كتابه إلى شهر نيسان/ إبريل 2011، أي في ذات الشهر المفصلي الذي رسم صورة واضحة لسلوك أجهزة الأمن ضد الحراك السوري وافتعالها عدة انتهاكات وجرائم:
كتابه لا يقل سذاجة أو قل وقاحة عن تبرير الفيديو الفاضح له وهو يمجد ولي نعمته الأسد بألمانيا، إذ ظهر معتذراً ومبرراً ظهوره عبر (فيسبوك) بأنه كان مبتعثاً من وزارة التعليم العالي التابعة للنظام، وأنه أجبر على التمجيد رغم أنه كان بإمكانه الخروج بالمسيرة التي خرجت بعد يومين فقط من مجزرة دوما البشعة دون التصدر والتملق النابع من القلب، ومما زاد الطين بلة أكثر هو تأكيده متابعة عمله في جامعات النظام لعام آخر ما يعني أنه كان شاهدا على مجازر أكثر وحشية في الوقت الذي آثر فيه كثير من الطلبة الامنتاع عن متابعة تعليمهم بسبب تزايد انتهاكات النظام في المدن والجامعات. بالمقابل وبعد الجدل الكبير الذي أثير حول رغبة الكاتب بتعويم المصطلح، فقد نشر مركز حرمون إعلاناً أشار فيه لتأجيل الندوة حول الكتاب لموعد آخر دون أن يحدده. تأجيلٌ لا إلغاء ريثما يبحث القائمون هناك عن حلّ يخرجهم من المطب الذي أطاح بهم، وعرّى منهجيتهم في التعامل مع ثوابت السوريين الثورية.
تعليقاً على موقف بكور ودفاعه عن
كتابه انضمت جوقة من الذين طعنوا بثوابت السوريين واتخذوا منابرهم الإعلامية للترويج للنظام على المستوى الثقافي والسياسي والرياضي، وخرجوا يشتمون السوريين بمصطلحات لا تليق بما يزعمونه من مكانة علمية، يتعالون بها أينما حلوا ويمنعون حرية التعبير التي يتغنون بها، وفي خطاباتهم مصطلحات جديدة سوقية شوارعية لا يمكن أن تشنف لها الآذان إلا على بسطات “القابون” وحول أكشاك “البولمان” فدائماً ما تطرح مثل هذه المصطلحات في بازار التداول الإعلامي الخاص بهم على مبدأ الأعرابي الذي بال في بئر زمزم معللاً فعلته بقوله: “أردت أن أذكر ولو بلعنة”.
ليست المرة الأولى الذي يقدم فيها المصطفى وجبة غسيل معرفي وتصحيح مفاهيم أراد تسويقها في الأوساط السورية الثائرة، فهو من أسمى منتخب البراميل بالمنتخب السوري، ووصف عامة الناس في الشمال المحرر بالغوغاء، وشرعن استضافة مواليّ النظام، فقد خرج علينا سابقاً بمنشور مطول بعد انتقادات طالت استضافة تلفزيون سوريا الممثل الموالي “اندريه سكاف” ضمن حلقة برنامج ترفيهي حمل عنوان “شب الكبة”، زاعماً حينها أن محتوى البرنامج غير سياسي ولا يعبر عن المواقف الحقيقية للضيوف، دون أن ينسى كعادته استخدام مصطلحات مبهمة وأفكار متناقضة، رافضًا في منشوره الاعتراف بخطأ استضافة سكاف ومتحدياً السوريين في تناقض واضح بما أسماه “استمرار استثمار كل الأدوات المختلفة لتوسيع شريحة المجتمع من أجل عملية التعبئة ضد النظام”. رغم أن سكاف كان قد خرج في إحدى القنوات المحلية الموالية وفجّر فضيحة مدوية، إذ أن أكد رفضه عرض الخروج على قناة تلفزيون سوريا في البداية إلا أنه غيّر رأيه بعد حصوله على أجر يصل لخمسة أضعاف الأجر الذي عرض عليه في البداية.
أما في سوريا فلا يمكن إسقاط ذلك المصطلح على شعبها المنتفض سلمياً بكل طوائفه والذي تمت مواجهتهم بالرصاص الحي يحمل بيده أغصان الزيتون ويطالب بإطلاق الحريات وتحسينات معيشية دون أن يتطرق لأي خطاب طائفي، والدليل على ذلك أن نسبة ليست بقليلة من السنة وقفت مع نظام الحكم إلى الآن،إضافة إلى عدم تدخل النسبة الأكبر من المكون المسيحي والدرزي وخاصة عندما رفض الأخير التجنيد لصالح النظام وهو ما يحسب له إلى حد بعيد. ثم والأهم من ذلك لا بد أن يتبادر للذهن أسئلة كثيرة: من أسقط مدناً بأكملها على أهله؟ ومن نفذ مجازر الكيماوي وأسقط أكثر من 1300 ضحية بليلة واحدة في الغوطة؟ من أحدث تغييرًا ديمغرافياً وأجبر مدنًا وقرى على ترك أرزاقهم وممتلكاتهم ودفعهم إلى الشمال السوري وبلدان اللجوء؟
من قتل أكثر من مليون ويحتجز مئات الآلاف في سجونه في ظروف غامضة؟ من أدخل الميليشيات الأجنبية التي حملت حقداً طائفياً على المطالبين بالتغيير.. وهل تلك الميليشيات (الإيرانية والعراقية واللبنانية وفاطميون وزينبيون وفاغنر) مكونات سورية أصيلة؟ ومن سهل دخول المتطرفين وروّج خطابهم الطائفي لتحويل أنظار الرأي العالمي عن المطالب الثورية إلى ترويج فكرة أن الاقتتال أهلي؟ من الذي يسهل دخول قوافل حجاج الشيعة من إيران والعراق ولبنان وباكستان والبحرين إلى المراقد الشيعية ويسهل منحهم الجنسية السورية؟
لماذا الدعوة إلى تسمية الثورة السورية حرباً أهلية تعتبر ضرورة أكاديمية، وكأن مصطلح الثورة شعبوي سوقي بعيد عن الحداثة والديمقراطية، في حين أن الثورة الفرنسية التي قامت من أجل رغيف الخبز باتت مصطلحاً أكاديمياً، رغم أنها استنزفت الشباب الفرنسي وكانت دموية لأبعد الحدود، بل باتت مقصلتها آلة رمزية خلدت سرديتها؟
هي تساؤلات تبقى بعهدة من يزعمون أنهم نخبة ويريدون ترويج مصطلحات لأغراض سياسية لا علمية ولا أخلاقية تهدف لتخليص المنظومة الأسدية من المساءلة القانونية لانتهاكاتها وتفلتها الوحشي، وربما كان عليهم أن يدركوا قليلاً أنها ثورة شعبية يُحاوَل إنهاؤها بحرب إبادة شاملة.. لا حرباً أهلية. وما السخط الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي الرافض لاستلاب ثورة السوريين إلا دليل حي وجلي على رفض تعويم أي مصطلح يخالف توجهات السوريين وانتماءاتهم، وعلامة على تجدد خطاب الثورة التي عمت الجغرافية السورية وبكل أطيفاها، وإعادتها لمسارها الصحيح الذي يراد حرفه عنوة عن سياقاته
_____________________________
العربي القديم
* رئيس تحرير أورينت السابق
- الجريمة الأولى (الكفيلة باتخاذ موقف حاسم وسريع من “بكور” آنذاك) وهي استشهاد 8 مدنيين عزل وجرح العشرات في مدينة دوما بريف دمشق نتيجة استهدافهم بالرصاص الحي بعد خروجهم بمظاهرات تنادي بالحرية فقط دون أن تسقّط النظام.
- الجريمة الثانية اقتحام ميليشيات من قوات النظام قرية البيضا في بانياس واعتقال عدد من أبناء القرية بعد تعمد إذلالهم بطريقة وحشية وتصوير مقاطع مرئية بذلك، رغم تكذيب إعلام النظام الرسمي تلك المقاطع وادعائه بأن الواقعة حصلت خارج البلاد.
- الجريمة الثالثة التي هزت الرأي العام العربي والعالمي هي حادثة اعتقال الطفل “حمزة الخطيب” أول أيقونة الثورة السورية، 29نيسان، وتسليم جثته بعد 25 يوما وعليها آثار تعذيب وحشية.
- الجريمة الرابعة مجزرة صيدا بدرعا في 29 نيسان، التي ارتكبتها ميليشيات الأسد، إذ بلغ عدد الشهداء قرابة 120 شهيدا، إضافة لمئات الجرحى والمعتقلين.
نفايات نخبوية
رواد التواصل الاجتماعي وصفوا الكاتب بـ”نفاية نخبوية فرضت على السوريين من عزمي بشارة صاحب أخطر مشروع فكري يستهدف الثورة السورية”، خاصة أن تبريره في عنوانكتابه لا يقل سذاجة أو قل وقاحة عن تبرير الفيديو الفاضح له وهو يمجد ولي نعمته الأسد بألمانيا، إذ ظهر معتذراً ومبرراً ظهوره عبر (فيسبوك) بأنه كان مبتعثاً من وزارة التعليم العالي التابعة للنظام، وأنه أجبر على التمجيد رغم أنه كان بإمكانه الخروج بالمسيرة التي خرجت بعد يومين فقط من مجزرة دوما البشعة دون التصدر والتملق النابع من القلب، ومما زاد الطين بلة أكثر هو تأكيده متابعة عمله في جامعات النظام لعام آخر ما يعني أنه كان شاهدا على مجازر أكثر وحشية في الوقت الذي آثر فيه كثير من الطلبة الامنتاع عن متابعة تعليمهم بسبب تزايد انتهاكات النظام في المدن والجامعات. بالمقابل وبعد الجدل الكبير الذي أثير حول رغبة الكاتب بتعويم المصطلح، فقد نشر مركز حرمون إعلاناً أشار فيه لتأجيل الندوة حول الكتاب لموعد آخر دون أن يحدده. تأجيلٌ لا إلغاء ريثما يبحث القائمون هناك عن حلّ يخرجهم من المطب الذي أطاح بهم، وعرّى منهجيتهم في التعامل مع ثوابت السوريين الثورية.
تعليقاً على موقف بكور ودفاعه عن
كتابه انضمت جوقة من الذين طعنوا بثوابت السوريين واتخذوا منابرهم الإعلامية للترويج للنظام على المستوى الثقافي والسياسي والرياضي، وخرجوا يشتمون السوريين بمصطلحات لا تليق بما يزعمونه من مكانة علمية، يتعالون بها أينما حلوا ويمنعون حرية التعبير التي يتغنون بها، وفي خطاباتهم مصطلحات جديدة سوقية شوارعية لا يمكن أن تشنف لها الآذان إلا على بسطات “القابون” وحول أكشاك “البولمان” فدائماً ما تطرح مثل هذه المصطلحات في بازار التداول الإعلامي الخاص بهم على مبدأ الأعرابي الذي بال في بئر زمزم معللاً فعلته بقوله: “أردت أن أذكر ولو بلعنة”.
الاستنقاع والتهويش الكراجاتي
“رهف الدغلي” مدير قسم الدراسات في مركز حرمون هي واحدة من تلك الجوقة التي نشرت منشورًا دعمت فيه زميلها بكور، منشور يفوح بالتعالي والتغطرس وادعاء التراكم المعرفي مستخدمة مصطلحات قميئة بليدة تريد من وراءها إيهام القارئ بالتفوق العلمي وسعة الاطلاع وهي لا تذكرنا إلا بحوشي الكلام وغريبه البعيد عن الأفهام، إذ اتهمت السوريين بـ “الاستنقاع والتشبيح والعنترية الفيسبوكية”، قبل أن تحذف منشورها لاحقاً، وتنشر منشورًا أقرب للاعتذار قاصدة استخدام مصطلح الثورة السورية، وللعلم تعد “الدغلي” صاحبة الاستبيان الخبيث الذي زعمت فيه أن 60 في المئة من السوريين يرون أنه ستحدث فوضى في حال رحيل الأسد. سار على منوال الدغلي “حمزة المصطفى” مدير تلفزيون سوريا أحد أذرع عزمي بشارة المختص بكسر جليد التطبيع والتقارب مع النظام، إذ علق المصطفى على بكور بتعليقين حذفهما أيضاً: الأول مدح فيه الكتاب واصفاً إياه بـ “الجهد العظيم لبحث مجتهد وأكاديمي مخلص ووطنه”، والثاني عندما استخدم صفوة مَعينة اللغوي واصفاً انتقادات طيف واسع من السوريين لعنوان الكتاب بما أسماه “أسلوب التهويش الكرجاتي”، والمثير للسخرية أكثر من ذلك هو “انتظاره النسخة الإنكليزية من كتاب بكور”، ربما بسبب الإصابة بتخمة تراكم المعرفة والمصطلحات الكرجاتية.ليست المرة الأولى الذي يقدم فيها المصطفى وجبة غسيل معرفي وتصحيح مفاهيم أراد تسويقها في الأوساط السورية الثائرة، فهو من أسمى منتخب البراميل بالمنتخب السوري، ووصف عامة الناس في الشمال المحرر بالغوغاء، وشرعن استضافة مواليّ النظام، فقد خرج علينا سابقاً بمنشور مطول بعد انتقادات طالت استضافة تلفزيون سوريا الممثل الموالي “اندريه سكاف” ضمن حلقة برنامج ترفيهي حمل عنوان “شب الكبة”، زاعماً حينها أن محتوى البرنامج غير سياسي ولا يعبر عن المواقف الحقيقية للضيوف، دون أن ينسى كعادته استخدام مصطلحات مبهمة وأفكار متناقضة، رافضًا في منشوره الاعتراف بخطأ استضافة سكاف ومتحدياً السوريين في تناقض واضح بما أسماه “استمرار استثمار كل الأدوات المختلفة لتوسيع شريحة المجتمع من أجل عملية التعبئة ضد النظام”. رغم أن سكاف كان قد خرج في إحدى القنوات المحلية الموالية وفجّر فضيحة مدوية، إذ أن أكد رفضه عرض الخروج على قناة تلفزيون سوريا في البداية إلا أنه غيّر رأيه بعد حصوله على أجر يصل لخمسة أضعاف الأجر الذي عرض عليه في البداية.
ثورة شعبية لا حرباً أهلية
من المعروف أن الحرب الأهلية هي صدامات عسكرية مسلحة بين تنظيمات مدفوعة بالانتقام والكراهية ضمن البلد الواحد وتختلف في الإيدلوجية والأهداف والعقائد كما حدث في لبنان حين اشتركت في الحرب كل الطوائف والتيارات اللبنانية (المسلمون السنة الدروز والمسيحيون والشيعة وفصائل فلسطينية وجماعات يسارية وقومية). وكما حدث في إسبانيا والتي امتدت ما بين عامي 1936 و1939 وراح ضحيتها 1.5 مليون إنسان بين قتيل وجريح وسجين ومشرد، وقد دارت بين الجمهوريين المدافعين عن الجمهورية والذين يساندهم الفقراء والفلاحون وطبقات الشعب المهمشة أما الطرف الآخر فكانوا الداعمين لعودة الملكية والمتحالفين مع قوى الجيش والأحزاب اليمينية الفاشية والأثرياء وملاك الأراضي ورجال الدين والكنيسة.أما في سوريا فلا يمكن إسقاط ذلك المصطلح على شعبها المنتفض سلمياً بكل طوائفه والذي تمت مواجهتهم بالرصاص الحي يحمل بيده أغصان الزيتون ويطالب بإطلاق الحريات وتحسينات معيشية دون أن يتطرق لأي خطاب طائفي، والدليل على ذلك أن نسبة ليست بقليلة من السنة وقفت مع نظام الحكم إلى الآن،إضافة إلى عدم تدخل النسبة الأكبر من المكون المسيحي والدرزي وخاصة عندما رفض الأخير التجنيد لصالح النظام وهو ما يحسب له إلى حد بعيد. ثم والأهم من ذلك لا بد أن يتبادر للذهن أسئلة كثيرة: من أسقط مدناً بأكملها على أهله؟ ومن نفذ مجازر الكيماوي وأسقط أكثر من 1300 ضحية بليلة واحدة في الغوطة؟ من أحدث تغييرًا ديمغرافياً وأجبر مدنًا وقرى على ترك أرزاقهم وممتلكاتهم ودفعهم إلى الشمال السوري وبلدان اللجوء؟
من قتل أكثر من مليون ويحتجز مئات الآلاف في سجونه في ظروف غامضة؟ من أدخل الميليشيات الأجنبية التي حملت حقداً طائفياً على المطالبين بالتغيير.. وهل تلك الميليشيات (الإيرانية والعراقية واللبنانية وفاطميون وزينبيون وفاغنر) مكونات سورية أصيلة؟ ومن سهل دخول المتطرفين وروّج خطابهم الطائفي لتحويل أنظار الرأي العالمي عن المطالب الثورية إلى ترويج فكرة أن الاقتتال أهلي؟ من الذي يسهل دخول قوافل حجاج الشيعة من إيران والعراق ولبنان وباكستان والبحرين إلى المراقد الشيعية ويسهل منحهم الجنسية السورية؟
لماذا الدعوة إلى تسمية الثورة السورية حرباً أهلية تعتبر ضرورة أكاديمية، وكأن مصطلح الثورة شعبوي سوقي بعيد عن الحداثة والديمقراطية، في حين أن الثورة الفرنسية التي قامت من أجل رغيف الخبز باتت مصطلحاً أكاديمياً، رغم أنها استنزفت الشباب الفرنسي وكانت دموية لأبعد الحدود، بل باتت مقصلتها آلة رمزية خلدت سرديتها؟
هي تساؤلات تبقى بعهدة من يزعمون أنهم نخبة ويريدون ترويج مصطلحات لأغراض سياسية لا علمية ولا أخلاقية تهدف لتخليص المنظومة الأسدية من المساءلة القانونية لانتهاكاتها وتفلتها الوحشي، وربما كان عليهم أن يدركوا قليلاً أنها ثورة شعبية يُحاوَل إنهاؤها بحرب إبادة شاملة.. لا حرباً أهلية. وما السخط الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي الرافض لاستلاب ثورة السوريين إلا دليل حي وجلي على رفض تعويم أي مصطلح يخالف توجهات السوريين وانتماءاتهم، وعلامة على تجدد خطاب الثورة التي عمت الجغرافية السورية وبكل أطيفاها، وإعادتها لمسارها الصحيح الذي يراد حرفه عنوة عن سياقاته
_____________________________
العربي القديم
* رئيس تحرير أورينت السابق