نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


وقفة نقدية مع الطبري في كتابه الأشهر "تاريخ الأمم والملوك"




في معبد التاريخ تكثر الحكايات والأقاويل وتتبعثر الحقائق تبعا للمصالح والأهواء والانتماءات ،وتختلف زاوية النظر إلى درجة التناقض لذلك لا بد أن نتعلم كيف نقرأ التاريخ ونفهمه وكيف نسقطه على حاضرنا ،وهو ما يدفعنا للتساؤل كيف كُتب تاريخنا


وقفة نقدية مع الطبري في كتابه الأشهر "تاريخ الأمم والملوك"
وتاريخ الأمم والملوك كتاب هام للامام الطبري من كتب التراث يستحق منا وقفة نقدية لنتعرف على شخصية كاتبه وطريقته ومصادره
ولد أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، في بلدة تسمى "آمل" بطبرستان من بلاد فارس إيران سنة (224 ﻫ -839 م)، ونشأ في أسرة ميسورة الحال، وحرص أبوه على تعليمه وتثقيفه، فحفظ القرآن في السابعة من عمره، وكتب الحديث وهو ابن تسع سنين .
نشأ "ابن جرير الطبري" محبًّا للعلم والمعرفة، وأدرك وهو في سن مبكرة أن بلدته لا تُرضِي طموحه العلمي، فرحل وهو في الثانية عشره من عمره في طلب العلم ،فسافر إلى الرى بإيران الآن، وزار بعض مدنها، والتقى هناك بعلمائها، وتتلمذ على يدهم
لم يكتف الطبري بما تعلمه وعرفه في بلاد الري،بل سافر إلى مراكز الثقافة في عصره فانتقل إلى الكوفة التي كانت تمتلئ مساجدها بحلقات العلم في مختلف فنون العلوم الشرعية واللغوية، فدرس القراءات القرآنية وتلقى الحديث النبوى على يد المحدث المعروف أبى كريب محمد بن العلاء الهمدانى الذي قربه إليه، واعتنى به، لما رأى فيه من نبوغ مبكر وحرص على المذاكرة وطلب العلم، وقد أخذ "الطبري" عن شيخه "أبى كريب" ما يقرب من مائة ألف حديث .
ثم رحل الطبرى إلى "بغداد" عاصمة الخلافة العباسية ومركز الثقافة العربية آنذاك وانكب على طلب العلم والمعرفة، فدرس الفقه الشافعي، ثم انتقل إلى "الشام"، وبعدها إلى "مصر" سنة (253 ﻫ) ، وهو في نحو الثلاثين من عمره بعد رحلة طويلة وشاقة في طلب العلم .
وفى "مصر" التقى بعلمائها الكبار وتتلمذ على أيديهم ،وقد امتحنه هؤلاء العلماء وأقروا له بالعلم الوافر والثقافة الواسعة وأخيرا استقر في بغداد ليتفرغ للعلم والتدريس
وكتابه تاريخ الأمم والملوك، المعروف باسم "تاريخ الطبري"، يتناول التاريخ منذ بدء الخليقة وهبوط "آدم" إلى الأرض كما يتناول قصص الأنبياء والرسل، والأمم السابقة بالإضافة إلى تناوله لتاريخ الإسلام منذ عهد الرسول -صلى الله عليه و سلم حتى سنة (203 ﻫ) والقسم الإسلامي من الكتاب مرتب على الحوادث من عام الهجرة حتى سنة ثلاثمائة واثنين، وذكر في كل سنة ما وقع فيها من الأحداث المذكورة والأيام المشهورة ،وترجع قيمة الكتاب إلى أنه قد استطاع أن يجمع بين دفتيه جميع المواد المودعة في كتب الحديث والتفسير واللغة والأدب والسير والمغازي وتاريخ الأحداث والرجال ونصوص الشعر والخطب والعهود وقد أكمل ما قام به المؤرخون قبله،كاليعقوبي والبلاذري، والواقدي، ومهد لمن جاء بعده كالمسعودي، وابن مسكويه وابن الأثير وابن خلدون ،والكتاب مطبوع فى أكثر من عشرة مجلدات كما ترجم إلى عدة لغات أخرى، وهو من أهم المصادر التى يرجع إليها الباحثون وطلبة العلم في معرفة تاريخ الإسلام في القرون الثلاثة الهجرية الأولى، وقد استفاد من هذا الكتاب كل من كتب في التاريخ الإسلامي حتى يومنا هذا
سار الإمام الطبري - رحمه الله - في تاريخه على منهج الجمع ، وقد أشار إلى هذه المسألة في مقدمته حيث قال : ( فما يكن في كتابي من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارؤه ، أو يستشنعه سامعه ، من أجل أنه لم يعرف له وجهاً في الصحة ، ولا معنى في الحقيقة ، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا ، وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا ، وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا )
أما الطريقة التي سار عليها الطبري في كتابه فهي طريقة المحدثين، والتي تتجلى بأن يذكر الحوادث المروية، ملحقاً إياها بالسند حتى يتصل بصاحبه لا يبدي في ذلك رأيا في معظم الأحيان، وهذه الطريقة التي سلكها في معظم الكتاب وفيما عدا ذلك ينقل من الكتب فيصرح باسم الكتاب أو ينقل عن المؤلفين من غير تعيين الكتاب الذي نقل عنه ، وتميز دون غيره بأمور :
منها : أنه قد استقى معلوماته من رواة شتى ، ومدارس مختلفة ، وكان يروي الحادثة الواحدة بطرق كثيرة تعين على المقارنة والموازنة ، وإصدار الحكم التاريخي الصائب بعد ذلك.
ومنها : أنه لم يكن يعلق على الحوادث بتصويب أو بتفنيد ، وإنما كان يترك هذا لمن يأتي من بعده حتى يرجح في طمأنينة وحرية ، ولم يجمع الباحثون على شيء ما أجمعوا على أن كتاب الأمم والملوك هذا الذي حفظ لنا تاريخ الدولة الأموية منذ قيامها في العام الحادي والأربعين حتى سقوطها في العام الثاني والثلاثين بعد المائة
وفيما يتعلق بشخصيته كان الطبري لطيفًا ودودًا ، ظريفًا مع إخوانه، متفقدًا لأحوالهم، معتنيًا بمظهره وشكله، في غاية النظافة وحسن الصورة، وكان يتعامل مع تلاميذه بالرفق واللين والمحبة، ولا يخص أحدًا من تلامذته بشيء من علمه دون غيره ،وكان لا يقبل المناصب خوفا أن تشغله عن العلم من ناحية ولأن من عادة العلماء في ذلك العصر البعد عن السلطان من ناحية أخري، فقد روى المراغي أنه لما تقلد الخاقاني الوزارة وجه إلى أبي جعفر الطبري بمال كثير فامتنع من قبوله فعرض عليه القضاء فامتنع فعرض عليه المظالم فأبى فعاتبه أصحابه وقالوا لك في هذا ثواب وتحيي سنة قد درست وطمعوا في قبوله المظالم فذهبوا إليه ليركب معهم لقبول ذلك فانتهرهم وقال قد كنت أظن أني لو رغبت في ذلك لنهيتموني عنه قال فانصرفنا خجلين

الهدهد-المحرر الثقافي
السبت 15 أكتوبر 2016