وأوضحت المصادر أن التحرك الأمريكي يأتي بعد أيام من المعلومات السرية التي كشفتها صحيفة “واشنطن بوست” نقلاً عن مسؤولين في المخابرات، حول تحضير إيران لمرحلة جديدة من الهجمات المميتة ضد القوات الأمريكية في سوريا، والعمل من طهران مع روسيا على استراتيجية أوسع لطرد الأمريكيين من المنطقة.
ووفق الصحيفة تعمل إيران وحلفاؤها على بناء وتدريب القوات لاستخدام قنابل أكثر قوة خارقة للدروع على جوانب الطرق تهدف تحديداً إلى استهداف المركبات العسكرية الأمريكية وقتل الأفراد الأمريكيين. والأحد، قال القيادي في “الإطار التنسيقي” العراقي جبار عودة إن “القوات الأمريكية المتمركزة في قاعدة عين الأسد غربي الأنبار، تسعى منذ أسابيع إلى بناء 3 نقاط ارتكاز جديدة على الحدود العراقية من جهة سوريا”، وتابع وفق وسائل إعلام عراقية قائلاً: إن “أي انتشار جديد للقوات الأمريكية ننظر إليه بقلق لأن أمريكا بالأساس لا تريد أن تبقى الأجواء في العراق مستقرة، ومحاولة إعادة الانتشار هو سيناريو جديد قد يخفي الكثير من التفاصيل”.
ويضع الكاتب والمحلل السياسي الدكتور باسل المعراوي إخراج القوات الأمريكية من سوريا على رأس الأهداف الاستراتيجية لكل من إيران وروسيا، ويقول لـ”القدس العربي” إن “الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا تطمح الى تطبيق النموذج العراقي والذي أجبر الولايات المتحدة على سحب قواتها من العراق”.
ويرى أن الولايات المتحدة تأخذ التهديدات بكل جدية، حيث أرسلت مؤخراً منظومات “هيمارس” الدفاعية الشهيرة إلى قواعدها في ريف دير الزور والحسكة، وأيضاً وسعت من دائرة علاقاتها الجيدة بعقد اجتماعات مع قوات “الصناديد” العشائرية التابعة لقبيلة “شمر” بهدف الاستعانة بهم لصد هجمات محتملة على قواعدها.
كذلك، يشير الكاتب إلى الاحتياطات الأمريكية السابقة، من خلال استعادة الاتصالات مع “لواء ثوار الرقة” العربي، وتفعيل التنسيق بين قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وجيش سوريا الحرة في منطقة التنف عند المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي.
مقاومة جماهيرية
وبالعودة إلى معلومات “واشنطن بوست”، فقد أكدت الصحيفة أن إيران تعد خططا لحملة واسعة من قبل معارضي الولايات المتحدة بهدف تأجيج مقاومة جماهيرية ودعم حركة شعبية لشن هجمات ضد الأمريكيين في شرق وشمال شرق سوريا، مبينة أن مسؤولين عسكريين ومخابرات روساً وإيرانيين وسوريين كباراً اتفقوا على إنشاء “مركز تنسيق” لتوجيه الحملة. وأشارت إلى أنه بالرغم من تعزيز تحالف روسيا مع إيران منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، فإن القادة الروس والإيرانيين لديهم أفكار متضاربة حول إدارة سوريا بعد الحرب.
ويبدو حسب مصدر خاص لـ”القدس العربي” من دير الزور، أن الميليشيات الإيرانية تركز على استخدام “المسيرات” لضرب القواعد الأمريكية، إلى جانب استهداف الأرتال الامريكية بعبوات ناسفة قوية، بهدف إيقاع قتلى وجرحى من القوات الامريكية، وبالتالي دفع واشنطن إلى اتخاذ قرار الانسحاب من سوريا، وخاصة في ظل الانفتاح العربي والإقليمي على النظام السوري. وعن الرد الأمريكي، يتوقع المصدر أن يكون قاسياً، لأنه ليس لدى البيت الأبيض قابلية للانسحاب من سوريا على الأقل في المدى القريب.
انسحاب القوات الروسية
وعلى جبهة حلب، بدأت القوات الروسية، في المحافظة السورية، في سحب عناصرها من مناطق خطوط التماس مع فصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا. وأكدت مصادر مقربة من القوات الروسية في سوريا، لوكالة الأنباء الألمانية (د .ب. أ) أن “القوات الروسية سحبت عناصر لها في مناطق خطوط التماس، في خطوة لإعادة انتشار القوات الروسية المتواجدة في مناطق الشمال السوري”. من جانبه، كشف قائد عسكري، في الجبهة الوطنية للتحرير المعارضة، لـ(د. ب. أ) عن “سحب القوات الروسية لقواتها في منطقة تل رفعت بريف حلب الشمالي”.
وقال القائد العسكري، الذي لم يتم الكشف عنه، إن “انسحاب القوات الروسية من خطوط التماس، خطوة مفاجئة، وسط التفاهمات التركية الروسية، وربما تشكل ضغوطا على قوات سوريا الديمقراطية/قسد/، وخطوة متقدمة للتفاهمات الروسية التركية، لفتح طريق حلب اللاذقية الاستراتيجي، بالنسبة لروسيا والحكومة السورية”.
ونفى القائد العسكري “انسحاب للنقاط الروسية في مناطق محافظة إدلب وريف حلب الجنوبي، وسط القصف الجوي والمدفعي من الطائرات الحربية الروسية والقوات الحكومية، وسقوط قتلى وجرحى من المدنيين خلال الأيام الماضية”.
وتنتشر القوات الروسية في نقاط إلى جانب القوات الحكومية السورية على خطوط التماس التي تسمى منطقة خفض التصعيد بعد التفاهمات الروسية التركيا فيما تنتشر القوات الحكومية السورية والقوات الروسية وقوات قسد وفصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا في مناطق ريف حلب الشمالي.
وصرح المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، أن وضع حقوق الإنسان في سوريا وأفغانستان خطير، وأنه لا يمكن إرسال اللاجئين إلى هذين البلدين بالقوة. جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة النمساوية فيينا، أمس، تطرق فيه إلى النقاشات الدائرة في بعض دول الاتحاد الأوروبي حول إعادة اللاجئين السوريين والأفغان إلى بلدانهم لأسباب مختلفة.
وقال في هذا الصدد: “الوضع فيما يتعلق بحقوق الإنسان خطير للغاية في هاتين الدولتين، وفي ظل هذه الظروف لا يمكن إعادة اللاجئين قسراً”.
وكان وزير الداخلية النمساوي غيرهارد كارنير، دعا الأسبوع الفائت إلى ترحيل السوريين والأفغان الذين يشكلون تهديدا للمجتمع النمساوي. وشدد على وجوب تقدم المهاجرين بطلبات الهجرة واللجوء من خارج الأراضي الأوروبية.
----------
القدس العربي