نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

إلى حرب على لبنان ولو صارت إقليمية

20/09/2024 - عبد الوهاب بدرخان

هجمات "البيجر" مُؤشّر حرب أوسع

20/09/2024 - عبدالجبار عكيدي

عامٌ من الألم

19/09/2024 - الياس خوري

الصراع على دمشق.. إلى متى؟

13/09/2024 - جمال الشوفي

( ماذا نفعل بالعلويين؟ )

12/09/2024 - حاتم علي


أمنستي:يجب تقديم الدعم لالوف العالقين بظروف مروعة بمخيم الركبان






قالت منظمة العفو الدولية إنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تقدم، وبشكل عاجل، مساعدات إنسانية لما لا يقل عن 8,000 نازح سوري عالقين في مخيم الركبان المعزول والمحاصر، والذي يقع في نطاق سيطرة الولايات المتحدة الفعلية على الحدود السورية مع الأردن والعراق، ويفتقر إلى ما يكفي من الغذاء أو المياه النظيفة أو الرعاية الصحية.

لقد تدهور الوضع الإنساني المتردي أصلًا في المخيم بشكل حاد في الأشهر الأخيرة بعد أن شددت الحكومة السورية الحصار الذي فرضته على المنطقة المحيطة بالمخيم منذ عام 2015، وأقامت نقاط تفتيش أغلقت طرق التهريب غير الرسمية التي يعتمد عليها سكان المخيم للحصول على الإمدادات الأساسية. وكانت آخر قافلة إنسانية تابعة للأمم المتحدة سمحت لها الحكومة السورية بدخول المخيم قبل ما يقرب من خمس سنوات في سبتمبر/أيلول 2019.


الآلاف العالقين بظروف مروعة في مخيم الركبان- اورينت نت - امنستي انترناشيونال
الآلاف العالقين بظروف مروعة في مخيم الركبان- اورينت نت - امنستي انترناشيونال
 ويدير الجيش الأمريكي قاعدة عسكرية بالقرب من مخيم الركبان، ويتمتع بسيطرة فعلية بحكم الأمر الواقع على المنطقة التي تبلغ مساحتها 55 كيلومترًا، وهي التي تقع عليها القاعدة والمخيم. ولذلك، وفي ضوء تقاعس الحكومات الأخرى في مجال حقوق الإنسان، فإن حكومة الولايات المتحدة ملزمة، بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بضمان حصول سكان المخيم على الإمدادات الأساسية.
وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “من غير المعقول أن آلاف الأشخاص، بما في ذلك الأطفال، عالقون في أرض قاحلة يكابدون من أجل البقاء دون الحصول على الضروريات المنقذة للحياة. إن سكان مخيم الركبان هم ضحايا الحصار الوحشي الذي تفرضه الحكومة السورية، وقد مُنعوا من الحصول على ملاذ آمن، أو واجهوا عمليات ترحيل غير قانونية على أيدي السلطات الأردنية، وقد قوبلوا بلا مبالاة واضحة من قبل الولايات المتحدة”.
وكان يعيش في مخيم الركبان ما يقدر بنحو 80 ألف شخص قبل أن يغلق الأردن حدوده مع المنطقة في عام 2016. وقد تضاءل هذا العدد اليوم إلى 8,000 شخص حيث غادر معظمهم بسبب الظروف المزرية. وعلى الرغم من المخاطر الجسيمة التي تواجههم في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، بما في ذلك تصنيفهم على أنهم “إرهابيون”، وتعرضهم للاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري، وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان، بسبب التعبير عن معارضتهم للحكومة السورية، لم يكن أمام عشرات الآلاف خيار سوى تحمل تلك المخاطرة. واليوم، يواصل الأردن ترحيل السوريين بشكل غير قانوني إلى مخيم الركبان، على الرغم من الظروف غير الصالحة للعيش فيه، بينما لا تبذل الولايات المتحدة جهدًا واضحًا لتحسين الظروف البائسة، رغم قدرتها على القيام بذلك.
وأردفت آية مجذوب قائلة: “يجب على الحكومة السورية أن ترفع حصارها فورًا عن المنطقة، وأن تسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى سكان المخيم. ونظرًا لأن الولايات المتحدة لديها السيطرة الفعلية بحكم الأمر الواقع على الأراضي التي يقع عليها المخيم، فيجب عليها الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان، وضمان حصول سكان المخيم على الغذاء، والماء، والرعاية الصحية الأساسية. وفي الوقت نفسه، يجب على المجتمع الدولي العمل على إيجاد حلول مستدامة لسكان المخيم، مثل إعادة فتح الحدود مع الأردن، أو المرور الآمن إلى مناطق أخرى في سوريا، حيث لا يواجه الأفراد انتهاكات لحقوق الإنسان”.

وضع مأساوي: أطفالنا يموتون”

أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع تسعة من السكان، من بينهم أربعة أعضاء في المجلس السياسي للمخيم، وهي مبادرة يقودها المجتمع المحلي. وقال جميعهم إنهم يكابدون من أجل الحصول على الغذاء والمياه النظيفة، وهي نادرة للغاية. أما الطعام والمياه القليلة المتوفرة في المخيم فتباع بأسعار باهظة لا يستطيع معظم الناس تحملها. ولسنوات عديدة، تمكن السكان من إدخال بعض الإمدادات إلى المخيم عبر طرق التهريب، لكن السلطات السورية أغلقت الآن هذه الطرق أيضًا دون توفير بديل للحصول على المساعدة الحيوية.
وقال محمد درباس الخالدي، عضو المجلس السياسي لمنظمة العفو الدولية: “أطفالنا يموتون. بالأمس، توفي طفل بسبب سوء التغذية. كان عمره لا يتجاوز 21 يومًا. وقبل شهر، توفي طفلان حديثا الولادة”.
في مواجهة المعاناة المستمرة، يمكن للولايات المتحدة، بل ويجب عليها، أن تفعل المزيد لمعالجة الأزمة الإنسانية المدمرة في مخيم الركبان
آية مجذوب، منظمة العفو الدولية

وقالت رقية، إحدى سكان المخيم: “أنا متعبة جدًا ماليًا ومعنويًا، وكل شيء آخر. لا أستطيع الحصول على رغيف خبز لأطفالي خلال النهار”.
ويعيش سكان المخيم في بيوت طينية بسيطة للغاية لا تحميهم من الحشرات، أو الطقس الصحراوي القاسي.
وقال نضال، عضو المجلس السياسي: “في الشتاء يكون الجو جافًا وباردًا جدًا. لدينا أكياس نايلون وصحيفة للتدفئة في منزلنا، فنحن لا نستطيع شراء الديزل”.

الرعاية الصحية في حالة خراب

يفتقر المخيم إلى المرافق الطبية الكافية ولا يوجد به أطباء. وبدلًا من ذلك، يعتمد السكان على مركز طبي يعمل به عدد قليل من الممرضات اللاتي تدفع الولايات المتحدة رواتبهن، وهنّ غير مؤهلات لإجراء العمليات الجراحية.
وقال نضال: “هناك أشخاص ذهبوا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة لتلقي العلاج ولم يعودوا. وآخر من خرج من هنا هو فهد محمد الهراوي، 30 عامًا، متزوج ولديه ثلاثة أطفال… قبل شهر اعتُقل في حمص واختفى”.
في الأشهر القليلة الماضية، احتاجت امرأتان حاملان إلى عمليات قيصرية وتوفي أطفالهما، حسبما ذكر مدير المكتب الإعلامي بالمخيم لمنظمة العفو الدولية. وأضاف قائلًا إنه في مايو/أيار، أصيب ما لا يقل عن 500 طفل باليرقان.

وتحدثت منظمة العفو الدولية إلى ممرضة سابقة في المخيم فقالت:
“كانت هناك أيضًا حالات جدري الماء والحصبة مع ارتفاع في درجة الحرارة، خاصة بين الأطفال، ونادرًا ما توجد أدوية للحمى في المخيم. ليس لدينا الباراسيتامول [مسكن الألم وخافض الحرارة] ونحن بحاجة إليه بشدة. كما يفتقر المخيم إلى حليب الأطفال، فالرُّضع يتغذون على حليب [الماعز] غير المناسب لهم”.

الأمن مقابل الغذاء

وكان معظم سكان المخيم قد فرّوا إلى هذه المنطقة منذ حوالي 10 سنوات هربًا من العنف الذي تمارسه القوات السورية والروسية، والميليشيات التابعة لهما، وتنظيم الدولة الإسلامية. وكان العديد منهم جزءًا من حركة المعارضة السورية، أو انشقوا عن قوات الأمن السورية.
أنا متعبة جدًا ماليًا ومعنويًا، وكل شيء آخر. لا أستطيع الحصول على رغيف خبز لأطفالي خلال النهار
رقية، إحدى سكان المخيّم
وثّقت منظمة العفو الدولية كيف استهدفت السلطات السورية، بين عامي 2017 و2021، على وجه التحديد العائدين من مخيم الركبان، وأخضعت العديد منهم للاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. وروى محمد درباس الخالدي، عضو المجلس السياسي في مخيم الركبان، كيف استمر اعتقال الأفراد الذين ذهبوا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، أو تجنيد القوات الحكومية السورية لهم قسرًا، أو منعهم من العودة إلى قراهم.
وقال عضو آخر في المجلس السياسي إن سكان المخيم يترددون في مغادرة المخيم لأنه آمن من قوات الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها بسبب سيطرة الجيش الأمريكي على المنطقة.
وقال لمنظمة العفو الدولية: “الآن هم يدفعون الثمن. والأمن الموجود هو مقابل الغذاء”.

الأردن يرحّل الناس بشكل غير قانوني إلى الركبان، رغم كل شيء

ووفقًا لمحمد الفاضل، عضو المجلس السياسي، يواصل الأردن ترحيل ما يقدر بنحو 100-150 سوريًا إلى مخيم الركبان كل عام. وقدّر أن أكثر من 1,400 سوري في السجون الأردنية يخضعون لأوامر الترحيل، ويواجهون خطر النقل إلى مخيم الركبان. 
وقد تحدثت منظمة العفو الدولية مع سورييْن اثنين رُحِّلا إلى الركبان في أبريل/نيسان 2024.
قال أحد الرجلين، الذي وصف كيف رحّلته السلطات الأردنية إلى الركبان بعد أن تشاجر مع رجال أردنيين كانوا يضربون أطفاله: “لقد عصبوا [السلطات الأردنية] عينيّ وقيدوا يديّ وقدميّ، وأخذوني إلى مخيم الركبان. ماذا فعلنا لنستحق هذا؟ لقد ضربوني على عينيّ ورأسي. لم ترغبوا بوجودنا في الأردن، حسنًا، لكن هناك شيء اسمه التعاطف، الرحمة. أنا إنسان مثلكم”. وقال إنه رُحَّل إلى مخيم الركبان مع تسعة رجال سوريين آخرين في عام 2024.

“لديّ خمسة أطفال في الأردن. أريد فقط أن أعيش مثل أي إنسان آخر. أين سأذهب؟ إذا ذهبت إلى سوريا، فإن حياتي ستكون في خطر. في مخيم الركبان سنموت من الجوع. نحن ممنوعون من العودة إلى الأردن. الناس يفكرون في الانتحار”.
وثّقت منظمة العفو الدولية مسبقًا ترحيل السلطات الأردنية لما لا يقل عن 16 لاجئًا سوريًا، بمن فيهم أطفال تتراوح أعمارهم بين أربعة وأربعة عشر عامًا، إلى الركبان في 10 أغسطس/آب 2020.
إن إعادة اللاجئين قسرًا إلى مكان يتعرضون فيه لخطر الانتهاكات أو التجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان، يشكل انتهاكًا لمبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي. ويجب على الحكومة الأردنية التقيد بالتزاماتها الدولية بحماية اللاجئين، والامتناع عن إجبار السوريين على العودة إلى بلادهم.

التزامات الولايات المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان

منذ عام 2016، قام الجيش الأمريكي بتشغيل قاعدة التنف العسكرية، على بعد حوالي 16 كيلومترًا من مخيم الركبان، وكان يسيطر فعليًا على الأرض التي يقع فيها المخيم والقاعدة العسكرية. وفي مقال نُشر عام 2019، ذكر روبرت فورد، سفير الولايات المتحدة السابق في سوريا، أن الولايات المتحدة حافظت على سيطرتها على هذه المنطقة، وصدّت القوات الأخرى التي حاولت دخولها، بما في ذلك في مايو/أيار 2017، عندما هاجمت الطائرات الأمريكية قافلة للقوات السورية والإيرانية اقتربت من التنف.
وعلى الرغم من ذلك، بدا أن الولايات المتحدة تتنصل من مسؤولياتها الكاملة تجاه سكان مخيم الركبان، وكانت تدخلاتها ضئيلة. وتوظف القاعدة العسكرية الأمريكية حوالي 500 رجل من مخيم الركبان. وقد قدّمت مساعدات بصورة متقطعة لسكان المخيم، بما في ذلك فرن الخبز والدقيق والوقود، فضلًا عن الرعاية الطبية في حالات نادرة للغاية، وفقًا لسكان المخيم، لكنها لم تضمن تقديم مساعدات منتظمة لتلبية الاحتياجات الماسة.
إن الولايات المتحدة لديها القدرة على القيام بالمزيد بما في ذلك تقديم المساعدة المنقذة للحياة، حيث تصل طائرات عسكرية أمريكية بانتظام إلى قاعدة التنف القريبة لجلب الإمدادات والموظفين.
في عامي 2023 و2024، نقلت قوة مهام الطوارئ السورية، ومقرها واشنطن، المساعدات جوًا إلى المخيم باستخدام المساحة المتاحة على طائرات الشحن العسكرية الأمريكية التي تسير رحلات من وإلى قاعدة التنف. ثم قام موظفو قوة مهام الطوارئ السورية المتواجدون على الأرض بنقل المساعدات من قاعدة التنف إلى مخيم الركبان. وتُظهر مثل هذه العمليات أن الولايات المتحدة لا تسيطر على المنطقة فحسب، بل لديها أيضًا الوسائل اللازمة لتقديم المساعدات الإنسانية.
واختتمت آية مجذوب قائلة: “في مواجهة المعاناة المستمرة، يمكن للولايات المتحدة، بل ويجب عليها، أن تفعل المزيد لمعالجة الأزمة الإنسانية المدمرة في مخيم الركبان. ويقع على عاتقها مسؤولية الوفاء بحقوق سكان الركبان في الحصول على الضروريات الأساسية، مثل الغذاء، والماء، والرعاية الصحية”.

امنستي انتر ناشيونال
الاثنين 23 سبتمبر 2024