وقالت المنظمة في التقرير الذي جاء في 14 صفحة "إنَّ سياسة الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة من قبل النظام السوري تُعد أحد أبرز الأساليب الفعَّالة التي يستخدمها كأداة لتحقيق موارد مالية إضافية لخزينته". وأشار التقرير إلى أن النظام يعاقب معظم من عارضه وعائلاتهم "عبر تطبيق مزيد من التضييق والقيود القانونية والاجتماعية والاقتصادية ضدهم".
وأوضحت الشبكة أن "الوثائق الخاصة بقرارات الحجز الاحتياطي الصادرة عن النظام السوري- التي تحتفظ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بنسخ عنها في أرشيفها- تبين أنَّ المعتقلين تعسفياً والمختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، والمشردين قسرياً داخل وخارج سورية، من أوسع وأبرز المتأثرين بقرارات الحجز الاحتياطي الصادرة عن النظام السوري، التي تتحول في معظمها إلى قرارات حجز تنفيذي ومصادرة فيما بعد".
وبحسب التقرير، فإنَّه منذ بداية عام 2024 كثَّفت الجهات الرسمية التنفيذية في النظام السوري إصدار القرارات الخاصة بالحجز الاحتياطي للأموال المنقولة وغير المنقولة ضد أهالي بلدة زاكية في محافظة ريف دمشق، مشيرة إلى أن القرارات التي أصدرتها وزارة المالية استندت بشكل أساسي إلى المرسوم التشريعي رقم 63 لعام 2024، إضافة إلى البرقيات الصادرة عن الفرع 285، وهو فرع التحقيق التابع لإدارة المخابرات العامة (أمن الدولة) في مدينة دمشق.
وأكدت الشبكة أن القرارات "لم تصدر عن أية جهة قضائية، وإنَّما من خلال الصلاحيات الواسعة التي منحها النظام السوري للعديد من الجهات الرسمية التنفيذية لديه في إصدار قرارات الحجز الاحتياطي أو الإداري على الأموال والممتلكات ومصادرتها". ووفق التقرير "تضمَّنت هذه القرارات لوائح بأسماء أشخاصٍ مختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، ومفقودين، وأشخاصٍ أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية، وآخرين ملاحقين من قبل الأجهزة الأمنية، بمن في ذلك المهجرون والنشطاء".
القرارات "لم تصدر عن أية جهة قضائية، وإنَّما من خلال الصلاحيات الواسعة التي منحها النظام السوري للعديد من الجهات الرسمية التنفيذية لديه
وكشفت الشبكة عن أن "الفئة الأوسع التي استهدفها النظام السوري بقرارات الحجز الاحتياطي الصادرة عنه، في بلدة زاكية في محافظة ريف دمشق، هم ممن أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية لدى اللجنة العسكرية والأمنية التي شكَّلها النظام السوري، عقب سيطرته على بلدة زاكية في يناير/كانون الثاني 2017". وأشارت إلى أن ذلك "يؤكد أنَّ النظام السوري يتبع سياسة عقاب ممتدة مع أهالي البلدة، ثم المشردين قسرياً من مهجرين داخلياً أو لاجئين خارج سورية"، مضيفة أن قرارات الحجز الاحتياطي التي أصدرتها وزارة المالية ضد أهالي بلدة زاكية في محافظة ريف دمشق لا تستند في الأصل إلى أية معايير قضائية، وإنَّما جاءت عبر قرارات أمنية، مما يؤكد أنَّ "الأجهزة الأمنية تتحكم في كافة مفاصل مؤسسات الدولة وتسخّرها وفق مصالحها".
النظام السوري يمارس العقاب الجماعي
وفي السياق ذاته، ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الخميس، أن 286 شخصًا ممن طاولتهم قرارات الحجز الاحتياطي في بلدة زاكية موجودون داخل البلدة، بعد إجرائهم التسوية عقب استعادة النظام السيطرة عليها في 2016، بشرط الامتناع عن الانخراط في أنشطة مناهضة لحكومة النظام. وأوضحت أنه تعذّر تحديد هوية 196 آخرين، و187 كانوا نازحين داخليًا، و69 لاجئًا، و37 مختفيًا قسريا، و22 مفقودًا، و20 متوفيًا طاولتهم قرارات الحجز.
وقال نائب مديرة الشرق الأوسط في المنظمة آدم كوغل: "إن تنفيذ وزارة المالية للمرسوم 63 يشكل عقابًا جماعيًا، وهو أمر محظور في جميع الظروف بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان". وقالت المنظمة إنها راجعت قرارات "الحجز الاحتياطي" الصادرة بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران، والتي استهدفت مئات الأشخاص من زاكية، مشيرة إلى أنها تحدثت مع شخصين متضررين من هذه الإجراءات، أحدهما لا يزال في زاكية، وآخر نزح إلى الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة في 2017.
وبيّنت أن "من بين المتضررين الأشخاص المستهدفين أنفسهم، وكذلك الأقارب من الدرجة الأولى، بما في ذلك الوالدان والأزواج والأبناء والأشقاء"، مضيفة: "في أحد القرارات المتاحة، من بين 103 أشخاص مدرجين في القائمة، جرى استهداف 19 بشكل مباشر، و84 كانوا من أقاربهم من الدرجة الأولى".
وكان "مجلس الشعب" (البرلمان) التابع للنظام أقر، أواخر العام الفائت، قانون "إدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم"، والذي يطاول، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، شريحة واسعة من السوريين، في مقدمتهم المحتجزون تعسفيا والمختفون قسريا في سجون النظام السوري ممن صدرت بحقهم أحكام مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة، والتي في معظمها كانت أحكاما مضافة إلى عقوبتهم الأصلية بالسجن أو الإعدام.
-----------
العربي الجديد