السيدة نارين حسن، متزوجة منذ تسع سنوات بسن مبكر جداً تقول:
“كنت أتعرض للضرب والطرد خارج المنزل، حتى لو كانت الوقت متأخراً ليلاً وكانت شخصيتي ضعيفة جداً، ولم أكن أملك إلا البكاء والتوسل للعودة مرة أخرى”.
وتضيف: “عندما قدمنا إلى تركيا ازداد الوضع سوءاً واستمر سلوك زوجي بالشكل السابق، وفي المرة الأخيرة بعد أن طردني، لم أعد إلى المنزل، وطلبت الطلاق وهددته في حال إيذائي أو التعرض للأطفال سأتقدم بشكوى رسمية للشرطة.
حالياً حصلت على الطلاق وباتت أوضاعي مستقرة وأعيش مع أولادي بعد أن حصلت على عمل أتدبر به حياتنا”.
آثار الحرب السورية
السيدة هنادي المصطفى، تقيم في ولاية أورفا تخبرنا عن سبب طلاقها:
“أصيب زوجي بالقصف جراء القصف على مدينتنا في سوريا إصابة أدت إلى إعاقته، قدمنا إلى تركيا وكانت علاقتنا جيدة، وكان همنا الأول علاجه، لكن بعضهم أقنعه بالسفر إلى ألمانيا للعلاج.”
وتضيف: “رفضت فكرة السفر إلى ألمانيا، فقام زوجي بأخذ بناتنا وسافر برفقتهم عن طريق التهريب عبر البحر”.
تتابع هنادي: “انقطع التواصل بيننا منذ ذلك الوقت ولم أعد أعرف شيئاً عنه وعن بناتي ما اضطرني لطلب الطلاق وحصلت عليه بحكم غيابي”.
تبدّل الأدوار الاجتماعية
السيدة شيرين عطوبي تقيم في أورفا حدثتنا عن تجربتها:
“غادرنا سوريا مثل كثير من العائلات نتيجة ظروف الحرب، وعندما وصلنا إلى تركيا تغيرت معاملة زوجي كثيراً معي ومع الأولاد خصوصاً أنه معتقل سابق وتعرض للتعذيب ما أدى إلى حدوث إعاقة تمنعه من العمل”.
وتضيف شيرين: “نتيجة الظروف الجديدة كنا بحاجة ماسّة لتأمين عمل لتدبر أمور معشيتنا.
استطعت الحصول على عمل في الهلال الأحمر بداية، وعملت كمتطوعة في بعض المنظمات الأمر الذي اضطرني إلى الغياب عن البيت لفترات طويلة، وبالتالي أثّر على زوجي كثيراً وزاد في سوء معاملته”.
وتتابع شيرين: “لم أعد أحتمل الضغط الشديد منه خصوصاً أن عملي تضاعف خارج البيت وداخله، إضافة إلى المشاكل الجديدة التي سبّبها كلام بعض معارفنا حول عملي وخروجي من البيت، الذي جعل الشك يساور زوجي، إلى أن تفاقم الوضع كثيراً وانتهى باعتدائه عليّ بالضرب دون مبرر، ما دفعني إلى طلب الطلاق”.
التحرر من سلطة الأهل وسيطرة العادات والتقاليد
السيدة فاطمة سليمان تقيم في أورفا تقول عن تجربتها:
“فكرت كثيراً بالطلاق وكنت أرى فيه الحل الأنسب لوضع حد لمعاناتي في حياتي الزوجية، السبب الأبرز كان إهمال زوجي وعدم تحمّله مسؤولية الأسرة اجتماعياً واقتصادياً، وكأن وجوده وعدمه سواء، وحجته في ذلك أنني كنت السبب في لجوئنا إلى تركيا، علماً أن السبب الرئيس وراء ذلك هو الحصول على علاج لابنتي المصابة بالسرطان”.
تضيف فاطمة: “كان الطلاق الحل الأنسب لإنهاء معاناتي ومعاناة أولادي، خاصة أنني بعيدة عن المجتمع الذي يلوم المرأة المطلقة ويرى فيها امرأة مذنبة غير قادرة على تحمل المسؤولية، ويحملها تبعات هذا الطلاق”.
المحامي خالد حويج، عضو نقابة المحامين السوريين فرع دير الزور وعضو سابق في الرابطة القانونية، أحد المشروعات القانونية التابع لمنظمات المجتمع المدني، حدثنا عن حالات الطلاق وتناميها في تركيا:
يقول: “إن أغلب مراجعي الرابطة القانونية أثناء فترة المشروع كانوا من النساء اللواتي قدمن إلى العيادة لطلب التفريق، ويرى أن غالبية النساء ممن كن في سورية، بمجرد الابتعاد عن السلطة الأبوية والعشائرية أو المحيط الاجتماعي سعين لطلب الطلاق”.
وعن أهم الأسباب المؤدية للطلاق يضيف الحويج: “الزواج المبكر والعنف الأسري أحد الأسباب المهمة والقوية، فقد لجأت الكثير من النساء إلى القضاء التركي للحصول على الطلاق، بسبب العنف الذي يتعرضن له خصوصاً أنه تم تزويجهن في سن مبكر.
إضافة إلى الأوضاع المعيشية الصعبة وسببها صعوبة الحصول على عمل، وما يفاقم هذا الوضع عمل المرأة وتحولها إلى معيل للأسرة بدل زوجها، ما سبب الإحباط لكثير من الرجال وزاد من العنف الأسري”.
المخدرات أحد أسباب الطلاق
يتابع المحامي خالد: “إن بعض الحالات التي تقدمت فيها الزوجات بطلب الطلاق للرابطة كانت بسبب تعاطي الزوج للمخدرات وهو أمر شائع في كثير من الحالات التي لجأت للعيادة”.
ويضيف الحويج معللاً ذلك: “السبب الأبرز لانتشار المخدرات، عدم وجود فرص عمل إضافة إلى الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية”.
دور منظمات المجتمع المدني الحقوقية
يؤكد الحويج على عدم وجود حلول من قبل الجهات والمنظمات التي كان يتوجب عليها أن تقوم بدور إيجابي وتسعى لإزالة العوائق التي تؤدي إلى تفكك الأسرة، كما أن المنظمات لم تقم بدورها بشكل فعال أو مهني، على العكس تماماً، فقد قامت المنظمات بمساعدة الزوجات مباشرة على الطلاق، ما أدى إلى تدمير أسر كثيرة، فبعض الحالات كان يمكن حلّها بطرق أخرى غير الطلاق.
ويقترح أن يكون لمنظمات المجتمع المدني الحقوقية دور في مساعدة الأسرة عن طريق التمكين الاقتصادي والدعم النفسي للزوجين من أجل تخفيف الضغوط عليهما والعمل على انتشال العائلة من الوقوع في أزمة الطلاق التي تكون نتائجها كارثية على الأسرة.
من الجدير بالذكر أن الكثير من حالات الزواج والطلاق عند السوريين لا توثق لدى الدوائر المختصة في الولايات التركية وإنما تتم عبر مأذون من المنطقة..
نينار برس التقت السيد حمزة الدرويش الذي يعمل مأذوناً لتسجيل واقعات الزواج والطلاق بين السوريين ليزودنا بأعداد حالات الطلاق الموثقة لديه يقول السيد حمزة:
“يوجد خمسة مأذونين يعملون في أورفا وتل أبيض.
منذ منتصف 2022 تم تسجيل أربعين حالة طلاق لدى المأذونين الخمسة، وهو رقم كبير خلال أقل من سنتين”.
يتابع السيد حمزة: “بعض الزيجات لا تدوم لأكثر من شهر، لكن الملاحظ أن نسب الطلاق ازدادت عما كانت عنه في سوريا”.
قد يكون الطلاق في بعض الحالات الحل الأنسب ولكنه بالتأكيد يتسبب بتبعات سلبية على الأسرة عموماً خصوصاً عن وجود الأطفال.
------------
نينار برس