بعد أن أخرجتهم روائح فساده الكريهة في مظاهرات حاشدة خلال عام 2018، يخرج الشارع الإسرائيلي اليوم رافضا لنموذج الدكتاتورية الدينية التي يريدها بنيامين نتنياهو وفريقه في محاولة للالتفاف على القضاء. وربما ترسم المظاهرات الغاضبة التي تخرج ضده أسبوعيًا والتي زادت وتيرتها وحدتها خلال الأيام القليلة الماضية، طريق سقوطه هو ومن معه.
مشاهد متراصة يمكن أن تلاحظها عين المتابع للسيناريو الإسرائيلي، لتكون بكل بساطة لوحة تشبه لوحات نهاية العالم، وما بها من صراع بين أشخاص يتناحرون على السلطة. فنتنياهو لم يعبأ لحالة الرفض التي يعاني منها هو وحكومته المكونة من الأحزاب الدينية والأحزاب اليمينية المتطرفة، ليبدأ سريعا خطوات الإطباق على السلطة والإمساك بتلابيب الحكم في قبضته وحده.
بدا ذلك الرفض جليا في محاولة تمرير قانون يسميه “إصلاح النظام القضائي” في إسرائيل، إلا أن معارضيه على النقيض يرونه “انقلابا قضائيا”، إذ سيمنح حكومة “بيبي” كافة الصلاحيات لتقييد سلطات المحكمة العليا ودورها الرقابي على قرارات الحكومة، وكذلك تعيين القضاة. الإصلاحات، كما يصفها نتنياهو، تسببت بحالة من الغليان داخل الكنيست الإسرائيلي، ودفعت رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان إلى وصف الحكومة بالفاشلة. كما وقف ليبرمان داخل الكنيست ليحذر من أن تلك التغيرات ستؤدي إلى دمار الدولة بالكامل. خاصة وأنها ألقت بظلالها على المؤسسة العسكرية التي أعلنت عصيانا عسكريا غير مسبوق نفذه ضباط من سرب الجو.
ومع فقدان نتنياهو دعم السياسيين والجيش فقد ضلعا آخر من أضلاع الدولة، بعد أن بدأ عدد من رجال الأعمال يضيقون ذرعا بما قد يجر إسرائيل إليه.
ولأول مرة يتدخل الملياردير الشهير مايكل بلومبرغ ليكتب في مقاله بنيويورك تايمز الأميركية تعليقا على أداء الحكومة، واصفًا إياها بأنها “تدمر إسرائيل بتصرفاتها”.
ومع وجود 250 ألف متظاهر في الشارع يبدو أن رئيس الوزراء الآن أصبح بين أمرين أسهلهما صعب؛ إما التراجع عن قراراته ومحاولة السيطرة على غضب الإسرائيليين متخليا عن حلمه بأن يكون قيصر البلاد، أو الاستمرار ومواجهة مصير يبدو مجهولا حتى الآن.
في أي نظام دكتاتوري عندما يقرر الشعب مواجهة رأس السلطة بشخصه، يكون قد رسم مشهد ما قبل النهاية، وهو القطعة الأخيرة في أحجية السقوط.
ذلك المشهد الذي بدا جليا عندما قرر المتظاهرون الغاضبون أن يوجهوا رسالة مباشرة إلى نتنياهو عبر زوجته التي تمت محاصرتها داخل أحد صالونات التجميل عندما كانت تقوم بعمل قصة شعر جديدة.
على طريقة ماري أنطوانيت، قررت سارة نتنياهو تجاهل غضب المتظاهرين والذهاب للحصول على قصة شعر جديدة، ومع معرفة المتظاهرين العنوان حاصروا المكان في مشهد كاد يتطور إلى كارثة لولا تدخل الشرطة التي تمكنت من إنقاذها في اللحظات الأخيرة قبل الفتك بها. وبدلا من أن يرى نتنياهو أن شيئا خاطئا يحدث بفعل قراراته، اندفع يهدد المتظاهرين، وقال لهم إنهم تخطوا كافة الخطوط الحمراء.
وتبعته زوجته سارة التي كتبت بعد ساعات قليلة من الحادث، أن من أنقذها من الموت كانوا مجموعة من المؤيدين لها ولزوجها موجهة لهم الشكر عبر حسابها على إنستغرام، في خطوة أكثر من استفزازيه وبعيدة كل البعد عن الحقيقة.
ويبدو أن سارة كانت تريد من رسالتها أن تقوم بحشد أنصارها لينزلوا إلى الشارع في محاولة لموازنة الأمور، إلا أن مشهد النهاية لديمقراطية الدولة العبرية المزعومة قد ينطلق من تلك الدعوة.
وهي لم تدرك أنها بذلك تجر إلى مواجهة بين الميليشيات من الداعمين والمعارضين، ليحاول كل منهم أن يفرض وجهة نظره هو بقوة السلاح، لتنقلب الساحة نتيجة ذلك إلى ميدان حرب أهليه.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، فاستمرار تجاهل “بيبي” وسارة للأوضاع المشتعلة في إسرائيل، دفع المحتجين لمحاصرة مطار بن غوريون لمنع نتنياهو من مغادرة تل أبيب متوجها إلى إيطاليا، بالتزامن أيضا مع رفض عدد من قائدي الطائرات أن يقلوه في رحلته.
نهاية قريبة هي ما يلحظه الجميع في تل أبيب مع اتساع موجة الغضب التي تبتلع كل ما بوجهها، ليبقى السؤال المطروح هل ستكون هذه نهاية لـ”بيبي” أم نهاية لدولة احتلال دائما ما روجت لنفسها على أنها جنة الديمقراطية.\
--------
العرب
مشاهد متراصة يمكن أن تلاحظها عين المتابع للسيناريو الإسرائيلي، لتكون بكل بساطة لوحة تشبه لوحات نهاية العالم، وما بها من صراع بين أشخاص يتناحرون على السلطة. فنتنياهو لم يعبأ لحالة الرفض التي يعاني منها هو وحكومته المكونة من الأحزاب الدينية والأحزاب اليمينية المتطرفة، ليبدأ سريعا خطوات الإطباق على السلطة والإمساك بتلابيب الحكم في قبضته وحده.
بدا ذلك الرفض جليا في محاولة تمرير قانون يسميه “إصلاح النظام القضائي” في إسرائيل، إلا أن معارضيه على النقيض يرونه “انقلابا قضائيا”، إذ سيمنح حكومة “بيبي” كافة الصلاحيات لتقييد سلطات المحكمة العليا ودورها الرقابي على قرارات الحكومة، وكذلك تعيين القضاة.
في أي نظام دكتاتوري عندما يقرر الشعب مواجهة رأس السلطة بشخصه، يكون قد رسم مشهد ما قبل النهاية، وهو القطعة الأخيرة في أحجية السقوط
ومع فقدان نتنياهو دعم السياسيين والجيش فقد ضلعا آخر من أضلاع الدولة، بعد أن بدأ عدد من رجال الأعمال يضيقون ذرعا بما قد يجر إسرائيل إليه.
ولأول مرة يتدخل الملياردير الشهير مايكل بلومبرغ ليكتب في مقاله بنيويورك تايمز الأميركية تعليقا على أداء الحكومة، واصفًا إياها بأنها “تدمر إسرائيل بتصرفاتها”.
ومع وجود 250 ألف متظاهر في الشارع يبدو أن رئيس الوزراء الآن أصبح بين أمرين أسهلهما صعب؛ إما التراجع عن قراراته ومحاولة السيطرة على غضب الإسرائيليين متخليا عن حلمه بأن يكون قيصر البلاد، أو الاستمرار ومواجهة مصير يبدو مجهولا حتى الآن.
في أي نظام دكتاتوري عندما يقرر الشعب مواجهة رأس السلطة بشخصه، يكون قد رسم مشهد ما قبل النهاية، وهو القطعة الأخيرة في أحجية السقوط.
ذلك المشهد الذي بدا جليا عندما قرر المتظاهرون الغاضبون أن يوجهوا رسالة مباشرة إلى نتنياهو عبر زوجته التي تمت محاصرتها داخل أحد صالونات التجميل عندما كانت تقوم بعمل قصة شعر جديدة.
على طريقة ماري أنطوانيت، قررت سارة نتنياهو تجاهل غضب المتظاهرين والذهاب للحصول على قصة شعر جديدة، ومع معرفة المتظاهرين العنوان حاصروا المكان في مشهد كاد يتطور إلى كارثة لولا تدخل الشرطة التي تمكنت من إنقاذها في اللحظات الأخيرة قبل الفتك بها.
مع فقدان نتنياهو دعم السياسيين والجيش فقد ضلعا آخر من أضلاع الدولة، بعد أن بدأ عدد من رجال الأعمال يضيقون ذرعا بما قد يجر إسرائيل إليه
وتبعته زوجته سارة التي كتبت بعد ساعات قليلة من الحادث، أن من أنقذها من الموت كانوا مجموعة من المؤيدين لها ولزوجها موجهة لهم الشكر عبر حسابها على إنستغرام، في خطوة أكثر من استفزازيه وبعيدة كل البعد عن الحقيقة.
ويبدو أن سارة كانت تريد من رسالتها أن تقوم بحشد أنصارها لينزلوا إلى الشارع في محاولة لموازنة الأمور، إلا أن مشهد النهاية لديمقراطية الدولة العبرية المزعومة قد ينطلق من تلك الدعوة.
وهي لم تدرك أنها بذلك تجر إلى مواجهة بين الميليشيات من الداعمين والمعارضين، ليحاول كل منهم أن يفرض وجهة نظره هو بقوة السلاح، لتنقلب الساحة نتيجة ذلك إلى ميدان حرب أهليه.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، فاستمرار تجاهل “بيبي” وسارة للأوضاع المشتعلة في إسرائيل، دفع المحتجين لمحاصرة مطار بن غوريون لمنع نتنياهو من مغادرة تل أبيب متوجها إلى إيطاليا، بالتزامن أيضا مع رفض عدد من قائدي الطائرات أن يقلوه في رحلته.
نهاية قريبة هي ما يلحظه الجميع في تل أبيب مع اتساع موجة الغضب التي تبتلع كل ما بوجهها، ليبقى السؤال المطروح هل ستكون هذه نهاية لـ”بيبي” أم نهاية لدولة احتلال دائما ما روجت لنفسها على أنها جنة الديمقراطية.\
--------
العرب