وفي ظل الإقامة الجبرية التي تفرضها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على المنطقة منذ أكثر من ثلاثة أشهر بعد اعتقالها لأحمد الخبيل، انقطعت المواد الأساسية كالخبز والطحين والسكر والمياه عن الأهالي ليتجهوا نحو حلول بديلة أكثر صعوبة.

سجن “مفتوح”

تواصلت عنب بلدي مع أحد أقارب أحمد الخبيل من المقيمين إجباريًا في الحي (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، وقال إن ظروف العائلات المحاصرة بحي “الخشمان” سيئة مع غياب شبه تام لمقومات الحياة، مضيفًا أن تأمين الغذاء بات أمرًا صعبًا لنحو 150 شخصًا معظمهم من النساء والأطفال.
 
اتجهت العائلات لشراء المواد من عناصر “قوات سوريا الديمقراطية” الموجودين ضمن الحي بأسعار مضاعفة، إذ يباع كيلو السكر للمحاصرين بـ30 ألف ليرة سورية بينما يباع بنحو 15 ألف ليرة (الدولار يقابل 14 ألف ليرة وسطيًا)، وفق قريب أحمد الخبيل.
وتابع أن تيار الكهرباء قطع بالكامل عن أهالي الحي منذ فرض الحصار، ما أدى إلى الجوئهم لاستخدام ألواح الطاقة الشمسية الموجودة ضمن بعض المنازل، لشحن البطاريات بالإضافة إلى غياب الدعم المقدم من المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، إذ لم تتلقَ العائلات المحاصرة أي دعم مع انقطاع لمياه الشرب.
مدير “وكالة باز ” الإخبارية (مقرها في ألمانيا)، سليمان الناصر، قال لعنب بلدي، إن قرار فرض الإقامة الجبرية جاء بأمر من القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي، ومسؤول قوى “الأمن الداخلي” (أسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، سيمند.
وأضاف الناصر، وهو مقرب من العائلة، أن أحد كوادر “قسد” استدعى والد الخبيل وأحد زوجاته، ليقتادهم بطريقة أمنية نحو بلدة الصور شمالي دير الزور، للحديث معهم حول ما يتناقله الإعلام عن حصار للحي، للإشارة إلى أن القوات الموجودة بحي “خشمان” ليست إلا لتأمين الحماية لذوي “أبو خولة” القائد العسكري السابق لمجلس دير الزور العسكري.
ووفقًا لسليمان الناصر، فإن الكادر قال لأقرباء الخبيل إنهم سيبقون داخل الحي لمدة معينة دون تحديدها، وذكر أن المعلومات حصل عليها من مصدر موثوق داخل الحي مع التحفظ على ذكر اسمه لحمايته.
في 28 من آب الماضي، خلال اليوم الأول للمواجهات المسلحة التي شهدها المنطقة، استولت “قسد” على مبنى “وكالة باز” الإخبارية في حي الكلاسة بمدينة الحسكة، على خلفية اعتقال بعض كوادرها، وحولته إلى مقر عسكري لقواتها.

ما الأسباب

بعد اعتقال “قوات سوريا الديمقراطية” لأحمد الخبيل (الملقب بـ”أبو خولة”) في 27 من آب الماضي، إثر خلاف بين الجانبين دام لأكثر من شهرين، فرضت “قسد” الإقامة الجبرية على أقربائه في حي خشمان، وفق إبراهيم الحسين.
مدير موقع الشرقية بوست المختص بقضايا دير الزور، إبراهيم الحسين، قال لعنب بلدي، إن الموجودين داخل حي خشمان ما يزال مصيرهم مجهول وغير محدد.
وأكد إبراهيم الحسين، وهو يقيم بمناطق سيطرة الجيش الوطني، أنه خلال عمليات التفتيش والمداهمات صادرت عناصر “قوات سوريا الديمقراطية” أجهزة الهواتف لمنع تواصل عائلة الخبيل مع أي جهات خارجية.
المعلومات التي يتحدث بها إبراهيم الحسين تعتمد على مصادره بالأحياء المجاورة من حي خشمان المحاصر، وفقًا لما قاله لعنب بلدي.
ونشر أحد قادة الصف الأول في “مجلس دير الزور” جلال الخبيل (شقيق أبو خولة)، تسجيلًا مصورًا تداوله ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 27 من آب الماضي، يؤكد خلاله محاصرتهم بحي الخشمان من قبل “قوات سوريا الديمقراطية”.
وأشار شقيق أبو خولة، إلى أن قادة “المجلس” لن يسلموا أنفسهم، واتخذوا خيار القتال، مطالبًا أبناء عشيرته في دير الزور بمهاجمة وحصار حواجز “قسد”.
وفي 30 من آب الماضي، أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” عزل أحمد الخبيل من مهامه في “مجلس دير الزور العسكري” في بيانًا نشرته على موقعها الرسمي، واتهامه بارتكاب “جرائم جنائية بحق الأهالي والإتجار بالمخدرات”، مبررة أن قرار العزل جاء بأمر اعتقال صادر عن النيابة العامة في شمال شرقي سوريا.
على خلفية الاعتقال نشبت مواجهات مسلحة في دير الزور، ما أسفر عن تحالف عشائر من المنطقة مع مقاتلي “المجلس”، وبدأت اشتباكات عسكرية في بعض قرى وبلدات دير الزور خرجت عن سيطرة “قسد” بالكامل، لتعاود “قسد” احتواء التوتر فيها.