** إليشع بن كيمون، في تحليل بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية:
- بعض المسؤولين في القيادة الجنوبية للجيش يدفعون لتطبيق إدارة عسكرية بغزة
- دون قرار سياسي، فإن فرض إدارة عسكرية يتضمن عواقب قانونية خطيرة
- التنفيذ سيكون بما يتوافق مع خطط المستوطنين للاستيطان شمال قطاع غزة
- المؤسسة الأمنية نشطت بالعمل مع شركات لتتولى التعامل مع المساعدات بغزة بإشراف إسرائيلي
- هناك حل آخر مطروح بمنح السيطرة على غزة لكيان آخر مثل السلطة الفلسطينية أو دولة أخرى
وأضاف: "أعرب كبار أعضاء ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، عن رأيهم في الأمر مرات لا تحصى، لكن يبدو الآن أن ذلك يحصل على دفعة عملية على الأرض".
** شركة "أمن" أمريكية للتوطئة
في إطار الدلالات لاستخلاص هذه الحقيقة، أشار بن كيمون إلى أن "المؤسسة الأمنية بدأت خلال الأيام الأخيرة العمل بشكل نشط مع شركات خارجية ستتولى التعامل مع كافة قضايا المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، تحت إشراف إسرائيلي".
هذا الأمر يتوافق مع تقارير إسرائيلية في اليومين الأخيرين كشفت عن خطة للجيش لإنشاء شركة "أمن" أمريكية بدعوى توكيلها بمهمة توزيع المساعدات الإنسانية شمال القطاع، بعد خلق أزمة تجويع كبرى بحظر عمل وكالة "الأونروا".
والأربعاء، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن نتنياهو وكاتس، بحثا الثلاثاء لمدة 4 ساعات قضية غزة مع مختصين، تناول خطة لجلب شركة أمن أمريكية خاصة، ما سيتطلب بقاء القوات في القطاع 3 أشهر إضافية على الأقل.
ويتشكل قطاع غزة من خمس محافظات، هي من الجنوب إلى الشمال، رفح، وخان يونس، والوسطى، وغزة، وشمال غزة.
وضمن ما يعرف بـ"خطة الجنرالات"، بدأ الجيش الإسرائيلي في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عملية برية واسعة بمحافظة شمال غزة، بزعم "منع حركة حماس من استعادة قوتها"، وكشفت وسائل إعلام عبرية لاحقا أنه يسعى لفصل الشمال عن محافظة غزة، ولعدم السماح بعودة النازحين.
لكن مع إصرار الفلسطينيين على البقاء بأرضهم، عملت إسرائيل على مخطط جديد يقسم القطاع إلى عدة مناطق منفصلة عن بعضها يمكن العيش فيها ويسهل السيطرة عليها، ويربطه مراقبون بما يُعرف باسم "خطة الفقاعات".
ومن وجهة نظر بن كيمون، فإن مخطط إنشاء شركة أمريكية بدعوى إيصال المساعدات للفلسطينيين هو "تحقيق على أرض الواقع لخطط كانت في السابق على الورق فقط".
وذكر أن "الجيش الإسرائيلي عزز سيطرته على الأرض بقطاع غزة، ووسّع المحاور التي يسيطر عليها وأقام مواقع عسكرية على ما يبدو من أجل الاستيلاء على مساحة واسعة وتطبيق الإدارة العسكرية عمليًا في قطاع غزة".
ولفت المحلل إلى أنه "في الأيام الأخيرة، جرت مناقشات حية حول هذه القضية بين الأطراف المختلفة، بما في ذلك وزير الدفاع الجديد يسرائيل كاتس، وكبار أعضاء المؤسسة الدفاعية ووزراء كبار آخرين، من أجل تعزيز السياسة".
واستفحلت المجاعة في قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي، لا سيما في الشمال إثر الإمعان في الإبادة والتجويع، بينما تعيش مناطق القطاع كافة كارثة إنسانية غير مسبوقة، تزامنا مع حلول الشتاء الثاني على نحو 2 مليون نازح، أغلبهم يفترشون الخيام.
** التنفيذ بدأ دون قرار سياسي
ونقل بن كيمون عن مصادر إسرائيلية مطلعة على التفاصيل، لم يسمّها، أن "بعض المسؤولين في القيادة الجنوبية للجيش يدفعون من داخل النظام لتطبيق الإدارة العسكرية للقطاع، ويخلقون حوارًا مع المستوى السياسي حول هذا الأمر".
وقال: "تأتي هذه الخطوة على خلفية تغييرين مهمين دفعا أعضاء المجلس الوزاري المصغر - الكابينت (للاصطفاف) إلى يمين نتنياهو، وهما: في إسرائيل، استبدال وزير الدفاع يوآف غالانت؛ وفي الولايات المتحدة، فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية".
وفي هذا المجال، ذكر بن كيمون أن غالانت عارض أفكار سموتريتش بشأن الاستيلاء على الأراضي بما يتوافق مع خطط المستوطنين للاستيطان شمال غزة.
وقال: "يزعم مسؤولون في حركة الاستيطان أن هذه فترة تاريخية لتغيير الواقع على الأرض في مواجهة الفلسطينيين، وفرصة لن تعود".
وأضاف: "تزعم المصادر نفسها أنه تم اتخاذ قرار بعدم انتظار دخول إدارة ترامب الجديدة إلى البيت الأبيض، ولكن تنفيذ العمليات على الأرض وبناء الخطط التي ستشكل الأساس لأنشطة الإدارة الجديدة".
وبحسب بن كيمون، "رغم أنه لم يتم اتخاذ أي قرار سياسي بشأن اليوم التالي للحرب بقطاع غزة، والذي يتمثل جوهره في إنشاء إدارة عسكرية، فإن الحكومة تتعامل مع هذا الأمر وتعمل على تحقيقه".
** غموض وعواقب خطيرة
بن كيمون ذكر أنه "إلى جانب العواقب الاقتصادية واللوجستية والبنية التحتية والأمنية المترتبة على إنشاء إدارة عسكرية (بغزة)، هناك أيضا عواقب قانونية بعيدة المدى فيما يتصل بالسيطرة على ملايين الفلسطينيين والحاجة إلى معاملتهم إنسانيا".
وأضاف: "تشير المصادر القانونية إلى افتقار خطير إلى الوضوح بشأن مسألة ما ستفعله إسرائيل بغزة بعد 13 شهرا من الحرب".
وأوضح أن "السيطرة المدنية في غزة تعني أن إسرائيل ستكون ملزمة بتوفير احتياجات السكان ــ مثل المساعدات الإنسانية والكهرباء والاتصالات والصرف الصحي ــ وليس مجرد السماح للمنظمات الدولية بتسليم الغذاء واللقاحات".
وأردف: "في غياب قرار من المستوى السياسي، اضطرت إسرائيل في الأشهر الأخيرة إلى التعامل مع التماسات إلى المحكمة العليا بشأن احتلال قطاع غزة"، وفق قوله.
وبيّن بن كيمون أن ذلك "ينطوي على عواقب قانونية عديدة وخطيرة فيما يتصل بمعاملة السكان، فضلاً عن الإجراءات الدولية مثل تلك التي تجري في محكمة العدل الدولية في لاهاي".
** كيان آخر لإدارة غزة
ولفت إلى أن "هناك حلا آخر مطروحا على الطاولة ولا يُروّج له على الإطلاق، وهو منح السيطرة على القطاع لكيان آخر في المنطقة، مثل السلطة الفلسطينية"، مشيرا إلى أنه "الحل الذي يعارضه نتنياهو وأعضاء حكومته بشدة".
كما رأى أنه "بدلاً من ذلك، من الممكن أن تتولى دولة أخرى إدارة القطاع، ولكن معظم الناس يعارضون الفكرة طالما أن القتال الذي تشنه إسرائيل في غزة مستمر".
فيما تقول إسرائيل إنها ترفض عودة حكم "حماس" لغزة بعد انتهاء الحرب.
ورغم جرائم الإبادة والدمار الهائل بغزة، فشلت إسرائيل حتى الآن في تحقيق أي من أهدافها المعلنة للحرب، ولا سيما استعادة أسراها من القطاع، وتدمير كامل قدرات حركة "حماس".
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 148 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.