الملفات الخلافية بين البلدين أكبر من أن يتسع لها مقال، خلافات عمرها من عمر قيام الحكم الشيوعي في الصين، إلا أن العلاقة تدهورت في السنوات الأخيرة وخصوصا بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركية السابقة نانسي بيلوسي إلى تايوان، وفرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تعريفات جمركية إضافية على الصادرات الصينية. ويشكل الاقتصادان الأميركي والصيني 40 في المئة من الناتج العالمي، ولا يرغب الرجلان في أن تصل الخلافات بين البلدين إلى انفصال اقتصادي، لما لذلك من آثار كارثية على العالم بأسره وليس فقط على كليهما أو أي منهما.
عداء بين بكين وواشنطن عمره عشرات السنين لم يمنع يوما رئيسي البلدين من اللقاء، ورغم كل التنافس الحاصل بينهما والذي يؤثر على العالم بأسره لا على بلديهما فقط، إلا أنه لا شيء يمنع من اللقاء لساعات ومرات عديدة لحل ما يمكن حله من الخلافات من خلال التفاوض
لقاء الساعات الأربع لم يرشح عنه إلا الاتفاق على نقطتين، الاتفاق المتعلق بصادرات مكونات عقار الفنتانيل (مسكن للألم الشديد ويستخدم في صناعة المخدرات)، وتعد الصين المصدر الأساسي لهذا العقار. والاتفاق على استئناف الاتصالات بين الجيشين، والتي تم تعليقها بعد زيارة بيلوسي إلى تايوان في العام 2022.
قضية تايوان، وهي من أبرز الملفات الخلافية بين البلدين، بقيت عالقة، بكين لا تزال ترى أنها أمر غير قابل للنقاش، بينما ترى واشنطن أنها ورقة بيدها لن تتنازل عنها وإن لم يكن الوقت مناسبا الآن لإثارتها، فلدى واشنطن ما يكفي من المشاكل حول العالم.
شي طالب نظيره الأميركي، وفقا لما نقلته وزارة الخارجية الصينية، بأن تكفّ واشنطن عن تسليح تايوان، مؤكدا أن إعادة توحيد الصين وضم الجزيرة أمر حتمي.
بايدن الذي وصف شي بـ"الديكتاتور"، قال خلال مؤتمره الصحافي، إنهما اتفقا على إبقاء التواصل "بإمكان أي منا أن يتناول الهاتف ويتصل مباشرة وسيُرد عليه فورا".
أميركيا، لم ينس الأميركيون أن نجل بايدن هانتر متورط في قضايا مالية مع الصينيين، حتى إن بعض الجمهوريين ذهب بعيدا بتوجيه الاتهام إلى بايدن شخصيا بالتورط في الأمر، وأن علاقات مشبوهة تربطه بمسؤولين صينيين منذ أن كان نائب رئيس في زمن باراك أوباما، واعتبروا أن وصفه شي بـ"الديكتاتور" ليس إلا محاولة منه للتمويه على هذه العلاقة، خصوصا أن أشهرا تفصل الأميركيين عن الانتخابات التي ينوي بايدن الترشح فيها مجددا لمنصب الرئيس.
ولكن في المقلب الآخر، عداء بين بلدين عمره عشرات السنين لم يمنع يوما رئيسي البلدين من اللقاء، فرغم كل التنافس الحاصل بينهما والذي يؤثر على العالم بأسره لا على بلديهما فقط، إلا أنه لا شيء يمنع من اللقاء لساعات ومرات عديدة لحل ما يمكن حله من الخلافات من خلال التفاوض، وإن كان لا بد من الحرب، فالحرب على أرض غير أرضيهما وبشعوب غير شعبيهما، هذا أكثر ما لفتني في اللقاء، وتذكرت أننا نعيش في إحدى البقع الجغرافية التي قد تكون في أي لحظة ساحة لحروب الآخرين، وأن أكثر ما نرفضه الحوار والمفاوضات مع من نختلف معهم، وكأننا بحاجة إلى حوار من يشبهنا لا إلى الوصول إلى مشترك مع من لا يشبهنا.
وإن جاء من يدعو إلى التفاوض حقنا للدماء، نشهر سيفنا فورا، نحن أمة لا تفاوض، أمة لا تحاور، أمة بات الموت غايتها، فمن أين جاءتنا هذه الثقافة الإلغائية، هذه العدمية التي صار معها قتل أكثر من 6000 طفل خلال شهر انتصارا، واستنكار قتل المدنيين خيانة وتخاذلا؟
---------
مجلة المجلة