الصورة لرياض الترك و محيي الدين اللاذقاني في محل صندويتش بأكتون غرب لندن-خاص من مجموعة الدكتور اللاذقاني
يومها كان الجيش السوري قد خرج مطرودا من لبنان ، وكنا نتوقع التغيرات السياسية منذ ذلك الوقت ، وكنت أقدم في قناتي "الديمقراطية"و"المستقلة" برنامجا تلفزيونيا إسمه "موعد مع المستقبل" الذي خصصته لتوحيد صفوف المعارضة السورية وتعرض البرنامج لقضايا ما كان يجرؤ أحد على طرحها ، ومنها التعذيب في السجون السورية الذي عرف عنه العالم ، وعن ضحاياه الكثير بعد الثورة.
وبعد حلقة التعذيب في السجون السورية التي آلمت النظام الذي كان يحاول تلميع صورته ومداواة جراحه بعد الخروج المذل من لبنان خطر لي إن الضربة الموجعة للنظام هي جمع يسار المعارضة السورية بيمينها ، وكان المرشحان الواضحان لهكذا قضية همارياض الترك الزعيم اليساري البارز ، وعلى صدر الدين البيانوني المراقب العام للإخوان المسلمين ، ومن المعروف ان المناضل الكبير ، والصلب رياض الترك كان قد امضى ثمانية عشر عاما في زنزانة انفرادية و،لم يفرج عنه الأسد الأب إلا بوساطة من الرئيس الفرنسي شيراك عام ١٩٩٨ لكن الأسد الإبن أعاده للسجن بعد أن قال العبارة الشهيرة "ماتن الديكتاتور " لقناة الجزيرة من قلب دمشق .
وهكذا وبناء على الترتيبات اللاحقة حضر ابن العم" وهو اللقب المفضل عند رياض الترك الى لندن ، وأمضيت معه ثلاثة أيام تعلمت خلاها الكثير من تلك الشخصية اللبقة ، والمهذبة ، والمرحة ككل الحماصنة ، وهي شخصية كان يخافها المقبور بالقرداحة نفسه لذا تصالح مع كثيرين من أقطاب المعارضة ، وترك الترك في السجن والإخوان في المنفى.
ومن شبه المؤكد إن مخابرات النظام السوري ، وأجهزته لم تنم ليلة السابع من تموز ٢٠٠٥ حين ظهر البيانوني والترك في برنامج "موعد مع المستقبل" يتبادلان التحيات والمجاملات ، ويتفقان على معظم القضايا المطروحة التي تهم مستقبل سوريا وشعبها بل ويدينان الإرهاب الذي ضرب لندن في ذلك الصباح ، ويذكران العالم بإرهاب الدولة الأسدية بلسان مناضل أمضى في سجونها في عهدي الأب المجرم والإبن السفاح قرابة المدة التي أمضاها نيلسون مانديلا في سجون النظام العنصري بجنوب افريقيا.
وأذكر إننا حين ذهبنا إلى تلك الحلقة ، وكان "ابن العم"محبوسا في فندقه بسبب التفجيرات في ذلك اليوم ،أذكر إننا توقفنا في محل صندويتشات لنلتهم بعضها بسرعة قبل الدخول الى الاستديو ، وحين انتهينا منها بعجالة بدأ رياض الترك يلف كيس البلاستيك الذي جلبوا لنا به الصندويتشات بهدوء ليضعه في جيبه، ولما وجد نظرة استغراب في وجهي ضحك ، وأنا أستعجله ،وأقول له لا عليك هناك أكياس كثيرة في الفندق قال لي :
سأروي لك قصة إهتمامي بأكياس البلاستيك الذي صار عادة ففي السجن الانفرادي كل الزنازين رطبة ، وارضها تنز الماء ناهيك عن الرطوبة ،لذا كنت استعين بأكياس النايلون وأفرشها فوق الرطوبة لأستطيع النوم قليلا ، ومقاومة البرد ، وصار زواري على قلتهم يعرفون ذلك ، ويجلبون لي الأكياس الفارغة المستعملة كلما حضروا لأستعين بها في ليالي الشتاء على رطوبة زنزانتي .
ألا لعن الله حافظ الأسد ونغله "ذيل الكلب"إلى قيام الساعة ، ورحم الله رياض الترك الأصيل النبيل الشجاع الذي يقطر لطفا ودماثة ومعرفة ومثله كثيرون من الذين غيبتهم عصابات الأسد بالسجون ، وقتلت الكثيرين منهم تحت التعذيب لكن تشاء الأقدار أن ينجو رياض الترك ليظل الشاهد الحي على تلك الحقب السوداء التي يدفع الشعب السوري ثمنها على مدار سبعين عاما ، ونيف ، بل وحتى هذه الساعة.
لقد كان رياض الترك طوال تاريخه ، ومنذ انفصاله عن بكداش ، وحزبه بمثابة الأب الروحي للمعارضة السورية ، وسيظل في أذهان السوريين على مختلف أجيالهم رمزا تاريخيا لمقاومة الفساد والاستبداد والطغيان ، وصورة للثائر النموذجي الصلب الذي قضى عمره مدافعا عن الكرامة الإنسانية ، ومقاتلا شرسا على دروب الحرية
وبعد حلقة التعذيب في السجون السورية التي آلمت النظام الذي كان يحاول تلميع صورته ومداواة جراحه بعد الخروج المذل من لبنان خطر لي إن الضربة الموجعة للنظام هي جمع يسار المعارضة السورية بيمينها ، وكان المرشحان الواضحان لهكذا قضية همارياض الترك الزعيم اليساري البارز ، وعلى صدر الدين البيانوني المراقب العام للإخوان المسلمين ، ومن المعروف ان المناضل الكبير ، والصلب رياض الترك كان قد امضى ثمانية عشر عاما في زنزانة انفرادية و،لم يفرج عنه الأسد الأب إلا بوساطة من الرئيس الفرنسي شيراك عام ١٩٩٨ لكن الأسد الإبن أعاده للسجن بعد أن قال العبارة الشهيرة "ماتن الديكتاتور " لقناة الجزيرة من قلب دمشق .
وهكذا وبناء على الترتيبات اللاحقة حضر ابن العم" وهو اللقب المفضل عند رياض الترك الى لندن ، وأمضيت معه ثلاثة أيام تعلمت خلاها الكثير من تلك الشخصية اللبقة ، والمهذبة ، والمرحة ككل الحماصنة ، وهي شخصية كان يخافها المقبور بالقرداحة نفسه لذا تصالح مع كثيرين من أقطاب المعارضة ، وترك الترك في السجن والإخوان في المنفى.
ومن شبه المؤكد إن مخابرات النظام السوري ، وأجهزته لم تنم ليلة السابع من تموز ٢٠٠٥ حين ظهر البيانوني والترك في برنامج "موعد مع المستقبل" يتبادلان التحيات والمجاملات ، ويتفقان على معظم القضايا المطروحة التي تهم مستقبل سوريا وشعبها بل ويدينان الإرهاب الذي ضرب لندن في ذلك الصباح ، ويذكران العالم بإرهاب الدولة الأسدية بلسان مناضل أمضى في سجونها في عهدي الأب المجرم والإبن السفاح قرابة المدة التي أمضاها نيلسون مانديلا في سجون النظام العنصري بجنوب افريقيا.
وأذكر إننا حين ذهبنا إلى تلك الحلقة ، وكان "ابن العم"محبوسا في فندقه بسبب التفجيرات في ذلك اليوم ،أذكر إننا توقفنا في محل صندويتشات لنلتهم بعضها بسرعة قبل الدخول الى الاستديو ، وحين انتهينا منها بعجالة بدأ رياض الترك يلف كيس البلاستيك الذي جلبوا لنا به الصندويتشات بهدوء ليضعه في جيبه، ولما وجد نظرة استغراب في وجهي ضحك ، وأنا أستعجله ،وأقول له لا عليك هناك أكياس كثيرة في الفندق قال لي :
سأروي لك قصة إهتمامي بأكياس البلاستيك الذي صار عادة ففي السجن الانفرادي كل الزنازين رطبة ، وارضها تنز الماء ناهيك عن الرطوبة ،لذا كنت استعين بأكياس النايلون وأفرشها فوق الرطوبة لأستطيع النوم قليلا ، ومقاومة البرد ، وصار زواري على قلتهم يعرفون ذلك ، ويجلبون لي الأكياس الفارغة المستعملة كلما حضروا لأستعين بها في ليالي الشتاء على رطوبة زنزانتي .
ألا لعن الله حافظ الأسد ونغله "ذيل الكلب"إلى قيام الساعة ، ورحم الله رياض الترك الأصيل النبيل الشجاع الذي يقطر لطفا ودماثة ومعرفة ومثله كثيرون من الذين غيبتهم عصابات الأسد بالسجون ، وقتلت الكثيرين منهم تحت التعذيب لكن تشاء الأقدار أن ينجو رياض الترك ليظل الشاهد الحي على تلك الحقب السوداء التي يدفع الشعب السوري ثمنها على مدار سبعين عاما ، ونيف ، بل وحتى هذه الساعة.
لقد كان رياض الترك طوال تاريخه ، ومنذ انفصاله عن بكداش ، وحزبه بمثابة الأب الروحي للمعارضة السورية ، وسيظل في أذهان السوريين على مختلف أجيالهم رمزا تاريخيا لمقاومة الفساد والاستبداد والطغيان ، وصورة للثائر النموذجي الصلب الذي قضى عمره مدافعا عن الكرامة الإنسانية ، ومقاتلا شرسا على دروب الحرية