على بعد نحو 400 كيلومتر جنوب غرب العاصمة يشعر سكان مدينة قفصة التي تأوي منطقة الحوض المنجمي المنتج لمادة الفوسفات، بالامتنان للمستعمرين الرومان القدامى الذين حكموا تونس في العصور الوسطى.
وسبب هذا الامتنان تشييد الرومان "لمعبد المياه" وهو مجمع لأحواض مائية عملاقة تحولت على مدى قرون إلى مسابح منعشة لأهالي قفصة ولسكان "حي وادي الباي" بالخصوص، ومتنفسا للمدينة الغارقة في الحر وغبار الحوض المنجمي.
يقول أحد المصطافين من جمعية أحباء "وادي الباي" في الحي القديم بقفصة "الأحواض الرومانية هي الملاذ الوحيد لأهالي قفصة عند الحر ومن أجل الترفيه. يأتي الناس هنا ليستحموا حتى خارج فصل الصيف". ويضيف قائلا "الأحواض هنا ليست مجرد مسابح للعوم ولكنها تعكس هوية المدينة بأكملها".
تحت وطأة الحرارة الشديدة التي تناهز في المعدل 40 درجة مئوية في الصيف، يفضل الاهالي في قفصة الاقبال على الاحواض بدل التوجه إلى المسابح الاصطناعية، وعددها اثنان في الجهة لكنها تفتح للعموم لفترات متقطعة بسبب غياب الصيانة والافتقار إلى المياه.
ليس هناك تاريخ محدد لبناء الأحواض لكن المؤرخين يذكرون أنها وجدت خلال القرن الاول قبل الميلاد في فترة استحواذ الامبراطورية الرومانية على تونس، بعد سقوط قرطاج وفي حقبة حكم الامبراطور تراجانوس، حيث عرفت مدينة قفصة خلال فترة حكمه ازدهارا عمرانيا.
تقع الأحواض في قلب المدينة العتيقة وإلى جوارها المتحف الأثري، حيث أفرد المسؤولون عليه جناحا خاصا بالحضارة الرومانية لأن قفصة كانت مركزا متقدما على حدود الأراضي التي تسيطر عليها روما ولهذا كانت مقرا لحامية كبيرة تحت إمرة قائد عسكري.
يضم المتحف مصنوعات يدوية ذات الاستخدام اليومي وحلي وقطع نقدية ومنحوتات وعناصر فسيفسائية، أبرزها تبليط كبير من الفسيفساء يصور مراحل ألعاب الركض والمصارعة في العصر القديم.
لكن ليس هناك ما يشير إلى ممارسة السكان القدامى للسباحة في الأحواض إذ يشر المؤرخون إلى انها تستخدم أساسا للشرب والاستخدام الزراعي في الجهة.
يقول فريد زعيش أحد سكان حي وادي الباي وناشط في المجتمع المدني "لا يوجد متنفس آخر في قفصة. الحر شديد والناس تأتي هنا للانتعاش. عمر الوادي قرابة الألفي عام وهو ما يزال يؤدي دوره كما في عهده الأول".
لكن زعيش يشير أيضا إلى ازمة المياه في قفصة وهي أكبر تهديد للمعلم التاريخي بعد أن كان على مدى قرون طويلة مزود رئيسي بالمياه في الجهة.
تضم الأحواض الرومانية مسابح ثلاثة، تربط بينها قنوات تحت الأرض اثنان منهما غير مكشوفتان. ويبلغ عمقها حوالي خمسة أمتار وقد استخدم الرومان قوالب أحجار كبيرة ومنحوتة لبنائها. وتظهر بأحد جدرانها نقائش لاتينية تجسد نبتون إله الماء الروماني والحوريات الإغريقية.
أما تزويد الماء فكان يتم على مدى قرون عبر المياه الجوفية للمنطقة إلى أن جفت هذه الأخيرة نتيجة للاستغلال الصناعي والزراعي المكثّف في النصف الثاني من القرن العشرين، مع توسع انتاج الفوسفات وري الواحات الجديدة.
يتناقل أهالي قفصة اسطورة قديمة، مفادها أن السكان القدامى كانوا يحرصون على ذبح عجل عند مدرج الاحواض لضمان تدفق غزير ومستمر للمياه الجوفية وضمان حماية الحوريات وحراستها لمعبد المياه.
كما يحرص السكان على ذبح عجل عند بداية كل موسم فلاحي لكن هذه العادة لم تجنب معبد المياه التعرض للجفاف الذي استمر لسنوات وكان له تأثير كبير على الانتاج الزراعي ودخل الفلاحين القريبين من المعبد.
لكن بعد فترة طويلة من الاهمال وتعثر أعمال التهيئة عادت المياه لتتدفق من جديد على الأحواض بعد ربطها بمشروع مائي في الجهة، ليستعيد معها حي "وادي الباي" حركيته وجاذبيته للزائرين والسياح خلال فترة الصيف وشهر رمضان.
وبسبب البعد عن المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط والغلاء في المنتجعات السياحية، تمثل الأحواض حلا سحريا وملاذا للشباب المنحدرين من الأحياء الشعبية في الجهة، والذين لا تقدر أغلب عائلاتهم على تحمل تكاليف الاستجمام على السواحل.
وعلى بساطته يوفر هذا الفضاء التاريخي متعة لا توصف للأطفال في قفصة ولأبناء العائلات ذات الدخل الضعيف.
فعلى أطراف الأحواض يقف الأطفال جنبا إلى جنب لاستعراض القفزات الهوائية قبل الغطس في عمق المسبح. ويعمد بعضهم إلى الاستمتاع بالقفز من فوق أسطح البناءات العالية والملاصقة لمعبد المياه. وتشرف لجنة أحباء حي "وادي الباي" على تنظيم مسابقات موسمية لأفضل القفزات وللسباحين الماهرين.
لكن الأحواض تلعب دورا ترفيهيا وثقافيا مهما أيضا في الجهة إذ يتحول في المساء إلى نقطة استقطاب للسهر ومشاهدة الحفلات الغنائية والعروض السينمائية.
يقول أحد نشطاء جمعية وادي الباي "يأتي الناس للاستمتاع بالموسيقى الصوفية في رمضان ومشاهدة الأفلام في السهرات الصيفية. لكن يحرص الأطفال والشباب أيضا على القدوم في الليل لمتابعة هواية القفز في الأحواض".
وسبب هذا الامتنان تشييد الرومان "لمعبد المياه" وهو مجمع لأحواض مائية عملاقة تحولت على مدى قرون إلى مسابح منعشة لأهالي قفصة ولسكان "حي وادي الباي" بالخصوص، ومتنفسا للمدينة الغارقة في الحر وغبار الحوض المنجمي.
يقول أحد المصطافين من جمعية أحباء "وادي الباي" في الحي القديم بقفصة "الأحواض الرومانية هي الملاذ الوحيد لأهالي قفصة عند الحر ومن أجل الترفيه. يأتي الناس هنا ليستحموا حتى خارج فصل الصيف". ويضيف قائلا "الأحواض هنا ليست مجرد مسابح للعوم ولكنها تعكس هوية المدينة بأكملها".
تحت وطأة الحرارة الشديدة التي تناهز في المعدل 40 درجة مئوية في الصيف، يفضل الاهالي في قفصة الاقبال على الاحواض بدل التوجه إلى المسابح الاصطناعية، وعددها اثنان في الجهة لكنها تفتح للعموم لفترات متقطعة بسبب غياب الصيانة والافتقار إلى المياه.
ليس هناك تاريخ محدد لبناء الأحواض لكن المؤرخين يذكرون أنها وجدت خلال القرن الاول قبل الميلاد في فترة استحواذ الامبراطورية الرومانية على تونس، بعد سقوط قرطاج وفي حقبة حكم الامبراطور تراجانوس، حيث عرفت مدينة قفصة خلال فترة حكمه ازدهارا عمرانيا.
تقع الأحواض في قلب المدينة العتيقة وإلى جوارها المتحف الأثري، حيث أفرد المسؤولون عليه جناحا خاصا بالحضارة الرومانية لأن قفصة كانت مركزا متقدما على حدود الأراضي التي تسيطر عليها روما ولهذا كانت مقرا لحامية كبيرة تحت إمرة قائد عسكري.
يضم المتحف مصنوعات يدوية ذات الاستخدام اليومي وحلي وقطع نقدية ومنحوتات وعناصر فسيفسائية، أبرزها تبليط كبير من الفسيفساء يصور مراحل ألعاب الركض والمصارعة في العصر القديم.
لكن ليس هناك ما يشير إلى ممارسة السكان القدامى للسباحة في الأحواض إذ يشر المؤرخون إلى انها تستخدم أساسا للشرب والاستخدام الزراعي في الجهة.
يقول فريد زعيش أحد سكان حي وادي الباي وناشط في المجتمع المدني "لا يوجد متنفس آخر في قفصة. الحر شديد والناس تأتي هنا للانتعاش. عمر الوادي قرابة الألفي عام وهو ما يزال يؤدي دوره كما في عهده الأول".
لكن زعيش يشير أيضا إلى ازمة المياه في قفصة وهي أكبر تهديد للمعلم التاريخي بعد أن كان على مدى قرون طويلة مزود رئيسي بالمياه في الجهة.
تضم الأحواض الرومانية مسابح ثلاثة، تربط بينها قنوات تحت الأرض اثنان منهما غير مكشوفتان. ويبلغ عمقها حوالي خمسة أمتار وقد استخدم الرومان قوالب أحجار كبيرة ومنحوتة لبنائها. وتظهر بأحد جدرانها نقائش لاتينية تجسد نبتون إله الماء الروماني والحوريات الإغريقية.
أما تزويد الماء فكان يتم على مدى قرون عبر المياه الجوفية للمنطقة إلى أن جفت هذه الأخيرة نتيجة للاستغلال الصناعي والزراعي المكثّف في النصف الثاني من القرن العشرين، مع توسع انتاج الفوسفات وري الواحات الجديدة.
يتناقل أهالي قفصة اسطورة قديمة، مفادها أن السكان القدامى كانوا يحرصون على ذبح عجل عند مدرج الاحواض لضمان تدفق غزير ومستمر للمياه الجوفية وضمان حماية الحوريات وحراستها لمعبد المياه.
كما يحرص السكان على ذبح عجل عند بداية كل موسم فلاحي لكن هذه العادة لم تجنب معبد المياه التعرض للجفاف الذي استمر لسنوات وكان له تأثير كبير على الانتاج الزراعي ودخل الفلاحين القريبين من المعبد.
لكن بعد فترة طويلة من الاهمال وتعثر أعمال التهيئة عادت المياه لتتدفق من جديد على الأحواض بعد ربطها بمشروع مائي في الجهة، ليستعيد معها حي "وادي الباي" حركيته وجاذبيته للزائرين والسياح خلال فترة الصيف وشهر رمضان.
وبسبب البعد عن المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط والغلاء في المنتجعات السياحية، تمثل الأحواض حلا سحريا وملاذا للشباب المنحدرين من الأحياء الشعبية في الجهة، والذين لا تقدر أغلب عائلاتهم على تحمل تكاليف الاستجمام على السواحل.
وعلى بساطته يوفر هذا الفضاء التاريخي متعة لا توصف للأطفال في قفصة ولأبناء العائلات ذات الدخل الضعيف.
فعلى أطراف الأحواض يقف الأطفال جنبا إلى جنب لاستعراض القفزات الهوائية قبل الغطس في عمق المسبح. ويعمد بعضهم إلى الاستمتاع بالقفز من فوق أسطح البناءات العالية والملاصقة لمعبد المياه. وتشرف لجنة أحباء حي "وادي الباي" على تنظيم مسابقات موسمية لأفضل القفزات وللسباحين الماهرين.
لكن الأحواض تلعب دورا ترفيهيا وثقافيا مهما أيضا في الجهة إذ يتحول في المساء إلى نقطة استقطاب للسهر ومشاهدة الحفلات الغنائية والعروض السينمائية.
يقول أحد نشطاء جمعية وادي الباي "يأتي الناس للاستمتاع بالموسيقى الصوفية في رمضان ومشاهدة الأفلام في السهرات الصيفية. لكن يحرص الأطفال والشباب أيضا على القدوم في الليل لمتابعة هواية القفز في الأحواض".