نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

نظرة في الإعلان الدستوري

26/03/2025 - لمى قنوت

رياح الشام

25/03/2025 - مصطفى الفقي

في الردّة الأسدية الإيرانية

22/03/2025 - عبد الجبار عكيدي

لن تحكموا سورية هكذا

20/03/2025 - مروان قبلان


غموض استراتيجية واشنطن في سوريا: رؤيتان متناقضتان؟




تتغير الرؤية الأميركية بشأن سوريا بشكل مستمر استجابة للمتغيرات السياسية والأمنية الطارئة، إذ أصبح الدعم العسكري الأميركي لقوات سوريا الديموقراطية (قسد) في الشمال حاجة ملحة تتماشى مع المصلحة الأميركية، رغم الاتفاق الأخير بين قسد والرئيس السوري احمد الشرع، والذي لم يبدأ الطرفان تنفيذه حتى الان.


 
ويتزامن التحرك الأميركي مع عمليات عسكرية إسرائيلية في الجنوب، ما يعكس، بحسب مراقبين، تنسيقاً مُسبقاً لتحقيق هدف مشترك: إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط، بحيث تظل إسرائيل في المقدمة، مع تراجع أي نفوذ إقليمي أو دولي خارج نطاق السيطرة الأميركية – الإسرائيلية.
ومع تولي الشرع للسلطة، برزت تساؤلات عدة بشأن كيفية تغيّر سياسة أميركا تجاه سوريا، وعن استراتيجيتها الحالية وأهدافها ومصالحها، وعن مطالبها من الرئيس السوري الانتقالي، لا سيما بعد الاتفاق مع قسد في الشمال والتفاهمات مع القوى الدرزية في الجنوب، وترتيبات الساحل اثر المجازر الفظيعة هناك.
 
رؤيتان أميركيتان تجاه سوريا؟
كانت السياسة الأميركية في سوريا موضوعا للتباين في الآراء والمقاربات، وهذا يعكس عدم وجود رؤية واحدة لدى صناع القرار في واشنطن. وفي هذا السياق يسلط الكاتب والمحلل السياسي من واشنطن حسن منيمنة الضوء على رؤيتين رئيسيتين تجاه سوريا في الولايات المتحدة.
الرؤية الأولى تأتي من الطاقم السياسي القديم، الذي يركز على تحقيق الاستقرار من خلال دعم حكومة مركزية قادرة على التعامل مع الولايات المتحدة وفق معايير معينة وتحت رقابة مستمرة. وبناءً على هذا الأساس يتم الدعم ورفع العقوبات وتحقيق أمور إجرائية أخرى.
الرؤية الثانية تتبنى المنظور الإسرائيلي، وتقول إن "سوريا الأنفع" هي المشتتة والمفككة. هذا التوجه يدعم "قدس"، وربما يدعم قيام منطقة ذات وضع خاص في الجنوب السوري، وينظر بإيجابية إلى الحالة الخاصة بالساحل السوري.
وعلى الرغم من التناقض بين هذين التوجهين، يلفت منيمنة، في حديثه لــ"النهار"، إلى أن الولايات المتحدة تمضي قدما في اتباع كليهما، بحثا عن توازن يضمن لها دورا في مستقبل دمشق.
 
المعضلة الأساس في اتفاق الشرع وقسد؟
يرى منيمنة أن "قسد" ونظام الشرع يتمتعان بسمات مشتركة، إذ يعتمد كلاهما على قوة ذاتية مدعومة من أطراف خارجية، فبينما تعتمد "قسد" على حزب العمال الكردستاني في قضايا معينة، يعتمد نظام الشرع على القوى العسكرية الأجنبية مثل المجموعات الأوزبكية والأويغورية والشيشانية.
يحذر منيمنة من احتمال نشوب مواجهة بين "قسد" ووزارة الدفاع السورية (الفصائل التابعة للشرع)، وهو ما قد يضعف العنصر السوري في كلا الجانبين، أي يجعلهما مضطرين للاعتماد على دعم خارجي.
المعضلة الأساس تكمن في كيفية تنفيذ اتفاق الدمج بين الطرفين، والذي يتطلب موافقة جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة السورية. وفي حال تم تنفيذ الاتفاق بنجاح، قد يساهم ذلك في تغيير طبيعة الدولة السورية نحو دولة مركزية بدلاً من دولة إسلامية، ما يمنح الأكراد فرصة لتأمين مصالحهم بما يخدم وحدة سوريا.
يرفض منيمنة الربط بين الاتفاقات الأخيرة والمجازر في الساحل السوري، لكن توقيت هذه الأحداث قد يسهم في تسريع بناء التحالفات، ويؤكد أن نجاح الاتفاق يعتمد على نقطتين رئيسيتين:
أولاً: التحقيق الجاد في مجازر الساحل.
ثانياً: وقف المناوشات بين "قسد" ووزارة الدفاع السورية لا سيما في المناطق الكردية.
 
ماذا تريد واشنطن من حكومة الشرع؟
وهناك ثلاثة مطالب رئيسية تريدها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الحكومة السورية حتى تدعمها،  وفق منيمنة، وهي:
1- المساهمة في تفكيك أي فصيل يمكن أن يصنف إرهابياً في الولايات المتحدة.
2- عدم الاعتراض على الاحتلال الإسرائيلي للجولان باعتبار أن الولايات المتحدة قد أقرت به، وعدم الاعتراض على الجنوب السوري كمنطقة نفوذ إسرائيلي.
3- سير الحكومة السورية الجديدة باتجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
تنازلات يسعى ترامب للحصول عليها من الإدارة السورية
الصحافي والكاتب المختص في الشأن الأميركي ستيفن صهيوني لا يرى صعوبة كبيرة أمام إدارة ترامب في صياغة استراتيجية جديدة تجاه سوريا. ومع ذلك، يجب عدم إغفال بأن "الرئيس الأميركي هو رجل أعمال أيضاً يسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية من خلال تقديم تنازلات، سواء كانت تتعلق بعقود النفط والغاز أو بمعالجة القضية الفلسطينية وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بالإضافة إلى المكاسب الاستراتيجية الأخرى".
وتُعتبر الطاقة عاملا أساسيا في تحديد سياسة ترامب تجاه سوريا، يقول صهيوني لــ"النهار"، والجميع يدرك حجم الثروات النفطية والغازية في البحر الأبيض المتوسط. لذا، يجب أن يكون لدى دمشق موقف متعاون تجاه الإدارة الأميركية، ما يعني أن ترامب لن يسمح بإبرام عقود لإعادة الإعمار أو استخراج النفط والغاز، إلا تحت مظلة المصالح الأميركية.
وبرأيي صهيوني، فإنّ  المكسب الوحيد الذي حققته السلطات السورية من اتفاق دمشق هو توقيته، إذ كان  العالم أجمع يتحدث عن المجازر في الساحل السوري، أما الطرف الأكثر استفادة هم الأكراد الذين وافقوا على هذا الاتفاق بدعم أميركي، وهناك شروط في الاتفاق تحميهم من أي عملية عسكرية كبرى من قبل القوات التركية. وعليه، لا يستطيع الأتراك تنفيذ أي عملية عسكرية ضد الأكراد بعد هذا الاتفاق، بالإضافة إلى دعوة عبد الله أوجلان لهم بوقف القتال.
 
تنازلات قدمها الشرع لترامب؟
قدمت الإدارة الجديدة في دمشق تنازلات نتيجة الضغوطات الدولية على خلفية المجازر في الساحل السوري، من خلال تنفيذ مطالب الأميركيين في عدة ملفات، منها الملف الكردي المرتبط بالاتفاق الأخير، والتسوية مع الدروز، والعلاقة مع إسرائيل، ويحتمل أن يكون هناك ما يتعلق بملف التوطين. هذه التنازلات جاءت نتيجة الأخطاء والمجازر في الساحل السوري والضغوطات الدولية المتزايدة.
ويذكّر صهيوني بالدعوة الروسية - الأميركية لعقد جلسة لمجلس الأمن، وهو أمر لم يحدث منذ عدة سنوات، ما دفع الإدارة السورية إلى الإسراع في تدارك أي قرارات جديدة أممية قد تصدر ضدها، وبالتالي تقديم تنازلات عاجلة، بعضها سري، وقد يتم الكشف عن تفاصيلها في المستقبل.
ويعتبر تحقيق الاستقرار في سوريا مطلباً أميركياً قد يتطلب تنازلات معينة من الحكومة السورية الجديدة. وفي حال تم قبول نظام تقسيمي مستدام، تبقى احتمالات الهدوء والوحدة ضعيفة للغاية في ظل المشهد السياسي المتشرذم.
----------
النهار

يحيى شمص
الاربعاء 16 أبريل 2025