وصدر قرار بالإجماع من قضاة المحكمة العليا الخمسة أنه لا يمكن ترحيل المهاجرين إلى رواندا؛ لأنه لا يمكن اعتبارها بلدًا ثالثًا آمنًا، إضافة إلى أن قوانين المملكة المتحدة والقوانين الدولية تنص على مبدأ “عدم الإعادة القسرية”، أي عدم إعادة أي طالب لجوء إلى بلده الأصلي إنْ كان من شأن ذلك تعريض حياته للخطر.
تعرضت الخطة المثيرة للجدل لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ومنعهم من العودة إلى المملكة المتحدة لتحديات قانونية منذ أن أعلنها رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون للمرة الأولى في إبريل 2022.
وحاولت الحكومة البريطانية الحالية برئاسة ريشي سوناك إطلاق هذه الخطة في يونيو من العام الماضي بترحيل عدد من طالبي اللجوء، وأنفقت بالفعل 140 مليون باوند على ذلك، لكن العملية أُوقِفت في آخر لحظة بعد قرار من محكمة الاستئناف التي أمرت بإلغاء الترحيل؛ لما يترتب عليه من مخاطر على حياة طالبي اللجوء في بلدٍ لا يُعَدّ آمنًا.
والآن بعد قرار أعلى محكمة في المملكة المتحدة، فإن فرص تنفيذ خطة الترحيل دون إجراء تغييرات جذرية فيها قد انتهت فعليًّا. لكن سوناك تعهد أمام أعضاء البرلمان بإبرام اتفاقية جديدة مع رواندا، وأعرب عن استعداده لتغيير قوانين المملكة المتحدة لإعادة إحياء الخطة.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء: إن الاتفاقية الجديدة ستوفّر الضمانات اللازمة التي طلبتها المحكمة العليا.
يُشار إلى أن حكم المحكمة العليا لا يحظر إرسال طالبي اللجوء إلى بلد آمن آخر غير رواندا، ولكنه ليس من الواضح حتى الآن ما الدول الأخرى المستعدة لعقد اتفاقية مماثلة مع المملكة المتحدة.
وقال قضاة المحكمة العليا: إن الحكومة الرواندية وافقت على الاتفاقية “بحسن نية”، لكن الأدلة تلقي ظلال الشك على قدرتها على الوفاء بتعهداتها بحماية طالبي اللجوء وعدم إعادة ترحيلهم إلى أماكن غير آمنة!
ومن المتوقع أن يثير الحكم غضب الجناح اليميني داخل حزب المحافظين ويتسبّب بتصاعد دعوات انسحاب بريطانيا من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ما يزيد الضغوط على رئيس الوزراء ريشي سوناك للبحث عن طريقة لإنقاذ هذه الخطة قبل الانتخابات العامة المقبلة.
وبالفعل أصدر سوناك بيانًا بعد صدور حكم المحكمة العليا مباشرةً، قال فيه: إن الحكومة “كانت تنظر في جميع الاحتمالات، وهي ملتزمة التزامًا تامًّا بحل مشكلة الهجرة غير الشرعية”.
وأضاف: “الأهم من ذلك، أن المحكمة العليا أكدت أن مبدأ إرسال المهاجرين غير الشرعيين إلى بلد ثالث آمن هو مبدأ قانوني. وهذا يؤكد وجهة نظر الحكومة الواضحة منذ البداية”.
ويأتي قرار المحكمة العليا في ظل التداعيات السياسية الناجمة عن إقالة سويلا برافرمان من منصب وزيرة الداخلية يوم الإثنين، التي سعت جاهدة لتنفيذ خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا.
وبعد صدور الحكم دعت برافرمان ريشي سوناك إلى اللجوء إلى “تشريع الطوارئ” الذي من شأنه أن يمنع الطعن القانوني، ويشمل ذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)، أما وزير الداخلية المعيّن حديثًا جيمس كليفرلي فقال أمام مجلس العموم يوم الأربعاء: إن الحكومة عملت خلال الأشهر القليلة الماضية على وضع خطة لتوفير الشروط التي تطلبها المحكمة والتي تتوافق مع القانون الدولي.
هذا ووصل أكثر من 100 ألف طالب لجوء إلى المملكة المتحدة بطريقة غير شرعية عبر القوارب الصغيرة منذ عام 2018 -منهم 45 ألف طالب لجوء في عام 2022 فقط- في حين وصل نحو 28 ألف طالب لجوء حتى الآن في عام 2023!