دام مفعول تلك الرسالة ثلاثة عقود إلى أن حصل الانفجار الكبير في آذار 2011 مع ثورات الربيع العربي.
أمعن الأسد الأب والولد في تهجير الكفاءات الوطنية وتطفيشها وإن لم تُغادر فتهميشها وتيئيسها.
وككل الأنظمة الشمولية تَدخّل نظام الحكم في كل تفصيلات حياة السوريين واستسهل مراقبتهم وعَدّ الأنفاس عليهم (داخل سوريا وخارجها) وبالتالي كان ظِلّ أو هاجس الأمن موجوداً في حياتهم وسيفاً مُسلطاً على أعناقهم بل وتفكيرهم، الكل يجب أن يبقى عبداً في مزرعة الأسد وممنوع الخروج بتفكيره خارج الصندوق.
وإلى جانب هيبة المخابرات التي تَتَرصّد أي هفوة اعتمد الأسدان على استراتيجية ممنهجة لنشر الفساد في المجتمع لإضعافه وتمزيقه وإدارة الدولة فلم يكن فقط ذلك الفساد مكافأةً للذي يواليه بل كنموذج للسيطرة والتحكّم.
وعمل بذلك على عدم إكساب السوريين أيّ مهارة أو خبرة في الإدارة إن كانت لمؤسسات الدولة أو لإدارة مجتمعاتهم المحلية، فكانت التعيينات الإدارية للمؤسسات والبلديات وغيرهما تعتمد على مبدأ الموالاة دون الكفاءة.
وكان حزب البعث هو الواجهة المدنية للسلطة الأمنية والذي تنتقي منهم من تشاء لتضعهم في هرميات الإدارة.
ونشأ شعور عميق في الوعي الجمعي السوري بأنّ كلّ ديكورات العملية الانتخابية وصناديق الانتخابات والمرشحين وما إلى ذلك، تكون مُفرغة من أيّ محتوى وتكون قوائم الناجحين مُعدّة في أقبية المخابرات مُسبقاً وهي تتمّ للتصدير للخارج، أما هدفها في الداخل فالغاية منها بناء شبكات أفقية على امتداد سوريا للموالاة والتعبير عن التأييد والتأبيد للقائد الأوحد وشَقّ المجتمعات المحلية بين مُؤيد مُستفيد وغيره لا يَتمتّع بالغنائم وفتات موائد السلطان.
وصل ذلك إلى عُمق القرى والأرياف السورية بِدقّ الأسافين في تلك المجتمعات الصغيرة (والتي هي لَبِنة المجتمع السوري الكبير) بين عوائل مُؤيدة تاريخياً لنظام الحكم وعائلات معارضة أو مُهمّشة عن ذلك، وهذا قد يُفسّر أحد اسباب السرعة الهائلة في انتشار الثورة السورية في الأرياف وصولاً للأطراف البعيدة عن مراكز المدن حيث كان الاحتقان المجتمعي في ذروته وهو ينتظر الشرارة للانفجار، وهذا ما حدث وانحازت عائلات كُبرى للثورة فيما بقيت العائلات المستفيدة من السلطة على مواقفها ومنها كانت خزانات الشبيحة البشرية التي عرفناها ومازالت موالية للنظام بعيداً عن أيّ اعتبارات طائفية.
وفي العام الأول من الثورة بدأت تخرج تَجمّعات بشرية كاملة (قرى وبلدات) من سلطات النظام وخرجت معها كل أشكال الإدارة للدولة وعلى كل مساوئها إلا أنها كانت ضرورية لإدارة وتقديم بعض الخدمات للسكان، ولأسباب عسكرية قام نظام الأسد بسحب قواته وأجهزته القمعية والإدارية من بلدات يُمكنه الدفاع عنها ولا توجد تلك الأخطار المحدقة بها من جانب قوى الثورة، وذلك لتجميع قواته وعدم نشرها أفقيا بحيث توجد أولويات للدفاع عنده، وثانياً لإلقاء عبء إدارة تلك المناطق للقوى الثورية المتشكلة حديثاً لإدارتها والتي لا تمتلك أي خبرة أو أدوات أو موارد أو كفاءات لذلك العمل.
أسرف النظام باستهداف الحواضن الشعبية في المناطق المحررة من سلطته وذلك لجعلها نموذجاً فاشلاً أمام السوريين ولِحضّهم على البقاء تحت سلطاته وخدماته، بقصف ممنهج لكل البنى التحتية الخدمية من مدارس ومستوصفات ومنشآت لتوصيل المياه والكهرباء وغيرها من الخدمات، وعمل بِجدّ على استهداف الكوادر البشرية المدنية التي انحازت للثورة والتي من الممكن أن تعمل على سَدّ الفراغ الإداري الناجم من انسحابه، ومن لم يُقتل منهم اضطر للهجرة إلى الخارج للحفاظ على حياته وسلامة أسرته، وسعى بذلك العمل على إبقاء إدارة شؤون السكان لغير العارفين أو المؤهلين و بالتالي لم يَتمّ تقديم أي نموذج إداري ناجح ينافسه ويكون جاذباً للسوريين ومَحطّ تقدير وإعجاب من الخارج حيث من الممكن (إذا لم يفعل النظام ذلك) خَلق بديل ناجح له سياسياً وإدارياً وهو الهدف الذي نجح مرحلياً بالقضاء عليه.
إنّ تَحدي بناء نموذج ناجح يكون بديلاّ عن نظام الأسد وقوى الأمر الواقع الأخرى هو التحدي المفروض على قوى الثورة السورية، نموذج ناجح سياسياً وأمنياً واقتصادياً وإدارياً يُمكن تقديمه للسوريين وللعالم أجمع ويكون نواة لسوريا المستقبل.
وحتى لا نكون طوباويين أو من المؤمنين بالمدن الفاضلة وهي نماذج مُتخيّلة أو حالمة وليست واقعية.
وهذا لا يمكن أن يَتمّ إلا بتجارب عملية وخبرات تراكمية وتَعلم من الأخطاء لتلافيها مستقبلاً، فبناء المؤسسات عملية صعبة ولا يوجد وصفات جاهزة لتطبيقها إنما خصوصية كل مجتمع وظروفه والأحداث المحيطة به التي تؤثّر به ويتأثر بها يجب أن تُؤخذ بالحسبان ولا يمكن تخطيها أو تجاهلها، ولا يُفيد ذلك الجهد الشاق التخلي عن المسؤولية والاكتفاء بِتصيّد الأخطاء وتضخيمها وهي ( عن قصد أو غير قصد ) غايتها الإحباط عن فعل أيّ شيء إيجابي والاستسلام لواقع الفوضى والذي من المُفترض اعتباره مرحلة انتقالية لابد منها ولكن يجب أن لا تستمر طويلاً.
تُعتبر منطقة الشمال المحرر هي موطن الثورة السورية وخزانها البشري وتَضمّ كل من لم يقبل في العيش في مزرعة سوريا الأسد طوعاً أو بموجات الترحيل القسري التي تَمّت إليها من مختلف البقاع السورية، وهياكلها الإدارية والسياسية تحظى بالاعتراف الدولي والأممي كممثل شرعي للشعب السوري وهي قوى الثورة والمعارضة المناهضة لنظام الأسد.
ومُعترف أيضاً من الأعداء والأصدقاء بالهياكل العسكرية التي تمت تسميتها لاحقاً بالجيش الوطني (وهو وريث الجيش الحر الذي يُكنّ له كل السوريين الاعتزاز والمحبة والتقدير)، وهذه المنطقة وكوادرها وقواها هي المعنية بالتفاوض الدولي مع نظام الأسد حول مستقبل سوريا والحل السياسي وفق القرارات الدولية.
وتَضمّ هذه المنطقة كل اللوحة السورية الثورية الجميلة فتجد في الحي الواحد أو المخيم الواحد إبن حوران ودمشق وحمص والجزيرة وحلب وإدلب جنباً إلى جانب يتقاسمون الآلام والآمال.
هذه المنطقة بملايينها الخمسة من السوريين والفقيرة بالموارد الطبيعية لا تضع شروطاً على أي سوري للقدوم إليها أو العيش فيها فلا تعرف نظام الكفيل للسوري القادم كما هي سلطات الأمر الواقع في الجزيرة السورية، ولا تَفرض أيّ شكل من أشكال التجنيد العسكري القسري للقتال في صفوفها، وهي وطن وموطن من يَتمّ ترحيله من تركيا أو غيرها أو يختار العيش فيها، وهي تَحظى بحماية الدولة التركية وفق تفاهمات أبرمتها مع روسيا وإيران ويتوفر فيها نوع مقبول من الأمن والأمان النسبي ويطمح السكان للمزيد منه.
وظروف الحياة فيها أفضل نسبياً من مناطق النظام ومناطق الجزيرة السورية فهي ملاذ للهاربين من تلك المناطق أو الراغبين في جعلها محطة للعبور إلى أوربا عبر تركيا.
يُمثّل الشمال السوري الخيار الثاني والوحيد للملايين الأربعة من اللاجئين السوريين في تركيا حيث تَرغب الأخيرة بإعادة أعداد منهم إلى بلدهم وإن تَمّ ذلك كُرهاً فإنّ الشمال هو الوحيد الذي يَفتح ذراعيه لاحتضانهم.
لا أيديولوجيا تسيطر على تلك المنطقة وتَتَحكّم بها بل إنّ هموم الثورة وآمالها وشعاراتها وأيقوناتها هي الطاغي عليها.
أينما تلتفت ترى أعلام الثورة الخضراء وصور شهدائها الخالدين تُزيّن الساحات والجدران وتُذكرك بتضحياتهم ومآثرهم.
ومن المفروض أن تتكامل جهود السوريين في الشمال المحرر والذين يعيشون في الخارج على إنجاح تلك التجربة التي وُلِدَت من رحم الثورة والتعاضد من أجل تقديم الخبرات والمساعدات لذلك، فما هو موجود على الأرض غير كافٍ ويتطلب العمل الشاق للرقيّ بها أكثر عبر حوكمة عامة بكل أنواعها ومسمياتها بمعنى خطة مستقبلية للنهوض الشامل بالمنطقة والعمل بنفس الوقت بكل السبل المتاحة على إسقاط النظام في دمشق وعودة المهجرين إلى ديارهم وقد يكون الشمال هو البوابة لذلك.
-----------
نينار برس
أمعن الأسد الأب والولد في تهجير الكفاءات الوطنية وتطفيشها وإن لم تُغادر فتهميشها وتيئيسها.
وككل الأنظمة الشمولية تَدخّل نظام الحكم في كل تفصيلات حياة السوريين واستسهل مراقبتهم وعَدّ الأنفاس عليهم (داخل سوريا وخارجها) وبالتالي كان ظِلّ أو هاجس الأمن موجوداً في حياتهم وسيفاً مُسلطاً على أعناقهم بل وتفكيرهم، الكل يجب أن يبقى عبداً في مزرعة الأسد وممنوع الخروج بتفكيره خارج الصندوق.
وإلى جانب هيبة المخابرات التي تَتَرصّد أي هفوة اعتمد الأسدان على استراتيجية ممنهجة لنشر الفساد في المجتمع لإضعافه وتمزيقه وإدارة الدولة فلم يكن فقط ذلك الفساد مكافأةً للذي يواليه بل كنموذج للسيطرة والتحكّم.
وعمل بذلك على عدم إكساب السوريين أيّ مهارة أو خبرة في الإدارة إن كانت لمؤسسات الدولة أو لإدارة مجتمعاتهم المحلية، فكانت التعيينات الإدارية للمؤسسات والبلديات وغيرهما تعتمد على مبدأ الموالاة دون الكفاءة.
وكان حزب البعث هو الواجهة المدنية للسلطة الأمنية والذي تنتقي منهم من تشاء لتضعهم في هرميات الإدارة.
ونشأ شعور عميق في الوعي الجمعي السوري بأنّ كلّ ديكورات العملية الانتخابية وصناديق الانتخابات والمرشحين وما إلى ذلك، تكون مُفرغة من أيّ محتوى وتكون قوائم الناجحين مُعدّة في أقبية المخابرات مُسبقاً وهي تتمّ للتصدير للخارج، أما هدفها في الداخل فالغاية منها بناء شبكات أفقية على امتداد سوريا للموالاة والتعبير عن التأييد والتأبيد للقائد الأوحد وشَقّ المجتمعات المحلية بين مُؤيد مُستفيد وغيره لا يَتمتّع بالغنائم وفتات موائد السلطان.
وصل ذلك إلى عُمق القرى والأرياف السورية بِدقّ الأسافين في تلك المجتمعات الصغيرة (والتي هي لَبِنة المجتمع السوري الكبير) بين عوائل مُؤيدة تاريخياً لنظام الحكم وعائلات معارضة أو مُهمّشة عن ذلك، وهذا قد يُفسّر أحد اسباب السرعة الهائلة في انتشار الثورة السورية في الأرياف وصولاً للأطراف البعيدة عن مراكز المدن حيث كان الاحتقان المجتمعي في ذروته وهو ينتظر الشرارة للانفجار، وهذا ما حدث وانحازت عائلات كُبرى للثورة فيما بقيت العائلات المستفيدة من السلطة على مواقفها ومنها كانت خزانات الشبيحة البشرية التي عرفناها ومازالت موالية للنظام بعيداً عن أيّ اعتبارات طائفية.
وفي العام الأول من الثورة بدأت تخرج تَجمّعات بشرية كاملة (قرى وبلدات) من سلطات النظام وخرجت معها كل أشكال الإدارة للدولة وعلى كل مساوئها إلا أنها كانت ضرورية لإدارة وتقديم بعض الخدمات للسكان، ولأسباب عسكرية قام نظام الأسد بسحب قواته وأجهزته القمعية والإدارية من بلدات يُمكنه الدفاع عنها ولا توجد تلك الأخطار المحدقة بها من جانب قوى الثورة، وذلك لتجميع قواته وعدم نشرها أفقيا بحيث توجد أولويات للدفاع عنده، وثانياً لإلقاء عبء إدارة تلك المناطق للقوى الثورية المتشكلة حديثاً لإدارتها والتي لا تمتلك أي خبرة أو أدوات أو موارد أو كفاءات لذلك العمل.
أسرف النظام باستهداف الحواضن الشعبية في المناطق المحررة من سلطته وذلك لجعلها نموذجاً فاشلاً أمام السوريين ولِحضّهم على البقاء تحت سلطاته وخدماته، بقصف ممنهج لكل البنى التحتية الخدمية من مدارس ومستوصفات ومنشآت لتوصيل المياه والكهرباء وغيرها من الخدمات، وعمل بِجدّ على استهداف الكوادر البشرية المدنية التي انحازت للثورة والتي من الممكن أن تعمل على سَدّ الفراغ الإداري الناجم من انسحابه، ومن لم يُقتل منهم اضطر للهجرة إلى الخارج للحفاظ على حياته وسلامة أسرته، وسعى بذلك العمل على إبقاء إدارة شؤون السكان لغير العارفين أو المؤهلين و بالتالي لم يَتمّ تقديم أي نموذج إداري ناجح ينافسه ويكون جاذباً للسوريين ومَحطّ تقدير وإعجاب من الخارج حيث من الممكن (إذا لم يفعل النظام ذلك) خَلق بديل ناجح له سياسياً وإدارياً وهو الهدف الذي نجح مرحلياً بالقضاء عليه.
إنّ تَحدي بناء نموذج ناجح يكون بديلاّ عن نظام الأسد وقوى الأمر الواقع الأخرى هو التحدي المفروض على قوى الثورة السورية، نموذج ناجح سياسياً وأمنياً واقتصادياً وإدارياً يُمكن تقديمه للسوريين وللعالم أجمع ويكون نواة لسوريا المستقبل.
وحتى لا نكون طوباويين أو من المؤمنين بالمدن الفاضلة وهي نماذج مُتخيّلة أو حالمة وليست واقعية.
وهذا لا يمكن أن يَتمّ إلا بتجارب عملية وخبرات تراكمية وتَعلم من الأخطاء لتلافيها مستقبلاً، فبناء المؤسسات عملية صعبة ولا يوجد وصفات جاهزة لتطبيقها إنما خصوصية كل مجتمع وظروفه والأحداث المحيطة به التي تؤثّر به ويتأثر بها يجب أن تُؤخذ بالحسبان ولا يمكن تخطيها أو تجاهلها، ولا يُفيد ذلك الجهد الشاق التخلي عن المسؤولية والاكتفاء بِتصيّد الأخطاء وتضخيمها وهي ( عن قصد أو غير قصد ) غايتها الإحباط عن فعل أيّ شيء إيجابي والاستسلام لواقع الفوضى والذي من المُفترض اعتباره مرحلة انتقالية لابد منها ولكن يجب أن لا تستمر طويلاً.
تُعتبر منطقة الشمال المحرر هي موطن الثورة السورية وخزانها البشري وتَضمّ كل من لم يقبل في العيش في مزرعة سوريا الأسد طوعاً أو بموجات الترحيل القسري التي تَمّت إليها من مختلف البقاع السورية، وهياكلها الإدارية والسياسية تحظى بالاعتراف الدولي والأممي كممثل شرعي للشعب السوري وهي قوى الثورة والمعارضة المناهضة لنظام الأسد.
ومُعترف أيضاً من الأعداء والأصدقاء بالهياكل العسكرية التي تمت تسميتها لاحقاً بالجيش الوطني (وهو وريث الجيش الحر الذي يُكنّ له كل السوريين الاعتزاز والمحبة والتقدير)، وهذه المنطقة وكوادرها وقواها هي المعنية بالتفاوض الدولي مع نظام الأسد حول مستقبل سوريا والحل السياسي وفق القرارات الدولية.
وتَضمّ هذه المنطقة كل اللوحة السورية الثورية الجميلة فتجد في الحي الواحد أو المخيم الواحد إبن حوران ودمشق وحمص والجزيرة وحلب وإدلب جنباً إلى جانب يتقاسمون الآلام والآمال.
هذه المنطقة بملايينها الخمسة من السوريين والفقيرة بالموارد الطبيعية لا تضع شروطاً على أي سوري للقدوم إليها أو العيش فيها فلا تعرف نظام الكفيل للسوري القادم كما هي سلطات الأمر الواقع في الجزيرة السورية، ولا تَفرض أيّ شكل من أشكال التجنيد العسكري القسري للقتال في صفوفها، وهي وطن وموطن من يَتمّ ترحيله من تركيا أو غيرها أو يختار العيش فيها، وهي تَحظى بحماية الدولة التركية وفق تفاهمات أبرمتها مع روسيا وإيران ويتوفر فيها نوع مقبول من الأمن والأمان النسبي ويطمح السكان للمزيد منه.
وظروف الحياة فيها أفضل نسبياً من مناطق النظام ومناطق الجزيرة السورية فهي ملاذ للهاربين من تلك المناطق أو الراغبين في جعلها محطة للعبور إلى أوربا عبر تركيا.
يُمثّل الشمال السوري الخيار الثاني والوحيد للملايين الأربعة من اللاجئين السوريين في تركيا حيث تَرغب الأخيرة بإعادة أعداد منهم إلى بلدهم وإن تَمّ ذلك كُرهاً فإنّ الشمال هو الوحيد الذي يَفتح ذراعيه لاحتضانهم.
لا أيديولوجيا تسيطر على تلك المنطقة وتَتَحكّم بها بل إنّ هموم الثورة وآمالها وشعاراتها وأيقوناتها هي الطاغي عليها.
أينما تلتفت ترى أعلام الثورة الخضراء وصور شهدائها الخالدين تُزيّن الساحات والجدران وتُذكرك بتضحياتهم ومآثرهم.
ومن المفروض أن تتكامل جهود السوريين في الشمال المحرر والذين يعيشون في الخارج على إنجاح تلك التجربة التي وُلِدَت من رحم الثورة والتعاضد من أجل تقديم الخبرات والمساعدات لذلك، فما هو موجود على الأرض غير كافٍ ويتطلب العمل الشاق للرقيّ بها أكثر عبر حوكمة عامة بكل أنواعها ومسمياتها بمعنى خطة مستقبلية للنهوض الشامل بالمنطقة والعمل بنفس الوقت بكل السبل المتاحة على إسقاط النظام في دمشق وعودة المهجرين إلى ديارهم وقد يكون الشمال هو البوابة لذلك.
-----------
نينار برس