نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


إدلب تحت خطر مطامع النظام وأحلام الجولاني




كل المؤشرات تتحدث عن نوايا ثابتة لنظام الأسد بالدخول إلى إدلب، وإعادة سيطرته المفقودة إليها منذ عام 2015، سواء أكان ذلك عبر عمليات عسكرية كما توحي الحشود العسكرية المتزايدة مؤخراً، أو عبر توافقات وتفاهمات سياسية قد تُفضي إليها الاجتماعات الرباعية والثنائية المنعقدة في موسكو وأنقرة.


 
في إطار الحشود العسكرية فقد نُقل عن الكثير من عناصر “الجيش الوطني” على خطوط التماس، وعن الأهالي في المناطق الحدودية والقريبة من تلك الخطوط: أنه وردت تعزيزات عسكرية ضخمة من ميليشيات النظام وميليشيات تتبع لإيران وحزب الله إلى الشريط والمدن القريبة من خطوط التماس مع الجيش الوطني والقوى المرابطة عليها، وأن هناك قيادات عسكرية من رتب عليا تزور المنطقة باستمرار وهذا ما يُطلق عليه بالعلوم العسكرية “عمليات استطلاع ما قبل الضربة”، إن صحت الأخبار. لعل التخطيط لحرب والقيام بعمليات عسكرية تؤكَّد وفق الواقع الحالي أن النظام بحاجة لتلك الحشود على اعتبار أن قواته بالحالة العادية تقتصر على عناصر مخصصة للمناوبة والحراسة والمراقبة، وهي بأعداد قليلة للغاية ولا يمكنها حتى القيام بمهام الدفاع.
الحشود التي رُصدت ونقلت لخطوط التماس جلبت معها أسلحة ثقيلة ودبابات وأعداد كبيرة من الجنود تجمهروا ببعض المناطق بصورة واضحة، وكأنها مقصودة وغايتها إيصال رسائل منها للجيش الوطني المنشغل بصراعاته البينية، أو صراعات النفوذ التي شاعت بالفترة الأخيرة واستهلكت الكثير من قدراته ومخزوناته.
وهناك رسالة هي الأهم للضامن التركي الذي قدمت إليه لائحة مطالب للنظام كشروط مسبقة لأي اجتماع قمة بين الرئيس التركي ورئيس نظام دمشق، وأهم تلك المطالب عدم الاعتراض على أي عملية عسكرية تهدف لإعادة مدينة إدلب لسيطرة نظام دمشق مع كامل المعابر الحدودية، مع ضرورة الانسحاب التركي من الأراضي السورية كاملة أو تقديم جدول انسحاب للجيش التركي من الأراضي السورية لا تتعدى مدته أربعة أشهر، ووقف دعم الفصائل “الإرهابية” المدعومة من أنقرة وكذلك المعارضة السياسية، ووقف الأنشطة الاقتصادية التركية بالشمال السوري وسحب مؤسساتها مثل مؤسسة البريد ومؤسسة الكهرباء وغيرها، ووقف التعامل بالليرة التركية أيضاً، وتلك المطالب تناولها الإعلام في دمشق وكررها رئيس النظام في موسكو وأكدها نائب وزير خارجيته محمد أيمن سوسان خلال الاجتماع الرباعي الذي عُقد مؤخراً في موسكو، مع ترغيب روسي أسدي للجانب التركي بإمكانية تعديل عمق دخول الجيش التركي بالأراضي السورية دون إذن من دمشق، في الحالات الاضطرارية وعند ملاحقة “الإرهاب” الذي يهدد الأمن القومي التركي، وفق ما ورد في اتفاقية أضنة الموقعة بين سوريا وتركيا عام 1998 والمعدلة عام 2010 لتصبح 15 أو 20 كم بدلاً من 5 كم في الاتفاق السابق.
تركيا الطامحة لمصالحة مع دمشق خدمة لأهداف سياسية واقتصادية وانتخابية وضعت أيضاً بعض الشروط على نظام الأسد وروسيا، أهمها فتح معركة عسكرية في شرقي الفرات ضد قوات سوريا الديموقراطية، وبمشاركة إيرانية، مع تصعيب الوجود الأمريكي الذي تعتبره أنقره ومعها طهران وموسكو عاملاً مؤخراً للحل في سوريا، مع بند لا يفارق الأجندة التركية وهو تأمين عودة أربعة ملايين لاجئ سوري يتواجدون على الأراضي التركية، وضمان حمايتهم وعدم التعرض الأمني للعائدين إلى مناطقهم.
أمام الواقع غير المستقر، وأمام الخيارات التركية المحدودة اتجاه نظام الأسد، تبقى مدينة إدلب وأريافها التي أصبغها الجولاني وتنظيمه الإرهابي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) بصبغة السواد، مهددة بالاجتياح أكثر من أي وقت مضى، خاصة أن نظام الأسد يجيد اللعب على الحبال السياسية ويبرع في لعبة المتناقضات، عندما يتحدث عن الحرب ضد تنظيم إرهابي ويطالب تركيا بعدم ممانعة أي هجوم على إدلب، وإرهاب الأسد ونظامه وحلفائه فاق كل إرهاب تعرض له السوريين على مدار أكثر من 12 عاماً مرت من عمر الثورة السورية، وعلى مدار أكثر من خمسة عقود أدمى فيها نظام الأسد قلوب معظم السوريين.
هيئة تحرير الشام، وزعيمها الجولاني، تُدرك أن معركة إدلب قادمة لا محالة، وأن التمدد نحو مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات قد يكون بديلاً عن أي اتفاق تسليم أو حرب اجتياح يمكن أن تتعرض لها مناطق سيطرة الجولاني. وعليه، بدأ الجولاني وذراعه الأقوى، أبو ماريا القحطاني وبعض أمراء الهيئة باختراق مناطق “غصن الزيتون” و”درع الفرات” وزرع فصائل تعمل بأجنداته في مناطق عمل الجيش الوطني كأحرار الشام/القاطع الشرقي أو تجمع الشهباء اللذان يدينان بالولاء والمبايعة لزعيم الهيئة، وأيضاً استطاع بناء تحالفات وجدناها واضحة عندما انضمت فرقة الحمزات وفرقة سليمان شاه “العمشات” للقتال إلى جانب الجولاني في غزوته الأخيرة على عفرين وصدامه مع الفيلق الثالث.
حتى لا يُذرع الخوف بقلوب أهالي جبل الزاوية وجبل شحشبو وجبل الأربعين وسكان مدينة إدلب، لا نحتم، حتى الآن، حصول أي عملية اجتياح للنظام في الوقت الحالي لمناطقهم، خاصة أن شروط الأسد وذرائع حربه على إدلب قابلتها شروط تركية يصعب على الأسد الإيفاء بها أو تنفيذها، وبالتالي لا موافقة تركية، حتى اللحظة، تسمح لنظام الأسد بالاقتراب من مناطق تحسب على النفوذ التركي، كما يعلم بشار الأسد علم اليقين أن موسكو لا يمكن أن تدخل بصدام مع أنقرة مهما كانت الأسباب، وبالتالي لن تدخل قاعدة حميميم الروسية بأي عملية عسكرية في إدلب دون التوافق مع الجيش التركي وقيادته السياسية، علاوة على أن جيش الأسد لا يمكنه حسم أي معركة على الجغرافية السورية حتى بوجود ميليشيات إيران وحزب الله دون دعم وتغطية جوية روسية تقوم بمهامها طائرات قاعدة حميميم الروسية.
يبقى احتمال حصول توافقات سياسية، يجري الحديث عنها مؤخراً، والاستعاضة بها عن الحرب والمعارك عبر توافقات سياسية حكومية ترعاها أنقرة وموسكو، بحيث تكون هناك منطقة تتمتع بشبه حكم ذاتي، أو منطقة قيادة مشتركة في شمال غرب سوريا، تخضع لمؤسسات النظام الخدمية وبعض القوى الأمنية لنظام دمشق بالمشاركة مع فصائل من الجيش الوطني، وقيادات من الحكومة المؤقتة، توافق على الاندماج مع سلطات الأسد أو التحالف معها، على طريقة اللواء الثامن لأحمد العودة في الجنوب السوري، وهذا ما تم ترويجه مؤخراً على لسان بعض السياسيين الروس ودون أي تعليق بالموافقة أو الرفض من قبل أنقرة أو الجيش الوطني أو الحكومة المؤقتة لكنه احتمال قائم، ويبقى موقف زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني
غير معروف، لكنه قد يصبح عراب تلك الصفقة إذا ما تم رفع تنظيمه عن قوائم الإرهاب؟
-----------
نورث برس

احمد رحال
الخميس 13 أبريل 2023