، علينا التخلص من الإسلام السياسي، ولكي نفعل ذلك علينا أن ننزع منه قدرته على مخاطبة المجتمع بتقديم خطاب اجتماعي أكثر قبولاً من خطابنا، فلنسحب منه ميزته التنافسية هذه! تدرك الأنظمة العربية بلا شك أن أفكار الليبرالية الغربية بمعناها الاجتماعي، لا بمعناها السياسي أو الاقتصادي، لا تنسجم بحال من الأحوال مع السائد في المجتمعات العربية. فالأكثرية في معظم هذه المجتمعات غير متقبلة اليوم لقضايا مثل فصل الدين عن الدولة، والمساواة التامة بين الجنسين، وحقوق المثليين، والحرية الجنسية.. إلخ. في الوقت ذاته، تدرك هذه الأنظمة أن شعوب المنطقة ضاقت ذرعاً بالتطرف، الذي ركب مطالبها وساهم في تحويل آمالها إلى آلام يصعب نسيانها. ما الذي يعنيه هذا على صعيد سياسات الإقليم الداخلية والدولية؟ داخلياً، يعني – برأيي – أن الأنظمة إذا أرادت استقراراً اجتماعياً، فستقرر أن تعالج قضية الهوية هذه، على قاعدة «فليكن الإسلام دين الدولة، ولنناهض جميعنا الليبرالية الغربية بوصفها عدواناً على الدين ومحاولة لتفكيك الأسرة والمجتمع، ولنحارب معاً المثلية الجنسية». وهي بالتالي ستبحث عن حلف مع المؤسسة الدينية الرسمية، قائم على إذعان الثانية للأولى، على أن تحمي الأولى الثانية من التيارات التي تنافسها على المجتمع. بصياغة أخرى: السلطة تحمي المؤسسة الدينية من التيارات المنافسة، شريطة أن تنفذ سياساتها وتسوق لها في خطب الجمعة والأعياد! ويهاجم كلاهما مفاهيم الليبرالية الغربية الحديثة! ليس هذا النظام الاجتماعي مُتخيلاً، بل هو واقع متشكل في بعض بلدان الإقليم، كتركيا والإمارات والمغرب وإلى حد كبير في الجزائر، وآخذ بالتشكل في السعودية ومصر وتونس، ومتوقع في بلدان مثل سوريا والعراق وسائر دول الخليج. من وجهة نظر التحالفات الدولية الكبرى، تبدو هذه السياسات أكثر انسجاماً مع الشرق منها مع الغرب. فقوى الشرق الصاعدة، أكثر تمسكاً بشكلها المحافظ، سواء في الهند، وفي روسيا، وحتى في الصين الشيوعية! فالهند التي تقودها حكومة ناريندرا مودي، وحزب «بهاراتيا جاناتا بارتي» الهندوسي المتشدد المتمسك بهندوسية الهند، وروسيا التي تُعدّل دستورها لتجعل الإيمان بالله جزءاً أساسياً من تراثها، وتحظر زواج المثلية دستورياً، جميعها أقرب في نظمها الاجتماعية من ذاك الموجود في أوروبا والولايات المتحدة. والصين مثلاً، لم يحدث قط أن طالبت حلفاءها بتغيير سياساتهم الاجتماعية، على عكس الولايات المتحدة التي طالبت دوماً بذلك – إعلامياً على الأقل -، وعلى عكس أوروبا التي هاجمت قطر بشراسة على خلفية حقوق المثليين في كأس العالم 2022! بالتالي، يصبح النموذج الآسيوي والأوراسي، سواء لجهة نظام الحكم، أو النموذج الاجتماعي مغرياً للغاية لأنظمة الحكم العربية، وبشكل يفسر، ولو جزئياً التقارب الصاعد بقوة مع روسيا والصين. ما لم تجد الدول العربية مخرجاً لها، يحفظ هوية القدس الإسلامية والعربية، لن يكون هنالك استقرار في الإقليم إذاً، يبدو أن لسان حال الأنظمة العربية: إذا كنا نريد الاستمرار في حكم هذه البلاد، علينا التخلص من الإسلام السياسي، ولكي نفعل ذلك علينا أن ننزع منه قدرته على مخاطبة المجتمع بتقديم خطاب اجتماعي أكثر قبولاً من خطابنا، فلنسحب منه ميزته التنافسية هذه! إقرأ على موقع 180 إستعدادات روسية للحرب مع أوكرانيا.. وأميركا في مأزق كبير! ما يُعكر صفو توجه الأنظمة هذا هو إيران التي يحكمها الإسلام السياسي بشقه الشيعي، والتي تتحالف مع تيار قوي من الإسلام السياسي السني ممثلاً بحركة “حماس”، وتحتفظ بعلاقات متميزة مع قطر، وبالتالي، لا يمكن المضي في هذا النظام ما لم يتم تحييد إيران عن محاولة نقل نموذجها إلى العالم العربي! برأينا، لن يحاول العرب، وتحديداً بعد الاتفاقية السعودية-الإيرانية، تغيير النظام في إيران كما كانت دوماً رغبتهم، ولكنهم سيسعون إلى أن تعود إيران إلى إيران، وهذا أمر صعب للغاية برأينا، على الأقل حالياً، وإن كان ذلك غير مستحيل في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة. العامل الثاني الذي يعكر هذا التوجه هو إسرائيل، التي تغتصب القدس، وتعتدي على الأقصى، وما لم تجد الدول العربية مخرجاً لها، يحفظ هوية القدس الإسلامية والعربية، لن يكون هنالك استقرار في الإقليم.

Continue reading at نحو شرق أوسط جديد.. لا لليبرالية الاجتماعية! | 180Post
نحو شرق أوسط جديد.. لا لليبرالية الاجتماعية! زيدون الزعبي 12/04/2023 لا شك في أن التحليل في هذا الوقت ينطوي على مخاطرة، فأصعب التحليلات تلك التي تحدث في زمن التحولات الكبرى، غير أن صعوبتها لا تلغي أهميتها كونها تساعد على تقفي التحول وفهم عوامله إبان حدوثه. كنت في مقال سابق قد تحدثت عن مخاض لشرق أوسط جديد على مقاس بلدانه، أو أنظمته إن شئنا الدقة أكثر. وقلت أيضاً إن من نتائج الربيع العربي وانتصار الأنظمة على الشعوب ومطالبها، فتح الاقتصاد، وإغلاق السياسة، وبناء سياسات اجتماعية تتماشى مع الطبيعة المحافظة للمجتمع العربي. كل واحدة من هذه الاستراتيجيات الكبرى بحاجة إلى مقال أو أكثر. أحاول في هذا المقال استقراء النظام الاجتماعي الذي تسعى إليه الأنظمة العربية، في مسعاها إلى استقرار أنظمة حكمها، وتجنب «ثورات ربيع» أخرى. هناك ثلاثة دروس لن تنساها الأنظمة العربية من امتحان الربيع العربي. أولاً؛ أن الشعوب لا تُدجن إلى ما لا نهاية، ولا يمكن أن تستكين لسياسات التهميش والإقصاء إلى الأبد، وسعيها إلى حياة كريمة لا يتوقف. وبالتالي، لا مكان لشعب فقير يهتف لها. إذا أرادت الأنظمة الاستمرار في حكم هذه البلاد، فعليها توفير نظام اقتصادي يؤمن فرص عمل لشباب بلدانها، وقانوناً يحترمه الجميع. ثاني الدروس أن قضية الكرامة معدية، وأن العالم العربي مترابط أكثر مما توقعت أنظمته. فما يحدث في مدينة صغيرة في تونس سيتردد صداه في كل شبر من بلدان الشرق الأوسط، وليس فقط في جزئه العربي. ويبدو أن أي بلد لن يكون بمنأى عن الاضطرابات التي تحدث في بلدان الإقليم، حتى لو كانت سياساته تنموية وتحترم كرامة المواطن. ثالث الدروس أن الإسلام هو الهوية الأقوى في المنطقة، وما لم تتعامل سياساته مع هذه الحقيقة فإن الإسلام السياسي، الذي تخشاه الأنظمة العربية جميعها، سيعود في لبوس آخر لينقض على حكمها. ففي الحالات الثلاث التي شهدت انتخابات ديموقراطية بعد الربيع العربي، في كل من مصر وتونس والمغرب، كان الإسلام السياسي بشكله التقليدي في مصر، وشكله الأكثر ليبرالية في تونس والمغرب هو الرابح الأكبر! أما في الدول التي شهدت نزاعات مسلحة كاليمن وليبيا وسوريا، فإن الإسلام السياسي هو الذي تصدر واجهة المشهد السياسي والعسكري بلبوسات متباينة! بل وشهدت الدولة العلمانية الوحيدة في الإقليم، تركيا، عودة قوية للنموذج المحافظ، دفعتها إلى الانسحاب من اتفاقية المجلس الأوروبي لمناهضة الاعتداء على المرأة والعنف المنزلي، المعروفة باسم «اتفاقية إسطنبول»، ودفعت معارضتها، العلمانية المتشددة، إلى طرح فكرة قانون يضمن حرية ارتداء الحجاب في مؤسسات الدولة! لسان حال الأنظمة العربية: إذا كنا نريد الاستمرار في حكم هذه البلاد، علينا التخلص من الإسلام السياسي، ولكي نفعل ذلك علينا أن ننزع منه قدرته على مخاطبة المجتمع بتقديم خطاب اجتماعي أكثر قبولاً من خطابنا، فلنسحب منه ميزته التنافسية هذه! تدرك الأنظمة العربية بلا شك أن أفكار الليبرالية الغربية بمعناها الاجتماعي، لا بمعناها السياسي أو الاقتصادي، لا تنسجم بحال من الأحوال مع السائد في المجتمعات العربية. فالأكثرية في معظم هذه المجتمعات غير متقبلة اليوم لقضايا مثل فصل الدين عن الدولة، والمساواة التامة بين الجنسين، وحقوق المثليين، والحرية الجنسية.. إلخ. في الوقت ذاته، تدرك هذه الأنظمة أن شعوب المنطقة ضاقت ذرعاً بالتطرف، الذي ركب مطالبها وساهم في تحويل آمالها إلى آلام يصعب نسيانها. ما الذي يعنيه هذا على صعيد سياسات الإقليم الداخلية والدولية؟ داخلياً، يعني – برأيي – أن الأنظمة إذا أرادت استقراراً اجتماعياً، فستقرر أن تعالج قضية الهوية هذه، على قاعدة «فليكن الإسلام دين الدولة، ولنناهض جميعنا الليبرالية الغربية بوصفها عدواناً على الدين ومحاولة لتفكيك الأسرة والمجتمع، ولنحارب معاً المثلية الجنسية». وهي بالتالي ستبحث عن حلف مع المؤسسة الدينية الرسمية، قائم على إذعان الثانية للأولى، على أن تحمي الأولى الثانية من التيارات التي تنافسها على المجتمع. بصياغة أخرى: السلطة تحمي المؤسسة الدينية من التيارات المنافسة، شريطة أن تنفذ سياساتها وتسوق لها في خطب الجمعة والأعياد! ويهاجم كلاهما مفاهيم الليبرالية الغربية الحديثة! ليس هذا النظام الاجتماعي مُتخيلاً، بل هو واقع متشكل في بعض بلدان الإقليم، كتركيا والإمارات والمغرب وإلى حد كبير في الجزائر، وآخذ بالتشكل في السعودية ومصر وتونس، ومتوقع في بلدان مثل سوريا والعراق وسائر دول الخليج. من وجهة نظر التحالفات الدولية الكبرى، تبدو هذه السياسات أكثر انسجاماً مع الشرق منها مع الغرب. فقوى الشرق الصاعدة، أكثر تمسكاً بشكلها المحافظ، سواء في الهند، وفي روسيا، وحتى في الصين الشيوعية! فالهند التي تقودها حكومة ناريندرا مودي، وحزب «بهاراتيا جاناتا بارتي» الهندوسي المتشدد المتمسك بهندوسية الهند، وروسيا التي تُعدّل دستورها لتجعل الإيمان بالله جزءاً أساسياً من تراثها، وتحظر زواج المثلية دستورياً، جميعها أقرب في نظمها الاجتماعية من ذاك الموجود في أوروبا والولايات المتحدة. والصين مثلاً، لم يحدث قط أن طالبت حلفاءها بتغيير سياساتهم الاجتماعية، على عكس الولايات المتحدة التي طالبت دوماً بذلك – إعلامياً على الأقل -، وعلى عكس أوروبا التي هاجمت قطر بشراسة على خلفية حقوق المثليين في كأس العالم 2022! بالتالي، يصبح النموذج الآسيوي والأوراسي، سواء لجهة نظام الحكم، أو النموذج الاجتماعي مغرياً للغاية لأنظمة الحكم العربية، وبشكل يفسر، ولو جزئياً التقارب الصاعد بقوة مع روسيا والصين. ما لم تجد الدول العربية مخرجاً لها، يحفظ هوية القدس الإسلامية والعربية، لن يكون هنالك استقرار في الإقليم إذاً، يبدو أن لسان حال الأنظمة العربية: إذا كنا نريد الاستمرار في حكم هذه البلاد، علينا التخلص من الإسلام السياسي، ولكي نفعل ذلك علينا أن ننزع منه قدرته على مخاطبة المجتمع بتقديم خطاب اجتماعي أكثر قبولاً من خطابنا، فلنسحب منه ميزته التنافسية هذه! إقرأ على موقع 180 إستعدادات روسية للحرب مع أوكرانيا.. وأميركا في مأزق كبير! ما يُعكر صفو توجه الأنظمة هذا هو إيران التي يحكمها الإسلام السياسي بشقه الشيعي، والتي تتحالف مع تيار قوي من الإسلام السياسي السني ممثلاً بحركة “حماس”، وتحتفظ بعلاقات متميزة مع قطر، وبالتالي، لا يمكن المضي في هذا النظام ما لم يتم تحييد إيران عن محاولة نقل نموذجها إلى العالم العربي! برأينا، لن يحاول العرب، وتحديداً بعد الاتفاقية السعودية-الإيرانية، تغيير النظام في إيران كما كانت دوماً رغبتهم، ولكنهم سيسعون إلى أن تعود إيران إلى إيران، وهذا أمر صعب للغاية برأينا، على الأقل حالياً، وإن كان ذلك غير مستحيل في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة. العامل الثاني الذي يعكر هذا التوجه هو إسرائيل، التي تغتصب القدس، وتعتدي على الأقصى، وما لم تجد الدول العربية مخرجاً لها، يحفظ هوية القدس الإسلامية والعربية، لن يكون هنالك استقرار في الإقليم.

Continue reading at نحو شرق أوسط جديد.. لا لليبرالية الاجتماعية! | 180Post

عمر قدور
الخميس 13 أبريل 2023