موقف واشنطن من الحل السياسي في سورية، بحسب ما أكّد مدير المنصّة السورية في السفارة الأميركية في أنقرة، نيكولاس غرانجر، في ندوة الاسبوع الماضي في إسطنبول، يقوم على دعم (وتمويل) المبادرات والمنظمات التي توثق جرائم النظام، وعلى تأييد الحل السياسي وفق مرجعية القرار 2254، مع تأكيد أن يكون الحل سوريّاً، أي بناء على توافق السوريين من خلال اجتماعات هيئة التفاوض السورية التي تجمع النظام والمعارضة ومنصّات مجتمع مدني، وبتيسير من الأمم المتحدة. لكن هذه الآلية جرى من خلالها إفراغ نص قرار مجلس الأمن من محتواه، عبر تقسيمه إلى أربع سلال، لم تنتج منذ تأسيس الهيئة عام 2015 أي خطوة على طريق تطبيق الحلّ السياسي، بسبب عدم تجاوب النظام، وعدم وجود آلية يمكن أن تجبره على التجاوب مع هذا الحلّ، ما يعني أن يبقى الحل معلقاً إلى ما لا نهاية، في حال بقي النظام على تعنّته.
في المقابل، لم تمارس الولايات المتحدة أي ضغوطٍ لتحريك هذه العملية، واكتفت بعقوبات لم تؤثر على النظام لناحية تقديم أي تنازل، بل على العكس أظهرته أمام جمهوره بمظهر البطل المتحدّي للإرادة الأميركية. كما غضّت واشنطن الطرف عن تحوّل مسار أستانة من مسار عسكري إنساني لخفض التصعيد إلى مسار سياسي يعمل على حلِّ سياسي وفق مصالح الدول الراعية له (روسيا، وإيران، وتركيا)، كما غضّت الطرف عن التحوّل بسياسات بعض الدول، خصوصاً العربية، نحو تطبيع العلاقات مع النظام، وأيّدت مبدأ خطوة بخطوة الذي يهدف إلى تقديم محفّزات للنظام مقابل تغيير سلوكه، وهو توجّه يخالف القرار 2254 الذي ينصّ صراحة على إنشاء هيئة حكم انتقالي ودستور جديد وانتخابات برقابة أممية. من شأن ذلك كله أن يُبقي الإرادة الأميركية تجاه حل سياسي في سورية مرتبطة بأولوية هذا الملفّ بالنسبة لواشنطن، كما يجعل شكل الحل مرتبطاً بمصالح الولايات المتحدة مع الدول المتدخّلة بالشأن السوري أكثر من ارتباطه بمضمون القرارات الأممية الناظمة له.
----------
العربي الجديد