يقولون عندما تحل الكارثة لا مكان لصوت العقل. صوت العاطفة والغضب والحزن وحده مسموع، ولكننا نعيش كوارث مستمرة منذ أكثر من 75 عاما، في فلسطين وغيرها، نحيي ذكرى النكبة. لكن لا يمر بضع سنين علينا دون نكبات، من فلسطين إلى لبنان واليمن، من السودان والعراق وسوريا إلى ليبيا ومصر والصومال. هل نسيت أحدا من جمهورياتنا العربية المنكوبة؟
تختلف صور الموت والدمار، ولكنه في كل مكان، ونحن منذ أكثر من 75 عاما لا نفعل شيئا سوى الغضب الذي يقودنا إلى مزيد ومزيد من النكبات.
نعم، إسرائيل ترتكب مجازر وحرب إبادة بحق الفلسطينيين. لكن هل كنا نتوقع غير ذلك؟ إسرائيل تنتهك القوانين الدولية والمعاهدات والمواثيق، ولكن منذ متى التزمت إسرائيل بالقانون والمعاهدات والمواثيق؟
وكي لا نسأل إن كانت قيادات حركة حماس طرحت على نفسها كل هذه الاسئلة قبل وأثناء التحضير والاستعداد وإطلاق عملية "طوفان الأقصى"، فنُتهم بالتخاذل، هل لنا أن نسأل إن استعدت حماس وهي تعد العدة لهذه العملية لما سيليها؟ هل جهزت الملاجئ لأهالي غزة؟ هل أمنت مخزونا من الماء والطعام والوقود ليصمد القطاع ولو لأيام قليلة؟
يتوهم البعض أن عملية "طوفان الأقصى" التي كسرت هيبة إسرائيل العسكرية إلى الأبد، سترغم إسرائيل على القبول بحل الدولتين، ولكن هل تقبل "حماس" بحل الدولتين؟
هل لنا أن نسأل ونحلم أن المجتمع الدولي- الذي برهن عن تواطؤ لا مثيل له مع الجريمة المرتكبة بحق الفلسطينيين- أرغم إسرائيل على وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن غزة وتفاوض مع حماس، وهل لدى حماس ما تفاوض عليه غير ملف تبادل الأسرى، وهو ملف بالطبع له أهميته؟
منذ عشرات السنين والجميع يدرك أن الحل الوحيد لإنهاء معاناة الفلسطينيين، أو الحل الواقعي الوحيد لإنهاء معاناة الفلسطينيين يكمن في إقامة دولتين على حدود عام 1967، ولكن حكومات إسرائيل المتطرفة ترفض هذا الحل وتتهرب منه، وكذلك تفعل حماس.
يتوهم البعض أن عملية "طوفان الأقصى" التي كسرت هيبة إسرائيل العسكرية إلى الأبد، سترغم إسرائيل على القبول بحل الدولتين، ولكن هل تقبل حماس بحل الدولتين؟
يصب البعض جام غضبه على مصر لأنها ترفض إدخال الفلسطينيين إلى أراضيها، وتصر على إدخال المساعدات إلى القطاع بدل إخراج أهله، ولكن أليس تهجير أهالي غزة حلم إسرائيل القديم، أليس نقلهم إلى سيناء وإفراغ غزة من سكانها حلما طالما راود إسرائيل وسعت إلى تحقيقه؟
أين من توعد بتحرير القدس، وسمى فرقة من جيشه باسم "فيلق القدس"؟ لماذا لا نسمع أي مسؤول من حماس يقول لهم: "لقد خذلتمونا وخذلتم القدس وفلسطين"؟ ألم يطلق إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لقب شهيد القدس على قاسم سليماني وهو الذي أجرم بحق العرب إجراما لا يقل عن إجرام إسرائيل بحق الفلسطينيين؟ أين النظام السوري وميليشيا "حزب الله" اللذين مارسا حرفيا بحق السوريين كل ما تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينين، تحت شعار "محاربة الصهيونية"؟ أم إن هذا المحور يكتفي بإرسال اللعنات لإسرائيل بينما يرسل الموت للعرب على شكل ميليشيات طائفية حاقدة متعطشة للدماء.
هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن ما تقوم به إسرائيل مبرر، هو جريمة إبادة، جريمة ضد الإنسانية جمعاء وليس ضد غزة وحسب، ولكن ألا يحق لنا نحن أيضا أن نغضب ونسأل؟
ستنتهي حرب إسرائيل على غزة، ولكن ماذا ستكون نتيجتها؟ آلاف الشهداء، هم ليسوا أرقاما، وإن أردنا أن يتعامل الغرب مع حياتنا على أنها ذات قيمة، فعلينا أولا أن ندرك نحن أن حياتنا لها قيمة، علينا أن نكف عن الدعوة للموت، فكيف إن كان موت كموت أطفال غزة؟ هم ليسوا خسائر جانبية، هم الخسارة والمصاب.
منذ عشرات السنين والجميع يدرك أن الحل الوحيد لإنهاء معاناة الفلسطينيين، أو الحل الواقعي الوحيد لإنهاء معاناة الفلسطينيين يكمن في إقامة دولتين على حدود عام 1967، ولكن حكومات إسرائيل المتطرفة ترفض هذا الحل وتتهرب منه، وكذلك تفعل حماس.
يتوهم البعض أن عملية "طوفان الأقصى" التي كسرت هيبة إسرائيل العسكرية إلى الأبد، سترغم إسرائيل على القبول بحل الدولتين، ولكن هل تقبل حماس بحل الدولتين؟
يصب البعض جام غضبه على مصر لأنها ترفض إدخال الفلسطينيين إلى أراضيها، وتصر على إدخال المساعدات إلى القطاع بدل إخراج أهله، ولكن أليس تهجير أهالي غزة حلم إسرائيل القديم، أليس نقلهم إلى سيناء وإفراغ غزة من سكانها حلما طالما راود إسرائيل وسعت إلى تحقيقه؟
أين من توعد بتحرير القدس، وسمى فرقة من جيشه باسم "فيلق القدس"؟ لماذا لا نسمع أي مسؤول من حماس يقول لهم: "لقد خذلتمونا وخذلتم القدس وفلسطين"؟ ألم يطلق إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لقب شهيد القدس على قاسم سليماني وهو الذي أجرم بحق العرب إجراما لا يقل عن إجرام إسرائيل بحق الفلسطينيين؟ أين النظام السوري وميليشيا "حزب الله" اللذين مارسا حرفيا بحق السوريين كل ما تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينين، تحت شعار "محاربة الصهيونية"؟ أم إن هذا المحور يكتفي بإرسال اللعنات لإسرائيل بينما يرسل الموت للعرب على شكل ميليشيات طائفية حاقدة متعطشة للدماء.
هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن ما تقوم به إسرائيل مبرر، هو جريمة إبادة، جريمة ضد الإنسانية جمعاء وليس ضد غزة وحسب، ولكن ألا يحق لنا نحن أيضا أن نغضب ونسأل؟
ستنتهي حرب إسرائيل على غزة، ولكن ماذا ستكون نتيجتها؟ آلاف الشهداء، هم ليسوا أرقاما، وإن أردنا أن يتعامل الغرب مع حياتنا على أنها ذات قيمة، فعلينا أولا أن ندرك نحن أن حياتنا لها قيمة، علينا أن نكف عن الدعوة للموت، فكيف إن كان موت كموت أطفال غزة؟ هم ليسوا خسائر جانبية، هم الخسارة والمصاب.
أين من توعد بتحرير القدس، وسمى فرقة من جيشه باسم "فيلق القدس"؟ لماذا لا نسمع أي مسؤول من حماس يقول لهم: "لقد خذلتمونا وخذلتم القدس وفلسطين"؟
ستنتهي الحرب وسيكتشف أصحاب الشعارات من المستفيد من كل هذا، سيرون من استطاع بدمائنا خلط أوراق المنطقة كلها من حمص إلى غزة، ليقول: أنا هنا والقرار لي، ولا حلول في المنطقة من دوني، علما أنه لا يريد الحلول العادلة لأهالي المنطقة، هم فقط وقود في معاركه وحروبه التوسعية.
وفي النهاية، أقول: قد يرى البعض أنه كان بإمكاني تأجيل كتابة هذا المقال بضعة أسابيع احتراما لفلسطين وقضيتها وأهلها، لكن إيماني بفلسطين وقضيتها وحق الفلسطينيين في حل عادل يعطيهم حقوقهم، حتّم علي أن أعبر عن غضبي دون أن أغمض عيني عما أراه وأعيشه منذ سنين.
حمى الله فلسطين وأهلها، حمى الله غزة وخفف من مصابها، وأبعد عنها جرائم إسرائيل وتجار الدم.
----------
مجلة المجلة