@ المبدع الحقيقي الذي يضيف ولا يقلد يفرض نفسه على المشهد الأدبي
@ الانقراض المفترض للثقافة العربية لا يقصده أدونيس بحرفيته وقد أوضح قصده لاحقا
@ أعضاء لجنة تحكيم امير الشعراء لهم دراسات حول قصيدة النثر العربية
@ الجوائز عنصر تحفيز للمبدع ويجب ان تشجع
@ الناقد ليس شاعرا فاشلا وهناك اسماء كبيرة تمارس النقد والشعر معا
لقد تمكن الدكتور الصكر من خلال كتاباته ونشاطاته المختلفة وإصداراته النقدية المتميزة في رؤيتها ومنهجيتها والتي بلغت حتى الآن 12 مؤلفاً تسجيل حضور فاعل في الساحة النقدية الإبداعية العربية كواحد من ألمع الكتاب والنقاد الحداثيين المشهورين بانحيازهم لكل جديد ومشايعتهم لقصيدة النثر والاهتمام بتفاصيلها وشرعية خصائصها الإبداعية وجعلها في اتساق مع الموروث الحضاري والإبداعي العربي وله في هذا الجانب عدد من الدراسات التي جمعت بين التنظير والتطبيق.
في هذا الحوار الذي أجرته معه "صحيفة الهدهد الدولية "يطل علينا الدكتور الصكر بعدد من الرؤى والأفكار التي تجسد مشروعه النقدي وموقفه إزاء العديد من قضايا النقد والإبداع الأدبي.
ـــ
• لكم حضور فاعل في الساحة الثقافية ما تقييمك للمشهد الإبداعي والنقدي العربي وهل الحركة الشعرية والنقدية في تطور أم أنها تراوح في مكانها؟
لا أشك في أن كثيرين سينعتونني بالتفاؤل جراء تقييمي التالي الذي أستبق حيثياته بنعت الحركة الشعرية والنقدية والثقافية عموما بالتطور، لكن لي مبرراتي لذلك. ولطالما أعلنت عنها في مقالاتي ولقاءاتي، مستندا لا إلى الكم من النتاج الإبداعي المتنوع فحسب، بل إلى ظهور أجيال من الكتاب والكاتبات في حقول الأدب المختلفة، وتنوع الأجناس والأنواع، والتواصل عبر المنشورات ومعارض الكتب والندوات والمؤتمرات والمسابقات ، وغيرها من مظاهر التطور في الصلة بين الادباء والمتلقين. وذلك بجانب ما تشهده الدراسات الأكاديمية من تطور باتجاه أدبنا الحديث، ورصد ظواهره الأسلوبية والموضوعية وتحولات الأبنية النصية ، ووصول بعض نصوصنا العربية وكتابنا إلى محافل عالمية، وترجمة الأدب العربي إلى لغات عالمية كثيرة.وأي نظر مجرد من الغرض والذاتية المفرطة يرى دون عناء بالمقارنة مع المشهد النقدي والثقافي لعقدين سابقين مثلا –كم من التحديث ق جرى ، وكم من تطوير للإجراءات والأساليب قد أُنجز.
• كثيرة هي النصوص الشعرية التي تنشر هذه الأيام لكنها باستثناء القليل نصوص مفككة الأوصال منعدمة الرؤيا يلفها الإبهام وتغلقها الضبابية , ما السبب؟؟
لي اعتقاد أدافع عنه دوما ملخصه أن التعميم يوقع ظلما في المجال الثقافي ، فلاشك في وجود الضعف في نصوص الأنواع كلها وعبر العصور، لأنه يتبع أقيسة ووجهات نظر مختلفة. لاحظ مثلا ما يسجله النقاد العرب القدامى على شعر المحدثين من ضعف ، وتسخيفه وإخراجه من دائرة الشعر ، ولاحظ ما يُكتب أحيانا على أنه شعر عمودي-أعني شعر الشطرين- وما فيه من تكرار وضعف ونمطية .كما أنني لا أرى إمكان وجود معيار محدد للضعف والقوة. فالأمر يتوقف على اشتراطاتنا للشعر، ومطالبنا لتحقيق النص وكتابة القصيدة ، وقد يبدو النص لأحدنا ضعيفا وهو يتعمد البساطة أو يتخذ إيقاعا مألوفا،أما الضبابية أوالغموض فهي تهمة تواجه نصوص الحداثة في كل عصر، ولا أشك ان الشعر العربي القديم نفسه قد واجهه المتلقون بتهمة الغموض- شعر أبي تمام مثلا- .وقد دافع الجرجاني-عبدالقاهر- عن الغموض الشفاف الذي يفرقه عن الشعر المعقد أو الملغز، وأنا أفهم الغموض كسِمَة شعرية تستثير المتلقي وتورّطه في اشتقاق الدلالات، فيرى بعض القراء أن الأدب الحديث غامض، ولا أجد هذه الصفة منحصرة فيه بل تشمل الادب القديم ، بمعنى انه بحاجة لجهد أكبر من القارئ لحل شفراته رغم أنه مكتوب بالطريقة التقليدية .
• في محاضرة له الشهر الماضي اتهم ادونيس الثقافة العربية بالانقراض , ما تعليقك؟
قرأت ما كتبه ادونيس بهذا الصدد، وهي خلاصة محاضرة كما نُشر في حينه وأخشى أن السياق انقطع بسبب النشر المجتزأ.أنا أحترم أطروحات أدونيس، وأعد اصطدامه بالعقل العربي ضروري لإيقاظه، كما أن له كتابات جريئة تحتاجها الحياة الثقافية العربية دون شك.
ولكن اتهامه الثقافة العربية هكذا بشمولية ودون تشخيص بالإنقراض امر لا بد انه بحاجة لتوضيح فالإنقراض لا توصف به الثقافات والحضارات ، والقول بانقراضها يعني ضمنا الإعتراف بأن لها منجزا سابقا أبقاها على قيد الحياة قبل الإنقراض ،فاين ذهب هذا المنجز الثقافي العربي ؟ وهل يمكن أن تمحى ىثاره بسهولة حتى لو انقرض حملته جيلا أو أكثر؟
على العموم أوضح أدونيس في مقال لاحق ماكان يقصد بمقولته تلك، وتبين أنه يكرر ماكان قد قاله في مناسبات سابقة من وجود تراجعات في الثقافة العربية التي كانت أكثر انفتاحا وحيوية ونشاطا وانجازا في ماضيها مما هي عليه الآن، بسبب السياسة في المقام الأول، وسوء استخدام السلطة وتراجع الوعي الجمعي، وتخلف الحياة الإجتماعية العربية التي وصل الأمر بها حد امتهان حقوق المراة مثلا في بيئات كانت هي الحاكمة فيها ذات يوم ، وحجْب الحريات في الكتابة الأدبية وملاحقة الكتّاب بسبب اعمالهم الداخلة ضمن المتخيل ، دون أن يكون ذلك موجودا في فجر الثقافة العربية المتميزة بالجرأة والقول بلا رقابة.
ولكن وصم الثقافة العربية بالإنقراض يظل من باب المجاز المفرط والمبالغ فيه كما أرى.
• هل أصبح الشعر نثراً أم النثر هو الذي حلم أنه صار في القصيدة شعراً ؟ هكذا تساءلت في مفتتح كتابك "حلم الفراشة:الإيقاع الداخلي والخصائص النصية في قصيدة النثر" برأيك ألا يكفي قصيدة النثر نصف قرن من الحلم لتثبت وتؤكد نسبها إلى جنس الشعر أو النثر. أو لتعلن نفسها جنسا ثالثا في سلم الممارسة الإبداعية.؟
الزمن المتاح كعمر لقصيدة النثر لا يكفي للحكم على نضوجها واستوائها إذا ما قورن الأمر بتاريخ الشعرية العربية الضاربة في الماضي، والمتنوعة الأشكال والأغراض ، والمتمترسة في كتلة صلدة من القواني والأعراف الفنية والجمالية في وعي كتابها ومتلقيها ودارسيها .
اما انتسابها للشعر أو النثر فهو اختيار يحمل من الضرورة والإضطرار ما يثقل كاهلها ، وهي لا تزال في مجال إثبات هويتها .
أما وصفها بِحَيرة الفراشة التي لم تعد تدري أهي امرأة تحلم انها فراشة، أم فراشة تحلم بأنها امراة ،فهو وصف اقترضته في كتابي (حلم الفراشة) لبيان الصلة الممكنة بين النثر فيها، والشعر المفترض وجوده أصلا بالكيفية السائدة ، وهو ماترفضه كثير من توصلات شعراء قصيدة النثر ودارسيها ومتلقها ، وهم نخبة دون شك يستطيعون متابعة لغتها وإيقاعاتها وفضاءاتها الكتابية. ويضغونها في مكانها الصحيح ضمن الانواع والاشكال الشعرية.
• يرى البعض أن قصيدة النثر العربية لم تكتسب الشرعية بعد.. ما رؤيتك لقصيدة النثر العربية و ما الذي ينقصها ؟
الشرعية في الآداب والفنون ليست (فرمانا ) أو قرارا إداريا. الشرعية تأتي من التواصل والتطور في النوع نفسه ، ثم تمدده الكتابي أي تواتر أعداد أكبر من التجارب فيه ، وبتكرار أفراد النصوص، والتنظير المحايث للكتابة تترسخ أعراف النوع الجديد وتتضح ، وهذا ما أجده في قصيدة النثر التي صارت من ضمن الأنواع الشعرة السائدة والمتداولة – كي لا أقول المعترف بها- في الدوريات والنشر كما الدراسة والبحوث والندوات والمؤتمرات.
الأهم من ذلك مكانتها في الثقافة العربية وتكريسها بل وجو اتجاهات وتيارات أسلوبية في كتابتها تتباين وتتميز عن بعضها- خذ الماغوط مثالا ، ونتاج مجلة شعر، والقصيدة النثرية التي يكتبها الشعراء الشباب اليوم لتجد الفرق في اللغة الشعرية والإيقاعات، بل تبدل المرجعيات والمؤثرات نفسها.
• بما تفسرون استبعاد قصيدة النثر من المحافل الأدبية المعاصرة كأمير الشعراء ألا يعد ذلك انتقاص لشعريتها وتشكيك في نسبها إلى جنس الشعر.؟
لا أجد أي استبعاد، بل أرى يساهمون بنصوص من قصيدة النثر في أغلب المحافل التي حضرتها أو تابعت فعالياتها ؛ كملتقى الشعراء الشباب بصنعاء بدورَتَيه، ومهرجان القاهرة للشعر العربي، ومهرجان جرش –قبل توقفه- وكذا في لقاءات خليجية مهمة.
أما مسابقات أمير الشعراء فلا أدري سببا لغياب – أو استبعاد كما ينص سؤالك- قصيدة النثر ، ربما أفسر ذلك بعزوف شعرائها الذين لا يرون جدوى من التباري مثلا حول مثل هذه الألقاب من موقع رؤيتهم النحديثية للقصيدة، لأني أعلم أنه لا بند مسبق حول تحريم شكل شعري ما، وبعلمي ومعرفتي الشخصية بأغلب المحكمين كالدكاترة صلاح فضل وعلي بن تميم وعبدالملك مرتاض لا أجد لديهم موقفا مسبقا من قصيدة النثر، بل لهم دراسات حولها وحول نتاجها النصي ، وتطبيقات نقدية على دواوين مكتوبة بها.وعموما فان قصيدة النثر كما اسلفت لا تحتاج لاثبات شرعيتها الى فرمان من مسابقة امير الشعراء او غيرها فهي قائمة وموجودة وذات تأثير
• وأنت من المنظّرين لها, هل تصالحت قصيدة النثر مع المتلقي العربي أم أنها أصبحت واقعا عليه القبول به.
تعاني الفنون والآداب عموما من أزمة تلقٍ لها أسبابها الكثيرة، منها ما يقع على عاتق المتلقي نفسه الذي لا يدمج أفق تلقيه بأعراف وقوانين وشعريات الأنواع الجديدة ونصوصها ، وهذا ما يشكو منه التشكيليون مثلا كما الشعراء والنقاد، لأن هناك شريحة متلقين كبيرة لم تغير منظورها للكتابة والفن، وظلت تقيس النصوص الجديدة بقياسات الشعريات القديمة ونصوصها الموروثة ، وفي هذا غبن للحداثة لا قصيدة النثر وحها.
وبالمناسبة أقول لك مباشرة وبصراحة ان المتلقي لا يزال غير متصالح مع الشعر كله بأشكاله المختلفة تقليديا، وموزونا حرا، وقصيدة نثر، ويرى فيه صعوبة وغموضا بسبب نظمه وإيقاعاته وطاقة الترميز فيه . وهذا أحد أسباب تغلب الرواية مثلا في المبيعات والإهتمام ، لحد تصور بعض النقاد أن هذا هو عصر الرواية .
يبدو أن قدر الشعر كله لا قصيدة النثر أونصوص الحداثة هو أن تظل نخبوية يستهلكها ويتداولها عدد لا يتكافأ و مجموع قراء لغتنا ومثقفينا.
• بعد رحلة الشعر إلى السرد واستنجاد الشعر بالسرد إلى أين تتجه نظرية الأنواع الأدبية?
تتجه الأنواع الأدبية في ظني إلى الإنفتاح على بعضها بلا موانع أو تأشيرات!! وتقترض من هيئات بعضها وتقنياتها، الرواية أخذت من الشعر شفافية لغته والتداعيات أو المونولوجات والطابع الحواري ، كما أخذ الرسم الحرف العربي وأدخله في اللوحة، وكثير من تقنيات السينما تسللت إلى عناصر الرواية والسرد عامة.
القصيدة بعد أن تخففت من الغنائية وهيمنة ذات الشاعر والمباشرة والإيقاعات الصاخبة ملاءمةً لعصرها وتكوين متلقيها ، وبعد أن تغيرت المؤثرات والمكونات التي تُعد الشاعر والمتلقي معا، صارت أكثر قبولا للسرد في بنيتها، وهذا موجود في شعر الحداثة كله ، لدى درويش وأدونيس كما لدى شعراء قصيدة النثر المعاصرين، بالسرد يجري تثبيت اللحظة الشعرية وتجسيد الشعور والرؤية عبر التسميات، والأمكنة والزمان ،وأفعال السرد التي تهب الشعر سمة الملموسية . ولكن يجب أن نرصد حضور السرد في القصيدة ضيفا لا مقيما في لبها أو مركزها ، وتجدر بنا قراءته لا بآليات علوم السردالحرفية ، وتلازم أبنية المتون السردية بل بتمظهرات محدودة ذات وجود شعري أولا.
• سؤال قديم جديد.. ما الشعر وماجدواه إذا كان أفلاطون قد أغلق مدينته الفاضلة دون الشعراء ؟
ليس الأمر متعلقا بقِدم السؤال بل في سعته. فالإجابة هنا بحاجة إلى لقاء خاص ، فالرؤية إلى الشعر، وتصور القصيدة، ومتطلباتها الفنية من الأمور المتشعبة لتعلقها بالموضوع واللغة والإيقاع والخيال والذاكرة والفنون المجاورة وغير ذلك.
أما اقتراح أفلاطون بإبعاد الشعراء من جمهوريته بعد تحقق المثال الذي يحاكونه في قصائدهم، وعدم جدوى وجودهم بتحققه ، فهو أمر افتراضي وتجريدي شأن المقولات الفلسفية والمدن الفاضلة التي لا وجود لها على الخريطة!! وأطمئنك إلى أن أفلاطون لو عاش معنا اليوم ورأى جرائم مدننا والجماعة المهيمنة عل مقدراتها، وشرور أهلها لرجا الشعراء كي لا يغادروا أبدا!!
• لمن يكتب الشاعر, لنفسه , للنخبة والقارئ المتخصص , للإنسان ايا كان ؟
يكتب الشاعر للشعر كما أفترض ، ولا يضع برنامجا مسبقا . من بعد يصبح النص معروضا للتداول ويجد فيه من يشاء ما يشاء!! أما الشعر فيبتعد عنه ليظل النص حتى بعد غيابه متكلما . هذا ما يسمونه نفوذ الكلام وخطورته .
• يميل النقد الحديث إلى وصف الأنساق التعبيرية والبنيوية للنصوص الإبداعية دون إطلاق أحكام قيمة ؟ أهذا كل ما بقي من وظيفة النقد؟
ليست أحكام القيمة من شغل أو مهمة الناقدالمعاصر إلا في تصويب الخطأ مثلا .أما التقييم بمعنى إطلاق الاحكام الكلية على طريقة المدارس( صح / خطا، جيد /ممتاز إلى آخره) فهي مهمة تخلى عنها النقد منذ صار وصفيا، يعنى بتحليل النصوص وتركيبها وتأويلها وملاحقة دلالاتها عبر أبنيتها ، وصلتها بالنوع الشعري وما يجري من تعديلات من خلال النصوص ، وصلتها ببعضها وغير ذلك من مهمات النقد الجديد المبتعد عن المعيارية وعشوائيتها. وأعتقد أن هذه ليست مهمة هينة كي نقول مستخفين إنها كل ما تبقى للنقد من وظيفة .
• بعض النقاد تستهويهم لعبة اللغة وجماليات الكتابة الإبداعية مما افرز نقودا أشبه ما تكون بالنصوص الإبداعية, فهل النقد خطاب معرفي , أم خطاب إبداعي؟
النقد خطاب معرفي إبداعي معا، مادام النتاج الذي يتناوله والظواهر التي يلاحقها عبرذلك النتاج حصيلة معرفة وإدراك لا شعور مرتجل وسطحي ، من هنا تتعقد شبكة النصوص الحديثة، وتأتي في محفل مركب تصنعه الثقافة والشعور والإدراك والإحساس، لذا يجب مواجهتها بذخيرة قراءة مماثلة. لنلاحظ أن النظريات النقدية الحديثة لا سيما البنيوية وما بعدها طلعت من أفق معرفي: إسهامات فوكو ولاكان وسوسير ،وهي لا تقل أهمية عن إسهام بارت وجينيت وتودوروف مثلا في حقل البنيوية الأدبية ، وكذلك المدارس ما بعد البنيوية التي أخذت من الظاهراتية ومقولات هوسرل ومدرسة فرانكفورت ودريدا وغيرها كل توصلاتها في التفكيك وجماليات التقبل والتأويل .. وهي تماثل جهد ياوس وآيزر وغيرهما من نقاد التقبل والإستجابة.
وحتى في نقدنا العربي جرى ذلك حين تأثر النقاد والبلاغيون والمفسرون بالفلسفة وعلم المنطق والكلام في تكوين نظرياتهم ، خذ الجرجاني والباقلاني وابن رشيق وحازم وغيرهم فضلا عن إسهامات الفلاسفة أنفسهم في النظرية الأدبية العربية كابن سينا والفارابي وابن رشد..
• يلجأ بعض النقاد إلى استعراض ثقافتهم النقدية واستظهار كافة الأفكار والمفاهيم والمصطلحات التي استلفوها من النقد الغربي . ألا تساهم هذه الممارسات في تنفير القارئ العادي من النقد حين يحس أنه تلميذ بليد إزاء ما يراه مكتوبا؟
أوافقك كثيرا في مسألة الإستعراض هذه وأجدها عادة سمجة حيث ألتقيها ، لا عند النقاد فحسب ، بل المثقفين عامة والشعراء منهم أيضا، ولا يمثل ذلك تعاليا على المتلقي وحده بل على شغل الكاتب نفسه، ويلهيه عن مهمته الأساسية في التغييربالفهم والجدل الحي المتكافئ، ولكن أخشى أن يفسر البعض بالإستعراض ما يعتور حقل النقد من صعوبة بسبب الجهاز الإصطلاحي والمفاهيمي وضخامته في النقد المعاصر لاسيما في حقل السرديات والإيقاع والتحليل النصي وغيرها .
إن قدر بعض العلوم الإنسانية انها ذات إجراءات جافة ومصطلحات معقدة ومتشابكة-كالفلسفة مثلا والنظريات الأدبية عامة ، ولا يعني جهلنا بها أن اصحابها متعالون علينا.
• إذا كانت شروط الكتابة الإبداعية تختلف من جنس إلى جنس آخر فهل تختلف أدوات ناقد القصة والرواية عن أدوات ناقد الشعر..؟!
ذلك مؤكد ما دامت أدوات وعناصر البنية في الشعر غيرها في السرد ، ولكن ذلك لا يعني القطيعة والتوقف بالكتابة عند حدود لا يجوز تجاوزها لأسباب؛ في مقدمتها انفتاح الأنواع على بعضها وإفادتها من تقنياتها ، و اشتراكها في معضلات واسئلة متشابهة كالتلقي والتناص مثلا، وتغير المنظور الثقافي ومكونات النص نفسه ما يتيح مقاربة الناقد للشعر والسرد معا، شرط مراعاة خصوصية كل منهما.
• النقد المعاصر متهم بالمجاملة والتركيز على أسماء معينة لا تنقصها الشهرة ولا جوقة المطبلين ، في حين ان هناك كتابات حقيقية وأسماء غاية في الإبداع لا يكتب عنها شيئا لماذا؟
هذه الشكوى قديمة، وهي تتخفى تحت أسماء عديدة ،فبعض النقادالقدامى كان لا يضع في متخيره أو مختاراته إلا شعر الموتى، ومن عاش في عصر سابق عليه ، ويفهرس الشعراء في طبقات ،ويسكت عن كثيرين لأسباب دينية أو اعتقادية او قومية أو قبلية أحيانا.
النقد الحديث بانصرافه للنصوص لا الأسماء ، وللقصائد لا أصحابها يفترض ألا يتوقف عند جيل دون سواه ، أما أن يحظى شاعر أو كاتب ذو إسهام بارز ومؤثر، فلا يمنع الكتابة عنه ولا هي تأخذ من نصيب سواه.
وأصارحك بأن المبدع الحقيقي الذي يضيف ولا يقلد هو الذي يفرض بنصوصه اهتمام المتلقين والنقاد به، حتى لو عاش في ابعد نقطة عن العاصمة أو تغافل عنه النقاد، ولدينا الكثير من الأمثلة في هذا المجال : السياب والبريكان ومحمد خضير، والماغوط وزكريا تامر والطيب صالح وزيد دماج ،وغيرهم من القادمين من الأقاصي بلا شفاعات..
• هل الناقد شاعر فاشل كما قيل ؟ ومتى يمكن الجمع بين الذات الشاعرة والذات الناقدة ؟ ومتى يجب الفصل بينهما ومن هو الأهم في نظرك الشاعر أو الناقد ؟؟
تثبت التجارب النقدية اليوم أن الناقد ليس شاعرا فاشلا، يريد تعويض فشله مرضيا بالنقد القاسي أو المواقف المتشنجة نتيجة عقدة الفشل. هذا اتهام يشبه تعقب السوابق الشخصية . وإذا كان بعض كتاب النقد والباحثين قد بدأؤا شعراء في مطلع حياتهم الأدبية وتوقفوا عن كتابة الشعر فليس الفشل سبباً في حالتهم ، بل أنهم وجدوا أنفسهم في الكتابة النقدية ، وثمة من استمر في النوعين: النقد والشعر، خذ أدونيس مثلا و الشاعرة الراحلة نازك الملائكة، وعبدالعزيز المقالح ، ومحمد بنيس وشربل داغر وجودت فخر الدين وعلي العلاق وسواهم ..
• لماذا يهتم الدكتور حاتم بالأدب النسوي ثم هل هناك أدب نسوي أو أنثوي وأدب آخر ذكوري ؟
من ضمن مهمة التحديث في الأدب والمجتمع تنشيط أدب الهوامش والأجناس الأدبية المهمشة، وأجد أن الأدب النسوي يعاني التهميش شأن الكاتبة نفسها، وقد كنت أحمل ذلك الإعتقاد منذ بدء اهتمامي بالنقد الأدبي، ولكن انصرافي للكتابة عن الأدب النسوي تجلى بوضوح بعد تدريسي لمادة النساء والادب في مركز البحوث النسوية التابع لجامعة صنعاء في النصف الثاني من التسعينيات، قبل إغلاقه ـ وهوقد عاد للنشاط مؤخرا بالمناسبة- ولكننا ضمن مهمة التدريس تنامت لدينا القناعة بوجود هذا الأدب وتوفره على مزايا خاصة ترشحه للتميز.
نعم أنا ارى أن هناك أدبا نسويا بمقابل الأدب الذكوري، وهو ناجم عن خصوصية وضع المرأة والإكراهات المسلطة عليها، والتي تظهر في كتابتها انعكاسا لذلك بشرط توفر وعيها بدورها النوعي؛ أي ما يسند إليها في المجتمع من مكانة وما يتاح لها كتمكين . ويتم ذلك بملاحقة تمظهرات الوعي بالنوع في الكتابة النسوية والصورة التي تظهر بها المرأة والرجل والعلاقة بينهما، وأعترض على وصفه بالأنثوي؛ فهو وصف جنسي أي يقسم الأدب بحسب الكاتب والكاتبة : ذكر/ انثى وهو كما يرى دارسو الأدب النسوي من بقايا الخطاب الذكوري وهيمنته الأبوية المستبدة في الماضي.
• في اليمن .. ما تعليق الدكتور حاتم الصكر على نتائج جائزة رئيس الجمهورية، وفوز المرأة خصوصاً في الشعر؟
أعد الجوائز و المسابقات من وجهة نظري محفزات مشروعة للإبداع، وتقليدا جميلا يقرّب الإبداع من المجتمع وهيئاته الرسمية والأهلية، ووجود جائزة تفوز بها المرأة في مجتمعاتنا العربية دليل عافية وصحة، نتمنى أن تستمر، فهي تطبق عمليا مبدأ المساواة والتكافؤ في الفرص، وهذا هدف من أنبل الأهداف المقصودة بالجوائز، ومنها دون شك جائزة رئيس الجمهورية التي فازت في بعض حقولها ولدورات عديدة كاتبات وشاعرات من محافظات يمنية مختلفة .
ــــــــــــــ
سيرة ذاتيةلحاتم محمد صكر الصكر
حصل على درجة الاستاذية مطلع الشهر الحالي .
دكتوراه اداب بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى في الأدب العربي الحديث والنقد من جامعة صنعاء كلية الاداب
يعمل في جامعة صنعاء مند عام 1995/1996م
عضو اتحاد الكتاب العرب واتحاد الأدباء العراقيين ورابطة نقاد الأدب.
عضو مؤسس في الهيئة الأستشارية لمشروع (كتاب في جريدة) بإشراف اليونسكو ابو ظبي-1996 .
عمل مستشاراً ورئيساً لتحرير عدد من المجلات والدوريات المتخصصة بالأدب والنقد
عضو لجنة تحكيم جائزة العويس الثقافية 2004 وجائزة السعيد بتعز 2004,2005 ومهرجان الفن العربي بمسقط 2002 وجائزة مجلة دبي الثقافية للإبداع
شارك في عدد من الدورات والمؤتمرات والندوات الخاصة بالنقد الأدبي في عدد من الدول العربية.
عضو مجلس أمناء مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري-دورة 2008-2010
صدر له العديد من المؤلفات في النقد منها:
* حلم الفراشة:الإيقاع والخصائص النصية في قصيدة النثر ,وزارة الثقافة-صنعاء 2004م
* انفجار الصمت: الكتابة النسوية في اليمن – دراسة ومختارات ,اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ومركز عبادي - صنعاء 2003م
* مرايا نرسيس: قصيدة السرد الحديثة في الشعر المعاصر : المؤسسة الجامعية للدراسات - بيروت 1999
* ترويض النص: تحليل النص الشعري في النقد العربي المعاصر :-الهيئة العامة للكتاب-القاهرة 1998
* البئر والعسل: قراءات معاصرة في نصوص تراثية ط1 -دار الشؤون الثقافية بغداد 1992 ط2ألقاهرة 1997
* كتابة الذات : د راسات في وقائعية الشعر - دار الشروق عمان 1994
* ما لاتؤديه الصفة : المقتربات اللسانية وألشعرية-دار كتابات معاصرة بيروت 1993
* مواجهات الصوت القادم دراسات في شعر السبعينيات -منشورات الطليعة الأدبية بغداد 1987
* الأصابع في موقد الشعر : مقدمات مقترحة لقراءة القصيدة -دار الشؤون الثقافية-بغداد 1986 .
- حائز على جائزة المنظمة العربية للثقافة والآداب والعلوم – تونس- في حقل شعر الأطفال عام 1984 عن كتابه ألذئب والحملان الثلاثة.
- حائز على جائزة أفضل كتاب من دار الشؤون الثقافية - بغداد عن كتابه "مالا تؤديه الصفة" 1994م
@ الانقراض المفترض للثقافة العربية لا يقصده أدونيس بحرفيته وقد أوضح قصده لاحقا
@ أعضاء لجنة تحكيم امير الشعراء لهم دراسات حول قصيدة النثر العربية
@ الجوائز عنصر تحفيز للمبدع ويجب ان تشجع
@ الناقد ليس شاعرا فاشلا وهناك اسماء كبيرة تمارس النقد والشعر معا
لقد تمكن الدكتور الصكر من خلال كتاباته ونشاطاته المختلفة وإصداراته النقدية المتميزة في رؤيتها ومنهجيتها والتي بلغت حتى الآن 12 مؤلفاً تسجيل حضور فاعل في الساحة النقدية الإبداعية العربية كواحد من ألمع الكتاب والنقاد الحداثيين المشهورين بانحيازهم لكل جديد ومشايعتهم لقصيدة النثر والاهتمام بتفاصيلها وشرعية خصائصها الإبداعية وجعلها في اتساق مع الموروث الحضاري والإبداعي العربي وله في هذا الجانب عدد من الدراسات التي جمعت بين التنظير والتطبيق.
في هذا الحوار الذي أجرته معه "صحيفة الهدهد الدولية "يطل علينا الدكتور الصكر بعدد من الرؤى والأفكار التي تجسد مشروعه النقدي وموقفه إزاء العديد من قضايا النقد والإبداع الأدبي.
ـــ
• لكم حضور فاعل في الساحة الثقافية ما تقييمك للمشهد الإبداعي والنقدي العربي وهل الحركة الشعرية والنقدية في تطور أم أنها تراوح في مكانها؟
لا أشك في أن كثيرين سينعتونني بالتفاؤل جراء تقييمي التالي الذي أستبق حيثياته بنعت الحركة الشعرية والنقدية والثقافية عموما بالتطور، لكن لي مبرراتي لذلك. ولطالما أعلنت عنها في مقالاتي ولقاءاتي، مستندا لا إلى الكم من النتاج الإبداعي المتنوع فحسب، بل إلى ظهور أجيال من الكتاب والكاتبات في حقول الأدب المختلفة، وتنوع الأجناس والأنواع، والتواصل عبر المنشورات ومعارض الكتب والندوات والمؤتمرات والمسابقات ، وغيرها من مظاهر التطور في الصلة بين الادباء والمتلقين. وذلك بجانب ما تشهده الدراسات الأكاديمية من تطور باتجاه أدبنا الحديث، ورصد ظواهره الأسلوبية والموضوعية وتحولات الأبنية النصية ، ووصول بعض نصوصنا العربية وكتابنا إلى محافل عالمية، وترجمة الأدب العربي إلى لغات عالمية كثيرة.وأي نظر مجرد من الغرض والذاتية المفرطة يرى دون عناء بالمقارنة مع المشهد النقدي والثقافي لعقدين سابقين مثلا –كم من التحديث ق جرى ، وكم من تطوير للإجراءات والأساليب قد أُنجز.
• كثيرة هي النصوص الشعرية التي تنشر هذه الأيام لكنها باستثناء القليل نصوص مفككة الأوصال منعدمة الرؤيا يلفها الإبهام وتغلقها الضبابية , ما السبب؟؟
لي اعتقاد أدافع عنه دوما ملخصه أن التعميم يوقع ظلما في المجال الثقافي ، فلاشك في وجود الضعف في نصوص الأنواع كلها وعبر العصور، لأنه يتبع أقيسة ووجهات نظر مختلفة. لاحظ مثلا ما يسجله النقاد العرب القدامى على شعر المحدثين من ضعف ، وتسخيفه وإخراجه من دائرة الشعر ، ولاحظ ما يُكتب أحيانا على أنه شعر عمودي-أعني شعر الشطرين- وما فيه من تكرار وضعف ونمطية .كما أنني لا أرى إمكان وجود معيار محدد للضعف والقوة. فالأمر يتوقف على اشتراطاتنا للشعر، ومطالبنا لتحقيق النص وكتابة القصيدة ، وقد يبدو النص لأحدنا ضعيفا وهو يتعمد البساطة أو يتخذ إيقاعا مألوفا،أما الضبابية أوالغموض فهي تهمة تواجه نصوص الحداثة في كل عصر، ولا أشك ان الشعر العربي القديم نفسه قد واجهه المتلقون بتهمة الغموض- شعر أبي تمام مثلا- .وقد دافع الجرجاني-عبدالقاهر- عن الغموض الشفاف الذي يفرقه عن الشعر المعقد أو الملغز، وأنا أفهم الغموض كسِمَة شعرية تستثير المتلقي وتورّطه في اشتقاق الدلالات، فيرى بعض القراء أن الأدب الحديث غامض، ولا أجد هذه الصفة منحصرة فيه بل تشمل الادب القديم ، بمعنى انه بحاجة لجهد أكبر من القارئ لحل شفراته رغم أنه مكتوب بالطريقة التقليدية .
• في محاضرة له الشهر الماضي اتهم ادونيس الثقافة العربية بالانقراض , ما تعليقك؟
قرأت ما كتبه ادونيس بهذا الصدد، وهي خلاصة محاضرة كما نُشر في حينه وأخشى أن السياق انقطع بسبب النشر المجتزأ.أنا أحترم أطروحات أدونيس، وأعد اصطدامه بالعقل العربي ضروري لإيقاظه، كما أن له كتابات جريئة تحتاجها الحياة الثقافية العربية دون شك.
ولكن اتهامه الثقافة العربية هكذا بشمولية ودون تشخيص بالإنقراض امر لا بد انه بحاجة لتوضيح فالإنقراض لا توصف به الثقافات والحضارات ، والقول بانقراضها يعني ضمنا الإعتراف بأن لها منجزا سابقا أبقاها على قيد الحياة قبل الإنقراض ،فاين ذهب هذا المنجز الثقافي العربي ؟ وهل يمكن أن تمحى ىثاره بسهولة حتى لو انقرض حملته جيلا أو أكثر؟
على العموم أوضح أدونيس في مقال لاحق ماكان يقصد بمقولته تلك، وتبين أنه يكرر ماكان قد قاله في مناسبات سابقة من وجود تراجعات في الثقافة العربية التي كانت أكثر انفتاحا وحيوية ونشاطا وانجازا في ماضيها مما هي عليه الآن، بسبب السياسة في المقام الأول، وسوء استخدام السلطة وتراجع الوعي الجمعي، وتخلف الحياة الإجتماعية العربية التي وصل الأمر بها حد امتهان حقوق المراة مثلا في بيئات كانت هي الحاكمة فيها ذات يوم ، وحجْب الحريات في الكتابة الأدبية وملاحقة الكتّاب بسبب اعمالهم الداخلة ضمن المتخيل ، دون أن يكون ذلك موجودا في فجر الثقافة العربية المتميزة بالجرأة والقول بلا رقابة.
ولكن وصم الثقافة العربية بالإنقراض يظل من باب المجاز المفرط والمبالغ فيه كما أرى.
• هل أصبح الشعر نثراً أم النثر هو الذي حلم أنه صار في القصيدة شعراً ؟ هكذا تساءلت في مفتتح كتابك "حلم الفراشة:الإيقاع الداخلي والخصائص النصية في قصيدة النثر" برأيك ألا يكفي قصيدة النثر نصف قرن من الحلم لتثبت وتؤكد نسبها إلى جنس الشعر أو النثر. أو لتعلن نفسها جنسا ثالثا في سلم الممارسة الإبداعية.؟
الزمن المتاح كعمر لقصيدة النثر لا يكفي للحكم على نضوجها واستوائها إذا ما قورن الأمر بتاريخ الشعرية العربية الضاربة في الماضي، والمتنوعة الأشكال والأغراض ، والمتمترسة في كتلة صلدة من القواني والأعراف الفنية والجمالية في وعي كتابها ومتلقيها ودارسيها .
اما انتسابها للشعر أو النثر فهو اختيار يحمل من الضرورة والإضطرار ما يثقل كاهلها ، وهي لا تزال في مجال إثبات هويتها .
أما وصفها بِحَيرة الفراشة التي لم تعد تدري أهي امرأة تحلم انها فراشة، أم فراشة تحلم بأنها امراة ،فهو وصف اقترضته في كتابي (حلم الفراشة) لبيان الصلة الممكنة بين النثر فيها، والشعر المفترض وجوده أصلا بالكيفية السائدة ، وهو ماترفضه كثير من توصلات شعراء قصيدة النثر ودارسيها ومتلقها ، وهم نخبة دون شك يستطيعون متابعة لغتها وإيقاعاتها وفضاءاتها الكتابية. ويضغونها في مكانها الصحيح ضمن الانواع والاشكال الشعرية.
• يرى البعض أن قصيدة النثر العربية لم تكتسب الشرعية بعد.. ما رؤيتك لقصيدة النثر العربية و ما الذي ينقصها ؟
الشرعية في الآداب والفنون ليست (فرمانا ) أو قرارا إداريا. الشرعية تأتي من التواصل والتطور في النوع نفسه ، ثم تمدده الكتابي أي تواتر أعداد أكبر من التجارب فيه ، وبتكرار أفراد النصوص، والتنظير المحايث للكتابة تترسخ أعراف النوع الجديد وتتضح ، وهذا ما أجده في قصيدة النثر التي صارت من ضمن الأنواع الشعرة السائدة والمتداولة – كي لا أقول المعترف بها- في الدوريات والنشر كما الدراسة والبحوث والندوات والمؤتمرات.
الأهم من ذلك مكانتها في الثقافة العربية وتكريسها بل وجو اتجاهات وتيارات أسلوبية في كتابتها تتباين وتتميز عن بعضها- خذ الماغوط مثالا ، ونتاج مجلة شعر، والقصيدة النثرية التي يكتبها الشعراء الشباب اليوم لتجد الفرق في اللغة الشعرية والإيقاعات، بل تبدل المرجعيات والمؤثرات نفسها.
• بما تفسرون استبعاد قصيدة النثر من المحافل الأدبية المعاصرة كأمير الشعراء ألا يعد ذلك انتقاص لشعريتها وتشكيك في نسبها إلى جنس الشعر.؟
لا أجد أي استبعاد، بل أرى يساهمون بنصوص من قصيدة النثر في أغلب المحافل التي حضرتها أو تابعت فعالياتها ؛ كملتقى الشعراء الشباب بصنعاء بدورَتَيه، ومهرجان القاهرة للشعر العربي، ومهرجان جرش –قبل توقفه- وكذا في لقاءات خليجية مهمة.
أما مسابقات أمير الشعراء فلا أدري سببا لغياب – أو استبعاد كما ينص سؤالك- قصيدة النثر ، ربما أفسر ذلك بعزوف شعرائها الذين لا يرون جدوى من التباري مثلا حول مثل هذه الألقاب من موقع رؤيتهم النحديثية للقصيدة، لأني أعلم أنه لا بند مسبق حول تحريم شكل شعري ما، وبعلمي ومعرفتي الشخصية بأغلب المحكمين كالدكاترة صلاح فضل وعلي بن تميم وعبدالملك مرتاض لا أجد لديهم موقفا مسبقا من قصيدة النثر، بل لهم دراسات حولها وحول نتاجها النصي ، وتطبيقات نقدية على دواوين مكتوبة بها.وعموما فان قصيدة النثر كما اسلفت لا تحتاج لاثبات شرعيتها الى فرمان من مسابقة امير الشعراء او غيرها فهي قائمة وموجودة وذات تأثير
• وأنت من المنظّرين لها, هل تصالحت قصيدة النثر مع المتلقي العربي أم أنها أصبحت واقعا عليه القبول به.
تعاني الفنون والآداب عموما من أزمة تلقٍ لها أسبابها الكثيرة، منها ما يقع على عاتق المتلقي نفسه الذي لا يدمج أفق تلقيه بأعراف وقوانين وشعريات الأنواع الجديدة ونصوصها ، وهذا ما يشكو منه التشكيليون مثلا كما الشعراء والنقاد، لأن هناك شريحة متلقين كبيرة لم تغير منظورها للكتابة والفن، وظلت تقيس النصوص الجديدة بقياسات الشعريات القديمة ونصوصها الموروثة ، وفي هذا غبن للحداثة لا قصيدة النثر وحها.
وبالمناسبة أقول لك مباشرة وبصراحة ان المتلقي لا يزال غير متصالح مع الشعر كله بأشكاله المختلفة تقليديا، وموزونا حرا، وقصيدة نثر، ويرى فيه صعوبة وغموضا بسبب نظمه وإيقاعاته وطاقة الترميز فيه . وهذا أحد أسباب تغلب الرواية مثلا في المبيعات والإهتمام ، لحد تصور بعض النقاد أن هذا هو عصر الرواية .
يبدو أن قدر الشعر كله لا قصيدة النثر أونصوص الحداثة هو أن تظل نخبوية يستهلكها ويتداولها عدد لا يتكافأ و مجموع قراء لغتنا ومثقفينا.
• بعد رحلة الشعر إلى السرد واستنجاد الشعر بالسرد إلى أين تتجه نظرية الأنواع الأدبية?
تتجه الأنواع الأدبية في ظني إلى الإنفتاح على بعضها بلا موانع أو تأشيرات!! وتقترض من هيئات بعضها وتقنياتها، الرواية أخذت من الشعر شفافية لغته والتداعيات أو المونولوجات والطابع الحواري ، كما أخذ الرسم الحرف العربي وأدخله في اللوحة، وكثير من تقنيات السينما تسللت إلى عناصر الرواية والسرد عامة.
القصيدة بعد أن تخففت من الغنائية وهيمنة ذات الشاعر والمباشرة والإيقاعات الصاخبة ملاءمةً لعصرها وتكوين متلقيها ، وبعد أن تغيرت المؤثرات والمكونات التي تُعد الشاعر والمتلقي معا، صارت أكثر قبولا للسرد في بنيتها، وهذا موجود في شعر الحداثة كله ، لدى درويش وأدونيس كما لدى شعراء قصيدة النثر المعاصرين، بالسرد يجري تثبيت اللحظة الشعرية وتجسيد الشعور والرؤية عبر التسميات، والأمكنة والزمان ،وأفعال السرد التي تهب الشعر سمة الملموسية . ولكن يجب أن نرصد حضور السرد في القصيدة ضيفا لا مقيما في لبها أو مركزها ، وتجدر بنا قراءته لا بآليات علوم السردالحرفية ، وتلازم أبنية المتون السردية بل بتمظهرات محدودة ذات وجود شعري أولا.
• سؤال قديم جديد.. ما الشعر وماجدواه إذا كان أفلاطون قد أغلق مدينته الفاضلة دون الشعراء ؟
ليس الأمر متعلقا بقِدم السؤال بل في سعته. فالإجابة هنا بحاجة إلى لقاء خاص ، فالرؤية إلى الشعر، وتصور القصيدة، ومتطلباتها الفنية من الأمور المتشعبة لتعلقها بالموضوع واللغة والإيقاع والخيال والذاكرة والفنون المجاورة وغير ذلك.
أما اقتراح أفلاطون بإبعاد الشعراء من جمهوريته بعد تحقق المثال الذي يحاكونه في قصائدهم، وعدم جدوى وجودهم بتحققه ، فهو أمر افتراضي وتجريدي شأن المقولات الفلسفية والمدن الفاضلة التي لا وجود لها على الخريطة!! وأطمئنك إلى أن أفلاطون لو عاش معنا اليوم ورأى جرائم مدننا والجماعة المهيمنة عل مقدراتها، وشرور أهلها لرجا الشعراء كي لا يغادروا أبدا!!
• لمن يكتب الشاعر, لنفسه , للنخبة والقارئ المتخصص , للإنسان ايا كان ؟
يكتب الشاعر للشعر كما أفترض ، ولا يضع برنامجا مسبقا . من بعد يصبح النص معروضا للتداول ويجد فيه من يشاء ما يشاء!! أما الشعر فيبتعد عنه ليظل النص حتى بعد غيابه متكلما . هذا ما يسمونه نفوذ الكلام وخطورته .
• يميل النقد الحديث إلى وصف الأنساق التعبيرية والبنيوية للنصوص الإبداعية دون إطلاق أحكام قيمة ؟ أهذا كل ما بقي من وظيفة النقد؟
ليست أحكام القيمة من شغل أو مهمة الناقدالمعاصر إلا في تصويب الخطأ مثلا .أما التقييم بمعنى إطلاق الاحكام الكلية على طريقة المدارس( صح / خطا، جيد /ممتاز إلى آخره) فهي مهمة تخلى عنها النقد منذ صار وصفيا، يعنى بتحليل النصوص وتركيبها وتأويلها وملاحقة دلالاتها عبر أبنيتها ، وصلتها بالنوع الشعري وما يجري من تعديلات من خلال النصوص ، وصلتها ببعضها وغير ذلك من مهمات النقد الجديد المبتعد عن المعيارية وعشوائيتها. وأعتقد أن هذه ليست مهمة هينة كي نقول مستخفين إنها كل ما تبقى للنقد من وظيفة .
• بعض النقاد تستهويهم لعبة اللغة وجماليات الكتابة الإبداعية مما افرز نقودا أشبه ما تكون بالنصوص الإبداعية, فهل النقد خطاب معرفي , أم خطاب إبداعي؟
النقد خطاب معرفي إبداعي معا، مادام النتاج الذي يتناوله والظواهر التي يلاحقها عبرذلك النتاج حصيلة معرفة وإدراك لا شعور مرتجل وسطحي ، من هنا تتعقد شبكة النصوص الحديثة، وتأتي في محفل مركب تصنعه الثقافة والشعور والإدراك والإحساس، لذا يجب مواجهتها بذخيرة قراءة مماثلة. لنلاحظ أن النظريات النقدية الحديثة لا سيما البنيوية وما بعدها طلعت من أفق معرفي: إسهامات فوكو ولاكان وسوسير ،وهي لا تقل أهمية عن إسهام بارت وجينيت وتودوروف مثلا في حقل البنيوية الأدبية ، وكذلك المدارس ما بعد البنيوية التي أخذت من الظاهراتية ومقولات هوسرل ومدرسة فرانكفورت ودريدا وغيرها كل توصلاتها في التفكيك وجماليات التقبل والتأويل .. وهي تماثل جهد ياوس وآيزر وغيرهما من نقاد التقبل والإستجابة.
وحتى في نقدنا العربي جرى ذلك حين تأثر النقاد والبلاغيون والمفسرون بالفلسفة وعلم المنطق والكلام في تكوين نظرياتهم ، خذ الجرجاني والباقلاني وابن رشيق وحازم وغيرهم فضلا عن إسهامات الفلاسفة أنفسهم في النظرية الأدبية العربية كابن سينا والفارابي وابن رشد..
• يلجأ بعض النقاد إلى استعراض ثقافتهم النقدية واستظهار كافة الأفكار والمفاهيم والمصطلحات التي استلفوها من النقد الغربي . ألا تساهم هذه الممارسات في تنفير القارئ العادي من النقد حين يحس أنه تلميذ بليد إزاء ما يراه مكتوبا؟
أوافقك كثيرا في مسألة الإستعراض هذه وأجدها عادة سمجة حيث ألتقيها ، لا عند النقاد فحسب ، بل المثقفين عامة والشعراء منهم أيضا، ولا يمثل ذلك تعاليا على المتلقي وحده بل على شغل الكاتب نفسه، ويلهيه عن مهمته الأساسية في التغييربالفهم والجدل الحي المتكافئ، ولكن أخشى أن يفسر البعض بالإستعراض ما يعتور حقل النقد من صعوبة بسبب الجهاز الإصطلاحي والمفاهيمي وضخامته في النقد المعاصر لاسيما في حقل السرديات والإيقاع والتحليل النصي وغيرها .
إن قدر بعض العلوم الإنسانية انها ذات إجراءات جافة ومصطلحات معقدة ومتشابكة-كالفلسفة مثلا والنظريات الأدبية عامة ، ولا يعني جهلنا بها أن اصحابها متعالون علينا.
• إذا كانت شروط الكتابة الإبداعية تختلف من جنس إلى جنس آخر فهل تختلف أدوات ناقد القصة والرواية عن أدوات ناقد الشعر..؟!
ذلك مؤكد ما دامت أدوات وعناصر البنية في الشعر غيرها في السرد ، ولكن ذلك لا يعني القطيعة والتوقف بالكتابة عند حدود لا يجوز تجاوزها لأسباب؛ في مقدمتها انفتاح الأنواع على بعضها وإفادتها من تقنياتها ، و اشتراكها في معضلات واسئلة متشابهة كالتلقي والتناص مثلا، وتغير المنظور الثقافي ومكونات النص نفسه ما يتيح مقاربة الناقد للشعر والسرد معا، شرط مراعاة خصوصية كل منهما.
• النقد المعاصر متهم بالمجاملة والتركيز على أسماء معينة لا تنقصها الشهرة ولا جوقة المطبلين ، في حين ان هناك كتابات حقيقية وأسماء غاية في الإبداع لا يكتب عنها شيئا لماذا؟
هذه الشكوى قديمة، وهي تتخفى تحت أسماء عديدة ،فبعض النقادالقدامى كان لا يضع في متخيره أو مختاراته إلا شعر الموتى، ومن عاش في عصر سابق عليه ، ويفهرس الشعراء في طبقات ،ويسكت عن كثيرين لأسباب دينية أو اعتقادية او قومية أو قبلية أحيانا.
النقد الحديث بانصرافه للنصوص لا الأسماء ، وللقصائد لا أصحابها يفترض ألا يتوقف عند جيل دون سواه ، أما أن يحظى شاعر أو كاتب ذو إسهام بارز ومؤثر، فلا يمنع الكتابة عنه ولا هي تأخذ من نصيب سواه.
وأصارحك بأن المبدع الحقيقي الذي يضيف ولا يقلد هو الذي يفرض بنصوصه اهتمام المتلقين والنقاد به، حتى لو عاش في ابعد نقطة عن العاصمة أو تغافل عنه النقاد، ولدينا الكثير من الأمثلة في هذا المجال : السياب والبريكان ومحمد خضير، والماغوط وزكريا تامر والطيب صالح وزيد دماج ،وغيرهم من القادمين من الأقاصي بلا شفاعات..
• هل الناقد شاعر فاشل كما قيل ؟ ومتى يمكن الجمع بين الذات الشاعرة والذات الناقدة ؟ ومتى يجب الفصل بينهما ومن هو الأهم في نظرك الشاعر أو الناقد ؟؟
تثبت التجارب النقدية اليوم أن الناقد ليس شاعرا فاشلا، يريد تعويض فشله مرضيا بالنقد القاسي أو المواقف المتشنجة نتيجة عقدة الفشل. هذا اتهام يشبه تعقب السوابق الشخصية . وإذا كان بعض كتاب النقد والباحثين قد بدأؤا شعراء في مطلع حياتهم الأدبية وتوقفوا عن كتابة الشعر فليس الفشل سبباً في حالتهم ، بل أنهم وجدوا أنفسهم في الكتابة النقدية ، وثمة من استمر في النوعين: النقد والشعر، خذ أدونيس مثلا و الشاعرة الراحلة نازك الملائكة، وعبدالعزيز المقالح ، ومحمد بنيس وشربل داغر وجودت فخر الدين وعلي العلاق وسواهم ..
• لماذا يهتم الدكتور حاتم بالأدب النسوي ثم هل هناك أدب نسوي أو أنثوي وأدب آخر ذكوري ؟
من ضمن مهمة التحديث في الأدب والمجتمع تنشيط أدب الهوامش والأجناس الأدبية المهمشة، وأجد أن الأدب النسوي يعاني التهميش شأن الكاتبة نفسها، وقد كنت أحمل ذلك الإعتقاد منذ بدء اهتمامي بالنقد الأدبي، ولكن انصرافي للكتابة عن الأدب النسوي تجلى بوضوح بعد تدريسي لمادة النساء والادب في مركز البحوث النسوية التابع لجامعة صنعاء في النصف الثاني من التسعينيات، قبل إغلاقه ـ وهوقد عاد للنشاط مؤخرا بالمناسبة- ولكننا ضمن مهمة التدريس تنامت لدينا القناعة بوجود هذا الأدب وتوفره على مزايا خاصة ترشحه للتميز.
نعم أنا ارى أن هناك أدبا نسويا بمقابل الأدب الذكوري، وهو ناجم عن خصوصية وضع المرأة والإكراهات المسلطة عليها، والتي تظهر في كتابتها انعكاسا لذلك بشرط توفر وعيها بدورها النوعي؛ أي ما يسند إليها في المجتمع من مكانة وما يتاح لها كتمكين . ويتم ذلك بملاحقة تمظهرات الوعي بالنوع في الكتابة النسوية والصورة التي تظهر بها المرأة والرجل والعلاقة بينهما، وأعترض على وصفه بالأنثوي؛ فهو وصف جنسي أي يقسم الأدب بحسب الكاتب والكاتبة : ذكر/ انثى وهو كما يرى دارسو الأدب النسوي من بقايا الخطاب الذكوري وهيمنته الأبوية المستبدة في الماضي.
• في اليمن .. ما تعليق الدكتور حاتم الصكر على نتائج جائزة رئيس الجمهورية، وفوز المرأة خصوصاً في الشعر؟
أعد الجوائز و المسابقات من وجهة نظري محفزات مشروعة للإبداع، وتقليدا جميلا يقرّب الإبداع من المجتمع وهيئاته الرسمية والأهلية، ووجود جائزة تفوز بها المرأة في مجتمعاتنا العربية دليل عافية وصحة، نتمنى أن تستمر، فهي تطبق عمليا مبدأ المساواة والتكافؤ في الفرص، وهذا هدف من أنبل الأهداف المقصودة بالجوائز، ومنها دون شك جائزة رئيس الجمهورية التي فازت في بعض حقولها ولدورات عديدة كاتبات وشاعرات من محافظات يمنية مختلفة .
ــــــــــــــ
سيرة ذاتيةلحاتم محمد صكر الصكر
حصل على درجة الاستاذية مطلع الشهر الحالي .
دكتوراه اداب بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى في الأدب العربي الحديث والنقد من جامعة صنعاء كلية الاداب
يعمل في جامعة صنعاء مند عام 1995/1996م
عضو اتحاد الكتاب العرب واتحاد الأدباء العراقيين ورابطة نقاد الأدب.
عضو مؤسس في الهيئة الأستشارية لمشروع (كتاب في جريدة) بإشراف اليونسكو ابو ظبي-1996 .
عمل مستشاراً ورئيساً لتحرير عدد من المجلات والدوريات المتخصصة بالأدب والنقد
عضو لجنة تحكيم جائزة العويس الثقافية 2004 وجائزة السعيد بتعز 2004,2005 ومهرجان الفن العربي بمسقط 2002 وجائزة مجلة دبي الثقافية للإبداع
شارك في عدد من الدورات والمؤتمرات والندوات الخاصة بالنقد الأدبي في عدد من الدول العربية.
عضو مجلس أمناء مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري-دورة 2008-2010
صدر له العديد من المؤلفات في النقد منها:
* حلم الفراشة:الإيقاع والخصائص النصية في قصيدة النثر ,وزارة الثقافة-صنعاء 2004م
* انفجار الصمت: الكتابة النسوية في اليمن – دراسة ومختارات ,اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ومركز عبادي - صنعاء 2003م
* مرايا نرسيس: قصيدة السرد الحديثة في الشعر المعاصر : المؤسسة الجامعية للدراسات - بيروت 1999
* ترويض النص: تحليل النص الشعري في النقد العربي المعاصر :-الهيئة العامة للكتاب-القاهرة 1998
* البئر والعسل: قراءات معاصرة في نصوص تراثية ط1 -دار الشؤون الثقافية بغداد 1992 ط2ألقاهرة 1997
* كتابة الذات : د راسات في وقائعية الشعر - دار الشروق عمان 1994
* ما لاتؤديه الصفة : المقتربات اللسانية وألشعرية-دار كتابات معاصرة بيروت 1993
* مواجهات الصوت القادم دراسات في شعر السبعينيات -منشورات الطليعة الأدبية بغداد 1987
* الأصابع في موقد الشعر : مقدمات مقترحة لقراءة القصيدة -دار الشؤون الثقافية-بغداد 1986 .
- حائز على جائزة المنظمة العربية للثقافة والآداب والعلوم – تونس- في حقل شعر الأطفال عام 1984 عن كتابه ألذئب والحملان الثلاثة.
- حائز على جائزة أفضل كتاب من دار الشؤون الثقافية - بغداد عن كتابه "مالا تؤديه الصفة" 1994م