أغام غولدشتاين-ألموغ (17 عاما)، على يسار الصورة، ووالدتها حن غولدشتاين-ألموغ تتحدثان إلى القناة 12 عن الأيام الـ 51 التي قضيتاها في أسر حماس في غزة، في تقرير تم بثه في 22 ديسمبر، 20023. ( Screenshot, Channel 12, used in accordance with Clause 27a of the Copyright Law)
في حديث لأخبار القناة 12 يوم الجمعة، بعد ثلاثة أسابيع من إطلاق سراحهما، قالت حن وأغام إنهما بذلتا كل ما في وسعهما للبقاء على قيد الحياة و”الحفاظ على رباطة الجأش”، وطورتا علاقة متوترة وقتالية في بعض الأحيان ولكن متحضرة إلى حد كبير مع خاطفيهما في ظل ظروف مرعبة. روايتهما عن حياتهما في الأسر هي واحدة من أكثر الروايات تفصيلا ودقة حتى الآن.
“الاغتصاب كان أول شيء كنت أخشاه” أثناء فترة السير المروعة إلى غزة، كما قالت للقناة 12. “قلت لوالدتي: ’سوف يغتصبونني‘. سألت السائق: ’فقط معا، أبقينا معا’. وبقينا معا بالفعل، بشكل مفاجئ”.
وأمضت الأسرة أسبوعها الأول في نفق مع رهائن آخرين، ثم تم نقلها بعد ذلك إلى شقة. قام بحراسة العائلة حارسان على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. خلال الشهر الأول، عندما شنت إسرائيل حربها على حماس، تم نقل العائلة عدة مرات في منتصف الليل. “كانت هناك أيام كنا ننام فيها بالحجاب، لأنه في كل مرة ننتقل فيها، كان علينا أن نرتدي ملابسنا”.
وقالت أغام إنها طلبت نقلهم بمجرد أن أصبحت الضربات الجوية الإسرائيلية أقرب وأكثر ترويعا.
وروت “كان هناك قصف مكثف وبدأ جسمي كله يرتجف وقلت للإرهابي: ’علينا أن نتحرك من هنا’”.
وقالت حن “كانت هناك انفجارات جنونية”، مضيفة أن هذه الانفجارات أثارت “الذعر والرعب، إنها شيء تشعر به جسديا وقد يستغرق منا بعض الوقت حتى نهدأ منه، شيء لا يمكننا السيطرة عليه، ونحن نعيش في غلاف غزة، ونعرف كيف يكون الأمر”.
ووصفت الام وابنتها الأيام الطويلة في الأسر. وقال أغام إن الولدان شعرا بأن الامرأتين متعبتين وكانا يشغلان نفسيهما إلى حد كبير بالرسم والكتابة واللعب، “إلا عندما كانت هناك في بعض الأحيان انفعالات ومعارك فيما بينهما”، الأمر الذي دفع الحراس في بعض الأحيان إلى الصراخ عليها مطالبين إياهما بالحفاظ على الهدوء.
وقالت حن: “كانوا يتحدثون معنا أحيانا عن غلعاد شاليط”، في إشارة إلى الجندي الإسرائيلي الذي اختُطف في عام 2006 واحتجزته حماس لمدة خمس سنوات في غزة قبل أن يتم إطلاق سراحه في عام 2011 مقابل أكثر من 1000 أسير فلسطيني، من ضمنهم القائد الحالي لحركة حماس في غزة يحيى السنوار.
وقالت حن إن اسم شاليط كان يُذكر مع “ابتسامات صفراء، كما لو كانوا يسخرون منا بهذا الشأن”.
“كانت هذه مخاوفي، أن الأمر قد يستغرق سنوات” قبل أن يتم إطلاق سراحها، وقالت إن آسريهم “حلقوا عاليا” في أعقاب هجمات 7 أكتوبر.
وأضافت: “لقد كان ذلك أيضا بمثابة إعلان لنا، بأن الدولة لا تهتم، وأن الأمر استغرق خمس سنوات لإعادة [شاليط]، وأن الدولة لا تهتم إلا بالقتال”.
في البداية، لم يكن أفراد عائلة غولدشتاين-ألموغ الذين نجوا من الهجوم متأكدين بشأن مقتل نداف ويام، على الرغم من رؤيتهم لإطلاق النار عليهما. اكتشفوا ذلك خلال ساعات الظهر في أحد أيام الجمعة أثناء استماعهم إلى جهاز الراديو الذي تم توفيره لهم أحيانا، وسماعهم مقابلة مع أحد أفراد الأسرة قال فيها المحاور: “إننا نشارككم حزنكم على نداف ويام”.
وقالت حن: “هذه المرة الأولى التي بكى فيها غال. عرفنا ذلك ولكن كان من الصعب سماعه”.
استخدام الطعام وجهاز الراديو كعقوبة
وصفت حن وأغام حالات صرخ فيها الحراس على الطفلين وكانت أغام تتصدى لهم. تواصل الطرفان مع بعضهما البعض بمزيج من اللغات الإنجليزية والعربية والعبرية.
وقالت أغام: “كان الأمر مخيفا وكنت أقول لأمي [أن الآسر] ’ليس والدهما، ولن يقوم بتأديبهما… لا ينبغي عليهم أن يقولوا لهما كلمة واحدة، لا ينبغي لهم أن يتجرؤوا على فعل ذلك، لقد أحضروهما إلى هنا لذا يجب عليهم التعامل مع الأمر’”، مضيفة أنها كانت تشتم خاطفيها أحيانا، وهم كانوا يشعرون بالإهانة ويقومون بالانتقام.
وروت: “وبعد ذلك لم أكن أحصل على المذياع، أو أنهم كانوا يلعبون ألاعيب مثل ’أوه اليوم لا يوجد الكثير من الطعام’”. وتحدثت الاثنتان عن بعض التفاعلات المذهلة مع خاطفيهما، الذين كانوا يشكلون تهديدا لحياتهما وصحبتهما الوحيدة في الوقت نفسه.
في أحد الأيام، كما روت حن، سأل أحد الحارس أغام عن حالها في ذلك الصباح، وهي ردت “مزرية”، وهو ما فسره على أنه إهانة شخصية.
وقالت حن: “طوال اليوم، لم يتحدث إلينا ولم يعطنا جهاز الراديو”.
“بقينا هادئين وهو توجه إلى الركن في الشقة. توجهت إليها في منتصف اليوم وقلت ’كيف الحال اليوم، هل استيقظت على الجانب الخطأ من السرير؟ لست معنا في الغرفة؟ تعال وتحدث معنا’… كنا نطلب دائما الحصول على جهاز الراديو، لقد كان الشيء الوحيد الذي يربطنا بالواقع”. وكانت الأم وابنتها تتناوبان على طلباتهما، في محاولة لمعرفة الحالة المزاجية لخاطفيهما.
في أحد الأيام، قال الحارس لحن باللغة الإنجليزية: “اليوم، انس جهاز الراديو”.
وقالت أغام: “عندها نهضت وقلت له، ’لن تتحدث إلى والدتي بهذه الطريقة. لا تريد إعطاءنا جهاز الراديو، لا بأس، لست مضطرا لفعل ذلك، ولكنك لن تتحدث بهذه الطريقة، هناك طريقة للكلام’”.
وتابعت قائلة: “توجه إلى غرفة المعيشة، غاضبا، ولم يتحدث معنا لساعتين. ثم نهض واشترى بطاريات وأحضر لنا جهاز الراديو”.
وأضافت حن: “أرادوا أن نكون سعداء، وحاولوا توفير الطعام، وأحيانا ساعدونا في تحضير الطعام”.
حافظت أغام على روتين تمارينها الرياضية، وهو ما أثنى آسروها عليه كما قالت، وكانت هناك أيضا منافسة في مصارعة الأذرع بين حن وأحد الحراس.
وقالت حن: “لقد أحضر – الحارس الأصغر سنا – منشفة، لأنه لا يُسمح له بلمسي”.
واتفقت الأم وابنتها على أن الخاطفين أصبحوا معجبين بهما إلى حد ما، وأطلقوا على أغام لقب “سلسبيل” (الماء العذب). أغام هي كلمة عبرية تعني “بحيرة”.
وقالوا للأم حن: “’نحن نحبك، لا تعودي إلى المنزل. اذهبي إلى تل أبيب، ولا تعودي إلى كفار عزة’” كما روت.
وأوضحت: “لديهم خطط للعودة، ولا ينبغي أن يكون هناك أوهام بشأن ذلك. مهما ضربناهم، فإنهم لا ينحنون، وسيعودون أكثر [في المرة القادمة]، هذا ما قالوه. إنهم في حالة سكر من 7 أكتوبر”. “إنهم أشخاص سيئون”
في حين أنهما وصفتا مشاهد تفاعل ودية مع الخاطفين إلا أن أغام أكدت قائلة: “لا أريد أن يظن أحد أننا قضينا وقتا جيدا هنا، وأنهم أشخاص طيبون، وأننا رأينا الانسانية هناك. نحن نروي هذه القصص، حول الأمور التي كانت طبيعية إلى حد ما في وضع غير طبيعي، لأن هذا ما حافظ على رباطة جأشنا قليلا”.
وأضافت أنه قبل الهجوم، “كنا نعتقد أنه لا يوجد أشخاص سيئون – فقط أشخاص يعانون من حياة سيئة. ولكن هناك أشخاص سيئون”.
وصفت أغام إحدى الحوادث التي كانت فيها الأسرة تقيم في مدرسة حيث “رحبت بنا امرأة لطيفة وقدمت لنا الماء ورتبت لنا مكانا للنوم، وأنا التفتت إلى أمي وقلت: هناك أناس طيبون في العالم'”.
“وبعد خمس دقائق، أطلقوا وابلا من الصواريخ من المدرسة [على إسرائيل] وكان الجميع يصرخون ’الله أكبر، الله أكبر’ فقلت لها: ’انسي ما قلته، كلهم متشابهون’”.
وقالت أغام “لن نغفر أبدا ولن نظهر أي نوع من التعاطف تجاه هؤلاء الأشخاص. إذا كنا نعتقد في السابق أن هناك فرصة للسلام، فقد فقدنا كل الثقة في هؤلاء الناس، خاصة بعد أن كنا هناك وبين السكان”. وروت حن “كنا نخشى أن يتلقوا تعليمات بقتلنا. كنا نسألهم في بعض الأحيان. وكانوا يقولون: ’سنموت قبل أن تموتوا، سنموت معا. هذا مطمئن جدا، أليس كذلك؟”
في إحدى المرات، مكثت العائلة في مكان ما خلف أحد المتاجر الكبرى وضربت غارات إسرائيلية مكانا قريبا. وقالت حن إن الأسرة حاولت استخدام مراتبها كشكل من أشكال الغطاء “وبعد ذلك كان حراسنا وخاطفونا والإرهابيون فوقنا، يحموننا بأجسادهم من الضربات”، لكن لم تكن لديها أي أوهام بشأن السبب “لقد كنا ذو قيمة كبيرة بالنسبة لهم”، كما قالت.
رهائن آخرون تعرضوا لانتهاكات ولسوء المعاملة
وفي الأسبوع الأخير من أسرهم في غزة قبل إطلاق سراحهم، تم نقلهم مرة أخرى إلى الأنفاق، حيث التقوا برهائن آخرين.
وقالت حن “كانت هناك فتيات وحيدات، بمفردهن لمدة 50 يوما، وشابات في التاسعة عشرة من العمر، مررن بأشياء صعبة، شخصيا.. لقد تعرضن لانتهاكات وللأذى، وبعضهن كان مصابا”.
كما تعرض الرجال أيضا لانتهاكات وتعذيب، كما قالتا.
وقالت حن وهي تبكي “الأمر الذي كان مؤثرا للغاية بالنسبة لي، هؤلاء الفتيات الصغيرات المذهلات، أخبرنني أنهن سمعن الأولاد ينادونني بـ’أمي’. لأن الأولاد ظلوا ينادونني ب ’أمي’، وقالت الفتيات هناك ’نحن نسمع كلمة أمي’. لم نسمع هذه الكلمة طوال فترة وجودنا في الأسر’. قمت باحتضانهن. بعضهن قريب من عمر يام، ابنتي. حاولت أن أعانقهن مثل الأم”.
وأضافت حن أنها وعدت الرهائن الشابات اللاتي لم يتم إطلاق سراحهن بأنها ستتحدث إلى أمهاتهن وتخبرهن أنهن على قيد الحياة.
كانت الأسرة متشككة عندما علمت أنه سيتم إطلاق سراحها، وقالت أغام: “اعتقدت أنها قد تكون خدعة، وربما سيفرقون بيننا”. عندما تحدثت مع الرهائن الآخرين الذي كان من المقرر إطلاق سراحهم، روت أنها “كانت خائفة من الخروج. كنت أعلم أنه ليس لدي أب ولا أخت. لم نشعر بذلك أثناء وجودنا هناك… أنت تدركين أنك عائدة وأنهما ليسا في انتظارك”.
عند تسليمها للصليب الأحمر، شهدت العائلة واحدة من أكثر اللحظات رعبا، عندما احتشد مدنيون فلسطينيون غاضبون حول المركبات، وقام بعضهم بإلقاء الحجارة والقفز على المركبات.
وروت أغام “قلت لأمي لم نمت حتى الآن، ولكننا سنموت الآن”. عاملو الصليب الأحمر صرخوا على الناس في الخارج مطالبين إياهم بالابتعاد، ولكن “كانوا دون أسلحة، ونحن كنا تحت الحراسة مع أسلحة لمدة 51 يوما”.
سعادة حزينة للغاية
وقالت حن إن العبور إلى إسرائيل كان “مثل السحر”. “لقد وصلنا إلى مكان ما، وفجأة سمعت الأصوات الهادئة، والعيون اللطيفة. لقد كانت لحظة مؤثرة للغاية”.
واصفة مشاهد الإسرائيليين المبتهجين الذين التقوا بهم عند عودتهم، قالت أغام إنها “لم تتوقف عن البكاء” وأعربت عن أسفها لأن أصدقائها الرهائن لم يتمكنوا من رؤية ذلك.
ووصفت حالتهم بأنها كانت حالة “سعادة حزينة للغاية”، حيث لم تعد الأسرة كاملة، وترك العديد من الرهائن وراءهم.
كما أكدت الاثنتان على ضرورة تأمين حرية من التقيتا بهم بشكل فوري.
وقالت أغام “بينما نجلس هنا نتحدث، فإنهم يتعرضون لانتهاكات. يجب أن يخرج الجميع”.
وقالت حن إن الأسرة، التي تعيش بشكل مؤقت في تل أبيب، تحاول التأقلم مع الحياة بدون أب وأخت.
وأضافت: “كنا بيتا سعيدا ومليئا بالضحك. سيكون ما حدث جزء منا دائما. إن هاوية الألم عميقة جدا”.
وقالت أغام: “لم يكن لدينا الخاتمة التي يمتلكها كل إنسان يدفن عزيزا عليه”، حيث تم دفن نداف ويام دون حضورهما. “لم تكن لدينا جنازة، ولا شيفعا (فترة الحداد اليهودية)… بصراحة، كنت اعتقد أن [إطلاق سراحنا] سيكون أسهل، لكنه أسوأ مما كنت أظن”.
وأضافت أغام إنها ليست واثقة بشأن “ما الذي ينبغي عليها العمل عليه أولا. الصدمة؟ الأسر؟ الخسارة؟ الألم؟”
وفي الوقت نفسه، قالت لوالدتها أنه يجب عليهم أن يكونوا شاكرين لكل يوم في حياتهم، وقالت “في كل يوم نستيقظ فيه في الصباح، يكون هذا كافيا. يجب أن نكون سعداء”.
وبعد ذلك، كما قالت، تسمع صوت والدها في رأسها، وهو يسخر منها ويقول لها مازحا “توقفي عن التفاهات”.
وقالت أغام إنها كانت تخشى التعرض للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي، وأن خاطفيهم سخروا من الفتاة البالغة من العمر 17 عاما وقالوا لها أنه “سوف يتم تزويجها” لشخص ما في غزة وأنهم “سيجدون لها زوجا”. “الاغتصاب كان أول شيء كنت أخشاه” أثناء فترة السير المروعة إلى غزة، كما قالت للقناة 12. “قلت لوالدتي: ’سوف يغتصبونني‘. سألت السائق: ’فقط معا، أبقينا معا’. وبقينا معا بالفعل، بشكل مفاجئ”.
وأمضت الأسرة أسبوعها الأول في نفق مع رهائن آخرين، ثم تم نقلها بعد ذلك إلى شقة. قام بحراسة العائلة حارسان على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. خلال الشهر الأول، عندما شنت إسرائيل حربها على حماس، تم نقل العائلة عدة مرات في منتصف الليل. “كانت هناك أيام كنا ننام فيها بالحجاب، لأنه في كل مرة ننتقل فيها، كان علينا أن نرتدي ملابسنا”.
وقالت أغام إنها طلبت نقلهم بمجرد أن أصبحت الضربات الجوية الإسرائيلية أقرب وأكثر ترويعا.
وروت “كان هناك قصف مكثف وبدأ جسمي كله يرتجف وقلت للإرهابي: ’علينا أن نتحرك من هنا’”.
وقالت حن “كانت هناك انفجارات جنونية”، مضيفة أن هذه الانفجارات أثارت “الذعر والرعب، إنها شيء تشعر به جسديا وقد يستغرق منا بعض الوقت حتى نهدأ منه، شيء لا يمكننا السيطرة عليه، ونحن نعيش في غلاف غزة، ونعرف كيف يكون الأمر”.
ووصفت الام وابنتها الأيام الطويلة في الأسر. وقال أغام إن الولدان شعرا بأن الامرأتين متعبتين وكانا يشغلان نفسيهما إلى حد كبير بالرسم والكتابة واللعب، “إلا عندما كانت هناك في بعض الأحيان انفعالات ومعارك فيما بينهما”، الأمر الذي دفع الحراس في بعض الأحيان إلى الصراخ عليها مطالبين إياهما بالحفاظ على الهدوء.
وقالت حن: “كانوا يتحدثون معنا أحيانا عن غلعاد شاليط”، في إشارة إلى الجندي الإسرائيلي الذي اختُطف في عام 2006 واحتجزته حماس لمدة خمس سنوات في غزة قبل أن يتم إطلاق سراحه في عام 2011 مقابل أكثر من 1000 أسير فلسطيني، من ضمنهم القائد الحالي لحركة حماس في غزة يحيى السنوار.
وقالت حن إن اسم شاليط كان يُذكر مع “ابتسامات صفراء، كما لو كانوا يسخرون منا بهذا الشأن”.
“كانت هذه مخاوفي، أن الأمر قد يستغرق سنوات” قبل أن يتم إطلاق سراحها، وقالت إن آسريهم “حلقوا عاليا” في أعقاب هجمات 7 أكتوبر.
وأضافت: “لقد كان ذلك أيضا بمثابة إعلان لنا، بأن الدولة لا تهتم، وأن الأمر استغرق خمس سنوات لإعادة [شاليط]، وأن الدولة لا تهتم إلا بالقتال”.
في البداية، لم يكن أفراد عائلة غولدشتاين-ألموغ الذين نجوا من الهجوم متأكدين بشأن مقتل نداف ويام، على الرغم من رؤيتهم لإطلاق النار عليهما. اكتشفوا ذلك خلال ساعات الظهر في أحد أيام الجمعة أثناء استماعهم إلى جهاز الراديو الذي تم توفيره لهم أحيانا، وسماعهم مقابلة مع أحد أفراد الأسرة قال فيها المحاور: “إننا نشارككم حزنكم على نداف ويام”.
وقالت حن: “هذه المرة الأولى التي بكى فيها غال. عرفنا ذلك ولكن كان من الصعب سماعه”.
استخدام الطعام وجهاز الراديو كعقوبة
وصفت حن وأغام حالات صرخ فيها الحراس على الطفلين وكانت أغام تتصدى لهم. تواصل الطرفان مع بعضهما البعض بمزيج من اللغات الإنجليزية والعربية والعبرية.
وقالت أغام: “كان الأمر مخيفا وكنت أقول لأمي [أن الآسر] ’ليس والدهما، ولن يقوم بتأديبهما… لا ينبغي عليهم أن يقولوا لهما كلمة واحدة، لا ينبغي لهم أن يتجرؤوا على فعل ذلك، لقد أحضروهما إلى هنا لذا يجب عليهم التعامل مع الأمر’”، مضيفة أنها كانت تشتم خاطفيها أحيانا، وهم كانوا يشعرون بالإهانة ويقومون بالانتقام.
وروت: “وبعد ذلك لم أكن أحصل على المذياع، أو أنهم كانوا يلعبون ألاعيب مثل ’أوه اليوم لا يوجد الكثير من الطعام’”. وتحدثت الاثنتان عن بعض التفاعلات المذهلة مع خاطفيهما، الذين كانوا يشكلون تهديدا لحياتهما وصحبتهما الوحيدة في الوقت نفسه.
في أحد الأيام، كما روت حن، سأل أحد الحارس أغام عن حالها في ذلك الصباح، وهي ردت “مزرية”، وهو ما فسره على أنه إهانة شخصية.
وقالت حن: “طوال اليوم، لم يتحدث إلينا ولم يعطنا جهاز الراديو”.
“بقينا هادئين وهو توجه إلى الركن في الشقة. توجهت إليها في منتصف اليوم وقلت ’كيف الحال اليوم، هل استيقظت على الجانب الخطأ من السرير؟ لست معنا في الغرفة؟ تعال وتحدث معنا’… كنا نطلب دائما الحصول على جهاز الراديو، لقد كان الشيء الوحيد الذي يربطنا بالواقع”. وكانت الأم وابنتها تتناوبان على طلباتهما، في محاولة لمعرفة الحالة المزاجية لخاطفيهما.
في أحد الأيام، قال الحارس لحن باللغة الإنجليزية: “اليوم، انس جهاز الراديو”.
وقالت أغام: “عندها نهضت وقلت له، ’لن تتحدث إلى والدتي بهذه الطريقة. لا تريد إعطاءنا جهاز الراديو، لا بأس، لست مضطرا لفعل ذلك، ولكنك لن تتحدث بهذه الطريقة، هناك طريقة للكلام’”.
وتابعت قائلة: “توجه إلى غرفة المعيشة، غاضبا، ولم يتحدث معنا لساعتين. ثم نهض واشترى بطاريات وأحضر لنا جهاز الراديو”.
وأضافت حن: “أرادوا أن نكون سعداء، وحاولوا توفير الطعام، وأحيانا ساعدونا في تحضير الطعام”.
حافظت أغام على روتين تمارينها الرياضية، وهو ما أثنى آسروها عليه كما قالت، وكانت هناك أيضا منافسة في مصارعة الأذرع بين حن وأحد الحراس.
وقالت حن: “لقد أحضر – الحارس الأصغر سنا – منشفة، لأنه لا يُسمح له بلمسي”.
واتفقت الأم وابنتها على أن الخاطفين أصبحوا معجبين بهما إلى حد ما، وأطلقوا على أغام لقب “سلسبيل” (الماء العذب). أغام هي كلمة عبرية تعني “بحيرة”.
وقالوا للأم حن: “’نحن نحبك، لا تعودي إلى المنزل. اذهبي إلى تل أبيب، ولا تعودي إلى كفار عزة’” كما روت.
وأوضحت: “لديهم خطط للعودة، ولا ينبغي أن يكون هناك أوهام بشأن ذلك. مهما ضربناهم، فإنهم لا ينحنون، وسيعودون أكثر [في المرة القادمة]، هذا ما قالوه. إنهم في حالة سكر من 7 أكتوبر”. “إنهم أشخاص سيئون”
في حين أنهما وصفتا مشاهد تفاعل ودية مع الخاطفين إلا أن أغام أكدت قائلة: “لا أريد أن يظن أحد أننا قضينا وقتا جيدا هنا، وأنهم أشخاص طيبون، وأننا رأينا الانسانية هناك. نحن نروي هذه القصص، حول الأمور التي كانت طبيعية إلى حد ما في وضع غير طبيعي، لأن هذا ما حافظ على رباطة جأشنا قليلا”.
وأضافت أنه قبل الهجوم، “كنا نعتقد أنه لا يوجد أشخاص سيئون – فقط أشخاص يعانون من حياة سيئة. ولكن هناك أشخاص سيئون”.
وصفت أغام إحدى الحوادث التي كانت فيها الأسرة تقيم في مدرسة حيث “رحبت بنا امرأة لطيفة وقدمت لنا الماء ورتبت لنا مكانا للنوم، وأنا التفتت إلى أمي وقلت: هناك أناس طيبون في العالم'”.
“وبعد خمس دقائق، أطلقوا وابلا من الصواريخ من المدرسة [على إسرائيل] وكان الجميع يصرخون ’الله أكبر، الله أكبر’ فقلت لها: ’انسي ما قلته، كلهم متشابهون’”.
وقالت أغام “لن نغفر أبدا ولن نظهر أي نوع من التعاطف تجاه هؤلاء الأشخاص. إذا كنا نعتقد في السابق أن هناك فرصة للسلام، فقد فقدنا كل الثقة في هؤلاء الناس، خاصة بعد أن كنا هناك وبين السكان”. وروت حن “كنا نخشى أن يتلقوا تعليمات بقتلنا. كنا نسألهم في بعض الأحيان. وكانوا يقولون: ’سنموت قبل أن تموتوا، سنموت معا. هذا مطمئن جدا، أليس كذلك؟”
في إحدى المرات، مكثت العائلة في مكان ما خلف أحد المتاجر الكبرى وضربت غارات إسرائيلية مكانا قريبا. وقالت حن إن الأسرة حاولت استخدام مراتبها كشكل من أشكال الغطاء “وبعد ذلك كان حراسنا وخاطفونا والإرهابيون فوقنا، يحموننا بأجسادهم من الضربات”، لكن لم تكن لديها أي أوهام بشأن السبب “لقد كنا ذو قيمة كبيرة بالنسبة لهم”، كما قالت.
رهائن آخرون تعرضوا لانتهاكات ولسوء المعاملة
وفي الأسبوع الأخير من أسرهم في غزة قبل إطلاق سراحهم، تم نقلهم مرة أخرى إلى الأنفاق، حيث التقوا برهائن آخرين.
وقالت حن “كانت هناك فتيات وحيدات، بمفردهن لمدة 50 يوما، وشابات في التاسعة عشرة من العمر، مررن بأشياء صعبة، شخصيا.. لقد تعرضن لانتهاكات وللأذى، وبعضهن كان مصابا”.
كما تعرض الرجال أيضا لانتهاكات وتعذيب، كما قالتا.
وقالت حن وهي تبكي “الأمر الذي كان مؤثرا للغاية بالنسبة لي، هؤلاء الفتيات الصغيرات المذهلات، أخبرنني أنهن سمعن الأولاد ينادونني بـ’أمي’. لأن الأولاد ظلوا ينادونني ب ’أمي’، وقالت الفتيات هناك ’نحن نسمع كلمة أمي’. لم نسمع هذه الكلمة طوال فترة وجودنا في الأسر’. قمت باحتضانهن. بعضهن قريب من عمر يام، ابنتي. حاولت أن أعانقهن مثل الأم”.
وأضافت حن أنها وعدت الرهائن الشابات اللاتي لم يتم إطلاق سراحهن بأنها ستتحدث إلى أمهاتهن وتخبرهن أنهن على قيد الحياة.
كانت الأسرة متشككة عندما علمت أنه سيتم إطلاق سراحها، وقالت أغام: “اعتقدت أنها قد تكون خدعة، وربما سيفرقون بيننا”. عندما تحدثت مع الرهائن الآخرين الذي كان من المقرر إطلاق سراحهم، روت أنها “كانت خائفة من الخروج. كنت أعلم أنه ليس لدي أب ولا أخت. لم نشعر بذلك أثناء وجودنا هناك… أنت تدركين أنك عائدة وأنهما ليسا في انتظارك”.
عند تسليمها للصليب الأحمر، شهدت العائلة واحدة من أكثر اللحظات رعبا، عندما احتشد مدنيون فلسطينيون غاضبون حول المركبات، وقام بعضهم بإلقاء الحجارة والقفز على المركبات.
وروت أغام “قلت لأمي لم نمت حتى الآن، ولكننا سنموت الآن”. عاملو الصليب الأحمر صرخوا على الناس في الخارج مطالبين إياهم بالابتعاد، ولكن “كانوا دون أسلحة، ونحن كنا تحت الحراسة مع أسلحة لمدة 51 يوما”.
سعادة حزينة للغاية
وقالت حن إن العبور إلى إسرائيل كان “مثل السحر”. “لقد وصلنا إلى مكان ما، وفجأة سمعت الأصوات الهادئة، والعيون اللطيفة. لقد كانت لحظة مؤثرة للغاية”.
واصفة مشاهد الإسرائيليين المبتهجين الذين التقوا بهم عند عودتهم، قالت أغام إنها “لم تتوقف عن البكاء” وأعربت عن أسفها لأن أصدقائها الرهائن لم يتمكنوا من رؤية ذلك.
ووصفت حالتهم بأنها كانت حالة “سعادة حزينة للغاية”، حيث لم تعد الأسرة كاملة، وترك العديد من الرهائن وراءهم.
كما أكدت الاثنتان على ضرورة تأمين حرية من التقيتا بهم بشكل فوري.
وقالت أغام “بينما نجلس هنا نتحدث، فإنهم يتعرضون لانتهاكات. يجب أن يخرج الجميع”.
وقالت حن إن الأسرة، التي تعيش بشكل مؤقت في تل أبيب، تحاول التأقلم مع الحياة بدون أب وأخت.
وأضافت: “كنا بيتا سعيدا ومليئا بالضحك. سيكون ما حدث جزء منا دائما. إن هاوية الألم عميقة جدا”.
وقالت أغام: “لم يكن لدينا الخاتمة التي يمتلكها كل إنسان يدفن عزيزا عليه”، حيث تم دفن نداف ويام دون حضورهما. “لم تكن لدينا جنازة، ولا شيفعا (فترة الحداد اليهودية)… بصراحة، كنت اعتقد أن [إطلاق سراحنا] سيكون أسهل، لكنه أسوأ مما كنت أظن”.
وأضافت أغام إنها ليست واثقة بشأن “ما الذي ينبغي عليها العمل عليه أولا. الصدمة؟ الأسر؟ الخسارة؟ الألم؟”
وفي الوقت نفسه، قالت لوالدتها أنه يجب عليهم أن يكونوا شاكرين لكل يوم في حياتهم، وقالت “في كل يوم نستيقظ فيه في الصباح، يكون هذا كافيا. يجب أن نكون سعداء”.
وبعد ذلك، كما قالت، تسمع صوت والدها في رأسها، وهو يسخر منها ويقول لها مازحا “توقفي عن التفاهات”.