والأسوأ من ذلك، أنه بعد أقل من عام من إعلان أوباما أن استخدام الأسلحة الكيماوية هي بمثابة "خط أحمر"، بقيت إدارته مكتوفة الأيدي بعد أن تبين أن نظام الأسد قتل أكثر من 1000 من شعبه في هجوم بغاز السارين في الغوطة الشرقية.
الآن قد يسير بايدن في نفس المسار الذي يتماشى مع الاتفاق النووي مرة أخرى كأولوية قصوى، ومع ذلك، فإن انتخاب المتشدد إبراهيم رئيسي في الآونة الأخيرة قد يزيد من تعقيد الجهود، فالبيت الأبيض مقصر بالفعل في تطبيق كامل لقانون قيصر في محاولة لاسترضاء الداعم الرئيسي للأسد وهو إيران.
وأعلن الجمهوريون في مجلس النواب الفترة الماضية عن فتح تحقيق في القضية، تبع ذلك قرار وزارة الخزانة الأمريكية برفع العقوبات عن شركتين مملوكتين لسامر فوز، رجل الأعمال السوري الذي تربطه صلات قوية بالأسد.
وقالت مريم معمار صادقي، الزميلة البارزة في معهد ماكدونالد لوريير، لموقع المونيتور: "للأسف، ليس من المستغرب أن تختار إدارة بايدن عدم الضغط من أجل المساءلة عن جرائم الأسد ضد الإنسانية، الآن بعد أن سعت إدارة بايدن إلى الدخول مرة أخرى في الاتفاق النووي، فإنها ترسم خطاً ناعماً يسير باتجاه النظام بطرق مختلفة، بما في ذلك عن طريق إزالة الضغط والتدقيق على وكلائه".
تعتمد السياسة الأمريكية في سوريا على وجود صغير للقوات في الشمال الشرقي بالإضافة إلى الضغط المفترض لعقوبات قانون قيصر ضد الأسد، وتشير تحركات بايدن لإنهاء تمديد الإعفاء لشركة النفط الأمريكية العاملة في شمال شرقي سوريا وخفض التمويل عن قسد التي يقودها الأكراد، إلا أن الإدارة ربما تتطلع لسحب قواتها وإنهاء شراكتها مع قسد.
لقد تنازلت روسية لإعادة فتح الممرات الإنسانية حيث انتهى تفويض مجلس الأمن الدولي بشأن باب الهوى، آخر معبر حدودي متبقي بين تركيا وسوريا.
لكن مع عناد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل الالتزام بتجديد مساعدات الأمم المتحدة عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا في أحدث قمة بين بايدن وبوتين في جنيف، قد يجد البيت الأبيض نفسه بعد فترة خارج اللعبة.
كما أن سلبية الولايات المتحدة دفعت دول الخليج لتحريك بعض الجهود باتجاه الأسد فيما اتخذت الولايات المتحدة في عهد ترامب موقفاً واضحاً من الدول التي تسعى إلى توثيق العلاقات مع سوريا.
بعد أن أعادت الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق في 2018، حذر جيمس جيفري، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية لسوريا، الدول من تقديم المساعدة للنظام السوري، باستخدام التهديد بالعقوبات كرادع.
مع توقف ترامب عن التمسك بالخط الأحمر الخاص بعقوبات قيصر، انتقد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان العقوبات الأمريكية في آذار/ مارس لتقويضها جهود التقارب الإقليمي، واجتمع رئيسا المخابرات السعودية والسورية بعدها للمرة الأولى منذ بدء الصراع.
إذا استمرت الولايات المتحدة في تقليص دورها، فقد تتحرك الصين ودول الخليج لتوسيع التزامها ونفوذها في سوريا، فقد هنأت الصين الأسد مؤخراً على فوزه في الانتخابات، ولعبت حتى الآن دوراً مختبئاً خلف الكواليس، وحافظت على العلاقات الدبلوماسية واستخدمت حق النقض مع روسيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لحماية النظام السوري.
مع تدمير أكثر من ثلث البنية التحتية للبلاد خلال الصراع، والأسد في حاجة ماسة لمساعدات إعادة الإعمار، يمكن للصين أن تتحرك للاستثمار في البلاد على أساس الاعتقاد بأن الولايات المتحدة لن تفرض العقوبات.
في حزيران /يونيو الماضي، ادعى الأسد أن حكومته "بدأت مناقشات مع عدد من الشركات الصينية ذات الخبرة في إعادة الإعمار"، كانت الإمارات العربية المتحدة داعماً رئيسياً لتقارب دول الخليج مع دمشق، بما في ذلك الضغط بقوة من أجل عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، و يمكن أن تتطور التوترات الحقيقية بين الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج.
يقول تشارلز ليستر، الزميل الأول ومدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط: "أبو ظبي لا يردعها التهديد بالعقوبات وهذه مشكلة حقيقية لواشنطن"، كقانون أمريكي، لن يتم إلغاء قانون قيصر، وإذا فشل البيت الأبيض في تنفيذه، فستحدث ضجة في الكونغرس.
إعادة اندماج سوريا التي تلوح في الأفق في جامعة الدول العربية ستزيد الضغط على الولايات المتحدة لسحب قواتها - وهي خطوة من شأنها أن تزيد من تقليص نفوذها الإقليمي.
قد يؤدي تقليص المساعدات أو تقليص التواجد العسكري في الشمال الشرقي إلى عودة ظهور داعش وزيادة عدم الاستقرار، لا سيما بالنظر إلى وجود خلايا نائمة لداعش في معسكرات الاعتقال التي تديرها قسد، التي تعتمد على دعم الولايات المتحدة ومساعدتها المالية لبقائها.
وقال ليستر: "يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الوقوف بحزم ومثابرة، من الناحية المثالية من خلال تعزيز وجودنا العسكري في الشمال الشرقي لمواجهة عودة داعش من جديد وعن طريق زيادة استثماراتنا في الجهود الدبلوماسية للتفاوض على حل".
قد يضغط التعاون الأمريكي التركي على روسيا، لا سيما في ضوء الاجتماع الناجح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبايدن في قمة الناتو.
وفيما يتعلق بإيران، يجب على إدارة بايدن ألا تضحي بعناصر من سياستها تجاه سوريا مقابل إحراز تقدم في المحادثات النووية، على الرغم من أن العقوبات الأمريكية إشكالية، إلا أنها تظل مصدراً مهماً للضغط ضد أحد الداعمين الرئيسيين للأسد، و إذا استمر بايدن في إعطاء الأولوية للاتفاق الإيراني، فقد يترك دول الخليج وروسيا وإيران والصين تتنافس على النفوذ في سوريا.