قالت غيدة فرنجية، مسؤولة التقاضي الاستراتيجي في "المفكرة القانونية": "تؤدي الكوميديا وظيفة اجتماعية هامّة، ويجب أن يُمنح الكوميديون أوسع حماية قانونية، بخاصّة عندما ينتقدون السلطات أو الممارسات العامة أو الدينية، في بلد يحكمه الإفلات من العقاب".
استجوبت النيابات العامّة حجار خلال الأسبوع الماضي فيما يتعلق بقضيتين منفصلتين. في 25 أغسطس/آب، استدعته النيابة العامّة العسكرية للتحقيق في مقر "الشرطة العسكرية" في الريحانية، جنوب شرق بيروت، رداً على نكتة تلاها على المسرح بشأن تولي عناصر الجيش اللبناني وظائف إضافية كسائقي توصيل بسبب الأزمة الاقتصادية وانخفاض قيمة رواتبهم بالليرة اللبنانية. بعد استجوابه، احتُجز حجار مؤقتاً وأُطلق سراحه بعد 11 ساعة، ليتم استدعاؤه مجدداً في 29 أغسطس/آب للتوقيع على سند إقامة.
في 29 أغسطس/آب، بحسب محامية حجار، أثناء مغادرته مقر الشرطة العسكرية، تم توقيفه من قبل عناصر تابعة لـ "قسم المباحث الجنائية" في "قوى الأمن الداخلي"، على خلفية إخبار قدمه ضده عضو بارز في "دار الفتوى"، وهي أعلى مرجعية دينية تابعة للطائفة المسلمة السنية في لبنان. وزعمت دار الفتوى أن المشهد الكوميدي الذي قدمه حجار على المسرح العام 2018 "يمس بمقدسات المسلمين" و"يعرّض السلم الأهلي للمخاطر".
بحسب المادة 10 من "قانون أصول المحاكمات الجزائية" اللبناني، فإن مهلة مرور الزمن  لملاحقة مثل هذه الأفعال تقتصر على ثلاث سنوات، وبالتالي، فإن مهلة مرور الزمن  كانت قد انقضت حين أوقف حجار، وفقا لخبراء قانونيين.
بناء على أوامر النائب العام التمييزي غسان عويدات، وهو أعلى مسؤول في النيابة العامة في لبنان، نقل العناصر حجار، دون إبلاغ محاميه، إلى مقر المباحث الجنائية في وزارة العدل في بيروت، حيث استجوبوه لعدة ساعات. بعد الاستجواب، احتُجز حجار مؤقتاً ولم يُطلق سراحه إلا في وقت لاحق من ذلك المساء، بعد أن تجمع عشرات المتظاهرين أمام الوزارة للمطالبة بالإفراج عنه.
وتمكنت محامية حجار من حضور الاستجوابين، في حين ما تزال القضيتين  بحقّه عالقتين حتى الآن.
ويأتي استدعاء حجار وسط تصاعد حملة السلطات اللبنانية على الخطاب المعارض، وفي ظل أزمة اقتصادية حادة، أفقرت معظم السكان. في العام 2023 وحده، استدعت السلطات اللبنانية صحفيين ، ومحامين ، ومعلمين ، والآن تستدعي فنان كوميدي، لمجرد انتقاد ممارسات الحكومة والمسؤولين الرسميين. في الوقت نفسه، لم تحقق السلطات اللبنانية أي تقدم في تطبيق إصلاحات اقتصادية، ومالية، وقضائية ضرورية. في العام 2022، أدانت المحكمة العسكرية اللبنانية فنانة كوميدية أخرى، هي شادن فقيه، بتهمة المسّ بسمعة قوى الأمن الداخلي وتحقير عناصرها، وحكمت عليها بدفع غرامة رداً على مكالمة مسجلة أجرتها مع قوى الأمن الداخلي تضمنت مقلباً فكاهياً ونشرتها لاحقاً على الإنترنت.
يضمن الدستور اللبناني حرية التعبير "ضمن دائرة القانون" لكن قانون العقوبات يفرض في الوقت نفسه عقوبات تصل إلى ثلاث سنوات سَجن لتحقير الشعائر الدينية. ويعاقب قانون القضاء العسكري تحقير العلم أو الجيش بعقوبة قد تصل إلى السجن ثلاث سنوات. النصوص القانونية المتعلقة بتجريم التحقير والقدح والذم لا تحترم المعايير الدولية لحقوق الإنسان وتقيّد الحق في حرية التعبير بشكل غير مبرر.
يتوجب على السلطات القضائية إسقاط جميع دعاوى الحق العام المقامة بسبب التعبير السلمي، وينبغي لمجلس النواب أن يلغي بشكل عاجل القوانين التي تجرم الكفر، والقدح والذم، وازدراء الأديان، أو انتقاد السلطات السياسية، أو الدينية، أو العسكرية. ويجب ألا يحاكم المدنيون في المحاكم العسكرية، وألا تحتجز السلطات أشخاصاً بسبب الانتقاد السلمي على الإطلاق. كما يتوجب على المدعين العامين والأجهزة الأمنية الامتناع عن استدعاء الأشخاص إلى التحقيق بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير، وأن يمتنعوا عن تجاوز صلاحياتهم عبر الضغط على المشتبه فيهم لإزالة المحتوى الذي يُزعم أنه مسيء أو لتوقيع تعهدات قبل حصولهم على محاكمة عادلة.
بحسب لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، المعنية بتفسير "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، "تشكل مضايقة شخص بسبب الآراء التي يعتنقها أو تخويفه أو وصمه بما في ذلك توقيفه أو احتجازه أو محاكمته أو سجنه، انتهاكا" للعهد، الذي وقعه لبنان في 1972. كما تقول اللجنة إن القوانين التي تمنع إشهار عدم احترام أحد الأديان أو نظام معتقدات ما، بما في ذلك القوانين التي تجرّم الكفر، لا تتماشى مع العهد.
قالت آية مجذوب، نائبة مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "توقيف نور حجار هو أحدث مثال على استخدام قوانين التحقير والقدح والذم من قبل السلطات اللبنانية لتخويف المنتقدين ومضايقتهم، وخنق حرية التعبير في البلاد. ينبغي لمجلس النواب أن يلغي بشكل عاجل جميع القوانين التي تجرّم التحقير واستبدال مواد القدح والذم بنصوص من القانون المدني".

الموقعون

ألِف – تحرّك من أجل حقوق الإنسان
تجمع نقابة الصحافة البديلة
الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات
سمكس
اللجنة الدولية للحقوقيين
المركز اللبناني لحقوق الإنسان
المفكرة القانونية
منظمة إعلام للسلام (ماب)
منظمة العفو الدولية
مؤسسة سمير قصير
مؤسسة مهارات
موقع "درج"
نواة للمبادرات القانونية
هيومن رايتس ووتش