وهذا الخلاف يدور حول الأم الحقيقية لهذا الكاتب الذي طبقت شهرته الآفاق، بحيث إن مقولة الكاتب دوستويفسكي: نحن جميعاً خرجنا من تحت معطف غوغول) لم يتم التنكر لها وإنما ينبغي تحديد إن كان هذا المعطف روسياً أم أوكرانياً؟
ويعتبر غوغول الذي وصف بشكل رائع العادات والتقاليد الشعبية الأوكرانية وكذلك وصف حياة المجتمع الروسي في القرن التاسع عشسر أحد أعمدة الأدب العالمي والآن كل طرف من الطرفين السلافيين يدعي أن الكاتب خاص به.
هذا الوضع تهكم عليه أحد الصحفيين في صحيفة البرافدا قائلاً (الأفضل أن نحمل منشاراً ونقسم غوغول).
وتتهم روسيا أوكرانيا بمحاولتها (أكرنة) الذكرى المئوية للكاتب، فقد عكفت كييف وبمناسبة هذه الذكرى إلى إعادة إصدار جزء من أعمال الكاتب باللغة الأوكرانية ومن جهتها تدعي أوكرانيا أنه وبما أنها أصبحت دولة مستقلة منذ عام 1991 وكون نحو نصف سكان البلاد لم يعد يدرس اللغة الروسية، فإن روايات غوغول مجهولة لديهم، ومن هنا جاءت فكرة إعادة إصدار أعماله باللغة الأوكرانية.
ولم يستسغ المختصون الروس في أدب غوغول الحرية الواسعة الممنوحة للمترجمين لإنجاز عملهم، فمثلاً في أحد النصوص الأدبية لغوغول حلت كلمة أوكرانية أو (كوزاك) بشكل منهجي، محل كلمة روسية والأخطر أنه وفي هذا النص تبدلت جملة (النزوع الروسي إلى الفجور) حيث جاءت ترجمتها بالأوكرانية كالتالي (النزوع الأوكراني إلى العربدة) ويبدو أن زعماء البلدين متحمسون للإدلاء بدلوهم في هذه المسألة، وفي هذا الصدد صرح الرئيس الأوكراني فكتور لوكاشينكو قائلاً ( دون أدنى شك ينتمي غوغول إلى أوكرانيا وكانت له مساهمته في الثقافة العالمية، كما في الثقافة الروسية) بينما وجه رئيس الوزراء الروسي تحية لمن دعاه «الأديب الروسي البارز».
وتحتج روسيا أن مؤلف رواية المعطف هو حتماً روسي لأنه كتب باللغة الروسية وبالتالي لا يمكن أن يكون أوكرانياً ولا سيما أن أوكرانيا لم تكن موجودة في السابق بل كانت تدعى روسيا الصغيرة ومن ثم ألم يمض غوغول جل حياته في روسيا؟ هذا ما تساءلت به إحدى الطالبات الموسكوفيات، ويرى النقاد الروس أن ترجمة أعمال غوغول إلى الأوكرانية سينطوي على انحراف وزيغ كبيرين، حيث يعتقدون أن غوغول استمد خصوصيته من كون أعماله أثرت اللغة الروسية من خلال تطعيمها بتعابير استقاها من اللغة الأوكرانية أو بالأحرى لغة السوريك وهي عبارة عن لهجة مزيجة بين اللغتين الروسية والأوكرانية، وفيما لو تمت الترجمة إلى الأوكرانية سوف يفقد العمل نكهته وجزالته وينصب التطلع إلى ترجمة أعمال غوغول إلى الأوكرانية في خانة الجهود التي يبذلها الزعماء في كييف الرامية إلى التشجيع على انطلاق اللغة الأوكرانية رغم أن اللغة الروسية ما زالت هي المهيمنة في أوساط الأعمال والسياسة، بينما اللغة الأوكرانية المرفوضة في صفوف اللهجات الريفية البعيدة ما زالت تتعثر في انطلاقها كثيراً، وفي العودة إلى التاريخ البعيد قليلاً انتهت مباحثات ومفاوضات جرت لعقود حول هوية اللغة الأوكرانية بين عام 1863-1905 إلى منع استخدامها والآن تحاول أوكرانيا إعادة تحقيق شيء من التوازن وتتطلع إلى أن يكون لها حصتها من الإرث الثقافي لغوغول، الذي تقول: إنه ولد في أوكرانيا ونشأ فيها حتى عمر 18 عاماً، وذيوع صيته تحقق من خلال نشر روايته (سهرات القرية الصغيرة قرب ميكانكا) وهي عبارة عن قصص فكاهية لحياة فلاحي أوكرانيا، ومن ثم شخصية تارساس بولبا الشخصية الأكثر شعبية ضمن شخصياته وهو أوكراني.
إضافة إلى ذلك فقد تم انتقاد صاحب رواية الأرواح الميتة من قبل الوطنيين في الامبراطورية الروسية بسبب وضعه لروسيا بالكاذبة.
ولكن يسمو رجل الشارع فوق هذا النزاع، ففي موسكو كما في كييف يبدون تعلقاً وتقديساً للأدب الكلاسيكي ونجومه.
ويكفي ذكر اسم نيكولاي غوغول حتى يباشروا في استذكار مقاطع من أعماله، أو في سماع ليس اسم غوغول بل نيكولاي فاسيليفيتش أو نيكولا أي نيكولاي في اللغة الاوكرانية.
وكأنه فردً منهم والمثير للدهشة هو أنه وبعد مرور قرن ونصف القرن على وفاته، فإن رواياته مازالت وكأنها توصف الأحداث الراهنة.
وهذا مايؤكده افغيني كيسيليوف أحد المعلقين في راديو موسكو، بقوله: افتحوا أي كتاب لغوغول، وسترون روسيا اليوم ، أي الفساد ، الأحكام التعسفية لرجال الشرطة والأمن والقضاء، الكذب والخداع
----------------------------
الصورة: نيكولاي غوغول
ويعتبر غوغول الذي وصف بشكل رائع العادات والتقاليد الشعبية الأوكرانية وكذلك وصف حياة المجتمع الروسي في القرن التاسع عشسر أحد أعمدة الأدب العالمي والآن كل طرف من الطرفين السلافيين يدعي أن الكاتب خاص به.
هذا الوضع تهكم عليه أحد الصحفيين في صحيفة البرافدا قائلاً (الأفضل أن نحمل منشاراً ونقسم غوغول).
وتتهم روسيا أوكرانيا بمحاولتها (أكرنة) الذكرى المئوية للكاتب، فقد عكفت كييف وبمناسبة هذه الذكرى إلى إعادة إصدار جزء من أعمال الكاتب باللغة الأوكرانية ومن جهتها تدعي أوكرانيا أنه وبما أنها أصبحت دولة مستقلة منذ عام 1991 وكون نحو نصف سكان البلاد لم يعد يدرس اللغة الروسية، فإن روايات غوغول مجهولة لديهم، ومن هنا جاءت فكرة إعادة إصدار أعماله باللغة الأوكرانية.
ولم يستسغ المختصون الروس في أدب غوغول الحرية الواسعة الممنوحة للمترجمين لإنجاز عملهم، فمثلاً في أحد النصوص الأدبية لغوغول حلت كلمة أوكرانية أو (كوزاك) بشكل منهجي، محل كلمة روسية والأخطر أنه وفي هذا النص تبدلت جملة (النزوع الروسي إلى الفجور) حيث جاءت ترجمتها بالأوكرانية كالتالي (النزوع الأوكراني إلى العربدة) ويبدو أن زعماء البلدين متحمسون للإدلاء بدلوهم في هذه المسألة، وفي هذا الصدد صرح الرئيس الأوكراني فكتور لوكاشينكو قائلاً ( دون أدنى شك ينتمي غوغول إلى أوكرانيا وكانت له مساهمته في الثقافة العالمية، كما في الثقافة الروسية) بينما وجه رئيس الوزراء الروسي تحية لمن دعاه «الأديب الروسي البارز».
وتحتج روسيا أن مؤلف رواية المعطف هو حتماً روسي لأنه كتب باللغة الروسية وبالتالي لا يمكن أن يكون أوكرانياً ولا سيما أن أوكرانيا لم تكن موجودة في السابق بل كانت تدعى روسيا الصغيرة ومن ثم ألم يمض غوغول جل حياته في روسيا؟ هذا ما تساءلت به إحدى الطالبات الموسكوفيات، ويرى النقاد الروس أن ترجمة أعمال غوغول إلى الأوكرانية سينطوي على انحراف وزيغ كبيرين، حيث يعتقدون أن غوغول استمد خصوصيته من كون أعماله أثرت اللغة الروسية من خلال تطعيمها بتعابير استقاها من اللغة الأوكرانية أو بالأحرى لغة السوريك وهي عبارة عن لهجة مزيجة بين اللغتين الروسية والأوكرانية، وفيما لو تمت الترجمة إلى الأوكرانية سوف يفقد العمل نكهته وجزالته وينصب التطلع إلى ترجمة أعمال غوغول إلى الأوكرانية في خانة الجهود التي يبذلها الزعماء في كييف الرامية إلى التشجيع على انطلاق اللغة الأوكرانية رغم أن اللغة الروسية ما زالت هي المهيمنة في أوساط الأعمال والسياسة، بينما اللغة الأوكرانية المرفوضة في صفوف اللهجات الريفية البعيدة ما زالت تتعثر في انطلاقها كثيراً، وفي العودة إلى التاريخ البعيد قليلاً انتهت مباحثات ومفاوضات جرت لعقود حول هوية اللغة الأوكرانية بين عام 1863-1905 إلى منع استخدامها والآن تحاول أوكرانيا إعادة تحقيق شيء من التوازن وتتطلع إلى أن يكون لها حصتها من الإرث الثقافي لغوغول، الذي تقول: إنه ولد في أوكرانيا ونشأ فيها حتى عمر 18 عاماً، وذيوع صيته تحقق من خلال نشر روايته (سهرات القرية الصغيرة قرب ميكانكا) وهي عبارة عن قصص فكاهية لحياة فلاحي أوكرانيا، ومن ثم شخصية تارساس بولبا الشخصية الأكثر شعبية ضمن شخصياته وهو أوكراني.
إضافة إلى ذلك فقد تم انتقاد صاحب رواية الأرواح الميتة من قبل الوطنيين في الامبراطورية الروسية بسبب وضعه لروسيا بالكاذبة.
ولكن يسمو رجل الشارع فوق هذا النزاع، ففي موسكو كما في كييف يبدون تعلقاً وتقديساً للأدب الكلاسيكي ونجومه.
ويكفي ذكر اسم نيكولاي غوغول حتى يباشروا في استذكار مقاطع من أعماله، أو في سماع ليس اسم غوغول بل نيكولاي فاسيليفيتش أو نيكولا أي نيكولاي في اللغة الاوكرانية.
وكأنه فردً منهم والمثير للدهشة هو أنه وبعد مرور قرن ونصف القرن على وفاته، فإن رواياته مازالت وكأنها توصف الأحداث الراهنة.
وهذا مايؤكده افغيني كيسيليوف أحد المعلقين في راديو موسكو، بقوله: افتحوا أي كتاب لغوغول، وسترون روسيا اليوم ، أي الفساد ، الأحكام التعسفية لرجال الشرطة والأمن والقضاء، الكذب والخداع
----------------------------
الصورة: نيكولاي غوغول