وبدأ البني الإجابة على أسئلة القاضية بعرض عمله بالمحاماة والدفاع عن حقوق المعتقلين والمعتقلات في سوريا، ومشاركته بتأسيس الجمعية السورية لحقوق الإنسان، وبعدها تأسيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية عام 2004 بعد حملة الاعتقالات التي طالت بعض مؤسسي الجمعية. وشرح كيف أنه اختار اسم للمركز لا يذكر فيه صراحة “حقوق الإنسان” مراعاة للظروف الأمنية القاهرة، مع أن عمل المركز الأول كان بحقوق الإنسان والدفاع عن المعتقلين. وتحدث عن تاريخ اعتقاله لأسباب سياسة من عام 2006 حتى عام 2011، وظروف ملاحقته من قبل الأمن عام 2004 مما أدى لهروبه خارج سوريا ووصوله لألمانيا، وكيف قام بتسجيل المركز في ألمانيا عام 2015.
بعدها سألت القاضية عن عمل المركز بجمع الشهود والأدلة، وخاصة بهذه القضية، وسألت مع من يتعاون المركز؟
فشرح البني أن من أهداف المركز مساعدة الضحايا للوصول للعدالة، ومن أجل ذلك فإن المركز يستمع ويوثق شهادات الضحايا والشهود بشكل غير رسمي، ولكن ضمن معايير محددة. وأن المركز يتأكد من مصداقية الشهود والشهادات، وكيف يتحقق لمعرفة وكشف إذا كان الشاهد بالمقابلة يذكر معلومات صادقة أم لا، بالاعتماد على خبرة عناصر المركز بالوضع السوري، وعبر إجراء تقاطع للمعلومات المتعددة التي يحصلها المركز. وردا على سؤال لأحد القضاة أجاب البني أنه قد وصل للمركز عدد من الشهود المزيفين، والشهادات الكاذبة، وتم كشفها. وذكر بهذا الصدد حادثة كمثال. كما بين البني أن المركز يتعاون مع منظمات أخرى للوصول لأدلة أو تقارير أو وثائق تدعم الشهادات والملفات التي يعدها، مثل المركز السوري لحرية الإعلام والتعبير، وهيومن رايتس ووتش، والشبكة السورية لحقوق الإنسان، وجمعية الأرشيف السوري ومجموعة قيصر.
بعدها سألت القاضية عن مصدر تمويل المركز، فأجاب البني: “مؤسسة الأصفري، ومؤسسة ميديكو الألمانية، وأمنيستي ألمانيا، والصندوق الوطني لدعم الديمقراطية، والمعهد الجمهوري الدولي”. وردا على سؤال عن من يترجم الشهادات لإرسالها للمدعي العام قال البني أن المركز يقوم بجمع الشهادات وتتم ترجمتها إلى اللغة الألمانية بمساعدة اثنين من الطلاب في الجامعة الألمانية، وبعدها يرسل الملف بما يتضمن مختصر للشهادات باللغة الألمانية، وصور وفيديوهات وتقارير، إلى المدعي العام؛ والذي بدوره يقرر إما استدعاء الشهود لسماع شهادتهم رسميا، وهنا يقوم المركز بدعم الشهود للتواصل مع محامي ألماني لتمثيلهم والحضور معهم أمام المدعي العام، ومن ثم تستكمل الإجراءات من توقيف المتهم واتهامه وبدء محاكمة علنية، أو لا يتخذ المدعي العام أي إجراء، وبكلا الحالتين فإن دور المركز يتوقف هنا .
بعدها قررت المحكمة استراحة لمدة 15 د بسبب حصول مشكلة بالترجمة، ما استدعى تدخل من إحدى الحاضرات الموجودة لحضور المحكمة لتصحيح معلومة وردت! ومن المعروف في المحاكمات أن الحضور يمنع من التدخل وإصدار الأصوات بقاعة المحكمة، لضمان محاكمة عادلة دون أي تشويش! لكن القاضية كانت متعاونة ومتفهمة لوضع الشأن السوري، واعتبرت التدخل استثناء على حد تعبيرها، وتقدمت من الفتاة بالاستراحة لمعرفة سبب اعتراضها على الترجمة، حيث تم التوضيح أن الترجمة لم تكن دقيقة في بعض الأحيان مما يؤدي لتغيير في المعنى.
بعد الاستراحة سألت رئيسة المحكمة الشاهد عن معرفته بالمتهم، وبحركة فلسطين حرة وبالمجزرة التي حصلت موضوع القضية؟
فأجاب الشاهد بأنه لا يعرف المتهم ولكنه يعرف عن الحركة، ويعرف شخصيا رئيسها ياسر قشلق. وشرح سبب المعرفة ، ووضح أنه كان في دمشق إثناء وقوع المجزرة، وكان يتابع أخبار حصار المخيم كما كان يتابع المجازر التي يرتكبها النظام في كل مكان في سوريا (وذكر كأمثلة الغوطة، وداريا، وغيرهما) وأنه يتذكر مجزرة المخيم لأنها كانت كبيرة.
وهنا سألت القاضية الشاهد إن كان لديه معلومات عن مصير الطفل الذي أصيب بالمجزرة وأين أصبح؟
فقال الشاهد بأن ليس لديه أي معلومات عن مصيره، فأوضحت القاضية أن هذا السؤال من أجل معلوماتها.
وبعدها طلبت القاضي من جهة الدفاع عن المتهم توجيه أسئلته للشاهد، فبدأ محامي الدفاع عن المتهم بسؤال الشاهد عن بعض أسماء الشهود حيث سأل بطريقة مباشرة عن (فراس. ش)، و(أمجد.ح) وغيرهما. فأجابه البني: “هذه الأسماء من محكمة كوبلنز، ونحن الأن بمحاكمة أخرى، ووجودنا هنا لملف وقضية مختلفة تماماً. ما استدعى القاضية للاستفسار من محامي الدفاع عن سبب طرحه لهذه الأسماء، ولتوقف بعدها المحاكمة لمدة 15 دقيقة للمشاورة بين المحامين حول أحقية محامي الدفاع بالسؤال . وبعد المشورة، عادت المحكمة للانعقاد وأعلنت القاضية عدم قبول السؤال لأنه لا علاقة له بالقضية.
وبعدها سأل محامي الدفاع الشاهد عن أسماء الشهود في هذه القضية وعن معرفته بهم، وماذا يتذكر من شهاداتهم. وتذكر البني بعضهم وذكر قصة أحد الشهود الراسخة في ذهنه لشدة قسوتها! فسأل محامي الدفاع إن كان الشاهد يعرض صور المتهم على الشهود للتعرف عليه؟ فأجاب الشاهد بالنفي، وقال إن الشهود والضحايا هم من يجلبون معهم صورا وأدلة ووثائق لضمها للملف وليس العكس.
وفي نهاية الجلسة كررت القاضية إن سماع الشهود سينتهي في العاشر من نوفمبر، تشرين الثاني المقبل. وحددت يوم 22 كانون الأول لعرض الفيديوهات والصور على أطراف القضية، كما حددت الجلسة القادمة بتاريخ 8 أيلول 2022 لسماع أحد شهود الادعاء. وانتهت الجلسة تمام الساعة 12:31 ظهرًا.