هذا ثم أشار رئيس الأساقفة كاتشا إلى محاولات بعض الدول فرض أيديولوجياتها على دول أخرى، والتي تقطع عنها أحياناً الدعم المادي والمساعدة الإنسانية إن لم تتقيد بالشروط الموضوعة، موضحا أن البابا فرنسيس انتقد هذه الممارسات واصفاً إياها بالاستعمار الأيديولوجي، كما جاء في خطابه إلى أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي، خلال اللقاء التقليدي لمناسبة تبادل التهاني بحلول العام الجديد، في الثامن من كانون الثاني يناير الماضي. وشدد الدبلوماسي الفاتيكاني على ضرورة تخطي مواقف اللامبالاة إزاء هذه الظواهر الخطيرة، لافتا إلى أننا مدعوون إلى تعزيز احترام كرامة كل كائن بشري وإلى نبذ العنصرية التي ترتكز إلى القناعة بتفوق شخص على الآخر، ما يشكل انتهاكاً صارخاً للكرامة غير القابلة للتصرف، والتي منحها الله لكل إنسان.
تابع مراقب الكرسي الرسولي مؤكدا أن مكافحة العنصرية ينبغي أن تبدأ من المصدر، لافتا إلى أن هذه الظاهرة تستمد جذورها من الجهل والأحكام المسبقة. وفي هذا السياق تكتسب التربية أهمية قصوى، إذ إنها مدعوة إلى تعزيز العلاقات الأخوية والممارسات الحسنة في التصدي للعنصرية. وهذه التربية لا بد أن تبدأ من العائلة التي هي المكان الأول حيث تُعاش قيم المحبة والأخوة والمقاسمة والاهتمام بالآخرين، كما كتب البابا فرنسيس في رسالته العامة Fratelli Tutti.
لم تخل كلماتُ رئيس الأساقفة كاتشا من الحديث عن أوضاع المهاجرين من أصول أفريقية الذين تركوا أرضهم، طوعاً أو قسراً، ويواجهون العنصرية والكزينوفوبيا، والتمييز وعدم التسامح في البلدان المضيفة، عوضا عن الدعم الذي يحتاجون إليه. وقال سيادته إننا نجد أنفسنا اليوم على مفترق طرق وعلينا أن نختار بين ثقافة الإنسانية والأخوة أو ثقافة اللامبالاة. وهذا ما دعا إليه البابا فرنسيس خلال مشاركته في “لقاءات المتوسط” في مرسيليا في الثاني والعشرين من أيلول سبتمبر من العام الماضي.
هذا ثم قال الدبلوماسي الفاتيكاني إن كل إنسان يحتاج إلى مكان يعتبره بيته، حيث يحصل على الغذاء والسكن والرعاية الصحية والتربية والعمل الكريم واللائق. كما أن كل إنسان يحتاج إلى مكان لا يكون فيه منبوذاً، وحيث يحظى بالحب والاهتمام والرعاية، وحيث يساهم في حياة الجماعة. وختم مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك مداخلته مؤكدا أنه لا يمكن أن يُنظر إلى اللاجئين والمهاجرين على أنهم غرض يحتاج إلى الاهتمام، إذ لا بد أن يُعاملوا ككائنات بشرية تتمتع بالكرامة نفسها، وتترتب عليها حقوق وواجبات