ونبه المكتب إلى أن عديداً من الهيئات العامة لا تدرك حجم الاحتيال الذي تواجهه، إذ كشف عن أن مستويات الاحتيال ارتفعت مما مجمله 5.5 مليار جنيه في العامين السابقين للجائحة إلى ما مجمله 21 مليار جنيه في العامين اللاحقين.
ووفق المكتب المتخصص في تدقيق الحسابات، يتعلق ما يزيد قليلاً على سبعة مليارات جنيه من أصل 21 مليار جنيه ببعض البرامج التي طبقتها الحكومة خلال الجائحة.
وهذه المرة ليست الأولى التي تثار فيها مخاوف في شأن احتيال وخطأ في برامج دعم التوظيف في ظل كوفيد-19، إذ تعمل هيئة الإيرادات والجمارك الملكية على متابعة مطالبات احتيالية.
لكن المكتب الوطني لتدقيق الحسابات أشار إلى أن هيئة الإيرادات والجمارك الملكية تتوقع استرداد 1.1 مليار جنيه فقط بحلول الوقت الذي تقلص فيه أنشطة فريق عملها المكلف بحماية دافعي الضرائب وصولاً إلى التوقف التام، من أصل ما يقدر بنحو 4.5 مليار جنيه.
ويضيف المكتب أيضاً في تقرير: "تمكنت وزارة العمل والمعاشات التقاعدية من تجنب خسائر بسبب الاحتيال والخطأ بقيمة 500 مليون جنيه من خلال مراجعتها بأثر رجعي مطالبات بالائتمان الشامل قدمت خلال ذروة الجائحة، لكن مطالبات احتيالية بما لا يقل عن 1.5 مليار جنيه قدمت خلال تلك الفترة كانت لا تزال تدفع في الفترة 2021-2022. وتخطط الوزارة الآن لمراجعة حالات مستهدفة للكشف عن أكبر قدر ممكن من المبلغ الباقي واسترداده".
وأكد المكتب أن إنشاء هيئة مكافحة الاحتيال في القطاع العام - التي تأسست العام الماضي استجابة لمخاوف في شأن الاحتيال خلال الجائحة - يمثل فرصة "للتركيز مجدداً على الاحتيال والفساد".
لكن جهة المراقبة حذرت من أن الهيئة يجب أن تكون "مؤثرة في أنحاء الحكومة كلها إذا أرادت تحقيق تغييرات مطلوبة في الثقافة ونهجاً وقائياً وتقييماً متيناً للمخاطر".
وقال رئيس المكتب الوطني لتدقيق الحسابات، غاريث ديفيس: "حصلت زيادة كبيرة في مستوى الاحتيال المبلغ عنه في التقارير السنوية والحسابات التي ندققها. فإضافة إلى فقدان أموال تخص دافعي الضرائب، يخاطر هذا الوضع في جعل الناس يعتبرون أن الاحتيال والفساد في أنحاء الحكومة كلها أمر عادي ويحظى بتسامح. وإذا لم يجر التصدي لهذا الأمر، قد يؤثر ذلك في ثقة الجمهور في نزاهة الخدمات العامة".
"على الحكومة أن تبذل مزيداً من الجهد لفهم حجم المشكلة التي تواجهها ولا يمكنها حتى الآن إثبات أنها تعالج الاحتيال بفاعلية. ويوفر إنشاء هيئة مكافحة الاحتيال في القطاع العام فرصة حقيقية لمعالجة هذا الوضع".
وقالت رئيسة لجنة الحسابات العامة، ميغ هيلير: "ضاع ما لا يقل عن 21 مليار جنيه من أموال دافعي الضرائب بسبب الاحتيال منذ بداية الجائحة - أي أربعة أضعاف ما كانت عليه الحال قبل عامين من ذلك".
لكن معظم إدارات الحكومة لا تزال لا تعرف مقدار الاحتيال والفساد الذي تواجهه، ولا يمكنها أن تظهر أنها تتصدى له بفاعلية، وفق مسؤولين في المكتب الوطني لتدقيق الحسابات.
ذلك أن التقرير بين أن "معظم الإدارات لديها قدرة محدودة فقط على مكافحة الاحتيال والفساد ولا يمكنها إثبات أن هذه القدرة متناسبة مع المخاطر المحدقة بها"، في حين دعا المكتب الإدارات والهيئات العامة إلى العمل "كحكومة واحدة" عند التعامل مع الاحتيال.
وقالت نائبة زعيم حزب العمال أنجيلا راينر: "ينتشر الاحتيال والفساد أمام أعين المحافظين لكنهم يفشلون تماماً في معالجته.
"لقد تخلت هذه الحكومة تماماً عن مسؤوليتها في قمع هذا الإجرام، تاركة الهيئات العامة من دون الموارد اللازمة لمكافحته بفاعلية وحماية أموال الناس. وهذا تقصير تام في أداء الواجب.
"وفي حين ينتشر الاحتيال كالنار في الهشيم مع فقدان مليارات من أموال دافعي الضرائب، ليس الوزراء قادرين على السيطرة ويقوضون ثقة الناس أكثر فأكثر. وفي حين يترك دافعو الضرائب لاحتساب كلفة حكم المحافظين، يملك حزب العمال خطة لمنع الاحتيال ومعاقبة المجرمين وحماية مجتمعاتنا".
وقال متحدث باسم الحكومة: "نعمل على إصلاح طريقة معالجتنا للاحتيال في القطاع العام لضمان ملاحقتنا لكل جنيه مسروق من دافعي الضرائب البريطانيين".
"منذ عام 2021، استثمرنا أكثر من 900 مليون جنيه في اتخاذ إجراءات في شأن الاحتيال، وكما يقر التقرير، حققنا تقدماً من خلال إنشاء هيئة مكافحة الاحتيال في القطاع العام التي تكثف جهود الحكومة لحماية أموال دافعي الضرائب".
"لقد استعادت الحكومة أكثر من 3.1 مليار جنيه من الأموال الضائعة بسبب الاحتيال في العامين الماضيين، بما في ذلك ما جرى في البرامج المطبقة في ظل كوفيد-19، لكننا نعرف أن ثمة عملاً إضافياً يمكننا القيام به.
"ولهذا السبب نعمل على توسيع وظيفة مكافحة الاحتيال الحكومية، وتطوير تكنولوجيات جديدة، وتعزيز المهارات والتدريب لزيادة حماية الأموال العامة".
----------
اندبندنت عربية