وتساءل البطريرك: “كيف يمكن لهؤلاء المسؤولين الذهاب الى دور العبادة للصلاة، والى النوم في حين أنّ عدداً كبيراً من مواطنيهم يئنّ من الجوع والعوَز والمرض؟”، مبيناً أن “المكوَّن المسيحي، يشعر بالحزن والألم والخوف والهشاشة حيال التهميش الكلي أو الجزئي”، بكل ما ينطوي عليه من ” خطف وقتل وفدية بعد سقوط النظام، ثم تهجيرهم من قبل تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) من الموصل وبلدات سهل نينوى، ولولا استقبال حكومة اقليم كردستان لهم مشكورة، ورعاية الكنيسة لهم اثناء التهجير واعادة تعمير بيوتهم بعد التحرير لكان حالهم حال مهجّري قطاع غزّة في فلسطين، اذ لم تقدم الحكومة المركزية آنذاك لهم شيئاً”.
وأشار الكاردينال ساكو إلى أن “الاعتداءات على المسيحيين لا تزال مستمرة: على مقدراتهم، ووظائفهم والاستحواذ على ممتلكاتهم (ولدينا أمثلة) وحالات تغيير ديانتهم بالإكراه من قبل داعش أو غيرها، أسلمة القاصرين، عدم المحافظة على حقوقهم، محاولة مسح متعمّد لتراثهم وتاريخهم وارثهم الديني، وعبارت الكراهية في بعض الخطب الدينية وكتب التعليم، اذكر على سبيل المثال: بعض رجال الدين حرَّموا تهنئة المسيحيين بعيد ميلاد السيد المسيح الذي يعدّه القرأن الكريم: وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ (آل عمران/ 45)، لأن الله جعله وأمّه آية للعالمين (الانبياء/91)”.
وذكر ساكو، أن “الحكومة غير جادّة بانصافهم (المسيحيين)، ما تقوله مجرد كلام جميل من دون أفعال. ماذا حصل من قضية مقتل الشاب المسيحي في حي الامين ببغداد (سامر صلاح الدين، وجريمة قتل العائلة المسيحية للد. هشام مسكوني وزوجته د. شذى مالك ووالدتها خيرية داؤود في آذار/مارس سنة 2018؟ وما هي نتيجة اجراءات التحقيق في موضوع محرقة قره قوش (أيلول/سبتمبر 2023) التي لا يصدق أحدٌ انها حادث عابر؟”.
وذكّر الزعيم الديني بأن “أكثر من مليون مسيحي هاجروا البلاد، ومعظمهم من النُخَب العلمية والاقتصادية والمهارات، لكن من يكترث لذلك؟ بينما جددت حالة عدم الاستقرار وغياب الانصاف نزيف الهجرة، فقد هاجرت 100 عائلة من قره قوش في الاشهر الماضية والحبل على الجرّار، وعشرات العائلات من المدن الاخرى كبلدة عينكاوا في اقليم كردستان بسبب القلق من المستقبل وعدم صرف الرواتب منذ أشهر؟”.
ولفت البطريرك الكلداني إلى أن “المسيحيين يحتاجون الى حلفاء حقيقيين وصادقين من الداخل والخارج لتغيير الوضع نحو الافضل والمطالبة العلنية بحقوقهم في الاعلام والمحافل الدولية بايمان راسخ ونَفَس طويل وحكمة”، كما أن “على الاحزاب المسيحية والكنائس أن تتحد، ومن دون الاتحاد سيفرغ البلد من مكونه الاصيل ورائد حضارته العريقة”.
وتابع: “كنا ننتظر ان يلعب السفير البابوي دورا ايجابيا في جمع الكنائس، لكن بسبب جهله العقلية الشرقية وثقافة البلد بقي مترنحاً بين وظيفته الدبلوماسية والكنسية”.
ونوه ساكو، بأن “العراقيين بجميع أطيافهم يتطلعون الى المصالحة الوطنية الحقيقية، نبذ الخصومات، بناء دولة مدنية قوية، دولة قانون ومؤسسات، دولة تديرها الكفاءات وليس المحاصصة الحزبية، دولة تحافظ على الوحدة الوطنية والعيش المشترك بين كل مكونات المجتمع الديني والمذهبي والقومي، دولة تسعى لإحلال السلام والاستقرار والامان والعيش الكريم”.
وأضاف أنه “بحسب كل القيم الدينية والاخلاقية لا عيب ان نعترف بخطئنا ونعتذر عنه ونعالجه، اتمنى من الكل ان يراجع نفسه امام الله وامام ضميره لان العراقيين والمسيحيين يستحقون الأفضل”، واختتم بالدعاء: ” يا رب امنح حكامنا حكمة الحوار والخير العام والدفاع عن الفقراء وإخماد كل اشكال الصراع والحرب، وبارك كل الذين يسعون لإشاعة حضارة الاخوّة والمحبة السلام”.