نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


جريمة جنديرس الفاضحة لا تعالجها بيانات إبراء الذمة




كشفت الجريمة النكراء التي وقعت في جنديرس عشية احتفالات عيد النيروز عن عمق الأزمة الوطنية في النسيج الاجتماعي السوري، وبشكل لا يمكن معه القفز على الواقع والاستمرار في إنكاره وتجاهله.


فقد قفزت تلك الجريمة الرهيبة إلى الواجهة كقضية رأي عام وطني رغم الأولويات السياسية والإنسانية الضاغطة على مجتمع الثورة والمعارضة بمؤسساتها الرسمية وتجمعاتها غير الرسمية، فتضامن كل أبناء المناطق المحررة وخارجها بكل مكوناتهم مع ذوي الضحايا، وأدانوا بشدة الجريمة ومرتكبيها، وطالبوا بمحاسبتهم قبل أن يتبيّن من هو الفاعل وإلى أي فصيل أو منطقة ينتمي، وتقاطرت وفود المعزّين والمتضامنين إلى جنديرس وأهلها كما تقاطرت الفزعات إبان كارثة الزلزال بمشاعر فياضة لا تخطئ صدقها ومصداقيتها كل عين منصفة. وعلى التوازي ملأت بيانات الإدانة والتعزية والتضامن والشجب والاستنكار الفضاء الوطني الثائر والمعارض الواقعي منه والافتراضي، فيما لم تخلُ ردود الأفعال من محاولات الاستثمار السياسي ودفع التهم وإلصاقها بأطراف أخرى لها أجنداتها الخاصة وبطريقة لا تخلو من الجزم في أحكام الإدانة وتبرئة الذات الثورية والذات الفصائلية والمناطقية.
كما لم تخلُ من استثمار سياسي مقابل من طرف قوى سياسية كردية ومتعصبين قوميين كرد، كانت الجريمة بالنسبة لهم حجة ودليل على إدانة فصيل ثم منطقة ثم مكوّن بأكمله، وإثباتاً لدعوى المظلومية والمبالغة فيها لتبرير مطالبات الحكم الذاتي والتقوقع على الذات والتمايز عن الجماعة الوطنية، مستغلين مشاعر الحزن الشديد وفورة الدم ومشاعر الغضب والثورة على الواقع، ومتناسين أن إدانة فصيل بعينه أو منطقة جغرافية بعينها أو مكوّن اجتماعي بعينه يبرر بالمقابل إدانة المكوّن الكردي بجرائم وانتهاكات قسد الكردية، وكأن الأكراد مسؤولون عن جرائم وانتهاكات قسد بحق المدن والقرى والسكان العرب شرق الفرات، وكأن لسان حال بعض الموتورين من الطرفين يقول هذه بتلك. وأشد ما يثير الاستغراب هو مسارعة ما يسمى بمؤسسات الثورة كل على حدة بإصدار بيان إدانة وتعزية واستنكار وتوعّد بمحاسبة الفاعلين الأفراد الذين لا يمثلون إلا أنفسهم، وبطريقة تكشف أن تلك المؤسسات بدءاً من قيادة الفصيل المسيطر على المنطقة، ومروراً بهيئة البناء والتحرير والفيلق الأول وزارة الدفاع والحكومة المؤقتة، وصولاً إلى الائتلاف منفصلة عن بعضها وتربط بينها علاقات رسمية قائمة على النديّة.
ثم يخرج البعض ليدافع عن مؤسسات الثورة التي (بنيناها بالدماء والتضحيات) وكذلك المناطق التي (حررناها) بالتضحيات والشهداء وكأنها النموذج المعصوم عن النقد الذي يعتبر مساساً بالثورة، وكأنه ممنوع على المدنيين الكرد حتى الصراخ من الألم، لتخرج بعض أصوات الموتورين القوميين من الطرف المقابل لتقول لسنا إخوة وعفرين محتلة وليست محررة.
بينما ضاعت أصوات الأغلبية الوطنية المتزنة والمنصفة من المكونين العربي والكردي في زحمة ذلك التراشق الأرعن بالاتهامات المتبادلة، ودعاوى الظلم والمظلومية الآنية والتاريخية لتغطي على المظلومية الوطنية السورية المتمثلة بالتوحش الأسدي.
لا يمكن إنكار المظالم والانتهاكات التي يتعرض لها العرب في المناطق الخارجة عن سيطرة عصابة الأسد والتي يحكمها أكراد قنديل، تماماً كما لا يمكن إنكار تلك المظالم والانتهاكات التي يعانيها الأكراد في المناطق التي تحكمها فصائل الجيش الوطني وبغطاء من مؤسسات المعارضة الرسمية، ولكن من العار على تلك المؤسسات أن توضع في كفة مقابلة لكفة قسد ومشغليها في جبال قنديل. والأولى أن تقف تلك المؤسسات وقفة مع الذات لأنها هي تدّعي أنها مؤسسات ثورة بنيت بالتضحيات، فذلك يفترض أنها تحمل منظومة القيم الأخلاقية التي تتبناها الثورة من قبيل تساوي السوريين والسوريات أمام القانون الذي يحمي الجميع، وحق كل إنسان وجماعة أن تمارس حرياتها وطقوسها واحتفالاتها ومناسباتها وحقها في عدم التعدي على ممتلكاتها، تكفله تلك المنظومة القيمية،
فهل أمّنت المؤسسات التي تحكم المنطقة باسم الثورة ذلك لأكراد عفرين وأريافها؟.
أليس من العار أن تذهب ثكالى شهداء الجريمة لتطلب الحماية وتستعين بقوة غاشمة قادرة على تأديب تلك الفصائل (المؤسسات)؟، ألا يدل ذلك على أن تلك المؤسسات (الثورية) ليست سوى سلطات غاشمة يريد المظلوم التخلص منها ومن تعسفها وتسلطها ولو بسلطة أغشم منها؟.
أليس من العار والشنار على تلك المؤسسات أن تخرج تلك الأم الثكلى لتقول "هل ذنبي أن الله خلقني كردية"؟، ألم تثلم تلك العبارة الضمير الثوري قبل الضمير الوطني والديني والإنساني؟!. أبعد ذلك كله هل من المقبول أن تكتفي تلك المؤسسات ببيانات إبراء الذمة ثم تعود إلى سباتها العميق؟.
إن الجريمة الحقيقية هي تلك التي اقترفتها قيادات تلك المؤسسات الرسمية وقادتها بحق الثورة وبحق دماء الشهداء وتضحياتهم، عندما سمحت بالاستقواء بالسلاح على المدنيين العزل من العرب والكرد في المناطق المحررة، ولم تضع حداً لتلك الظاهرة التي أدت إلى هذه المجزرة المشينة.
وعندما نعلم أن المرتكبين كانوا أطفالاً صغاراً في بداية الثورة والآن هم شبان صغار يحق لنا أن نتساءل هل هؤلاء جناة أم مجني عليهم؟ ما هو نوع التوجيه المعنوي الذي تلقّاه هؤلاء الأطفال على مدى أكثر من عقد من أهليهم ومعلميهم وموجهيهم وقادتهم، حتى هان عليهم إزهاق أرواح بشرية بهذه البساطة؟.
إنها الجريمة المستمرة التي تقترفها مؤسسة تُسمى وزارة الدفاع، عندما لا تكون قادرة على فرض الانضباط العسكري على القادة والتشكيلات والأفراد، وغير قادرة على العزل ولا النقل ولا التعيين ولا التأثير في تركيبة الفصائل الحاكمة لإقطاعاتها وقطاعاتها بقوة السلاح لا بقوة القانون، فترتكب الانتهاكات والتجاوزات باسم الثورة والأمن الوطني والجيش الوطني.
هي الجريمة المستمرة التي ترتكبها مؤسسة الشرطة العسكرية التي ارتضت أن تكون فدرالية محاصصة فصائلية، لا سلطان لها على أي عنصر مسنود من فصيله أو جماعته.
هي الجريمة المستمرة التي ترتكبها مؤسسة القضاء بشقيها المدني والعسكري، عندما تنازلت عن استقلالها، وقبلت بخضوعها للتأثير بل والتحكم حتى في قراراتها وأحكامها، ففقدت ثقة المظلومين واستكفوا عن طلب حمايتها واللجوء إليها لإنصافهم.
هي الجريمة المستمرة التي ترتكبها مؤسسة الحكومة المؤقتة، التي ارتضت أن تكون مجرد هيكل شكلي ليس له أي سلطة فعلية حتى على المجالس المحلية، سوى سلطة التقاط الصور وإصدار البيانات
-----------
اورينت نت
 
هي الجريمة المستمرة التي ترتكبها مؤسسة تسمى الائتلاف الوطني، عندما ارتضت أن تكون منصة سياسية للدول، خاضعة لإملاءاتهم وممثلة لسياساتهم بدل أن تكون ممثلاً للشعب السوري.
تلك الجريمة النكراء ليست سوى انعكاس للجريمة المستمرة التي يرتكبها أولئك المتنفذون العسكريون وشركاؤهم في الداخل والخارج بحق الثورة والحرية والكرامة، لن توقفها ولن تغسل عارها بيانات رفع العتب والجبن والدفاع عن النفس والهروب من المسؤولية بدلاً من مواجهتها بجرأة ونبل وفروسية.
بل لا بد من خطوات عملية حقيقية وسريعة لبناء نموذج حوكمي مشرف في المناطق الخارجة عن سيطرة عصابة الأسد، حتى يليق بها وصف مناطق محررة، وإلى أن يحدث ذلك فسنبقى في مستنقع يمارس فيه المصطادون في المياه العكر من كل الأطراف الداخلية والخارجية هواياتهم.

محمد سليمان دحلا
الاحد 26 مارس 2023