هجمة للانتقام إثر تقارير عن الأحداث على الحدود مع غزة
قال مدير المناصرة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط سيث بايندر: “على السلطات المصرية التوقف حالًا عن تهديد مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ومديرها أحمد سالم. وعليها ضمان سلامة عائلته في مصر ووقف حملات التشهير والقمع المستمر التي تشنها منذ سنوات ضد المنظمات الحقوقية والمستقلة”.
في 14 فبراير/شباط 2024، نشرت مؤسسة سيناء تقريرًا بناءً على روايات شهود، وصور، وفيديوهات تُظهر عملية البناء السريعة لإقامة منطقة أمنية محصّنة عند الحدود المصرية مع غزة وإسرائيل في شمال سيناء والذي قالت إنه “بهدف استقبال لاجئين من غزة في حال حدوث عملية نزوح جماعي”، نتيجة للنزاع المسلح الدائر في غزة. حصل التقرير على تغطية واسعة من وكالات إخبارية وصحف عالمية كبرى.
قال سالم، نقلًا عن مصدرَيْن في شمال سيناء، إن الجيش المصري يكثف منذ 15 فبراير/شباط 2024 الدوريات ونقاط التفتيش في المنطقة، ويوقف السكان وعمال البناء، ويبحث في هواتفهم في محاولة لمنع نشر أي أخبار عن أعمال البناء وتخويف السكان المحليين.
في 17 فبراير/شباط 2024، وصف مقدم برامج تلفزيونية بارز مؤيد للحكومة وعضو في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام سالم على قناة تن، المؤيدة للحكومة، بأنه عميل مرتبط بمجموعات إرهابية والموساد الإسرائيلي، بالإضافة إلى مزاعم أخرى قُدمت بدون أدلة. يلعب المجلس دورًا رئيسيًا في الرقابة والقمع الحكومي للجهود المستقلة لنقل الأخبار.
في ١٦ فبراير/شباط، وصف الحساب الرسمي على منصة إكس (تويتر سابقًا) لاتحاد قبائل سيناء، الميليشيا الأساسية الداعمة للجيش المصري في شمال سيناء، مؤسسة سيناء، دون تسميتها، والتقارير المستقلة بأنها مساعي متآمرين “لضخ السموم ضد الدولة المصرية”. ونشرت صفحات عديدة مؤيدة للحكومة على فيسبوك وإكس صورًا لسالم مرفقة بالمزاعم نفسها.
يظهر تحليل لصور أقمار صناعية التقطت بين ٥ و١٩ فبراير/شباط الجاري أجراه مختبر الأدلة في منظمة العفو الدولية عمليات إزالة وتنظيف الأراضي وبناء جدار جديد. في هذه الأثناء، نسقت الحكومة المصرية حملة علاقات عامة لنفي الأخبار حول بناء مخيمات للفلسطينيين في سيناء. في 16 فبراير/شباط 2024، نفت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية في تصريح رسمي أن تكون الحكومة تتحضر لاستقبال الفلسطينيين في سيناء، وقالت إن الأخبار المماثلة “تعطي انطباعًا – يروج له البعض زورًا – بأن مصر تشارك في جريمة التهجير التي تدعو إليها بعض الأطراف الإسرائيلية”.
منذ أكثر من عقد، تستخدم حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي الإعلام لشن حملات تشهير لتخويف النشطاء الحقوقيين والتشكيك في عملهم كجزء من الحملة متعددة الأوجه للقضاء على الفضاء المدني المصري الذي كان نابضًا بالحيوية في السابق. وغالبًا ما تُشَن هذه الحملات من قبل مقدمي برامج تلفزيونية مقربين من الحكومة والدوائر الأمنية أو لديهم وظائف رسمية، وتتضمن أشكالًا عدوانية من المعلومات المضللة، وتصريحات تتضمن في بعض الحالات التحريض على العنف والتهديد بالأذى.
كثيرًا ما انطوت هذه الحملات على القمع العابر للحدود واستهداف الحقوقيين المقيمين خارج مصر بأساليب تضمنت المضايقات الأمنية، والاعتقالات التعسفية، والاحتجاز المطول، وملاحقة أقارب هؤلاء المقيمين في الخارج. رغم إقامته في بريطانيا مع زوجته وأطفاله، عبّر سالم عن خوفه من استهداف السلطات أفراد من عائلته في مصر. قالت المقررة الأممية الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان ماري لولور في 22 فبراير/شباط: “أحث الحكومة المصرية على ضمان سلامته (سالم) وعائلته”. وقالت المنظمات إن على الحكومة المصرية الاستجابة لهذه الدعوة ومنع أي انتقام من أفراد عائلة سالم.
تمثل مؤسسة سيناء إحدى المصادر المستقلة البارزة و الموثوقة للمعلومات حول التطورات في شمال سيناء، حيث قاتلت القوات الحكومية المصرية، لا سيما الجيش، ضد مقاتلي تنظيم ولاية سيناء المسلح الذي أعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في 2014. ارتكب كل من الجيش ومقاتلي داعش انتهاكات جسيمة ، يرقى بعضها إلى جرائم حرب بحسب هيومن رايتس ووتش، إلا أن الاشتباكات المسلحة ظلت طي الكتمان إلى حد كبير بسبب القيود التي وضعها الجيش على نقل الأخبار.
بحجة مقاتلة هذه المجموعة المسلحة، هجّرت قوات الأمن المصرية عشرات الآلاف من سكان سيناء وفرضت قيودًا على حركة الأشخاص والبضائع، ما أدى تقريبًا إلى توقف النشاط التجاري والاقتصادي في المحافظة لعدة سنوات. بحسب أبحاث هيومن رايتس ووتش، تعرض آلاف السكان في شمال سيناء للاعتقالات الجماعية التعسفية، والإخفاء القسري، والخطف، والتعذيب، والقتل خارج القضاء. منذئذ، تحول شمال سيناء إلى منطقة عسكرية مغلقة تخضع لحصار حكومي إعلامي مشدد لمنع نشر المعلومات وتقييد وصول الصحفيين والمراقبين المستقلين.
ورغم أنه يبدو أن الجيش قضى على ولاية سيناء وتوقفت هجماته منذ 2022 تقريبًا، ما تزال شمال سيناء فعليًا منطقة عسكرية مغلقة، حيث تتعرض الجهود المستقلة لنقل الأخبار لقيود شديدة. تشمل المظالم الأساسية للمجتمعات المحلية عمليات الهدم الواسعة للمنازل، والمزارع، والإخلاءات القسرية على يد الجيش في المناطق الحدودية وغير الحدودية. المنطقة المحصنة التي تبنيها اليوم الحكومة المصرية تضم بعض المناطق التي أجبر الجيش المجتمعات المحلية على إخلائها.
على السلطات المصرية أن تتوقف فورًا عن الانتقام من المنتقدين المقيمين في الخارج، وإنهاء سياسة عدم التسامح مع العمل الصحفي والبحثي المستقل الذي يشكل فعليًا تجريم بات لحرية التجمع والتعبير والعمل الحقوقي. على السلطات المصرية أيضًا السماح فورًا للصحفيين المستقلين ومنظمات المجتمع المدني المستقلة بالعمل بحرية في سيناء، ونقل شكاوى سكانها بعد عقد من العمليات العسكرية المعزولة عن التدقيق والشفافية، بالإضافة إلى أي آثار لتطورات النزاع المسلح الدائر على الجهة الثانية من الحدود في غزة.
قال آدم كوغل ، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “بدل تشديد الخناق على نقل الأخبار من سيناء، على الحكومة المصرية ضمان إجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات الحقوقية طوال عقد من العمليات العسكرية هناك، بما فيها تلك التي وثّقتها بشجاعة مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان”.
الموقعون:
الأورومتوسطية للحقوق
إيجبت وايد لحقوق الإنسان
الجبهة المصرية لحقوق الانسان
الخدمة الدولية لحقوق الإنسان
الديمقراطية الآن للعالم العربي
الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
فيرسكوير (FairSquare)
اللجنة الدولية للحقوقيين
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب – ديجنيتي
المنبر المصري لحقوق الإنسان
النديم لمناهضة العنف والتعذيب
منظمة العفو الدولية
مؤسسة حرية الفكر والتعبير
هيومن رايتس ووتش