مشهد من المسلسل الألماني بلوكس ٤الذي تدور أحداثه حول عائلة الجريمة اللبنانية وعصابة المخدرات في برلين
على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبحت "الجريمة العشائرية" قضية عامة مهمة للغاية في ألمانيا. فبعد أن تجنّب السياسيون ووسائل الإعلام الحديث عن هذه الظاهرة لفترة طويلة خوفاً من اتهامهم بالعنصرية تجاه الأجانب، عاشت "العشائر الإجرامية" العربية الكبيرة أكثر من 20 عاماً في ألمانيا وهي تكسب رزقها حصراً من خلال الرعاية الاجتماعية، إلى جانب الجرائم مثل السرقة والسطو والابتزاز.
لكنّ الحال تغيّر بعد عام 2010، وذلك عندما سرقت مجموعة من الإخوة وأبناء عمومتهم مكان قمار في "Potsdamer Platz"، لتتبعها لاحقاً سلسلة متصلة من عمليات السطو والابتزاز والسرقة هزّت المجتمع الألماني والعالم أجمع. مِن أبرزها سرقة عُملة ذهبية وزنها 100 كيلوغرام من متحف بوده في عام 2017، بالإضافة لسرقة مجوهرات من متحف "القبو الأخضر" عام 2019، قُدّرت قيمتها بأكثر من 113 مليون يورو.
ومؤخراً، أصبحت الجريمة المنظمة للجاليات الأجنبية، وبالأخص العربية، تلعب دوراً محورياً في الأفلام والمسلسلات التليفزيونية الألمانية، خصوصاً بعد تنفيذهم لائحة من أشهر السرقات الفنية عبر التاريخ الحديث.
ما المقصود بمصطلح "العشائر الإجرامية"؟
شهدت السنوات الأخيرة ظهور مصطلحات مثل "العشائر الإجرامية" و"جريمة العشائر" وشاع استخدامها بين المؤسسات والهيئات الأمنية الألمانية من جهة، والإعلام المحلي والأوروبي من جهة أخرى. ويشير مصطلح العشائر هنا إلى المجموعات الإجرامية التي تضمّ أفراد عائلات كبيرة ينتمون إلى إثنية أجنبية معينة تشكل مجتمعات موازية منعزلة داخل المجتمع الألماني.
ويُستخدم المصطلح بالأساس للتفريق بين أنواع الجريمة المنظمة الأخرى. لكن على النقيض من ذلك، يرى النقّاد والباحثون أن مصطلح "العشائر الإجرامية" يضع جميع أفراد العشيرة تحت الشك العام، ويقود إلى إلى الاشتباه بأولئك الذين ليسوا مجرمين بينهم، فضلاً عن التمييز ضدهم لدرجة تمنعهم من الالتحاق بعمل ما أو حتى العثور على منزل للإيجار.
وحدد تقرير نشرته شرطة برلين في مارس/آذار الماضي 388 شخصاً متورطين في جرائم عشائرية عربية، نصفهم تقريباً من حَمَلة الجنسية الألمانية ونحو 18% من الجنسية اللبنانية. وأظهرت الأرقام أنهم كانوا مسؤولين عن جريمة كل 8 ساعات في المدينة، تتراوح بين القتل والمخالفات المرورية.
فيما أشار تقرير آخر صدر عام 2019 إلى أن "جرائم العشائر" في ألمانيا تشكّل نحو 7.8% من إجمالي الجريمة المنظمة التي لوحقت والتحقيق فيها خلال العام المذكور.
أشهر "العشائر الإجرامية" العربية في ألمانيا
تُقدّر السلطات الألمانية أن العاصمة برلين وحدها يسيطر عليها نحو 20 عائلة ذات نفوذ كبير، سبعة أو ثمانية منها نشطة للغاية. كما أن هناك عشائر من أصول عربية مشهورة على مستوى ألمانيا ككل مثل رومو وأبو شاكر، إلى جانب ميري والزين.
رومو:
تنتمي عشيرة رومو التي أثارت لأول مرة انتباه الشرطة في عام 1992 بمقتل صاحب مطعم في برلين، إلى جماعة المحالمة العربية التي هاجرت من جنوب تركيا إلى لبنان ومن ثم إلى ألمانيا إبان الحرب الأهلية اللبنانية في الثمانينات. ومنذ ذلك الحين، حوّل بعض أفراد الأسرة البالغ عددهم 500 شخص عشيرة رومو إلى واحدة من أكثر عصابات برلين شهرة، مع سجل طويل من العنف وتهريب المخدرات وغسيل الأموال والاحتيال.
تنتمي عشيرة رومو التي أثارت لأول مرة انتباه الشرطة في عام 1992 بمقتل صاحب مطعم في برلين، إلى جماعة المحالمة العربية التي هاجرت من جنوب تركيا إلى لبنان ومن ثم إلى ألمانيا إبان الحرب الأهلية اللبنانية في الثمانينات. ومنذ ذلك الحين، حوّل بعض أفراد الأسرة البالغ عددهم 500 شخص عشيرة رومو إلى واحدة من أكثر عصابات برلين شهرة، مع سجل طويل من العنف وتهريب المخدرات وغسيل الأموال والاحتيال.
وتُعتبر عملية سرقة العملة الذهبية بوزن مئة كيلوغرام من متحف برلين بوده في عام 2017 بمثابة الانقلاب الأكثر إثارة في سجل عشيرة رومو. كما ثبت تورط العشيرة أيضاً في عملية السطو التي استهدفت مجوهرات متحف "القبو الأخضر" عام 2019.
أبو شاكر:
على الرغم من كونها أصغر من عشيرة رومو، إلا أن عشيرة "أبو شاكر" ورئيسها عرفات أبو شاكر، جذبت اهتمام وسائل الإعلام والسلطات في ألمانيا لفترة طويلة. والعشيرة من أصل فلسطيني هرب أفرادها من مخيمات اللاجئين في لبنان إلى ألمانيا عندما اندلعت الحرب الأهلية في لبنان، تماماً مثل العائلات الأخرى.
على الرغم من كونها أصغر من عشيرة رومو، إلا أن عشيرة "أبو شاكر" ورئيسها عرفات أبو شاكر، جذبت اهتمام وسائل الإعلام والسلطات في ألمانيا لفترة طويلة. والعشيرة من أصل فلسطيني هرب أفرادها من مخيمات اللاجئين في لبنان إلى ألمانيا عندما اندلعت الحرب الأهلية في لبنان، تماماً مثل العائلات الأخرى.
وهناك دعاوى قضائية ضد أفراد من عشيرة أبو شاكر، بسبب تهم الإكراه والتهديد والتزوير والسرقة. كما تولّى عرفات أبو شاكر المقيم في برلين إدارة "بوشيدو"، أكبر مغني راب في ألمانيا عام 2008. فقد أثارت علاقة العمل ضجّة في عموم ألمانيا، قبل أن تتعثر بعد 10 سنوات.
ميري:
تتكون عشيرة "ميري" من عدة عائلات من جماعة المحالمة التي تنحدر منها عشيرة رومو، ويُعتقد أنهم فرّوا أيضاً إلى ألمانيا في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية في أوائل الثمانينيات. وتنشط العشيرة بشكل خاص في ولاية ساكسونيا السفلى الألمانية، على الرغم من تسجيل أنشطة إجرامية أيضاً في برلين وبريمن وستفاليا.
تتكون عشيرة "ميري" من عدة عائلات من جماعة المحالمة التي تنحدر منها عشيرة رومو، ويُعتقد أنهم فرّوا أيضاً إلى ألمانيا في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية في أوائل الثمانينيات. وتنشط العشيرة بشكل خاص في ولاية ساكسونيا السفلى الألمانية، على الرغم من تسجيل أنشطة إجرامية أيضاً في برلين وبريمن وستفاليا.
وتورط أفراد من عشيرة ميري في جرائم مثل الإتجار بالمخدرات والابتزاز و"قوادة" المشتغلين بالجنس. ويقال إن بعض الشخصيات البارزة في العشيرة لديها علاقات وثيقة مع عصابة الدراجات النارية المحظورة "Mongols MC".
فيما أصبح الزعيم إبراهيم ميري معروفاً في جميع أنحاء ألمانيا عندما انتهك الحظر المفروض على العودة إلى ألمانيا بعد ترحيله إلى لبنان في عام 2019.
الزين:
مع عدة آلاف من الأعضاء، قد تكون عشيرة الزين واحدة من أكبر العائلات المتورطة في الجريمة المنظمة في ألمانيا التي قدم إليها قائد العشيرة محمود الزين من لبنان إلى ألمانيا عام 1982. ومنذ قدومه اصطدمت قواعده في كثير من الأحيان بالقوانين الألمانية، حيث أدين بتهمة الإتجار بالمخدرات وجرائم أخرى.
مع عدة آلاف من الأعضاء، قد تكون عشيرة الزين واحدة من أكبر العائلات المتورطة في الجريمة المنظمة في ألمانيا التي قدم إليها قائد العشيرة محمود الزين من لبنان إلى ألمانيا عام 1982. ومنذ قدومه اصطدمت قواعده في كثير من الأحيان بالقوانين الألمانية، حيث أدين بتهمة الإتجار بالمخدرات وجرائم أخرى.
وفي عام 2020، نشر زعيم العشيرة محمود الزين مذكراته تحت عنوان "عرّاب برلين: طريقي وعائلتي وقواعدي". وهناك من يدّعي أن المسلسل الألماني "4 Blocks" مبني على قصة الزين، حيث تدور أحداث المسلسل حول عائلة الجريمة اللبنانية وعصابة المخدرات في برلين.